صحيفة الاتحاد:
2025-04-30@14:42:30 GMT

شيخة الجابري تكتب: أصواتهم ذاكرتنا

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

كنتُ أستمع إلى وردة الجزائرية «رحمها الله»، وهي تبدع في أغنيتها ذائعة الصيت «خليك هِنا» وتمعّنت كثيراً في صوتها الذي حمل كلمات الشاعر الغنائي محمد حمزة، وألحان ملحن الروائع بليغ حمدي، عبر أثير الإذاعات والحفلات. ونحو قلوبنا التي وجدت نفسها تدخل في ذاكرة قد لا تجد من يستثيرها في تلك اللحظة ليأتي صوت وردة ليحيل الذاكرة إلى جمرة متقدّة تعود للماضي، وتسترجع الذكريات وتعيش اللحظات، فتبكي تارة، وتسخرُ أخرى، كل ذلك تفعله كلمات أغنية وصوت قلمّا أن يجود الزمن بمثله دفئاً وأناقة وحضوراً جميلاً.


أقيس على ذلك الكثير من الأصوات التي تسكن في ذاكرتنا، ونسكن في أصواتها ليس بدءاً بسيدة الغناء العربي أم كلثوم، أو انتهاءً بأصواتٍ جميلة قليلة ما زالت تُطربنا ببعض الأعمال الفنية الغنائية على الدقة التي تُرضي الذائقة ونتعايش معها، فيأخذنا بعضها نحو الزمن الذي عشناه حيث الأصوات الحقيقية التي كانت تلامس مستمعيها أو مشاهديها في ذاك الوقت بكثير من الود والجمال.
أحلى الأيام فعلاً هي تلك التي عشناها بتفاصيلها وشخصياتها ومواقفها التي كانت تؤثر فينا كثيراً ونتعامل معها بالوفير من الحب، والعميق من الامتنان، كانت هناك علاقة إنسانية تربطنا حتى بممثلي وممثلات الزمن القريب الماضي، فنحن نشعر بأنهم أصدقاؤنا الذين اختارتهم لنا مهنهم فكانوا الأقرب إلينا بما قدموا من أعمال من كثيرين حولنا، وإن كنّا لا نعرفهم ولا نُحبهم إلاّ من وراء الشاشات، حتى شاشات ذاك الزمن كانت غير، دافئة وهادئة، وتحترم أوقاتنا واحتياجاتنا الإنسانية البسيطة. حياة جميلة، وأدوار لعبناها وعشناها وأصواتهم ترافقنا حتى عند مراجعة الدروس كانوا يحضرون، أم كلثوم، عبدالحليم، صباح، أبوبكر سالم، محمد عبده، طلال مداح، فيروز، شريفة فاضل، لطفي بوشناق، علي بن روغة، ميحد حمد، وغيرهم ممن عاشوا معنا، وعشناهم أجمل الأصوات وأرق الأصدقاء، لم يشغلونا عن دراسة، ولم يسببوا ضوضاء، كانت هناك لغة تفاهم بيننا، لا يعرفها أحد غيرنا، تلك اللغة كانت الحب بأشكاله الجميلة الوهّاجة.
أعود إلى وردة الجزائرية والسؤال الذي استفزني في حضور صوتها الباقي في القلب، ترى ماذا سيحملُ الجيل الجديد في ذاكرته من أغنيات وأصوات هذا الزمن الذي اختلت فيه الكثير من المعايير والموازين الفنية التي كانت الضابط لكل شيء، من حيث الكلمات والألحان المتزنة الجميلة وأصوات المؤدين من مطربين كان لهم حضورهم الذي رافق شبابنا وما زال رفيق الذكريات، وصديق الأوقات الجميلة الوهّاجة.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: متلازمة رقص المشاهير شيخة الجابري تكتب: أفكار صيفية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: الموت من الداخل

فى واحدة من أجمل ما كتب الأديب الأمريكي العالمي إرنست همنجواي ما قاله على لسان أحد أبطال رواياته وهو ينظر إلى المرآة ويقول : بالطبع ما أراه الآن هو ما تبقى منى ، فقد مات كلي جزءا وراء الآخر ، مت يوم إن ودعتني أمي ولم أدر كيف تركتني فى هذا الفراغ العمري، لم أشبع منها بعد ، وازداد موتي حينما لحقها أبي وصرت بلا سند ولا داعم حقيقي، ثم أخذني الموت أخذا حينما مات ابني لم أكن أدرك ولم أتذوق طعما مرا بمثل طعم فقدان فلذة كبدي، والآن أنظر إلى نفسي كي أتأكد أنني خارج القبر مع أنني دخلته منذ زمن … بهذا الوصف العبقري والمشاعر الصادقة تستطيع أن تقيس عليها بعضا من الوجوه بل أكثر من الوجوه وليس بعضا فى الشوارع ووسائل المواصلات والجيران وزملاء العمل ، وبالطبع إذا نظرت إلى نفسك ستجد ثمة عامل مشترك بينك وبين كل هؤلاء وهو أنك وأنهم وأننا كلنا بلا استثناء مات فينا جزء وربما أجزاء وكلنا أموات من الداخل وفي انتظار الموت النهائي وتوديع الحياة وبداية الحياة الأخرى والتي وصفها الخالق بالقول" يا ليتني قدمت لحياتي" فما نعيشه ليس حياة ولكنه موتا بالبطيء يبدأ بالفقد الجزئى فيموت منك عضو وشعور ومقوم من مقومات مواصلة العيش والتأقلم مع ما يسمى بهذه الدنيا.

