النموذج الصيني.. مخطط النجاح الأولمبي
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
أسجل إعجابي هنا، بالنموذج الصيني في المونديال الأولمبي، الذي انتهى قبل أسبوع في فرنسا، بعد أداء شيِّق و جميل من أبطال من مختلف أنحاء العالم.
تربّعت الولايات المتحدة على جدول الترتيب بإجمالي 126 ميدالية، وتلتها الصين 91 ميدالية ثم اليابان، في حين تساوت الولايات المتحدة والصين بعدد الميداليات الذهبية بمجموع 40 ميدالية.
وهنا يطرح السؤال نفسه:ما هو سر نجاح الصين مراراً وتكراراً في الألعاب الأولمبية؟
ينجح النموذج الصيني، لأن العاطفة الوطنية تلهم الرياضيين على الأداء، فالألعاب الأوليمبية مصدر للفخر الوطني، والترّويج للصين، حيث ترى القيادة الصينية الانتصارات الرياضية، كدليل على قوتها، وهيبتها العالمية، ولضمان استمرار النظام الرياضي الصيني في تقديم الميداليات الأوليمبية، يتم تخصيص الكثير من الوقت، والجهد، والموارد، وتعظيم “عائدها” من الرياضيين من الطراز العالمي، من خلال التأكيد على السمات الجسدية التنافسية.
ويتدرّب الرياضيون الصينيون بأقصى قدر ممكن في العالم بعد الاختيار، فيما يتدرب الرياضيون الشباب لمدة تتراوح بين 8 إلى 12 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع في مئات الأكاديميات الرياضية.
في دول أخرى، تتنافس المدرسة والتواصل الاجتماعي والأنشطة اللامنهجية، على الوقت والاهتمام، ولكن هذا التركيز الكامل على التنمية الرياضية، أمر مذهل، حيث ساعد تركيز النظام الصيني، على الإعداد المستمر في هيمنته على الألعاب الأوليمبية، ويعترف النموذج الصيني بأن التركيز فقط على الرياضة، يجعل من السهل تحقيق النجاح.
بحسب المعلومات التي استقيتها من عدة جهات، يرجع نجاح الصين الأولمبي، إلى اختيارها الدقيق للمتنافسين الشباب، حيث تختار الرياضيين على أساس السمات الجسدية، على النقيض من العديد من الدول الغربية، حيث يختار الأطفال الرياضات، على أساس التفضيلات.
إن النتائج المترتبة على هذا النهج الاستراتيجي في الاختيار، مثيرة للإعجاب، فقد أنجذب لاعب كرة السلة العظيم ياو مينج إلى هذه الرياضة، بسبب طوله، في حين انجذبت الفائزة بالميدالية الذهبية الأوليمبية يي شيوين إلى السباحة، بسبب يديها وقدميها الضخمتين.
وربما يكون برنامج تدريب الشباب الأولمبي في الصين، والذي يقوم على الاختيار المتعمّد، والتدريب المكثّف، والإنفاق الكبير، مفيداً للدول الأخرى، ورغم أن هذا النهج ينطوي على عيوب واضحة بحسب آراء النقاد، فإنه ينتج رياضيين من الطراز العالمي.
والواقع أن النموذج الصيني يخلق رياضيين من الدرجة الأولى، ويحافظ على تفوقهم في رياضتهم، الأمر الذي يثبت فعاليته.
إن النجاح الأولمبي الذي حققته الصين، ينبع أيضاً من تركيزها المتعمد على الرياضات “الضعيفة”، فقد بدأت الصين على الفور في الاستعداد للترامبولين باعتبارها رياضة أولمبية في عام 2000، فتفوقت على المنافسين وحصلت على العديد من الميداليات، كما تتفوق الصين في الأحداث النسائية، في حين قد لا تنفق دول أخرى نفس القدر من المال. وقد نجحت الصين في زيادة حصيلة ميدالياتها إلى أقصى حدّ من خلال التركيز على قطاعات أقل تنافسية، وهي التقنية التي يجب أن ننتبه لها نحن.
وتتفوق الصين في الغوص، وتنس الطاولة، ورفع الأثقال، بانتظام استثنائي. فقد فازت الصين بسبع ميداليات ذهبية في الغوص في دورة الألعاب الأوليمبية، التي أقيمت في بكين عام 2008، فاكتسحت هذه الرياضة عملياً.
وهكذا، النموذج الصيني في المونديال، نموذج يستحق الإقتداء به على صعيد الدول العربية إن أردنا أن نتفوق، علماً بأن البحرين جاءت في المركز الأول بمجموع أربع ميداليات، ثم الجزائر بثلاث ميداليات، يليها مصر و تونس بثلاث ميداليات، و المغرب بميداليتين.
وقد آن الأوان أن تبدأ الدول العربية في التركيز بشكل جدي على مسابقة أو ثلاث مسابقات فقط: مصر في كرة اليد تصل إلى الأدوار المتقدمة، والمغرب تتفوق نسبياً في رياضات الجري.
يجب ألا نستعجل النتائج، ولكن لنبدأ في التخطيط بشكل مدروس، في استراتيجيات تصنع نجوماً تضعنا في قائمة الميداليات.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
إسرائيل توثق جرائمها بنفسها.. تحذيرات قانونية من مخطط التهجير القسري في غزة
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا وأصداء قانونية خطيرة، أطلق الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، تحذيرًا صارخًا من تداعيات قرار الحكومة الإسرائيلية إنشاء هيئة حكومية لتنظيم ما يسمى بـ "التهجير الطوعي" لسكان قطاع غزة.
