قدم الدكتور والباحث اليمني الكبير حمود عبدالله الأهنومي اليوم اعتذار وتوضيح عن أية إساءة غير مقصودة، قد فُهِمَتْ أو تُفْهَم من مقطع مجتزأ من سياقه التاريخي البحثي نشر بمواقع التواصل.

وقال الاهنومي في رسالته عبر حسابه بمنصة اكس ان المقطع المجتزأ خلف حملة مسعورة ضد شخصه من مطابخ إعلامية معادية لليمن واليمنيين، مؤكدا ان تلك الحملة ليست إلا لأجل لاستهداف الدور الثقافي والتعليمي الذي توفق به، وكذلك التشويه لأنصار الله الذين أُحْسَبُ عليهم،.

وعبر عن استيائه ممن ذهبوا بعيدا في الشطط والقدح والردح، فتناولوا بالقدح والسب والشتيمة علما من أعلام اليمن، ورمزا من رموز الطائفة الزيدية الكريمة، وهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام، وفي هذا إساءة إلى لليمن واليمنيين، وإشعال لنار الأحقاد، وتعريض للسلم الاجتماعي للخطر،

نص الرسالة اعتذار وتوضيح

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد رسول الله وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه الراشدين.. وبعد:

فقد اطلعت على الحملة المسعورة ضد شخصي الفقير إلى الله تعالى على منصة إكس التي أشعلتها مطابخ إعلامية معادية لليمن واليمنيين، وترجّح لي أنه ليس إلا لأجل استهداف الدور الثقافي والتعليمي الذي وفقني الله له، وكذلك التشويه لأنصار الله الذين أُحْسَبُ عليهم، والكثير منهم ذهبوا بعيدا في الشطط والقدح والردح، فتناولوا بالقدح والسب والشتيمة علما من أعلام اليمن، ورمزا من رموز الطائفة الزيدية الكريمة، وهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام، وفي هذا ما فيه من إساءة إلى اليمن واليمنيين، وإشعال لنار الأحقاد، وتعريض للسلم الاجتماعي للخطر، وإذا كان عرض أحدنا قابلا للنقاش والأخذ والرد، ويمكن معالجة موضوعه عبر النيابات والمحاكم، فإن تناول رمز مقدَّس عند طائفة كبيرة ليس بالأمر الهيِّن، ولا يجوز أن يستباح بهذا الشكل في بلد تحكمه الأعراف والعادات، ولن نأمن من وقوع ردّات فعلٍ غير محسوبة هنا وهناك.

وعلى كل حال فإنني إزاء تلك الحملة الشعواء أسجِّلُ هنا بعض النقاط الهامة - كما وعدت - ، وهي على النحو التالي:

أولا: أعتذر بكل عبارات الاعتذار الصادق لكل اليمنيين قاطبة، عن أية إساءة غير مقصودة، قد فُهِمَتْ أو تُفْهَم من ذلك المقطع المجتزأ من سياقه التاريخي البحثي، ولدي الشجاعة الكاملة للاعتذار الخالص والشجاع، وأطلب المسامحة من كل اليمنيين واليمنيات الأعزاء والعزيزات اللائي تضرروا في كرامتهم من ذلك المقطع.

ثانيا: أؤكد في نفس الوقت أنني أقدِّر اليمنيين الأحرار عاليا، وأشيد بهم في كل محفل، وكتبي ومؤلفاتي ومقالاتي المنشورة وغير المنشورة تشهد أنني أعظّم شعبي على كل الشعوب، وأقدِّره في العالمين أجمل تقدير، وطلابي وطالباتي، وهم كثيرون بفضل الله، يعرفون هذا مني، ولا سيما في مؤلفي (الثقافة الوطنية)، والدروس التاريخية الكثيرة، ومقالاتي وأبحاثي العديدة، ومنها (فضائل أهل اليمن الشواهد التاريخية والأبعاد الإيمانية)، ومن يطّلع على حساباتي على مواقع التواصل، ومنها حسابي على منصة إكس يعرف ذلك بوضوح؛ ولهذا لست بحاجة لتسول تلك الأقلام المسمومة بالشهادة لي في هذا الباب.

