«ميكرفون كاتم للصوت».. رواية الهروب والنهايات الغامضة
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
شعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلة «الهجرة الدولية» اعتراض 13 ألف مهاجر وإعادتهم إلى ليبيا الرواية الأفريقية في القرن الـ20.. شمسٌ لا تغيبمن الهجرة غير الشرعية، إلى غدر المهربين والتناقضات الداخلية، يناقش الكاتب اللبناني محمد طرزي قضايا المجتمع وأحواله في روايته «ميكروفون كاتم للصوت»، ويلقي الضوء على قضايا مهمة من خلال شاب عاش طفولته وشبابه بين القبور، ودَرَس المحاسبة، لكنه عانى من البطالة، بينما حصل زملاؤه الأقلّ اجتهاداً على وظائف، وتزوّجوا وأنجبوا.
يقول طرزي لـ «الاتحاد»: إن الرواية اجتماعية واقعية، وهدفها ليس منح الأمل أو سلبه، وإنما كي تصوّر الواقع عبر مدينة تمثّل الجزءَ المعبّرَ عن الكل، بمثابة وثيقة أدبية عن فترة زمنية حالكة.
وإذ كانت المدينة غارقة بكل ما وصفته من مآسٍ، تبدّى الهرب منها وسيلة النجاة الوحيدة ما دام إصلاحها مستحيلاً، ورغم هذه السوداوية والظروف المقيتة التي تلاحق حتى الهاربين، سواء في عرض البحر أو في المهجر، نسمع بين طيّات النصّ أصواتاً خافتة تصدح بالأمل، منها قول إحداهن في لحظة مصيرية بأن الحياة وليس الموت هي التي لا حدود لها.
البحر مقبرة
ويتحدث الكاتب عن شخصية سلطان، شاب عشريني ولد في بيت مطلّ على المقبرة في مدينة قاتمة تحاصرها الأزمات الاقتصادية وأصوات مكبرات الصوت تصدح بإنجازات زعيمها، فيتسلح الشاب بالأمل، انكبّ على كتابة رواية أرادها عالمية، ودرس المحاسبة حتى لا يرث عن أبيه مهنة نعي الموتى.
وداخل «ميكروفون كاتم للصوت»، لم يكتب سلطان الرواية ولم يستطع الحصول على وظيفة في مدينة يتطيّر الناس فيها ممن يعملون في المهن المرتبطة بالموت رغم احتفائهم به، فاعتقد أن خلاصه يكمن في الهجرة، وسرعان ما اكتشف أن الهرب من المقبرة ليس بهذه السهولة، فالبحر مقبرة أيضاً، حيث يتربّص المهربون وسماسرة الهجرة غير الشرعية بضحاياهم.
ويضيف طرزي: «حاول سلطان تغيير واقعه، فثار مع من ثاروا ضد قوى الأمر الواقع، تغلّب على جبنه وضعفه، وتمرّد على الميكروفون، ليجد نفسه في النهاية وحيداً، يدفع وعائلته ثمناً غالياً، يستحصل على تأشيرة إلى كندا وتظلّ النهاية غامضة، بحيث لا نعرف إذا ما كان خلاصه في الهجرة، أم أن قدره لن يختلف عن الذين هاجروا قبله، ولم يلقوا سوى الخيبة والموت، كأن من يخسر وطنه يظل خائباً أينما حل وارتحل».
رغم كل شيء
ويظهر الحب في أحلك الظروف وأعقدها، يوضح الكاتب، أن هناك قصتي حبّ، علاقة سلطان ووداد المنتميين إلى عالمين مختلفين، ولصغر سنّهما وقلّة تجاربهما لا يعرفان كيف يتعاملان مع تلك المشاعر، فالشابة تكنّ لصديقها عاطفة جليّة، وتساعده على الهجرة، وبدوره يودّ البقاء قربها، دون التخلّي عن فكرة الهروب من الوطن.
العلاقة مشوّهة فرضت إيقاعها المدينةُ المشوّهةُ بالصور واللافتات والمكبّرات مع إدراكهما حجم الهوة بينهما، فيكبتان مشاعرهما بقرارات متسرّعة، وغير مفهومة، حتى تنتهي حكايتهما بشكل درامي.
بالمقابل هناك علاقة ريتا بحسن، كلاهما في الستين من العمر، تحابا في شبابهما، كانا يلتقيان عند أشجار التين التي التهمتها المقبرة، فرّقتهما الحياة كعاشقين ثمّ جمعتهما المدينة بعد أكثر من عقدين كصديقين مسنّين اقترف كلٌّ منهما ما لا يحصى من الخطايا.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الهجرة غير الشرعية الهجرة الرواية الثقافة
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب يناقش رواية أحمد القرملاوي"الأحد عشر" .. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في إطار فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، استضافت قاعة "فكر وإبداع"، ضمن محور "كاتب وكتاب"، ندوة ثقافية لمناقشة رواية "الأحد عشر"؛ للكاتب أحمد القرملاوي؛ شارك في المناقشة: محمد سمير ندا؛ ومنصورة عز الدين، وأدارها عمرو المعداوي.
في البداية، أشاد عمرو المعداوي بالكاتب وسرده، موضحًا أن الرواية تبدو كعمل هندسي منظم جدًا، وأن الكاتب دائمًا ما يقدم الجديد، معربًا عن سعادته بإدارة هذه الندوة.
