تقرير معهد امريكي: نزاع الصحراء انتهى بانضمام فرنسا لحملة الاعتراف بسيادة المغرب والمفاوضات حول الشروط آتية
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
حسب تقرير جديد لمعهد الولايات المتحدة للسلام وهو معهد وطني مستقل وغير حزبي، أُسس بموجب قرار من الكونغرس الأمريكي، فإن اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء يعد خطوة حاسمة نحو إنهاء الصراع في الصحراء. وأشار التقرير إلى أن هذا الموقف الفرنسي يضاف إلى الموقف الأمريكي ويتجه الى تكريس القبول الدولي لسيادة المغرب على الصحراء.
التقرير انجزه الباحث الأمريكي توماس م. هيل، وفيما يلي ملخص للأفكار التي وردت فيه:
يتجه أحد أطول النزاعات في إفريقيا نحو نهايته عندما اعترفت فرنسا في يوليوز بمطالب المغرب بالسيادة على الصحراء. هذا الموقف، إلى جانب التفوق العسكري للمغرب، سيترك مطالب الاستقلال الصحراوية بلا خيار سوى القبول في نهاية المطاف بشكل من أشكال الحكم الذاتي داخل المغرب. رغم أن هذا الواقع سيكون غير مرضٍ لحوالي 173,000 صحراوي يعيشون في مخيمات اللاجئين، فإن أفضل خيار لهم والداعم الرئيسي لهم، الجزائر، هو استغلال الفرصة للتفاوض على أفضل شروط سلام ممكنة مع المغرب وإنهاء هذا النزاع الذي جعل الكثيرين بلا جنسية ويعيشون في ظروف بائسة، مع إزالة مصدر رئيسي للتوتر في العلاقة المغربية الجزائرية، ما سيعزز الاستقرار الإقليمي.
بعد انسحاب إسبانيا من الصحراء في 1975، طالب المغرب بالسيادة على الإقليم، وبدأ في تطويره تحت سيادته. لكن بمساعدة من الجزائر المجاورة، قامت جبهة البوليساريو بجهود غير ناجحة لانشاء جمهورية. في عام 1991، تدخلت الأمم المتحدة لحل النزاع، وأنشأت بعثة لحفظ السلام مكلفة بتنظيم وضمان إجراء استفتاء شعبي حول وضع الإقليم. لم يُجرى هذا الاستفتاء أبدًا، وظل الإقليم تحت السيادة المغربية.
في عام 2020، أعلن الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بـ »السيادة المغربية على كامل الصحراء » عندما اعترف المغرب بإسرائيل بموجب اتفاقيات أبراهام. دعم هذا التحول الأمريكي اقتراحًا مغربيًا عام 2007 لمنح الصحراء حكمًا ذاتيًا باعتباره « الأساس الوحيد لحل عادل ودائم » للنزاع. وتبعت 37 دولة الآن خطى الولايات المتحدة اخرها اعتراف فرنسا الحاسم.
باعتبارها آخر قوة استعمارية في منطقة المغرب العربي، تُعد فرنسا بلا شك الفاعل الأجنبي الأكثر تأثيرًا في المنطقة. إنها ترى بوضوح أن مستقبلها الاقتصادي مرتبط بالمغرب (وليس الجزائر). قرار فرنسا إنهاء حيادها بشأن مسألة الصحراء يعكس ويعزز إجماعًا دوليًا متزايدًا لدعم مطالب السيادة المغربية. السيطرة الفعلية التي يتمتع بها المغرب الآن ستصبح الوضع الدائم ما لم تتحرك جبهة البوليساريو بسرعة للتفاوض على المزيد من التنازلات مقارنة بما عرضه المغرب في خطة الحكم الذاتي لعام 2007.
وبالنسبة للجزائر، فإن إدامة الصراع في الصحراء الغربية هو وسيلة لإزعاج منافسها، المغرب. و يمكن للجزائر، وربما ستفعل ذلك، أن تثني جبهة البوليساريو عن قبول الحكم الذاتي دون الحصول أيضًا على تنازلات من المغرب تعود بالفائدة المباشرة على الجزائر. على الرغم من أن المغرب والجزائر كانا مترددين في ربط الصراع في الصحراء بصراعات ثنائية أخرى، فإن هذه المعارضة يمكن التغلب عليها إذا اعتقد الجزائريون أن الصحراويين يتجهون نحو قبول أحادي لخطة الحكم الذاتي المغربية.
