العراق يتجنب القائمة الرمادية: انتصار مؤقت أم بداية أزمة جديدة؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
أغسطس 19, 2024آخر تحديث: أغسطس 19, 2024
المستقلة/- في تطور ملحوظ، أعلن مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق أن البلاد بعيدة عن الإدراج في القائمة الرمادية، وذلك بعد التقييم الدولي المتبادل الذي خضع له العراق لمدة 14 شهراً.
هذا الإعلان جاء على لسان حسين المقرم، ممثل المكتب في البنك المركزي، والذي أكد في حديثه لصحيفة “الصباح” تابعته المستقلة، أن النتائج الأولية للتقييم الدولي أظهرت أن العراق لا يستحق أن يُدرج ضمن القائمة الرمادية التي تتطلب متابعة معززة.
التقييم الذي أجرته مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) تناول الالتزام الفني بالعناصر القانونية والأنظمة والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى فعالية الأنظمة عبر تقديم إحصاءات وحالات عملية، مما أشار إلى تحسن في تطبيق الإطار التشريعي.
ورغم هذه الأخبار الإيجابية، يثير هذا الإعلان العديد من التساؤلات والجدل في العراق. ففي الوقت الذي يُعتبر فيه عدم إدراج العراق في القائمة الرمادية انتصاراً، يشير الخبراء إلى أن هذا التقييم ليس نهاية المطاف، بل هو مجرد خطوة على طريق طويل من الامتثال للمعايير الدولية. كما أن تقرير التقييم أشار إلى الحاجة لتطبيق خطة عمل وتوصيات لضمان استمرار الامتثال، مما يضع عبئاً إضافياً على الحكومة العراقية والمكتب المسؤول عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
في سياق متصل، يشير المراقبون إلى أن التحسينات التي أُجريت، مثل أتمتة الإجراءات وتفعيل نظام “goAML”، تأتي في وقت حرج حيث تسعى الحكومة لتوسيع قاعدة بيانات محدثة وشاملة ومواكبة المعايير الدولية. ومع ذلك، فإن بعض النقاد يعتقدون أن هذه الإجراءات قد تكون غير كافية إذا لم تُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
كما يلفت البعض إلى أن الخبراء الدوليين المعتمدين من قبل مجموعة العمل المالي، والذين سيقومون بدورهم في إعداد دليل التحقيقات المالية، قد يساعدون في تحسين الأوضاع. ولكن، هناك من يرى أن هذا التقدم ما زال هشا وقد لا يكون كافياً لمعالجة التحديات الأساسية التي تواجهها العراق في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل أن العراق قد تجنب فعلاً الإدراج في القائمة الرمادية أم أن هذا مجرد تأجيل للأزمة؟ وما هي الخطوات المقبلة لضمان عدم العودة إلى هذه القائمة وضمان استمرارية النجاح في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؟ ستظل هذه الأسئلة مطروحة حتى يتم تنفيذ جميع التوصيات وضمان تحقق النتائج الإيجابية على الأرض.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مکافحة غسل الأموال وتمویل الإرهاب القائمة الرمادیة
إقرأ أيضاً:
العراق على حافة أزمة انتخابية: الصراع بين المالكي والسوداني وحراك التأجيل
أبريل 9, 2025آخر تحديث: أبريل 9, 2025
المستقلة/- في مفاجأة سياسية قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل العراق السياسي، خرجت تصريحات من مصادر مطلعة تؤكد رفض الأحزاب السياسية، بما في ذلك تلك المنضوية تحت الإطار التنسيقي الشيعي، أي محاولة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في الربع الأخير من العام الجاري.
ما يبدو كرفض لحالة التأجيل، يطرح سؤالًا مهمًا: هل الانتخابات بالفعل بحاجة إلى تأجيل؟ أم أن هناك أجندات خفية وراء هذه الحملة؟
المالكي وصراع “الولاية الثانية”في قلب هذه المعركة السياسية يقف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي يبدو أنه يراهن على العملية الانتخابية كوسيلة لإيقاف مد رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في السباق نحو ولاية ثانية. المالكي، الذي عاد مؤخرًا ليبرز في الدفاع عن الانتخابات، ربما يراه البعض يحاول إعادة رسم ملامح السلطة لصالحه، وإن كان ذلك يأتي على حساب الاستقرار السياسي.
