جهود أميركية وفرنسية تسابق الأخطار المحدقة بلبنان
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
كتب مراسل" النهار" في باريس سمير تويني: وضعت زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الامور في نصابها رغم التصعيد الذي تشهده المنطقة والمخاوف من رد إيران و"حزب الله" على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر. فقد دعا إلى جولة جديدة من التفاوض توازيا مع مفاوضات الدوحة حول هدنة في غزة، بوساطة أميركية - مصرية - قطرية تعول عليها الولايات المتحدة للتشديد على منع التصعيد والانفجار الإقليمي.
يعتقد الموفد الأميركي أنه "يمكن الوصول إلى نهاية النزاع الآن، وندرك اليوم أن هناك من يريد ربطه بنزاعات أخرى، لكن هذا ليس موقفنا. ما زلنا نعتقد أن الحل الديبلوماسي أمر ممكن لأننا نؤمن بأن لا أحد يرغب حقا في حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، وكلما مر الوقت على التصعيد ازدادت احتمالات وقوع حوادث وأخطاء".
تشعر الولايات المتحدة الأميركية بقلق بالغ من احتمالات التصعيد العسكري في المنطقة. لذلك يعتبر الرئيس جو بايدن أن الوقت قد حان لتقديم الإغاثة للمدنيين في غزة ولإطلاق الرهائن. وتتمثل أفضل طريقة لذلك بوقف النار في غزة، مع صفقة الإفراج عن الرهائن.
وفي هذا السياق، عملت الولايات المتحدة مع مصر وقطر أشهرا لصياغة اتفاق إطار يضمن وقف النار في غزة، ولم يبق بعد مفاوضات الدوحة الأخيرة سوى وضع اللمسات الاخيرة على التفاصيل والآليات لتنفيذ هذا الاتفاق المستند إلى المبادئ التي أقرها مجلس الامن في القرار ٢٧٣٥. وتتواصل الجهود هذا الأسبوع لتجنب التصعيد.
وتعتبر واشنطن التي لا تربط بين الساحات، أن وقف النار في غزة قد يمكّن الجهود الديبلوماسية من استعادة الهدوء على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل وتخفيف التوترات الإقليمية.
وتذكر الديبلوماسية الأميركية بأنه منذ أربعة أشهر، في ١٣ نيسان الفائت، تعاونت واشنطن مع إسرائيل وحلفائها في المنطقة ودوليا لصد هجوم إيران على إسرائيل وتجنب صراع إقليمي أوسع نطاقا.
لذلك اتخذت الولايات المتحدة خطوات احترازية بما في ذلك تحريك مجموعة حاملة طائرات ومقاتلات جوية إضافية إلى المنطقة دفاعا عن إسرائيل والجيش الأميركي المنتشر في المنطقة، وضد أي تهديدات في حال تدهور الوضع مرة أخرى. ويتمثل هدف الولايات المتحدة بتخفيف التوترات وردع أي هجمات وتجنب الصراع الإقليمي.
تحقيقا لهذا الهدف، قام المندوب الرئاسي هوكشتاين بجولة جديدة في إسرائيل ولبنان، واضعا نصب عينيه وقف القتال في غزة، ومراهنا على حصول اختراق في هذه المفاوضات يرتد حكما على لبنان.
والواقع أن زيارته شكلت الفرصة الأخيرة أمام لبنان لمنع "حزب الله" من الرد على اغتيال فؤاد شكر، فحذر السلطات اللبنانية والحزب من القيام بأي رد، لأن إسرائيل مستعدة للرد مجددا، وعندئذ تتفلت الأمور بما يؤدي إلى خراب لبنان، فيما الهدف الأميركي هو التوصل إلى حل ديبلوماسي يضمن السلام في المنطقة.