واعتبر هذا القرار بمثابة اعتراف رسمي بارتكاب جرائم حرب، وتحضير مؤسسي لعملية تطهير عرقي ممنهجة، مشيدًا بالموقف المصري الرافض لهذه الخطوة وبيان الخارجية المصرية في هذا الصدد.
في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، وصف الدكتور مهران ما تقوم به إسرائيل بأنه "فضيحة قانونية دولية غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أنها المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تنشئ فيها دولة هيئة حكومية لتنظيم جريمة دولية. وأوضح أن هذه ليست مجرد تصريحات أو سياسات عابرة، بل مؤسسة حكومية متكاملة تهدف إلى تقنين التطهير العرقي ومنحه مظهرًا قانونيًا زائفًا.
وأضاف بلهجة حادة: "مصطلح التهجير الطوعي الذي تروج له إسرائيل هو أكبر كذبة قانونية في القرن الحادي والعشرين! أي طوعية يتحدثون عنها بينما يدمرون المنازل على رؤوس ساكنيها، ويقطعون الماء والكهرباء، ويجوعون مليوني إنسان، ويقصفون المستشفيات والمدارس؟! هذا ليس تهجيرًا طوعيًا - هذا إرهاب دولة ممنهج يهدف إلى جعل البقاء مستحيلاً!"
التداعيات القانونية الخطيرةوحذر أستاذ القانون الدولي من تداعيات خطيرة، قائلاً: "هذه الهيئة ستكون المسؤولة عن أكبر عملية تطهير عرقي في العصر الحديث. إسرائيل تحاول تقديم نموذج جديد للعالم: كيف ترتكب جرائم ضد الإنسانية تحت غطاء قانوني وبدم بارد؟"، مشيرًا إلى أن هذه الهيئة ستصبح الآلية التنفيذية لهذه الجريمة.
كما أوضح الفرق الجوهري بين التهجير الطوعي والقسري، مؤكدًا أن القانون الدولي واضح في هذا الشأن: "لا يمكن اعتبار التهجير طوعيًا إذا كان يتم تحت ظروف قهرية تجعل البقاء مستحيلاً". واستكمل: "عندما يُجبر الشخص على الاختيار بين الموت جوعًا أو بالقصف وبين ترك منزله، فهذا ليس اختيارًا، بل إكراه صارخ!"
وأضاف أن إسرائيل تخلق عمدًا ظروفًا معيشية لا تطاق لإجبار السكان على مغادرة منازلهم، وهو ما يشكل تهجيرًا قسريًا محظورًا بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. وأكد أن تغيير التسمية لا يغير الحقائق القانونية، مستشهدًا بمقولة: "تسمية التعذيب استجوابًا مكثفًا لا يجعله قانونيًا!"
رسالة إلى المحكمة الجنائية الدوليةوفي تحذير مباشر للمسؤولين الإسرائيليين، قال الدكتور مهران: "أقول لنتنياهو وحكومته: أنتم توثقون جرائمكم بأنفسكم! هذا القرار سيكون أقوى دليل ضدكم أمام محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية في دعوى جنوب إفريقيا". وأشار إلى أن كل من يشارك في تأسيس هذه الهيئة أو العمل بها سيكون متهمًا بالتواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
كما أوضح أن المادة 7 من نظام روما الأساسي تجرم الترحيل القسري للسكان باعتباره جريمة ضد الإنسانية، مؤكدًا أن إنشاء هيئة حكومية خاصة بذلك يوثق بشكل قاطع عنصرَي التخطيط والمنهجية، وهما ركنان أساسيان في تكوين الجريمة.
جريمة مركبة بدعم أمريكيكشف الدكتور مهران أن ما يحدث في غزة هو "جريمة مركبة" متعددة الأوجه: إبادة جماعية من خلال الحصار والتجويع، يليها تهجير قسري تحت غطاء زائف، ثم الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي يتركها الفلسطينيون، معتبرًا أن هذه عملية سرقة أراضٍ ممنهجة تحت غطاء قانوني مصطنع، بدعم أمريكي غير محدود.
وفي رسالة للمحكمة الجنائية الدولية، أكد أن هذه الهيئة تعد "اعترافًا حكوميًا رسميًا بالنية المبيتة لارتكاب جرائم دولية"، مضيفًا: "لم يعد المدعي العام بحاجة إلى البحث عن أدلة - إسرائيل تقدمها على طبق من ذهب!"، مشددًا على أن هذا القرار يجب أن يكون سببًا مباشرًا لإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين بدءًا من نتنياهو وصولًا إلى جميع المتورطين.
تحذير من الصمت الدوليواختتم الدكتور مهران تصريحه بتحذير شديد اللهجة من صمت المجتمع الدولي، معتبرًا أنه يمثل تواطؤًا مباشرًا في جريمة تطهير عرقي جماعية. وأكد أن "لم يعد هناك مجال للحياد أو المساومة، ويجب العمل فورًا على وقف هذه الجريمة"، مشددًا على أن "التاريخ لن يرحم من يشاهد هذه الجرائم الموثقة بصمت".