الموت على أجزاء هو أكثر أنواع الموت ألما وجرحا فهو يفرغك من داخلك فتصبح مجرد شكل بلا قلب لأن قلبك قد مات حزنا مع كل فقد وفقدان.

الموت من الداخل من الممكن ان يحدث بالخذلان وليس بالفقد الموتى ، فالغدر والخيانة سكينا يغرس فى قلب قلبك ويجعلك تنزف من الداخل ويصبح وجهك مكسورا منكسرا وتصاب بكسرة القلب التي تنتزع منك شرايين حياتك وبقاءك متماسكا صلبا ، وحينما يغدر بك أو أن يخونك من وثقت به وسلمت  له كل صمام عمرك وسعادتك حينها تصبح قشرة باهتة صدئة بعد أن كنت ذهبا لامعا تشع سعادة وإقبال على الحياة.

الموت من الداخل ليس فقط موت أفراد ولكنه موت دول ايضا فالولايات المتحدة بدأت مرحلة الموت من الداخل منذ طوفان الاقصى وربما قبلها بقليل فرغم التقدم والهيمنة إلا أن المواطن الأمريكي متشقق من الداخل شأنه شأن كل الدول التى تجمع عرقيات كثيرة وغرور أكبر ، الأمريكي بدأ يشعر بالاستنزاف الصهيونى وبأنه مضطر أن يدفع من ضرائبه ومن صورته أمام العالم ليرضي إسرائيل وبني صهيون ، الوضع هناك أصبح يحمل علامة استفهام كبيرة تبحث عن إجابة مقنعة ومرضية لمعظم الأمريكيين والتى قد تكون مسمار فى نعش الامبراطورية الامريكية ومعولا لهدمها وتفككها ليحل محلها امبراطورية اخرى بالطبع الصين تعد نفسا لهذه المرحلة منذ فترة ومن الان فصاعدا . اسرائيل ذلك الكيان المغتصب يموت من الداخل ويحضرني هنا حوار قاله زميل دراسة فى الجامعة الأمريكية كان يهودى الديانة ويحمل جنسية امريكية اسرائيلية مزدوجة . ديفيد قال ان لايوجد من يسمح او يرضى او يوافق على اقامة الدولة الفلسطينية ، لان ذلك معناه تآكل المواطنين اليهود من انفسهم وبأنفسهم ، لان الوضع السكانى فى اسرائيل يجمع طبقات متفاوتة من اليهود ودرجات من التقدير المجتمعى وفى المقابل هناك منظومة سياسية تعمل منذ بداية المجتمع اليهودى واقامة الدولة اليهودية تعمل على مفهوم واحد وهو ان هناك عدوا يريد ان يخرجك من هذه الارض ويعود اليها هذا العدو هو الفلسطينى ، فاذا ماتم اقامة دولة لهم وعاشوا فى سلام وامن فان الاسرائيليون سيتفرغون لانفسهم وستقوم فتنة بسبب التنوع الديموجرافى فاليهود درجات منهم المميز ومنهم الخادم الشحات ولذا فحينها سيصبح الوضع مخيفا وستندلع الخلافات والمواجهات التى ستنتهى بنهاية دولتنا . كلام ديفيد اتذكره وانا اتحدث عن الموت من الداخل لان بوادره ظهرت منذ طوفان الاقصى وراينا وقرأنا مايأتى به الداخل الاسرائيلي من نزاعات وتخبط واختلافات .. الموت من الداخل ليس مجرد حالة او شعور او هرمونات ولكنه مرحلة من المراحل التى تشبه القشة التى تقطم ظهر البعير لانها تانى فى وقت وتوقيت يصعب التنبؤ بما سيخلفه هذا الموت الداخلى .. اللهم خفف عنا أقدارنا وخذنا موتة واحدة وليست على اجزاء ولا من الداخل ..

طباعة شارك فلسطين إسرائيل طوفان الأقصى

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • الضوضاء البيضاء والوردية والبنفسجية.. هل تساعد فعلا على النوم والتركيز؟
  • استبعاد ٧ لاعبين وفرصة أخيرة لـ بن شيخة.. غليان في مودرن سبورت قبل مواجهة المحلة
  • مودرن سبورت: استبعاد ٧ لاعبين وفرصة أخيرة لـ بن شيخة.. غليان في مودرن سبورت قبل مواجهة المحلة
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • نجم فرنسا السابق يهاجم ريال مدريد: «أفسدتم اللعبة الجميلة»
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الصحفيين تحدد ضوابط تنظيم العملية الانتخابية وإرشادات للناخبين
  • العدالة والتنمية المغربي ينتخب بنكيران مجددا
  • كريمة أبو العينين تكتب: الموت من الداخل