الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل اليوم بعيد التجلي.. ما قصته؟
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الاثنين، بعيد التجلي بإقامة القداسات الإلهية في الكنائس وقراءة قصة هذا العيد.
احتفالات عيد التجليوتحيي الكنيسة في هذا اليوم ذكرى ظهور السيد المسيح على جبل طابور في فلسطين، حيث يُعد عيد التجلي أحد الأعياد السيدية الصغرى بالكنيسة.
ويذكر السنكسار، أحد الكتب القبطية التي تؤرخ لتاريخ الكنيسة وأعيادها وسير القديسين والشهداء بها، أن الكنيسة تحيي في ذكرى ظهور المسيح على جبل طابور وفيه أخذ السيد المسيح تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد إلى جبل طابور ليصلى، وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضاً لامعاً، بحسب الاعتقاد المسيحي، ظهر لهـم إيليا مـع موسى، وكانا يتكلمان مع يسوع.
ويعد جبل طابور هو الجبل الأعلى فى القسم الجنوبي للجليل الأسفل شمال مرج ابن عامر فى فلسطين، ويبلغ ارتفاعه حوالى 588 مترا فوق سطح البحر.
السلطات الإسرائيلية تمنع آلاف المسيحيين في فلسطين من الاحتفالويذكر أن السلطات الإسرائيلية، ممثلة بشرطة الإطفاء والشرطة، أقدمت على منع آلاف المسيحيين من الاحتفال بعيد التجلي على جبل طابور، أحد أهم الأماكن المقدسة لديهم، وجاء هذا القرار رغم الاتفاق المسبق على خطة أمنية شاملة، وتقديم جميع المستندات المطلوبة.
وأعرب مجلس الطائفة الأرثوذكسية في الناصرة عن استنكاره الشديد لهذا القرار، واصفًا إياه بأنه انتهاك صارخ لحرية العبادة، وتضييق على المسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية.
وأكد المجلس أن هذا الإجراء يأتي في سياق تصاعد الاعتداءات على المقدسات المسيحية والإسلامية في المنطقة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: عيد التجلي الكنيسة الأرثوذكسية أعياد
إقرأ أيضاً:
في غزة.. طفولة معذبة تحت سياط الحرب
غزة- في السابعة صباحا، تدق الأجراس في مدارس العالم، إيذانا باصطفاف الأطفال في طابور صباحي منظم حاملين حقائبهم، يحيّون أعلام أوطانهم ويرددون أناشيدها، بينما في الوقت نفسه، وفي الركن المنسي من العالم حيث "غزة"، ثمة أطفال عطشى، يسعون باكرا بحثا عن شربة ماء محملين بزجاجات وعبوات بلاستيكية فارغة.
شُعثا غُبرا يترقّبون "زامور" شاحنة المياه المتجولة، ومنبعثين من خيامهم وصفوف مدارسهم -التي تحولت إلى مآوٍ لنزوحهم- يصطفون طوابير لتعبئة المياه، في مشهد لا ملامح للوطن فيه إلا فتات عالق في ذاكرتهم، حين غنوا له في أعوام سابقة "الحياة والنجاة والهناء والرجاء في هواك".
يخرج محمد (8 أعوام) من طابور المياه بجالونين ممتلئين، ويشي العرق المتصبب من وجهه بثقل ما يحمل، إذ يبدو وزنهما أثقل منه؛ يعرج بهما تارة، ويسرع الخطى أخرى، ثم تنقطع أنفاسه فيضعهما أرضا.
سألته الجزيرة نت خلال استراحته القصيرة "هل تعبت؟"، فحدّق مجيبا "أمي وإخوتي ينتظرونني"، ثم تابع المسير، وهو اعتذار عن عدم الإجابة، وليس تبريرا لهرولته.
للأمام قليلا، يتوافد الأطفال إلى خيمة عُلقت على بابها لافتة مكتوب عليها "خيمة تعليمية"، يتلقّى فيها بعض الأطفال النازحين أبجديات المناهج الدراسية، بعدما اجتازوا تعلّم أبجديات الحرب بمفردات النار والخوف والجوع والنزوح، وينكفئ الأطفال على دفاترهم، وهم يجلسون على الأرض.
إعلانوتقول المعلمة المشرفة للجزيرة نت "نبذل جهدا مضاعفا في إيصال المعلومة، ويجد الأطفال صعوبة في استيعاب الدروس الجديدة؛ فلا بيئة ملائمة ولا نفسية مهيّأة للتعلّم".
كان لافتا مشهد الطفلة نسمة (6 أعوام) وهي تسند ورقتها على قدر حديدي وتنهمك بالكتابة، وتقاطع المعلمة المسترسلة في الشرح بسؤالها "متى ينتهي الدرس؟ لا أريد أن أتأخر على طابور التكية"، لتطوي ورقتها وتخرج على عجل وتركض ووراءها الأطفال، خشية الوصول متأخرين، فلا يجدوا ما يسدون به رمقهم من طبق الأرز بلا لحم، أو حساء العدس، أو طبق الفاصولياء المطبوخ بالماء وقليل من صلصة الطماطم، مما حصّلوه من معلبات الإغاثة.
تلك هي قائمة طعامهم التي لم تعرف معدتهم سواها خلال أشهر، فلا لحوم ولا فواكه ولا خضروات، حتى الحليب والشوكولاتة رفاهيات لا ينال منها الطفل الغزي شيئا منذ بدء الحرب.
وبينما بدأت ملامح نهش الجوع للأطفال بالظهور على أجسادهم الهزيلة ووجوههم الشاحبة، فقد وقعت الرضيعة سوار عاشور فريسة ضعيفة له، إذ إن 5 أشهر بعد ولادتها لم تكن كافية ليزداد وزنها خلالها غراما واحدا، لتبرز عظام صدرها وتبدو كهيكل عظمي.