وفي محاولة منه لحماية العملية الانتخابية من “التزوير”، يصر المالكي على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، محذرًا من “خطر وشيك” يهدد العملية الانتخابية إذا تأجلت. لكن ما قد يكون أكثر إثارة للجدل هو التساؤل: هل المالكي يدافع عن النظام الانتخابي حقًا أم أنه يحاول أن يستعيد السلطة التي كانت له خلال فترتيه الرئاسيتين؟
السوداني: تصعيد شعبي أم خطر سياسي؟رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، يحظى بشعبية متزايدة، وإن كانت لا تزال غير كافية للترشح لولاية ثانية بدون تدخلات سياسية قوية. تحركات المالكي هنا قد تكون بمثابة لعبة سياسية معقدة لتأمين موقعه في الانتخابات المقبلة، وبالتالي فإن أي محاولات لتأجيل الانتخابات قد تكون ضارة بمصالح المالكي وشركائه في الإطار التنسيقي.
وبينما يصر السوداني على موقفه بعدم تأجيل الانتخابات، ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا هو الحملة الإعلامية التي قد تكون مدفوعة من معسكر المالكي لإحداث ارتباك حول القانون الانتخابي، بما يتوافق مع أجنداتهم السياسية.
“الإطار التنسيقي” يواجه صراعًا داخليًاما يجعل الموقف أكثر تعقيدًا هو الخلافات الداخلية داخل الإطار التنسيقي نفسه. في حين أن بعض الأطراف ترى أن تأجيل الانتخابات سيخدم مصالحهم الشخصية، يبدو أن هناك توافقًا داخل الإطار على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المحدد. ولكن هذا الإجماع، الذي يبدو ظاهريًا كداعم للاستقرار، قد يكون مدفوعًا أيضًا بحسابات سياسية دقيقة، تتعلق بمستقبل قوى مثل “دولة القانون” التي يقودها المالكي، خصوصًا في ضوء فشل المالكي في إقناع مقتدى الصدر بالانضمام إلى الحملة الانتخابية.
“حماية الانتخابات” أم تلاعب سياسي؟على الرغم من ادعاءات المالكي بأنه يحاول حماية العملية الانتخابية من التلاعب والفساد، يرى كثيرون أن هذا الموقف قد يكون مجرد غطاء لحملة انتخابية مبكرة، إذ أن المالكي يحاول الاستفادة من أي أزمة لتصوير نفسه على أنه “حامي الدستور” و”المدافع عن الديمقراطية”، بينما يبدو في الواقع أنه يسعى وراء طموحاته الشخصية في العودة إلى الساحة السياسية من خلال الانتخابات القادمة.
توافق سني وشيعي ضد التغييرمن جهة أخرى، على الرغم من محاولات تعديل قانون الانتخابات من قبل بعض الأطراف، إلا أن الرفض الكبير لهذا التعديل من قبل القوى السنية والشيعية يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول النظام الانتخابي في العراق. هذا الرفض قد يكون مدفوعًا أيضًا بمخاوف من أن التعديلات المقترحة تهدد مصالح بعض القوى السياسية التي ترى أن أي تغيير قد يؤدي إلى تقليص نفوذها في البرلمان القادم.
لماذا الآن؟توقيت المعركة الانتخابية يطرح تساؤلات حقيقية. بينما يؤكد المعارضون أن لا حاجة لتأجيل الانتخابات، فإن موقف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتأكيدها على التزامها بالموعد المحدد قد يفتح الطريق أمام استحقاق انتخابي مثير للجدل، حيث ستبرز فيه قوى عديدة تحاول التلاعب بالقانون لخدمة أهدافها السياسية.
الخاتمة: صراع المصالح أم حماية النظام؟ما يثير الجدل هو أن الانتخابات العراقية لا تمثل معركة حول الإصلاح أو تحسين النظام الانتخابي بقدر ما هي معركة حول من سيسيطر على السلطة بعد الانتخابات. فهل ما نراه هو صراع حقيقي من أجل حماية العملية الديمقراطية؟ أم أن هناك قوى سياسية تحاول استغلال الفراغات القانونية لمصلحتها؟