انطلاقا من ذلك، الحزب يجب أن يقتنع بأن اغتيال شكر كان ردا على عملية مجدل شمس، وبأن استهداف إسماعيل هنية لم يخرق سيادة إيران، ومن هنا ينبغي تقدير عواقب الرد على إسرائيل. وقد وجه هوكشتاين رسالة غير مباشرة إلى الحزب يدعوه فيها إلى حساب دقيق لرده. وفي إطار تعزيز قدرات الجيش الذي سيكون له دور في تنفيذ القرار ١٧٠١، تناول البحث المساعدات الأميركية للجيش اللبناني والبلد بشكل عام بعد حصول وقف تام لإطلاق النار. كذلك تطرق هوكشتاين إلى التمديد لـ"اليونيفيل" في جنوب لبنان، فالتعديلات المطروحة غير مهمة وهناك تفاؤل بالتوصل إلى صيغة يتوافق عليها الجميع. وموضوع التجديد مهم لأن أي حل مطروح يدعو إلى التزام القرار الدولي ١٧٠١ بحذافيره.
والحال أن المجموعة الدولية تؤمن بأن أي اتفاق ديبلوماسي أو حرب سيحددان موقع "حزب الله" من المعادلة اللبنانية الداخلية ودوره في تأمين انفراج أمني وسياسي واقتصادي. وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أن بايدن في حاجة إلى تسجيل اتفاق لوقف النار في غزة لدعم معركة كامالا هاريس الرئاسية.
أما وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه فكانت زيارته للبنان رسالة دعم فرنسية في ظل الأوضاع المقلقة والسعي إلى التجديد لـ"اليونيفيل" ١٢ شهرا، ودعما للمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف النار في غزة، وهذا يشكل عملا متوافقا عليه دوليا وإقليميا لوضع حد للنزاع في غزة وجنوب لبنان والتصعيد الذي قد يشعل المنطقة. وقد تركزت محادثاته على آخر التطورات السياسية والعسكرية والتجديد لـ"اليونيفيل" لولاية جديدة، ودعا إلى تهدئة الوضع الإقليمي ووقف النار في غزة.
وتشير المصادر إلى أن سيجورنيه لم يحمل ورقة اقتراحات لحل الأزمة، بل شدد على ضرورة أن تعمل الديبلوماسية الفرنسية بالتعاون مع الأميركية على تخفيف حدة التصعيد وتهدئة الأوضاع في المنطقة في هذه الأوقات الحساسة. وهما تعولان على نجاح المبادرة التي يرعاها الرئيس بايدن. وفي بيان مشترك صدر السبت، أعلن البلدان أن الشرق الأوسط بات أمام خطر اندلاع صراع أكثر من أي وقت، وحضا إيران ووكلاءها على التراجع عن تهديداتهم.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الولایات المتحدة وقف النار فی غزة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
صحيفة أميركية: حظر ترامب الجديد على المسلمين خطير ويكتنفه الغموض
تعيد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سياسة حظر السفر التي استهدفت دولا ذات أغلبية مسلمة، لكن بصيغة أكثر غموضا واتساعا. ويحمل القرار تداعيات خطيرة على المهاجرين والطلاب الأجانب، مما يستدعي مقاومة منظمة لمواجهته.
وفي تقريره الذي نشرته مجلة "ذا نيشن"، قال الكاتب "جوزيف بيرتون" إن المقاومة الجماهيرية العفوية لحظر السفر الأول الذي فرضه دونالد ترامب على دول ذات أغلبية مسلمة كانت الصورة الأبرز للانتفاضة التي واجهت ترامب عندما تولى السلطة عام 2017.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2توماس فريدمان: هل يفطن ترامب لخدعة بوتين أم يستيقظ بعد فوات الأوان؟list 2 of 2صحف عالمية: أطباء غزة لم يسلموا من التعذيب والإذلال بسجون إسرائيلend of listوأضاف الكاتب أن حشودا ضخمة احتشدت في المطارات، وواجه الناشطون والمحامون والأسر اليائسة ضباط الجمارك حتى سُمح بدخول أحبائهم الولايات المتحدة، فيما قضت محكمة هاواي ببطلان قرار ترامب العنصري.
