التوغل الأوكراني يكشف كيف يتجمد بوتين في الأزمات
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في تحليل أن الاستجابة العسكرية "البطيئة" من جانب موسكو لاحتلال أوكرانيا المفاجئ أجزاء من منطقة كورسك الروسية، دليل على فشل الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يبدو أنه يتجمد عند حدوث الأزمات، وفقا للصحيفة.
تشير الصحيفة إلى أن الاختراق الأوكراني الكبير يسلط على نقاط ضعف النظام الاستبدادي الذي تدار فيه الأمور من أعلى إلى أسفل "والذي يقوم حد كبير على الخوف والعقاب".
ويبدو أن معلومة الاختراق واحتلال أوكرانيا لـ28 قرية و1150 كيلومترا مربعا من الأراضي وصلت إلى بوتين متأخرة، إذ كذب رئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف عندما أعلن في البداية أنه تم التصدي للهجوم وإفشاله.
وتقول الصحيفة "غالبا ما يتظاهر كبار المسؤولين لإخفاء إخفاقاتهم بدلا من المخاطرة بإغضاب الرئيس".
والحقيقة أن الهجوم الأوكراني الذي بدأ في السادس من أغسطس الجاري لا يزال مستمرا.
والأحد، أعلنت كييف أنها دمرت جسرا استراتيجيا ثانيا في منطقة كورسك الروسية حيث تشن قواتها منذ 12 يوما هجوما غير مسبوق، فيما يؤكد الجيش الروسي مواصلة تقدّمه في الشرق الأوكراني باتجاه مدينة بوكروفسك.
Another key bridge destroyed in #Kursk Oblast, #Ukraine claims #StandWithUkraine #RussiaAggression #RussianCrimes #Dictatorship #Surveillance #Censorship #RussianWarCrimes #PutinsWar #Muscovy #Russia https://t.co/ut7pcOU3Qn
— Oden (@Gjallarhornet) August 18, 2024ويعتبر هذا التوغل الأوكراني في كورسك الروسية هو الضربة الرابعة الكبرى لبوتين منذ بدء غزوه لأوكرانيا في فبراير 2022.
فقد فشل بوتين في الإطاحة بالحكومة الأوكرانية في بداية الغزو كما كان يأمل، وقاد زعيم مرتزقة فاغنر يفجيني بريغوزين تمردا ضد القيادة العسكرية الروسية النظامية، وضرب المتطرفون قاعة حفلات موسيقية شهيرة في العاصمة موسكو.
وفي كل هذه المرات، كان بوتين ينتظر 24 ساعة على الأقل قبل أن يظهر علنا ويقدم أي تعليق.
وخلال اجتماع متلفز لمسؤولي الأمن الاثنين الماضي بعد ستة أيام من الهجوم الأوكراني، "بدا بوتن أكثر اضطرابا من المعتاد وهو يقرأ ملاحظات من دفتر ملاحظات سميك مكتوب بخط اليد باللون الأسود، كما قاطع بغضب حاكم كورسك بالإنابة أندريه سميرنوف عندما تجرأ على الكشف علنا عن حجم التوغل الأوكراني، وأن 28 قرية تم الاستيلاء عليها وما لا يقل عن ألفي روسي مفقود في الأراضي التي احتلتها أوكرانيا".
أمر بوتين حينها المسؤولين بطرد القوات الأوكرانية، ثم عاد إلى اجتماعاته المعدة مسبقا واستقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأيام التي تلت ذلك، دون الإشارة علنا إلى الأزمة.
في يوم الجمعة، عقد بوتين اجتماعا عاديا مع مجلس الأمن التابع له "للحديث عن حلول تقنية جديدة" للحرب في أوكرانيا، قبل أن يصل إلى العاصمة الأذربيجانية باكو الأحد في زيارة دولة، وكأن كل شيء على ما يرام في الوطن.
واعتبر الخبير الأمني الروسي في معهد الخدمات المتحدة الملكي في لندن مارك جاليوتي أن بوتين ظهر في شكله الكلاسيكي "مختبئا من الأزمة".
وقال جاليوتي: "بوتسن يتوقع من الآخرين القيام بكل العمل الشاق، وسيزعم أنه يستحق الفضل في أي شيء يسير على ما يرام، وعلى نحو مماثل، سيلوم الآخرين على أي شيء يسير على نحو سيئ".