أما اليمنيون الذين أباحوا بلدهم للغازي الأجنبي وهللوا وسبحوا للغارات والعدوان على شعبهم فهؤلاء لا قدر لهم ولا كرامة، وإن تظاهروا ألف مرة ومرة بغيرتهم على اليمن، فهي غيرة كاذبة ومصطنعة.

ثالثا: أشكر إخوتي الأعزاء وأخواتي العزيزات وطلابي وطالباتي الأكارم والكريمات الذين أحسنوا الظن بالفقير إلى الله، وظنوا به خيرا، مصداقا لقول الله تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) [النور:12]، وتصدوا بقوة لتلك الحملة الشعواء، وتبيّنوا، ولم يسقطوا في وحلها وحبالها.

رابعا: أعلن توقُّفي عن تدريس المقرّر التاريخي الذي كُلِّفت بتدريسه في جامعة صنعاء في هذا الفصل الراهن، وأطلب من المعنيين فيها تعيين بديل لي، وأهدي هذا الإجراء لبعض أصحابنا المنهزمين في مواقفهم الذين لم يحسنوا الظن بأخيهم، وهم قلة قليلة سقطوا في وحل هذه الدعاية المسمومة.

خامسا: ما ورد في ذلك المقطع يتبيَّن فيه بشكل واضح أنه اجتزاءٌ لمقاطع صوتية ومرئية، وتم دمجها في مقطع واحد، وعادة ما يكون في الاجتزاء إساءة واضحة، وتلاعب كبير بالسياق العام، الذي وردت فيه، وتصوير للجزئي على أنه المشهد العام والكلي، وهذه طريقة غير بريئة، تأتي على شاكلة من يتوقف عند قول الله تعالى: (فويل للمصلين)، وهذا الاجتزاء غير البريء وإن كان الأول بالنسبة لي، لكنه لم يكن الأول ولا الأخير لكثير من الفاضلين والمحققين غيري، ورحم الله شيخي العلامة الشهيد الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري الذي تعرّض لكثير من هذه الاجتزاءات والاقتطاعات، ودارت على رأسه حملات عريضة طويلة، جعلته أسوة ونموذجا لكل الذين جاؤوا من بعده، فما أحرانا بالتأسّي به.

سادسا: كان الحديث المجتَزَأ في سياقٍ بحثي تاريخي خالص، ينقل ما ذكره المؤرخون من سلبيات محصورة ومحدودة بحالات شاذة في التاريخ الاجتماعي، ولم يكن الحديث فيها عاما عن اليمن، فإذا كان المقطع يتحدث عن قرية واحدة وجد فيها فساد ليس من أهلها، بل من وافدين عليها، ومن جوارٍ وإماء كن يُجْلَبْن لغرض الفساد، فنحن في نفس الوقت نتحدّث بروايات تاريخية أيضا بشكل إيجابي عن عشرات الآلاف من القرى والمدن اليمنية التي كانت تعيش حالة طبيعية وإيمانية وأخلاقية، فتصوير حالة جزئية على أنها الحالة العامة هو الإساءة الحقيقية لليمن، وحين نتحدث عن سلوك منحرف في قرية من القرى فهذا يتحمله أولئك المنحرفون لوحدهم، وفي حالة القرية الكريمة والعزيزة التي وردت في ذلك المقطع مثلا فقد كان أهلها الأعزاء الشرفاء يشكون إلى الإمام الهادي إلى الحق من ارتكاب بعض أولئك الفاسدين الوافدين مثل تلك الانحرافات في قريتهم، ولهذا عمل الإمام عليه السلام على تطهيرها.

إذن يتبيَّن من هذا أنّ تلك المطابخ أرادت تعميم تلك الحالة الشاذة والمجتزأة والخاصة والمحدودة على اليمن جميعا، وذهَبَتْ لتصوِّر أنها تتحدث عن شرف جميع أهل اليمن، وهذا غير صحيح، بل كانت الحالة السائدة والعامة بالنسبة لليمن في جميع مراحلها التاريخية حالة إيمانية وأخلاقية راقية أرقى من كل الأمم والشعوب الأخرى، وواقع الحال يشهد بذلك.

سابعا: حين تذكر تلك الروايات التاريخية وجود فواسد، فهذا لا يعني أنها جدة فلان أو علان من الناس، ولا يعني أن لها ذرية في المنطقة الفلانية أو القرية الفلانية، بل هن في الأغلب جوارٍ وإماء اشترين من الأسواق، وكانت حالتهن شاذة ومحدودة وقصيرة، وتم إزالتها بعون الله وتعاون أهالي تلك المدينة أو القرية من الشرفاء النزهاء بشكل سريع.

