الخليج الجديد:
2024-09-16@18:56:35 GMT

نحو وقف الحرب على غزة

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

نحو وقف الحرب على غزة

نحو وقف الحرب على غزة

بدل الاستغراق في أوهام دولة فلسطينية، المطلوب توقف حرب الإبادة على غزة، وأن يعاد للأطفال الفلسطينيين مجدداً البسمة، وأن يعاد إعمار القطاع.

يجب أن يتركز الجهد العربي، على تحقيق سلام مستدام، يحمي أرواح الفلسطينيين ويصون ممتلكاتهم وكرامتهم، ويمكّنهم من حق تقرير المصير، وهوعمل قومي وإنساني وأخلاقي.

ليس منطقيا أن يقف العالم متفرجاً أمام هذا الواقع ولا مقبولا وضع الأسرى الإسرائيليين في كفة وجميع سكان غزة الذين ليست لهم علاقة البتة بهجوم 7 أكتوبر بالكفة الأخرى.

لم يكن لحكومة العدو مواصلة حرب الإبادة ضد شعب غزة دون ضوء أمريكي أخضر، ومساندة عسكرية أمريكية مفتوحة، وتقدر شحنات السلاح الجوية من أمريكا بأكثر من 230 شحنة.

* * *

بعد مرور نحو 140 يوماً على بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، والصمود الأسطوري لشعبها، أمام حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل، لا يلوح في الأفق حتى هذه اللحظة ما يشي بنهاية قريبة لها. على النقيض من ذلك، تهدد حكومة بنيامين نتنياهو باجتياح مدينة رفح، التي لا تتجاوز مساحتها ال 55 كيلومتراً مربعاً، والتي فرض عليها الاحتلال استقبال أكثر من مليون ونصف مليون مشرد من الفلسطينيين، الذين فُرض عليهم بالقوة مغادرة بيوتهم.

لم يحدث مطلقاً في تاريخ الحروب العربية المعاصرة، في الوطن العربي، وربما في الحروب العالمية، أن حشر عدد كبير من البشر، بحجم عدد النازحين عنوة إلى رفح، في بقعة صغيرة، تفتقد مكونات العيش الكريم، وتعاني نقص الغذاء والدواء والمياه، ولا يوجد بها سوى عدد قليل من المستشفيات والعيادات الصحية، التي تعاني بشكل حاد نقص الإمدادات الطبية، وغياب الكهرباء، ونقص الطاقة.

ولا شك، أن من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، في وضع كهذا، أن يتمكن الأطباء، والفرق الصحية الأخرى، من أداء مهامها، حتى ضمن الحدود الدنيا من الشروط لنجاح عملهم.

وبالتأكيد لم يكن لحكومة نتياهو مواصلة حرب الإبادة ضد شعب غزة، من دون ضوء أمريكي أخضر، ومساندة عسكرية أمريكية مفتوحة، حيث تقدر عدد الشحنات الجوية التي توجهت من أمريكا بأكثر من 230 شحنة، أخذت بالوصول إلى تل أبيب منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ولا تزال إدارة الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن تعد بالمزيد.

لقد بدا للعالم بأسره، أن الاهتمام الأمريكي، منصبٌّ حالياً، على استعادة الأسرى، أكثر منه على حياة المدنيين العزل. وللأسف فإن معظم حلفاء أمريكا في القارة الأوروبية قد أفصحوا عن مشاطرتهم للموقف الأمريكي. فوزيرة الخارجية الألمانية تعلن صراحة على الملأ، و«بالفم الملآن» كما يقال إن أمن إسرائيل أهم من حياة المدنيين الفلسطينيين.

التسويف في إطالة الحرب، تحت ذريعة القضاء على حماس، لن يتضرر منه سوى أهل غزة، الذين خسر كثير منهم منازلهم، وقتل عدد كبير منهم، تحت وطأة القصف الجوي، وبات الأحياء منهم عرضة للجوع والحرمان، والأمراض المعدية، وخسارة الأحبة.

وليس من المنطقي أن يقف العالم متفرجاً أمام هذا الواقع. كما أنه من غير المقبول، وضع الرهائن، الذين تم أسرهم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في كفة وجميع سكان غزة الذين ليست لهم علاقة البتة في ذلك الهجوم بالكفة الأخرى.

كما أنه ليس من المنطقي الاستمرار في الكلام الاستهلاكي، الذي يتردد عن أهمية قيام دولة فلسطينية مستقلة، في حدود الأراضي الفلسطينية، التي احتلت في حرب يونيو/ حزيران عام 1967.