في مثل هذا السيناريو، ما هي التنازلات التي قد تسعى الجزائر للحصول عليها من المغرب؟ هل قد تسعى الجزائر إلى إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي بشروط أكثر ملاءمة؟
الزخم الدولي بالكامل في صالح المغرب. في المستقبل القريب، سيكون الصراع حول إقليم الصحراء قد انتهى فعليًا، مع استمرار عدد قليل فقط من الدول في المطالبة باستقلال الصحراء. بالنظر إلى التفوق العسكري النوعي للمغرب على جبهة البوليساريو، ليس أمام البوليساريو من خيار سوى التوصل إلى تسوية عبر التفاوض. ستصبح خطة الحكم الذاتي المغربية هي التسوية الفعلية ما لم تتمكن جبهة البوليساريو من التفاوض على شيء أفضل.
من مصلحة الصحراويين وداعميهم اغتنام الفرصة للتفاوض على تسوية مع المغرب تشمل أكثر مما تم عرضه سابقًا. عدم القيام بذلك سيكون بمثابة إنكار لحقيقة أن أحد أطول الصراعات في إفريقيا يقترب أخيرًا من نهايته.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: السيادة الصحراء المغرب جبهة البولیساریو الحکم الذاتی
إقرأ أيضاً:
ماكرون يهاجم الزعماء الأفارقة في منطقة الساحل وينتقد الجزائر
باريس- عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إثارة الجدل مجددا بتصريحاته الأخيرة خلال انعقاد المؤتمر السنوي للسفراء -الاثنين في باريس– حيث بحث أولويات سياسته الخارجية لهذا العام في مواجهة "الاضطرابات العالمية" التي يجسدها "إضعاف القواعد الدولية".
وفي سياق تصريحاته، هاجم بشكل مباشر الزعماء الأفارقة، معلنا أن "فرنسا كانت على حق في التدخل عسكريا في منطقة الساحل ضد الإرهاب منذ عام 2013، لكن القادة الأفارقة نسوا أن يقولو شكرا، وأن لا أحد منهم يستطيع إدارة دولة ذات سيادة من دون تدخل" حسب قوله، وأضاف مازحا "لا يهم، سيأتي مع الوقت".
وبتطرقه إلى اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال (75 عاما)، يكون ماكرون قد كتب فصلا جديدا يضاف إلى سلسلة التوترات التي تعرفها باريس والجزائر في الفترة الأخيرة.
وفي تفاصيل خطابه أيضا، أشار ماكرون إلى أن "دونالد ترامب يعرف أن لديه حليفا قويا في فرنسا"، أما فيما يتعلق بالدفاع الأوروبي، فقد شدد على ضرورة التحرك "بشكل أسرع وأقوى" لتعزيز الصناعة الدفاعية في مواجهة التهديدات المتزايدة.
استفزاز علنيانتقدت مديرة معهد دراسات العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس ليزلي فارين ما وصفته بـ"محاولات ماكرون المتكررة في تغيير الحقائق، لتحويل الإخفاقات إلى نجاحات"، مستبعدة أن يكون انتهاء مصالح فرنسا في منطقة الساحل أحد الأسباب التي دفعته إلى هذا الهجوم والاستفزاز.
إعلانوأضافت فارين في حديثها للجزيرة نت أنه "في أفريقيا، وبالنظر إلى التاريخ الماضي والحديث، فإن هذه النغمة التي يتم إرسالها تعد بمثابة صب الزيت على النار، بدلا من تخفيف التوترات، لأن الرئيس الفرنسي لا يستطيع مواجهة فشله في منطقة الساحل"، معتبرة أن السياسة الخارجية التي يتبعها تمثل استمراره في إضعاف فرنسا.
أما عن توقيت هذه التصريحات، فتعتقد أنه من الصعب تقديم تحليل واضح لذلك، "لأنها صدرت من رئيس الدولة بدون تفكير في العواقب، إلى درجة دفعت تشاد والسنغال إلى الرد بشكل قاسٍ، وخلفت حريقا من الصعب إخماده على مواقع التواصل الاجتماعي" حسب قولها.
بدوره، قال الكاتب الصحفي في جريدة "موند ديبلوماتيك" بيير دوم للجزيرة نت إن "تصريحات ماكرون تأتي في سياق تاريخي مثير للاهتمام، لأن الدول من المستعمرات السابقة في جنوب الصحراء الكبرى تضرب بقبضتها على الطاولة للقول: كفى لقد طفح الكيل"، بعد نحو 60 عاما من قبولها شكلا من أشكال الولاء ما بعد الاستعماري، وهو ما يرفض ماكرون تقبله بشكل واضح.
جنود فرنسيون من قوة برخان في فايا لارجو شمال تشاد في يونيو/حزيران 2022 (الفرنسية) ردود فعللم ترُقْ تصريحات الرئيس الفرنسي لزعماء الدول الأفريقية، وجاءت ردودهم على الفعل سريعة، حيث أعربت تشاد عن "قلقها العميق" إزاء "الموقف المزدري تجاه أفريقيا الأفارقة"، مذكرة أن "القادة الفرنسيين يجب أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي"، وفقا لبيان صحفي أصدره وزير الشؤون الخارجية عبد الرحمن كلام الله.