ثامنا: يعلم المختصون في التاريخ أن كل ما ورد في ذلك المقطع المجتزأ لم يكن من وحي خيالي أو من افترائي، حاشا لله، بل هي روايات موجودة في كتب المؤرخين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم من الأولين والآخرين، وكان دوري هو نقلها، وناقل الكفر ليس بكافر، ورواية التاريخ تظل حقيقة نسبية غير مطلقة، وفي هذا السياق يمكنني الاستشهاد بما أورده الرحالة والمؤرّخون القدامى كالمقدسي وابن بطوطة وابن المجاور، وما كتبه بعض المؤرخين اليمنيين المعاصرين الذين كتبوا عن مثل هذه الحالات الاجتماعية، كشيخنا المرحوم الدكتور عبدالرحمن الشجاع، وشيخنا الدكتور محمد السروري، وغيرهما من جامعة صنعاء، وكذلك الدكتور محمد عبدالله الميسري وغيره من جامعة عدن، وكلُّ من يكتب عن الحياة الاجتماعية ويبحث فيها لا بد أنه يتعرَّض لذكر بعض هذه الحالات الشاذة، وأرجو أن لا أكون مضطرا لنشر صفحات مما كتبوه وقالوه في هذا السياق حتى لا نكرر ما وعدنا بترك الحديث عنه.

تاسعا: مع ما ذكرْتُه في البند السابق فإنني في الحقيقة ألوم نفسي لوما شديدا؛ حيث أنني انسقت بشكل غير مقصود لتصديق تلك الروايات التي كان يجب التعامل معها بحذر شديد، حتى ولو كانت صحيحة أو مجمعا عليها، فليس كلُّ ما يُروى يجب أن يُنْقَل، وليس كل ما هو صحيح يجب أن يُرْوَى، وكان بالإمكان غضُّ الطرف عنها أو الإشارة إليها بشيء من الإجمال غير المصرّح، وهذا هو خطئي الذي أتحمل مسؤوليته، وأعزم بعون الله على عدم العودة إليه إن شاء الله.

عاشرا: أؤكد أن هذه الحملات التشويهية والتي فيها فجور في الخصومة، أو سقوط في الوحل، أو انهزام في الموقف، لن تثني الفقير إلى الله عن القيام بدوره التثقيفي والتعليمي مهما بلغت من السوء، والشجرة المثمرة هي التي تتعرّض للرجم دائما، والمنافقون هم المرآة التي تكشف فعالية دور المنطلقين مع الله، وعليه فهذه أول تجربة تحصل لي مع هذا النوع من الاستهداف، ومع أنني لم أكن الأول فيها ولا الأخير، لكنها أعطتني الحصانة الكافية من التأثر سلبا بأمثالها مستقبلا.

أخيرا: أدعو أولئك المتحمسين في هذه الحملة الشعواء ممن لا دور لهم في الدفاع عن غزة وفلسطين أن يكون لهم نفس الحماس وذات المواجهة في مواجهة العدو الصهيوني والأمريكي ممن يعتدون على مقدساتنا وأمتنا وشعوبنا. وعلينا جميعا أن نعلم أننا قادمون على الله، وأننا محاسبون على كل قول قلناه، وموقف سجلناه، يوم نقف بين يديه سبحانه وتعالى، يوم يقول قائلنا ممن أساء واقترف: (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا)، فليكتبِ الإنسانُ لنفسه ما شاء في صحيفة أعماله، فالموعد القيامة، والمحاسب لا تخفى عليه خافية، والحساب جنة أو نار، والله المستعان. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

الفقير إلى الله / حمود عبدالله الأهنومي بتاريخ 14 صفر 1446هـ

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: ذلک المقطع إلى الله الذین أ فی هذا

إقرأ أيضاً:

من اليمن 3 عمليات في 72 ساعة.. هل نحن بصدد الإعلان عن مرحلة سادسة؟

عبد القوي السباعي

خلال الـ 72 الساعة الماضية فقط، نفذت القوات المسلحة اليمنية 3 عملياتٍ جهادية إسنادية إلى قلب كيان العدوّ الصهيوني، حملت في مجملها رسالةً واحدةً مفادها، أن البناء على الاستفراد بالشعب الفلسطيني الشقيق، مجرد أوهام.

