فى ظل الأمل الذى لاح فى الأفق فى إعادة الثقافة إلى مسارها وأهدافها، نضع أمام وزير الثقافة جانبًا على أعلى درجة من الأهمية من مشكلات الأوبرا المصرية التى يواجه شطر لا يستهان به من العاملين بها مشكلات تكاد تقضى على أحد أهم الفرق التى تعتمد عليها الأوبرا المصرية وتفسد أحد أهم مهام الثقافة التى لا ينبغى أن تضع الربح أولاً، وهو ما نأمل أن يضعه الوزير ضمن أولوياته.
ويكفى أن ننوه إلى أن أوبرا عايدة وهى واحدة من أهم الأوبرات التى تنتجها الأوبرا المصرية والتى يمكن أن تكون سببًا فى وصول السياح من كل مكان فى العالم لمشاهدتها، لم يتم الإعلان عن حفل واحد لها منذ عامين، وهى واحدة من الأوبرات التى يشارك بها كورال الأوبرا تمثيلاً وأداء صوتيًا، أما عن المشكلات التى توقفت بسببها أوبرا عايدة فهى جديرة أيضًا بالمناقشة، وتطرح عددًا من التساؤلات عن مهمة المعاهد الفنية، وهل مصر خلت من نجوم جدد وبها معهد كالكونسرفتوار، وما هو الموقف تحديدًا مع السوبرانو إيمان مصطفى التى تلعب دور عايدة؟ ولماذا لم يتم الحرص على وجود الصف الثانى الذى يمكن أن يغطى أى نقص، ويحل أى مشكلة؟! فهل يمكن أن تكون تلك هى عينة من المشكلات التى تواجهها واحدة من أهم الأوبرات التى تعرضها الأوبرا ثم يتم التلويح أو التسبب فى تدمير الكورال الذى يعتبر أحد أهم أعمدة كل الأوبرات التى تنتجها دار الأوبرا ومنها كارمن إبراهيم وغيرها؟!
ولا يؤدى كورال الأوبرا أداء صوتيًا فقط بل يشارك على المسرح فى الأداء الحركى والتمثيلي، ويكفى أن نشير إلى مشهد مارش النصر من أوبرا عايدة لنعرف دور الكورال فى هذه الأوبرا.
ويواجه الكورال مشكلتين أساسيتين إحداهما فى بنود العقود التى أبرمتها الأوبرا مؤخرًا مع أعضاء الفرقة وهى عقود بها بنود إذعان حرفية إضافة إلى مشكلات إدارية أخرى.
لقد قامت الأوبرا بمحاولة فى منتهى الغرابة لتطبيق قرار رئيس الوزراء بتطبيق الحد الأدنى للمرتبات، بأن وضعت عقودًا جديدة للمتعاقدين مسبقًا، وفى ظل حالة من الاستعجال تم التوقيع على تلك العقود من فرقتى كورال الأكابيللا وكورال الأوبرا فى 1 يوليو الماضى دون النظر للبنود التى احتوتها تلك العقود، بينما لم يوقع أوركسترا الأوبرا والأوركسترا السيمفونى والموسيقى العربية بكل فرقها واستطاعت فرقة الموسيقى العربية بالجلوس مع الدكتورة لمياء زايد رئيس الأوبرا التوصل لحل أحد أهم المشكلات، وهى مشكلة الحفلات، وهى ليست المشكلة الوحيدة، فقد اختفت من تلك العقود الجديدة المكافأة التى كانت مقررة من قبل لنهاية الخدمة وهى شهر واحد عن كل عام من العمل، أما عن الحفلات التى كانت من قبل غير موجودة فى العقود، ويأخذ عنها عضو الفريق بشكل معتاد أجرًا إضافيًّا مع كل المشاركين فى العرض، فقد أصبحت المكافأة لحضور الحفل جزءًا من الأجر الذى يتم به استكمال الحد الأدنى وفى حالة التغيب عن حضور الحفل يتم العودة للأجر القديم بالنسبة للمتعاملين بالعقود وهو "2300 جنيه".