ولكن الذي يُغفل ذكره في الغالب هو ما حدث لاحقا، إذ عاد الحظر بنسخة معدلة بعد بضعة أشهر، وهذه المرة أقرّته المحكمة العليا. ومع مرور الوقت، أصبح أمرا مألوفا. وعندما ألغاه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن سنة 2021، كان الحظر قد أصبح أكثر كفاءة ويعمل تلقائيا.
أكثر هدوءً ودهاءًوأوضح الكاتب أن هناك نسخة جديدة من الحظر أكثر هدوءً ودهاءً تعود إلى الظهور في الولاية الثانية لترامب، حتى أن وصفه بـ "حظر المسلمين" لم يعد دقيقا. فلم يذكر الأمر التنفيذي الجديد، الصادر في 20 يناير/كانون الثاني، أي بلد بالاسم أو حتى يملي سياسات محددة. وبدلا من ذلك، يوجه أربعة وزراء لبدء مراجعة مشتركة تستمر 60 يوما، تنتهي في 21 مارس/آذار بالكشف عن قائمة بالدول التي يُقال إنها لا تلتزم بمعايير تبادل المعلومات حول المهاجرين، مما سيؤدي إلى فرض قيود على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة.
إعلانوأفاد الكاتب أنه إذا كان هذا الأمر يبدو مربكا، فذلك مقصود. فالهياكل البيروقراطية التي بررت الحظر الأول قانونيا أصبحت أساسا لحظر جديد أكثر مرونة. والهدف يظل كما هو: توسيع سلطة الفرع التنفيذي على نظام الهجرة، وتحقيق تطلعات أتباع ترمب من القوميين البيض، وعلى رأسهم ستيفن ميلر، الذي ازدادت قوته منذ تولي ترامب الحكم.
وذكر الكاتب أن بايدن ألغي الحظر بأثر رجعي، مما أتاح للممنوعين في عهد ترامب إعادة التقديم للحصول على تأشيراتهم. أما إعادة ترامب للحظر، فتعني أن القادمين من الدول المحظورة منذ إلغائه الأخير سيخضعون لإعادة تقييم قد تؤدي إلى ترحيلهم، بما في ذلك حاملو البطاقات الخضراء، ما يجعل هذه السياسة أكثر إثارة للقلق.
سلطات واسعة وغير محددةويتضمن الأمر التنفيذي بندين إضافيين يحددان سلطات واسعة وتحولات جذرية، دون توضيح الجهة المسؤولة عن تنفيذها:
"يجب على الولايات المتحدة أن تضمن أن الأجانب المقبولين أو الموجودين بالفعل داخل أراضيها لا يحملون مواقف عدائية تجاه مواطنيها، أو ثقافتها، أو حكومتها، أو مؤسساتها، أو مبادئها التأسيسية، وألا يروجوا أو يدعموا أو يساعدوا الإرهابيين الأجانب المصنفين أو أي تهديدات أخرى لأمنها القومي".
وشدد الكاتب على أنه يجب تجاوز الصياغة القانونية في هذه المرحلة، فالسياسة الجديدة تستهدف ترحيل أو حظر أي شخص دعم فلسطين علنا، إذ تصنّف الولايات المتحدة جميع جماعات المقاومة المسلحة ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة كمنظمات "إرهابية". وحتى الإشادة بفرق الإنقاذ هناك قد تُعد سببا للترحيل. وقد يتعرض حامل البطاقة الخضراء، حتى لو كان متزوجا من أميركية، للترحيل ومنعه نهائيا من لم شمله مع زوجته لمجرد نشر عبارة "من النهر إلى البحر" على إنستغرام.