رسالةٌ تلا عباراتها الأخيرة والمدوية، فجر السبت، الصاروخ اليمني الفرط صوتي “فلسطين2″، من فوق ركام إحدى المنشآت العسكرية الصهيونية الأكثر تحصيناً ومنعة، بمنطقة “يافا” المحتلة “تل أبيب”، وقبل أن يسعف الوقت أولئك المغتصبون الصهاينة الذين يعيشون في الطوابق العليا من البنايات المجاورة، للوصول إلى الملاجئ.

هذه العملية تُعد الثالثة من نوعها خلال 3 أيّام؛ إذ سبقتها عملية عسكرية نوعية نُفذت بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق، جنوبي فلسطين المحتلة، كما سبق ذلك ضرب هدفين حيويين للعدو في “تل أبيب” بصاروخين فرط صوتيين؛ ما جعل للرسالة اليمنية حضوراً مميزاً، وأصداءً واسعةً داخل الكيان المؤقت وخارجه.

رسالةٌ وصلت إلى العدوّ بالبريد السريع والعاجل، وقراءها متأخراً، وبات منذُ اللحظة متأكداً أن اليمن لن يتخلى أبداً عن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وستستمر وتيرة العمليات العسكرية اليمنية في إطار المرحلة الخامسة من الإيلام، وربما خلال الأيام؛ بل الساعات القادمة، يتوقع الكثير أننا سنشهد الإعلان اليمني عن المرحلة السادسة من الإيلام والتأديب للعدو الصهيوني، الذي ربما لا يدرك حجم وهول هذا الانتقال، إلا بعد فوات الأوان.

اليوم، أصبح الإسرائيليون يتحدثون صراحةً عن فشلٍ متراكم، لكل منظوماتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية، أمام الجبهة اليمنية، وأن الصواريخ قبل أن تصيب أهدافها في قلب الكيان، كانت قد أصابت قلوب قادتها بالرعب والارتباك، بعد أن قلل من تأثيراتها، فمن “إيلات” إلى “عسقلان” إلى “تل أبيب”؛ شيئاً فشيئاً، باتت كُلّ الأهداف مكشوفة وجاهزة لاستقبال الصواريخ اليمنية الفرط صوتية ومُسيَّراته الانقضاضية.

بعد أن فرض اليمن معادلات استراتيجية كانت ولا زالت وستظل يدهُ هي العليا وذراعهُ هي الطولى في واقع الصراع الراهن؛ إذ لا جدوى أبداً من لي الذراع اليمنية، أو ثنيها عن موقفها المناصر والمساند لفلسطين شعباً ومقاومة، وما على العدوّ الصهيوني ورعاته الأمريكي والغربي والأعرابي، إلا الرضوخ لشروط المقاومة، ووقف العدوان ورفع الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة.

ودون ذلك، فإن العمليات العسكرية اليمنية في تطورٍ دائم، وتصاعد مستمرّ لعملياتها النوعية على كافة المستويات “كماً ونوعاً”، وستكون أكثر تنوعاً ودقةً في التهام وجباتها المطروحة على طاولة بنك أهدافها، ولن يكون لدى العدوّ الوقت للحديث عن مبررات اختراق المنظومات الاستخبارية، أو الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية وغيرها، وغداً سيكون لكل حادثةٍ حديث.

مقالات مشابهة

  • التعليم: الصيني شعبيته كبيرة بين الطلاب والمعلمين ويتم تدريسه في21 مدرسة
  • اليمن.. أسطورة الردع التي هزمت المشروع الأمريكي
  • اليمن يثبت صلابته: تحليل مصري يكشف أسباب إسقاط الطائرة الأمريكية F-18
  • أبو العينين يقدم واجب العزاء في وفاة والدة المستشار أحمد مناع
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • خلال لقاءه الأسبوعي.. ملتقى الطفل بالأزهر يسلط الضوء على صفات الشخصية المعتدلة
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • رسالة ماجستير تناقش تدعيم البعد البيئي بشركات البترول
  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • من اليمن 3 عمليات في 72 ساعة.. هل نحن بصدد الإعلان عن مرحلة سادسة؟