وبالنسبة للمعينين والعقود فقد فوجئوا بأن بند الإثابة الذى كان يصل إلى 700 جنيه شهريًا قد تم إلغاؤه، مع بند الحفلة الرئيسي الذى كان يصل إلى أجر 4 أو 5 عروض شهريًا، وتم استبدال كل ذلك للمعينين والمتعاقدين بمبلغ ثابت أقل بكثير، والتساؤل من هو صاحب تلك الأفكار التى اقتصت مكافآت الفرقة فى ظل الغلاء الفاحش الذى يمر به كل مواطن فى مصر الآن؟ ومن صاحب كل تلك الأفكار التى جعلت شباب الفرقة يفكرون فى تركها لينضموا للموسيقى العربية رغم قيمة ما يحفظونه من أوبرات وجودة أدائهم وندرة وجود أمثالهم؟
ومع كارثة أنه لا توجد لائحة للفرقة تتضمن الجزاءات والإثابات، فعلى الرغم من مناقشتها منذ سنوات، إلا أنه لم يتم التوقيع عليها حتى الآن، فقد تجمدت الترقيات بعد أن تخطت مدير الفرقة المدد القانونية التى يحددها القانون، وتم إسقاط اللجنة التى تم الإعلان عنها لشغل درجة مدير عام الأوركسترا والكورال والسوليست وهى الإدارات التى تشرف عليها المديرة الحالية، وأعلن عن تلك اللجنة فى يناير 2024 وأسقطت لمرور 6 شهور بسبب عدم عقد اللجنة وفقًا للقانون.
والعجيب أن المعينين والعقود معرضون لاختبارات لتصنيفهم لفئات فنية "أ، وب، وج، ود"، وذلك على الرغم من أن من المعينين القدامى من له خبرة أكثر من 15 عامًا، وكذلك هناك خبرات تصل إلى 25 عامًا بين الذين يعملون بعقود، وهم الذين يمكن اعتبارهم من مظاليم الأوبرا، فمهما طالت مدة عملهم فإنهم عندما تنتهى مدة عقودهم لا ينالون مكافأة، أو تكريمًا!.
والتساؤلات هنا: هل أبلغت الأوبرا المالية لتوفير ميزانية الحد الأدنى أم تعاملت بشكل منفرد بأن أعادت توزيع المكافآت داخليًا، فاقتطعت من البعض لصالح البعض بما خلق حالة من الاحتقان، والأغرب أن يشاع أنه من الممكن أن يتم إيقاف النشاط لشهور إذا لم يحقق النشاط دخلاً ماليًا محددًا، وهى شائعة لا نظن أن لها أًساسًا من الصحة فى وجود وزير فنان توسم فيه الجميع خيرًا، يفهم، ويقدر الدور الحقيقى للإبداع، وأن نشر بعض أنواع الفنون لها مكاسب أخرى ودور أهم بكثير من المكاسب المالية، لهذا تنفق الدول التى تعى ذلك دون انتظار لتلك المكاسب، ومع ذلك، فنحن جميعًا ندرك أن الفنان يؤدى ما عليه وليس من مهامه تسويق العمل وعمل دعايته فى الداخل والخارج بما يؤدى لنجاحه تجاريًا، وهذا التسويق هو ما يجب مساءلة من يقومون به فى حالة فشل خططهم الدعائية فى ظل نجاح العمل فنيًا.
فإذا كنا نتحدث عن فرقة لا يوجد مثيل لها على مستوى الشرق الأوسط ومنشأة بقرار جمهورى من الرئيس جمال عبد الناصر منذ عام 1960 وتحفظ أعمالاً فنية عالمية بلغات مختلفة منها الإيطالى والفرنسى والألمانى والتركى، فمن الذى يتحمل كارثة استهداف قوى مصر الناعمة؟ وما هى الأهداف الحقيقية التى تقف وراء ما يحدث؟!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: کورال الأوبرا أحد أهم
إقرأ أيضاً:
مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
فى حضرة الشاشة الكبيرة تجوب الأنفس أرجاء العالم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حيث تتلاقى الثقافات والفنون والعادات والتقاليد من مختلف دول العالم فى مهرجان القاهرة السينمائى بدورته الـ45، التى تحمل تنوعاً وثراءً فنياً واضحاً من جميع الدول، فى رحلة لا منتهية من السعادة والمتعة، فمن بين الأعمال السينمائية المشاركة والتى تعرض لأول مرة ضمن فعاليات المهرجان، الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، والسورى «سلمى»، كل منهما يحمل قصة ورسالة مختلفة بقضية إنسانية تلمس الوجدان.