تقول والدتها للجزيرة نت "ابنتي تحتضر، لم يزدد وزنها منذ ولدت، توقفت عن الرضاعة الطبيعة، فأنا أيضا أعيش المجاعة ولا طعام يساعدني على إرضاعها، حتى الفيتامينات والمكملات شحيحة وغير متوفرة".
ليست سوار وحدها من تصارع شبح الجوع بجسدها الهزيل، بل إن أكثر من 65 ألف حالة مرضية من الأطفال وصلت إلى مشافي غزة نتيجة سوء التغذية، حسب المكتب الإعلامي الحكومي، في ظل توقف ضخ الأدوية والعلاجات.
في خيمة واحدة بمخيم التحرير بمدينة خان يونس، تتلون المعاناة، حيث تربي أم محمد المصابة بالفشل الكلوي 7 أيتام، 3 منهم مصابون بالسرطان، واثنان آخران يعانيان أمراض الكلى.
يتقاسم الجميع يوميا رغيفين من الخبز من عطاءات الجيران حولهم فيقسمونهما إلى أرباع، فلا ينهشهم الجوع فقط بل يتفشى فيهم المرض. تقول أم محمد للجزيرة نت "تؤذيني أمومتي، وأنا العاجزة عن تأمين دواء لي ولأطفالي الخمسة.. مستسلمة أنا وهم للموت والجوع والمرض دون سند".
تتفنن إسرائيل في حرمان الصغار من الطفولة بمقوماتها البسيطة التقليدية، فكما تنتزع منهم عافيتهم وتمعن في تجهيلهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، فهم لا ينالون من الحياة إلا فتاتها، فهي تنتزعهم من أحضان آبائهم وأمهاتهم وتقذفهم في أحضان الفقد واليتم، تماما كما حدث مع الطفل علي فرج (7 أعوام)، الذي تداول النشطاء مقطعا مصورا له على منصات التواصل حين قذفته قوة غارة إسرائيلية إلى سقف المنزل المجاور، وهو يلوح لأمه وللمقابلين له لإنقاذه.
إعلانيقول علي للجزيرة نت "كنت في حضن بابا وكنا نشاهد معا سبايدرمان (رسوما متحركة) غفوت حينها، ثم استيقظت وأنا فوق سطح الجيران"، فقد استشهد والده وشقيقاته الخمس دفعة واحدة، وكان ينظر إلى صورهن.
ويهمس "كنت أحب جوري كثيرا، كانت أصغر مني، كنا نلعب معا، وكانت تحبني وتطعمني قبل أن تأكل، ماتت جوري وكل أخواتي ومات بابا وجدي وجدتي وأخوالي وخالاتي، وبقيت وحيدا لأمي". وتقف أمه كجدار مكسور، تمسح دموعها وتقول "لقد أبقاني الله من أجل علي، وإن كان من شيء يمنعني من الانهيار فهو بقاؤه".
هو اغتيال للطفولة وفقدٌ مركَّب تجرعه أكثر من 26 ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، ولن تطمئن قلوبهم لصوت أمٍّ أو حضن أب في ذروة هذا الخوف الذي ينغمسون فيه.
تحت الركام
حرب أتت على الطفولة فأفرغتها من محتواها، حتى أوقات لهو الأطفال تعج بسيرة الموت، فهنا يلعب باسل مع شقيقته مها أمام الخيمة، يدفنان الدمية في الرمال، ثم يحفران لانتشالها، يحملها باسل قائلا "لقد أنقذتها من تحت الركام"، وتكمل مها اللعبة "إنها شهيدة يا باسل.. تعال نلعب جنازة".
فالحرب ورّثت الأطفال آلاما عميقة لا تُرى بالعين المجردة، وأسكنت داخلهم صدمات نفسية، ظهرت جليا في سلوكياتهم العدوانية أو في مظاهر اضطراب الصدمة الواضحة التي يعاني منها 72% من الأطفال في غزة، كما يقول المختص النفسي عمر وليد، الذي أوضح للجزيرة نت أبرز مظاهر الاضطراب لدى الأطفال بحسب شهادته من الفزع الليلي والتبول اللاإرادي والتعلق المرضي بالوالدين أو عصيان أوامرهم.
وفي ظل إغلاق المعابر منذ بداية مارس/آذار الماضي ومنع دخول الأدوية اللازمة للأمراض النفسية، فإن انتكاسة كبيرة حدثت مع الأطفال الذين يتلقون علاجات دورية كمرضى التوحد والصرع والاكتئاب، بينما يبذل المختصون النفسيون ما يستطيعونه من محاولات لترميم الأرواح الصغيرة التي مزّقتها الحرب، من خلال تنقلهم بين الأطفال في مراكز الإيواء واللجوء.
إعلانويقول وليد "نقدّم إسعافا نفسيا أوّليا للأطفال بعد الصدمات، ونحاول إشراكهم في مجموعات تنشيطية ضمن جلسات للتفريغ النفسي، كما نعقد لقاءات تثقيفية للأهالي لتعريفهم بكيفية التعامل مع المشكلات السلوكية للأطفال".
وفي ذروة هذا الخراب النفسي، فإن علم النفس يخلو من طرق للتعامل مع طفل أُجبر على جمع أشلاء والديه في كيس أو دفن إخوته، أو من رأى النار تُذيب لحم ذويه، ومن حوصر في لقمة عيشه أو مات لحرمانه من الدواء أو نام ببطن تقرقر، في طفولة معذبة حفرت ندوبا حيّة على وجه الإنسانية جمعاء.