وبعد نحو أسبوع من تكليف بوتين للجيش بطرد القوات الأوكرانية، أصبح من الواضح أن الهجوم الذي نظر إليه الكرملين في البداية على أنه بمثابة إزعاج أو استفزاز قصير الأجل، من المرجح أن القوات الروسية ستستغرق أسابيع وربما شهورا لمعالجته.
في الأيام الأخيرة، أعلن الجيش الأوكراني تعزيز مواقعه في المنطقة الروسية محققا تقدما تدريجيا "وفق ما خططنا له بالضبط"، بحسب تعبير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي.
وقال زيلنسكي مساء الأحد إن أوكرانيا تريد "إنشاء منطقة عازلة على أراضي المعتدي".
وفي منشور على منصة أكس الجمعة، قال ميخائيل خودوركوفسكي، وهو قطب أعمال روسي منفي وشخصية معارضة سجنها بوتين 10 سنوات، "لقد كشف هجوم كورسك في الأسبوعين الماضيين عن الطبيعة الحقيقية لنظام بوتين، نظام مبني على الأكاذيب واللامبالاة والحفاظ على الذات على حساب أرواح مواطنيه وسلامتهم".
The Kursk offensive in the last two weeks exposed the Putin regime's true nature: a system built on lies, indifference, and self-preservation at the expense of its citizens' lives and safety.
— Mikhail Khodorkovsky (@khodorkovsky_en) August 16, 2024
من جهتها جدّدت موسكو الأحد التأكيد على "صد" هجمات أوكرانية بفضل تعزيزات أرسلت للمنطقة وتكبيد العدو خسائر فادحة.
وتشدّد السلطات الأوكرانية على أن الهدف من الهجوم ليس "احتلال" جزء من الأراضي الروسية، بل الضغط على الجيش الروسي ودفع موسكو للانخراط في مفاوضات "عادلة"، في وقت تحتل روسيا حوالي 20 بالمئة من أوكرانيا.
ودفعت المعارك عشرات آلاف الأشخاص إلى النزوح من مناطق على جانبي الحدود وأسفرت عن عشرة قتلى على الأقل، وفق السلطات الروسية.
وتتعرض أوكرانيا لضغوط متزايدة للتفاوض على صفقة قد تتنازل فيها عن الأرض مقابل السلام، بعد الهجوم المضاد الفاشل في الصيف الماضي، والشكوك حول تسليم الأسلحة الغربية في المستقبل، والمخاوف من أنه إذا أصبح دونالد ترامب رئيسا، فسوف يفرض اتفاق سلام لصالح روسيا.
كان رد بوتين على أزمة كورسك استبعاد أي تسوية جديدة، وظهر في الاجتماع الاثنين الماضي لرفض احتمال إجراء محادثات سلام مع أوكرانيا.
لكن يبدو أن الروس المؤيدين للحرب في أوكرانيا تنخفض أعدادهم بنسبة كبيرة في الفترة الأخيرة.
ويشير استطلاع رأي أجراه مركز ليفادا، وهي وكالة استطلاع رأي مستقلة، في يوليو إلى أنه حتى مع إعلان وسائل الإعلام الروسية عن المكاسب الروسية في شرق أوكرانيا في ذلك الوقت، فإن 58 في المئة من الروس يؤيدون إنهاء الحرب، مقارنة بـ34٪ فقط يريدون الاستمرار في القتال.
انخفض عدد المؤيدين لمواصلة القتال بنسبة تسع نقاط مئوية بين يونيو ويوليو، من 43 إلى 34 في المئة، بحسب المركز.
وفي أمر نادر، أبدى بعض المعلقين المؤيدين للكرملين في وسائل الإعلام الحكومية في الأيام الأخيرة استياءهم من الدعاية التي يبثها المسؤولون التي تزعم تفوق روسيا على أوكرانيا، في ضوء التوغل المروع في كورسك.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: کورسک الروسیة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تنسحب من كورسك الروسية وزيلينسكي يقيل رئيس أركان الجيش
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جنود أوكرانيين أن القوات الأوكرانية انسحبت من جميع أراضي منطقة كورسك الروسية التي كانت دخلتها قبل 7 أشهر، وأكد مسؤولون روس أن قواتهم خاضت اليوم معركة لطرد آخر الجنود الأوكرانيين من المنطقة، في الأثناء قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إقالة رئيس أركان القوات المسلحة، وفق مرسوم صدر الأحد.