مقلق هيكلياورغم أن الأمر أقل إثارة للخوف على المستوى الشخصي، إلا أنه مقلق هيكليا، حيث يتضمن القرار مراجعة "برامج التأشيرات"، ما يمنح السلطة التنفيذية القدرة على استبعاد المتقدمين لبرامج التأشيرات التي لا تفضلها، حتى وإن لم يكن بإمكانها إلغاؤها قانونيا في الوقت الحالي؛ حيث تنص المراجعة على:
إعلان(ج) تقييم جميع برامج التأشيرات لضمان عدم استغلالها من قبل دول أجنبية أو جهات معادية أخرى للإضرار بالأمن أو المصالح الوطنية الأميركية، سواء كانت اقتصادية، أو سياسية، أو ثقافية، أو غيرها.
وأوضح الكاتب أن المراجعة ستشمل "برامج التأشيرات" وفحص مدى التزام المتقدمين بـ "الثقافة" و"القيم" الأمريكية بشكل صريح.
وأفاد الكاتب أن الحظر الجديد قد يؤثر على برامج التبادل الأكاديمي، مثل "فولبرايت"، حيث قد تُقيَّد بعض مجالات البحث، مثل دراسات المرأة وتاريخ السود، إذا اعتُبرت متعارضة مع قيم "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". كما قد يُواجه بعض الموظفين الأجانب حظرا أمنيا رغم استيفائهم للشروط القانونية.
لن تتكرر المقاومة السابقةوعند تطبيق الحظر السابق على المسلمين، واجه معارضة مؤسسية قوية، حيث ساد توافق داخلي بين مختلف المستويات، من كبار المسؤولين في واشنطن إلى موظفي التأشيرات، على عرقلته وتقليل أضراره باستخدام الثغرات الإدارية. لكن من غير المرجح أن يتكرر ذلك الآن، إذ يخشى موظفو وكالات السياسة الخارجية الأميركية على وظائفهم؛ حيث تحدث عمليات تطهير داخلية ضد الداعمين للتنوع والمساواة، وهناك تسريحات جماعية تلوح في الأفق، ومسؤولو الهجرة سيكونون أكثر انشغالا بحماية أنفسهم من الإقالة بدلا من مقاومة الحظر.
الأمر الأكثر قتامة هو أن الحظر لم يثر القلق كما في السابق، فقد تركزت المعارضة الداخلية الأخيرة داخل وزارة الخارجية على مقاومة تواطؤ الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية في غزة، ما جعل حظر المسلمين يبدو أقل صدمة. كما أن موظفي قسم التأشيرات الجدد التحقوا بالعمل في ظل وجود الحظر السابق، وبالتالي تأقلموا مع سياسته ولم يعد مستهجنا بالنسبة لهم.
يمكن تطبيقه على آخرينوقال الكاتب إن تطبيع حظر المسلمين سيمهّد لتوسيع نطاقه، إذ يمكن تطبيقه على مهاجرين آخرين وفقا للمتغيرات الجيوسياسية، كما قد يُستخدم لتعزيز سياسات معادية لدول بعينها. فالدول الملتزمة بسياسات ترحيل ترامب قد تتجنب الحظر، فيما تصبح الجاليات المهاجرة أوراق مساومة. والهدف هو فرض رقابة دائمة وإبقاء الجميع في حالة خوف، مما يجعل حياة المهاجر أشبه بمقابلة تأشيرة لا تنتهي.
إعلانالوضع أكثر قتامة، لكن مقاومة هذا الحظر الإسلامي باتت ممكنة وضرورية مع اتساع التحالفات والاستعداد المبكر. ولم يعد يقتصر على مواقع دبلوماسية معزولة، بل امتد إلى الجامعات وأماكن العمل والمنازل، مما يتيح تحديات قانونية أوسع. وإذا شمل الجميع، أصبحت مقاومته مسؤولية مشتركة.
واختتم الكاتب تقريره مبينا أن مجموعة صغيرة من الإداريين الناشطين أوضحوا أهدافهم بجلاء. إن ما يسعون إليه الآن ليس مجرد إجراء شكلي أو شعار حملة مؤقت، بل يريدون تطبيع هذا الحظر وجعله دائما، مشددا على ضرورة الرد على ذلك بطريقة منظمة وحازمة ومستدامة.