فمثل هذا الكلام، لا يوقف الحرب، ولا يوفر حماية للمدنيين، ولا يمنع هدم البيوت على رؤوس ساكنيها. وما يهم الفلسطينيين الآن هو وقف العدوان عليهم، وليس وعوداً وهمية بقيام دولة فلسطينية مستقلة، لا ترفضها فقط الحكومة الإسرائيلية اليمنية التي يقودها بنيامين نتنياهو والأطراف المتحالفة، معه، بل إن معظم مكونات المجتمع الإسرائيلي تجمع ترفضها.

لقد جاءت تصريحات نتنياهو الأخيرة، حول رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، حتى ولو كانت منزوعة السلاح، لتحسم الأمر. فالدعوة لقيام هذه الدولة، من وجهة نظره، هي دعوة لتكرار ما جرى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتمكين حماس من الوصول مجدداً إلى الحكم.

لقد سئم الفلسطينيون، والعرب جميعاً من الوعود الأمريكية الواهية، بحتمية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والتي بدأ الحديث عنها مباشرة بعد معركة العبور في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973، وكررها من قبل، الرؤساء: جيمي كارتر ورونالد ريغان، وجورج بوش، وبل كلينتون، وباراك أوباما، والرئيس الحالي جوزيف بايدن، وبات الحديث عها أشبه بالمثل «أسمع طحناً، ولا أرى خبزاً».

قيام الدولة الفلسطينية، هو مهمة وطنية وتاريخية، لن تكون منّة من قوة احتلال، ولن تفرضها الإدارات الأمريكية، التي كانت دائماً الحليف الأقوى للاحتلال، بل سيفرضها استمرار الكفاح الفلسطيني، بالضفة الغربية ومدينة القدس، وقطاع غزة. وهو كفاح ينبغي أن يكون مسنوداً من العرب جميعاً، حكومات وشعوباً. وحين يعجز الاحتلال، عن مواصلة مواجهة الشعب المحتل، سينسحب مجللاً بالخيبة والهزيمة.

ليس متوقعاً، من الحكومة الإسرائيلية اليمينية الراهنة بقيادة نتنياهو، والمسنودة بأكثر المتطرفين والعنصريين، والتي تعتبر اتفاق أوسلو بين حكومة إسحق رابين، ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، خطينة تاريخية، أن تقبل بقيام دولة فلسطينية مستقلة، أو تعترف بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها القراران 242 و388 اللذان يعتبران الضفة الغربية وقطاع غزة، ومدينة القدس أراضي محتلة بحكم القانون الدولي.

المطلوب الآن، بدلاً من الاستغراق في الأوهام حول قيام دولة فلسطينية، أن تتوقف حرب الإبادة على غزة، وأن يعاد للأطفال الفلسطينيين مجدداً البسمة، وأن يعاد إعمار المدينة، وأن يتركز الجهد العربي، على تحقيق سلام مستدام، يحمي أرواح الفلسطينيين ويصون ممتلكاتهم وكرامتهم، ويمكّنهم من حق تقرير المصير. والقيام بهذه المهمة، عمل قومي وإنساني وأخلاقي، وليس فرض كفاية.

*د. يوسف مكي كاتب وأكاديمي سعودي

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين غزة إسرائيل الحرب على غزة العدوان الإسرائيلي الصمود الأسطوري حرب الإبادة دولة فلسطينية إعمار القطاع سلام مستدام حق تقرير المصير قیام دولة فلسطینیة مستقلة تشرین الأول حرب الإبادة على غزة

إقرأ أيضاً:

غزة تنهض من الرماد.. مهندسة فلسطينية تعيد رسم ملامح القطاع بعد الحرب

وسط الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة، تبرز المهندسة الفلسطينية مجد العويني كرائدة في إحياء الأمل لدى أهالي القطاع، من خلال إعادة تصميم واجهات المنازل والأحياء التي دمرها القصف.

بشعارها الملهم "عمرناها مرة، بنعمرها ألف مرة"، تقدم العويني تصورات مستقبلية تُحيي الأمل لدى العائلات التي فقدت منازلها وتبحث عن بارقة أمل في إعادة الإعمار.

العويني، التي تخصصت في مجال إعادة الإعمار وحصلت على شهادة الدكتوراه في هذا التخصص، تواجه القلق المتزايد لدى الفلسطينيين من مستقبل غزة بعد الحرب، فعبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، بدأت بنشر مقاطع فيديو تعرض إعادة تصميم المنازل التي أرسل أصحابها صورها المدمرة، وكانت رسائلهم متشابهة، "كيف ستبدو منازلنا بعد الحرب؟".