وكانت القوات القوات الأوكرانية شقت طريقها عبر الحدود الغربية لروسيا إلى كورسك في أغسطس/آب في واحدة من أبرز المعارك في الحرب المستمرة منذ 3 سنوات بهدف تشتيت انتباه قوات موسكو والحصول على ورقة مساومة في أي مفاوضات محتملة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن هجوما مضادا خاطفا شنته روسيا هذا الشهر أدى إلى تقليص المنطقة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في غرب روسيا إلى حوالي 110 كيلومترات مربعة مقارنة مع أكثر من 1368 كيلومترا مربعا سيطرت عليها كييف العام الماضي، وفقا لخرائط مفتوحة المصدر.
وقال يوري بودولياكا، أحد أبرز المدونين المؤيدين لروسيا، إن روسيا صدت القوات الأوكرانية إلى الحدود في بعض المواقع لكن معارك شرسة تدور وتحاول القوات الأوكرانية الرد وهي تتقهقر.
وذكر مدون بارز مؤيد لروسيا يعرف نفسه باسم تو ميجورز أن المكاسب التي حققتها القوات الروسية في ساحة المعركة سمحت لروسيا بتهديد منطقة سومي في شمال شرق أوكرانيا على الحدود مع كورسك، لكنه حذر من أن القوات الأوكرانية تعمل على تعزيز دفاعاتها هناك منذ فترة.
إعلان إقالة رئيس أركان القوات الأوكرانيةعلى صعيد متصل أقال الرئيس الأوكراني رئيس أركان القوات المسلحة في ظل معاناة الجنود الأوكرانيين من صعوبات في منطقة كورسك التي احتلوها في أغسطس/آب وتشهد تقدما متواصلات للجيش الروسي، واقترح قائد الجيش في كييف أولكسندر سيرسكي الأربعاء الماضي انسحاب قواته.
ومذاك، أكّدت هيئة أركان الجيش الأوكراني تراجعا كبيرا لعناصرها في هذه المنطقة. ونشرت في نهاية الأسبوع خرائط تظهر أن القوّات الأوكرانية لم تعد خصوصا منتشرة في مدينة سودجا التي كانت أهمّ موقع احتلّته في المنطقة.
وجاء في المرسوم الرئاسي أن رئيس أركان الجيش أناتولي بارغيليفيتش أقيل من منصبه وعُيّن محلّه أندرييه غناتوف الذي تم تكليفه زيادة "فعالية الإدارة العمودية" للقوّات، لا سيّما في ما يتعلّق بـ"إعادة تنظيم وحدات الجيش".
وعهد إليه أيضا بتعزيز "تطبيق" قرارات القائد الأعلى للجيش الرئيس فولوديمير زيلينسكي وإضفاء "خبرة قتالية" على القيادة.
وقال وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف عبر صفحته على "فيسبوك" الأحد أنه اقترح تعيين الجنرال غناتوف الذي تمتد خبرته في الجيش "أكثر من 27 عاما"، مضيفا أنه يتم إجراء "تغييرات جذرية في أوساط القوّات الأوكرانية المسلّحة لتعزيز فعالية القتال".
على صعيد آخر هدد الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الأحد، بالدخول في حرب ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا تمسكت الدول الأوروبية بخططها لنشر قوات حفظ السلام في أوكرانيا.
وقال ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، في منشور على موقع "إكس" إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "يلعبان لعبة غبية".
وأضاف في منشوره: "لطالما قيل لهما إن قوات حفظ السلام يجب أن تكون من دول غير أعضاء في الناتو". وتابع قائلا: "أنتما تريدان تقديم المساعدة العسكرية للنازيين الجدد في كييف، وهذا يعني الحرب مع الناتو. استشيرا (رئيس الولايات المتحدة دونالد) ترامب، أيها الوغدان."
إعلانوكان ستارمر قد اقترح إنشاء "ائتلاف من الراغبين" لإرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا لتأمين وقف إطلاق نار نهائي.
وردا على ذلك قال ماكرون في مقابلة صحفية إن نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا كما اقترحت بريطانيا وفرنسا في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا هو مسألة تقررها كييف وليس موسكو.
وقال في حديث مشترك لعدد من الصحف المحلية الفرنسية نشر في وقت متأخر من مساء أمس السبت "أوكرانيا دولة ذات سيادة. إذا طلبت وجود قوات متحالفة على أراضيها، فهذا أمر لا يمكن لروسيا قبوله أو رفضه".