«أنا مش أنا» فيلم مغربى مدبلج باللهجة المصريةوقال هشام الجبارى، مخرج ومؤلف الفيلم المغربى «أنا مش أنا»، الذى جرى عرضه باللهجة المصرية بعد دبلجته، إن الفيلم يعد خطوة فى مسار تعزيز التبادل الفنى بين المغرب ومصر، وبخاصة أن اللهجة المغربية صعبة الفهم، لذا تمت دبلجة الفيلم لكسر الحاجز بين الشعوب العربية حتى يتمكنوا من فهم أحداث العمل.
والأمر نفسه أكده بطل العمل عزيز داداس، الذى أعرب عن فخره وسعادته بمشاركته فى مهرجان القاهرة، قائلاً: «شرف كبير لى عرض الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى الأهم والأعرق فى المنطقة العربية، وسعيد بدبلجته إلى اللهجة المصرية».
وشهدت قاعة العرض حالة كبيرة من التصفيق والتفاعل مع الحضور فور انتهاء عرض الفيلم، الذى حرص عدد من نجوم الفن والرياضة المغاربة على دعمه بمشاهدته بالمهرجان، حيث رفع الفيلم شعار كامل العدد قبل أيام من انطلاقه بدور العرض المصرية.
فيلم «أنا مش أنا» من تأليف وإخراج هشام الجبارى، بطولة عزيز داداس، مجدولين الإدريسى، دنيا بوطازوت، وسكينة درابيل، ووِصال بيريز، وإنتاج فاطنة بنكران.
يأتى ذلك كجزء من مبادرة مهرجان القاهرة السينمائى لدعم التجارب السينمائية التى تعزز التواصل الثقافى بين الشعوب، إذ يمكن الجمهور المصرى من التفاعل مع إنتاجات دول أخرى خارج الدائرة المعتادة للسينما العالمية.
وذكر مهرجان القاهرة السينمائى، فى بيان، أنه فخور بهذه التجربة التى تسعى إلى تقديم صورة جديدة للإبداع السينمائى، من خلال التفاعل بين الصورة والصوت والتجارب الثقافية المختلفة، وهو ما يعكس التزامه بدعم التنوع السينمائى عالمياً.
«سلمى» يسلط الضوء على معاناة الشعب السورىأما الفيلم السورى «سلمى»، الذى يشارك فى مسابقة آفاق للسينما العربية، فهو من بطولة الفنانة السورية سولاف فواخرجى، التى أعربت عن سعادتها بالعرض العالمى الأول لفيلمها بمهرجان القاهرة السينمائى، موضحة فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن الفيلم يتناول قضية إنسانية رغم المآسى التى يتطرق إليها وتعبر عن واقع الشعب السورى إلا أنها حاولت أن يكون الفيلم رسالة قوية للقدرة على المواصلة فى تجاوز الصعاب بالإرادة.
«سولاف»: رسالة لتجاوز الصعاب بالإرادةوقال جود سعيد، مخرج «سلمى»، الذى يشارك فى فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى للمرة السادسة، منذ عام 2009، إنه كان يشعر بالحزن عندما لا يشارك بأفلامه ضمن المهرجان، مشدداً على رفضه لفكرة حمل الفيلم رسالة محددة، وأن كل مشاهد هو صانع العمل بعينه ويراه حسبما يشاء تبعاً لثقافته وما يشعر به.
وأضاف «سعيد» أنه مهووس بالقصص والحكايات الحقيقية وتحويلها لعمل فنى يتفاعل ويستمتع معه الجمهور، لافتاً إلى أنه تجمعه علاقة صداقة قوية مع «سولاف»، أفضت إلى مزيد من التعاون بينهما وحالة من الشراكة انعكست على الشاشة.
من جانبه، أعرب الفنان السورى ورد، الذى يجسد دور شقيق بطلة العمل «سولاف» بالأحداث، أن مشاركة «سلمى» بالمهرجان حلم بالنسبة له وطموح لكل من يعمل فى صناعة السينما، معرباً عن فخره بفكرة الفيلم التى تنتمى إلى الكوميديا السوداء.