View this post on Instagram

A post shared by Majd Al-Uwaini – MAS Group (@majd.aluwaini)

تقول العويني، "فكرت في هذه الفكرة بعد أن شاهدت تقارير مبالغا فيها حول المدة الطويلة التي قد يستغرقها إعادة إعمار غزة. بفضل خبرتي في إعادة الإعمار بعد الحروب السابقة، شعرت بمسؤولية تقديم تصورات بديلة تُظهر الإمكانيات الحقيقية التي نمتلكها، وهدفي كان نشر الأمل بين الناس".

ولا تقتصر جهود العويني على المنازل الفردية، فقد توسعت أعمالها لتشمل تصميمات للأحياء المركزية في غزة. من بين هذه المشاريع، قامت بإعادة تصميم حي الرمال، الذي تعرض لتدمير شامل، ودوار النجمة في مدينة رفح، الذي تحول إلى كومة رمال بفعل القصف الإسرائيلي.

وتؤكد العويني أن رسائل الناس لم تتوقف عند منازلهم الخاصة، بل امتدت لتشمل طلبات بإعادة تصور الأحياء والبنية التحتية العامة. وتقول "كانت الرسائل تعكس رغبة حقيقية في رؤية تعافٍ شامل لغزة على مستوى أكبر يشمل كل مرافق المدينة".

وتضيف، "هدفي من هذه التصورات كان تقديم رؤية شاملة لإعادة بناء المدينة بشكل يضمن استدامتها ويعيد نبض الحياة إليها، وهو ما يجعل الناس يشعرون بالأمل مرة أخرى".

View this post on Instagram

A post shared by Majd Al-Uwaini – MAS Group (@majd.aluwaini)

انتشرت مقاطع الفيديو التي نشرتها العويني بشكل واسع عبر حسابها على إنستغرام، حيث أظهرت إعادة تصميم لمنازل مدمرة بدت بشكل أجمل بعد التعديل الرقمي. وتصف العويني تفاعل الناس مع هذه المقاطع بقولها، "كانت الفيديوهات بمثابة بصيص أمل لشعب مكلوم يعاني من غياب العدالة الإنسانية".

وتروي العويني قصة رسالة تلقتها من عائلة فقدت منزلها بالكامل، "قالوا لي: رأينا بيتنا يتحول إلى رماد، ولكن عندما شاهدنا التصميم الجديد، شعرنا بأن الأمل عاد إلينا". وتضيف "هذا النوع من التفاعل يعطيني دافعا أكبر للاستمرار في تقديم المزيد".

ولم تكن العويني الوحيدة التي تلقت ردود فعل مؤثرة، فالطبيب الفلسطيني وليد الكحلوت، الذي فقد منزله في بيت لاهيا شمال غزة، عبّر عن دهشته وسعادته عندما شاهد إعادة تصميم واجهة منزله المدمّر. ويقول "رؤية المنزل المعاد تصميمه بثت فينا روح الأمل، ونتمنى أن تتوقف الحرب حتى نبدأ بإعادة البناء على أرض الواقع".

وتختم العويني رسالتها للعالم بقولها "رسالتي للعالم هي أن غزة، بعزيمة أبنائها وبإيماننا بقدراتنا وثقتنا بالله، ستنهض من رمادها. لا يمكن لأي قوة أن تثنينا عن إعادة بناء وطننا وإحياء روح شعبنا".

وتتعرض غزة المحاصرة منذ سنوات، لعدة حروب خلفت دمارا واسعا في البنية التحتية والمنازل. ومع كل جولة من القصف، يظهر تساؤل متجدد حول إمكانية إعادة الإعمار وسط التحديات الاقتصادية والسياسية.

وتمثل مبادرات مثل مبادرة العويني بارقة أمل لسكان غزة، حيث تساهم في تغيير الرؤية السائدة عن الدمار وتعزز من ثقتهم في إمكانية استعادة حياتهم الطبيعية.

مقالات مشابهة

  • غزة تنهض من الرماد.. مهندسة فلسطينية تعيد رسم ملامح القطاع بعد الحرب
  • الإمارات تصعد موقفها: لا دعم لغزة بعد الحرب دون قيام دولة فلسطينية
  • المعركة الآن بين وجود دولة السودان أو قيام دولة الجنجويد
  • عبدالله بن زايد يجدد التأكيد على ضرورة قيام دولة فلسطينية
  • أبوظبي: لن ندعم خطط اليوم التالي في غزة دون دولة فلسطينية
  • الإمارات: لن ندعم اليوم التالي لحرب غزة دون قيام دولة فلسطينية
  • وزيرة فلسطينية: ما تشهده غزة الآن لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • الإمارات: لن ندعم خطط اليوم التالي في غزة دون دولة فلسطينية
  • عبدالله بن زايد: الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولة فلسطينية
  • عبدالله بن زايد: الإمارات غير مستعدة لدعم ما بعد حرب غزة دون قيام دولة فلسطينية