وفي هذا الإطار، تعتبر فارين التي نشرت كتابا بعنوان "إيمانويل ماكرون في منطقة الساحل: رحلة الهزيمة" أن خطاب الرئيس الفرنسي "خالٍ من أي طابع دبلوماسي، وهو ما يدل على عدم فهمه للقضايا المتعلقة بأفريقيا وعدم اهتمامه بمسألة الحفاظ على الاحترام في العلاقات الثنائية، بما في ذلك المصالح والثقافات الخاصة بكل بلد".
إعلانأما حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، فقد أعلن -في بيان صحفي- أن تصريحات رئيس الدولة "تعكس عمى يصل إلى حد الجنون" وتكشف عن "الأبوية الاستعمارية الجديدة التي لا يمكن التسامح معها"، مضيفا أن "مثل هذه التعليقات غير متسقة سياسيا وغير مسؤولة على الإطلاق دبلوماسيا، وتزيد من إضعاف علاقاتنا مع دول غرب أفريقيا".
كما أدى خطاب ماكرون أمام السفراء إلى حدوث ضجة بين باريس ودكار، حيث شكك رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو في أن الانسحاب المعلن للجنود الفرنسيين من بلاده كان من شأنه أن يؤدي إلى مفاوضات بين البلدين، مؤكدا أنه "لم يتم إجراء أي نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة".
وجدير بالذكر أن فرنسا أشرفت على عملية برخان العسكرية التي بدأت عام 2014، وضمت ما يصل إلى 5 آلاف جندي في منطقة الساحل الأفريقي، قبل أن تعلن عن توقفها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022.
انتقاد الجزائروفي تفاصيل صب ماكرون الزيت على النار في علاقاته مع دول أفريقيا، اعتبر الرئيس الفرنسي أن الجزائر "تسيء لنفسها" بعدم إطلاق سراح الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، المعتقل منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بالجزائر العاصمة.
وردّت الخارجية الجزائرية على ذلك -في بيان نشرته على حسابها على منصة "إكس"- بالتأكيد على أن "هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي".
ومن وجهة نظر حرية التعبير، يرى المؤرخ المتخصص في قضايا تاريخ فرنسا الاستعماري بيير دوم أن اعتقال الكاتب "فضيحة من جانب السلطات الجزائرية، وإذا كانت هناك قوانين في الجزائر تمنع قول ما قاله صنصال عن الحدود بين المغرب والجزائر، فهذا يعني أن القوانين الجزائرية مقيدة بشكل فاضح".
وأشار المتحدث إلى أنه كان ضحية القانون الذي صدر عام 2005 في الجزائر، والذي يحظر على أي صحفي التحقيق أو كتابة أي شيء عن الحرب الأهلية في التسعينيات، قائلا "آخر مرة ذهبت فيها إلى الجزائر لإعداد تقرير في عام 2017، بعد 20 عاما من الصدمات التي خلفتها هذه الحرب بين المدنيين داخل البلاد، تم اختطافي من قبل المخابرات التابعة للجيش الجزائري".
وأضاف الصحفي الفرنسي "لو لم أكن فرنسيا فقط ـأي لو كان لدي جواز سفر جزائري أيضاـ لكنت بالتأكيد قد عانيت مما عاناه صنصال، لقد تم طردي من البلد، ولا أزال ممنوعا أن تطأ قدمي هناك مرة أخرى حتى اليوم".
إعلانفي المقابل، اعتبر دوم أن جعل هذا الكاتب بطلا لحقوق الإنسان والديمقراطية ـكما يفعل بعض المسؤولين الفرنسيين- يعد فضيحة كذلك، "لأنه منذ عدة سنوات دخل في موجة من الصحبة لأفكار اليمين المتطرف في فرنسا، وهذا تلاعب، لكن لم يكن ماكرون هو من اختار التوقيت، بل السلطات الجزائرية" بحسب تعبيره.
ويصف المؤرخ الفرنسي ما حدث بـ"جزء من سلسلة من المشاحنات الدائمة بين باريس والجزائر"، موضحا أن هناك 3 نقاط جيوسياسية أساسية لهذه المشاحنات، وهي مكافحة مخاطر الهجمات الإرهابية، وأسعار الطاقة، وحسن النية الفرنسية في إصدار التأشيرات.
كما تطرق دوم في تصريحاته إلى التعاون الوثيق بين أجهزة المخابرات الفرنسية والجزائرية لمطاردة الإرهابيين منذ الحرب الأهلية في التسعينيات، معتقدا أن الجهازين سيستمران في التعاون "حتى لو استمرت خلافات الرئيسين ماكرون وتبون".