من جانبها، أوضحت الكاتبة منصورة عز الدين؛ أنها سعيدة بحضورها؛ ومناقشة الرواية، مضيفةً أنها دائمًا تُفاجأ بكتابات أحمد القرملاوي؛ وأن القرملاوي من الكتّاب الحاضرين بنصوصهم؛ وليس بحضورهم الشخصي، لأن النصوص هي الأساس، وأنه يترك البراح لنصه؛ كما أوضحت أنها وافقت على النقاش؛ قبل قراءة الرواية، لأنها تثق في أن الكاتب دائمًا ما يقدم الجديد، نظرًا لاهتمامه بالتراث الديني والأسطوري.
وأضافت منصورة أن الرواية تداخلت فيها أجناس المسرح والرواية بجرأة كبيرة، لأن المسرح ليس مقروءًا بما يكفي؛ كما ذكرت أن الرواية تاريخية، ولكن ليست بالطريقة المعهودة، حيث تحتوي على نوع من الهجاء الساخر المتميز عن واقع المشهد الأدبي؛ وأن الرواية هي "قصة توراتية" بكل ما تحمله من معنى، وأن الكاتب رصد التنافس بين الأدباء والظواهر التي تضايقهم، واستطاع ربطها ببراعة؛ وأن الكاتب استخدم "التناص"؛ بنجاح في روايته، وتمكّن من جعل القارئ يرى الرواية من منظور مختلف؛ والرواية تتميز بأبعاد متعددة وأصوات مختلفة، بما في ذلك أصوات الهامش التي لم تُسمع من قبل؛ حيث إن عنوان الرواية يدل على "سيدنا يوسف"، الذي يُعد الشخصية المركزية في الرواية؛ رغم كونه شخصية مرجعية، وأن البطل الأساسي هو الذئب.
وأوضحت أيضًا أن الكاتب نجح في اللعب بالمدلولات والقصة الأصلية، عندما قدّم وجهة نظر مضادة بجرأة كبيرة؛ وأكدت أن الذكاء في الرواية يتجلى في العلاقة بين المسرح والرواية، حيث استعان الكاتب بأجزاء من الكتابة المسرحية داخل النص الروائي؛ وأن الكاتب حرص على استخدام اللغة الفصحى، وأن الشخصيات كُتبت بإقناع وبراعة كبيرة؛ وأن المشهد الافتتاحي في الرواية يكاد يكون مشهدًا مسرحيًا رائعًا، رغم عدم رضا الكاتب عنه.
من جهته، أوضح الكاتب محمد سمير ندا؛ أنه يتابع الكاتب منذ بداياته، مضيفًا أن القرملاوي يكتب بحرية ودون قيود، وهذه الرواية هي الأجرأ بين رواياته؛ وقال: " إن الرواية تطرح ما وراء الكلمة، وهناك نصًا خلف النص الظاهر في الرواية، حيث تتناول قصة أبناء يعقوب؛ كما أن اختيار الموضوع وجرأة الكاتب في تناول القصة الدينية والملحمية؛ هما ما يدفعان للتساؤل عن سبب كتابتها في هذا الوقت؛ كما أن الشق الواقعي في الرواية؛ لم يقدم أنموذجًا جيدًا أو إيجابيًا للواقع الثقافي".
أما الكاتب أحمد القرملاوي، فقد رحب بالحضور، موضحًا أنه من الصعب على الكاتب أن يحدد مسبقًا توجيه الكتابة نحو موضوع معين؛ وأنه كان منشغلًا دائمًا بفكرة قصة سيدنا يوسف؛ والأفكار الموروثة عنه، مما دفعه لكتابة هذه الشخصيات لفهمها أكثر، مضيفًا أنه شعر أن الأبعاد النفسية التي حكمت "إخوة يعقوب" في تعاملهم مع أخيهم، هي ذاتها التي حكمت تكوين الشخصيات في الرواية؛ وأن إدخال الكتابة المسرحية في الرواية كان تجربة جديدة بالنسبة له، مشيرًا إلى أن الفكرة جاءت أثناء الكتابة، وخلقت طبقات من الصراع على مستوى الشخصيات والنصوص؛ كما أنه أراد خلق تشابكات بين العالم المعاصر والعالم التاريخي والشخصيات التاريخية، واستشار بعض الأصدقاء قبل أن يستقر على دمج الكتابة المسرحية والروائية معًا.
كما أوضح أنه أدرك الكتابة بالحس التاريخي والمعاصر، وأن معطيات النص فرضت نفسها على الشكل السردي؛ وأكد أن النص هو في جوهره رواية وليس مسرحية، لكنه استلهم قوانين السرد المسرحي، من حيث بناء الشخصيات والحوار؛ ولم يدّعِ أن روايته تتناول الوسط الثقافي، بل تضمنت فصولًا صغيرة عنه، لكنه ليس المحور الأساس، موضحًا أن الرواية تعكس إحدى طبقات الصراع، وتبرز ملامح الضعف البشري والتنافسية، مشيرًا إلى أن الحضارة الإنسانية قائمة على فكرة التنافسية؛ وقال أحمد القرملاوي: "إن المسرح يُكتب ليُجسَّد على خشبته، بينما الرواية تقدّم الحياة بكل أشكالها؛ وأوضح أن روايته ليست نصًا تاريخيًا بالمعنى الكامل، بل نصًا فني فنيًا في المقام الأول، ومعالجته جاءت من خياله؛ وأكد أن مرجعيته الأخلاقية والفنية هي نفسه، وأنه يختار ما يناسب النص من السرد والشخصيات، وعلى القارئ أن يحكم على النص كما يشاء.