بوابة الوفد:
2024-09-13@23:38:40 GMT

لا تكن بوللى

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

فى سنة 1950 أنعم الملك فاروق بنيشان النيل على محمد حسن الشماشرجى الخاص به تقديرا لاخلاصه وتفانيه فى عمله. ولم يكن الرجل سوى خادم نوبى بسيط يبتسم فى وجه الملك كل صباح، ويساعده على ارتداء ملابسه، والعناية بهندامه، والدعاء له، لذا فقد تندر الناس بذلك النيشان وسموه «نيشان الشماشرجي».

ولقب الشماشرجى لم يكن سوى إشارة لمهنة عرفت فى الدولة العثمانية، فالكلمة مشتقة من الكلمة التركية «جامشرجي» ومعناها غاسل الملابس، وكانت تطلق على كُل مَن يقومون بأعمال بسيطة، غير مهمة مثل تلبيس الأمراء والأثرياء.

وبطبيعة الحال، فقد انتقل المصطلح  لمصر والتى كانت ولاية عثمانية لأكثر من أربعة قرون، لكن مفهومه اتسع ليشمل أولئك الذين يقومون بفتح الأبواب فى القصور، وممارسة أى أعمال خدمة لساكنيها. 

ويبدو أن الثقافة الشعبية فى مصر قد استطابت الكلمة، فالتقطتها، وعددت إشاراتها، ووظفتها لممارسة النقد الشعبى لأولئك التافهين قيمة وعلما والذين يملأون المجالس، ويجلسون إلى جوار القيادات يتغنون بمآثرها، ويهللون لكل فعل، ويزينون لها كل مُنكر. وهم فى الأغلب لا يجيدون عملا جادا ولا يمتلكون مهارة، ولا تحركهم مبادئ، أو تحكمهم قيم. إنهم يقولون ما يريد مرؤوسوهم أن يسمعوه، ويرسمون على وجوههم ابتسامات ذليلة كاذبة، ويدّعون حبا لم يزر قلوبهم، ثم يمدون آذانهم فى كل زاوية ليسترقوا السمع، ويثبتوا الولاءات بنقل الأسرار.

كان أنطون بوللى أحد أشهر الشماشرجية فى تاريخنا الحديث، ولد بميلانو سنة 1908 وفشل فى التعليم، فسافر إلى مصر بحثا عن عمل،  ولم يجد سوى وظيفة كهربائى فى إحدى شركات الصيانة بالقاهرة. وفى الثلاثينيات أوفدته الشركة إلى سراى الملك لتركيب أنظمة تدفئة، وإصلاح الإضاءة، لكنه كان كهربائيا فاشلا، لذا فقد استغل الزيارة فى اضحاك المشرفين على العمل بالقصر، فعينوه كهربائيا هناك. وبفضل التذلل والتملق الزائد تقرب بوللى من سادة القصر، حتى وصل إلى الولد اليافع فاروق، فاستحوذ على  قلبه. ورويدا صار مسئولا عن إسعاد الملك، ثم أصبح مسئولا عن حفلاته الخاصة، وسهراته. ومن بعد تفجرت الفضائح، واهتزت المملكة المصرية بحكايات مُزرية ومُشينة اعتبرها المؤرخون مسامير عميقة فى نعش الملكية.

 وعندما سقط الملك فاروق، وتنازل عن حكم مصر، واضطر إلى الخروج، طلب اصطحاب بوللى معه، لأنه الرجل الوحيد الذى يسعده، لكن ضباط يوليو رفضوا بشكل قاطع، فبكى الملك متصورا أنهم حرموه من صديقه وأحد المحبين المخلصين له. وفى اليوم التالي، وكما ذكر المؤرخون كان بوللى متطوعا للمثول أمام اللواء محمد نجيب ليجلس معه فى حضور زكريا محيى الدين، وصلاح نصر، ليحكى لهم كل أسرار الملك ومخازيه بتفصيل كامل، ثم قدم لهم معلومات وافيه بشأن المخابئ السرية لأمواله، وطرق تهريبه للذهب معه. كان الكهربائى الإيطالى خائنا بامتياز، ولم يكن فى قلبه ذرة محبة واحدة.

فيما بعد عرفنا فى دوائر الحكم شماشرجية كُثرًا اعتبرهم الناس حاشية السوء، وقرأنا قصصا لا حصر لها عن خطاياهم التى حملوها معهم إلى قبورهم. وخارج دوائر السياسة، فى الإدارات المختلفة، فى الجامعات، فى المؤسسات الكبرى والصغرى، فى أماكن العمل، وفى كل موقع ببلادنا الطيبة كان هناك بوللى آخر يتغنى بمحبة القادة، ويدعى الإخلاص الشديد لهم. يتشقلب كل يوم أمامهم مبهجا، يصفق على كل شىء، وينحني، ثم ينحني، ويتذلل متصورا أن رزقه وسعده رهين ذلك الذُل، ولا يُدرك أن أحدا لا يمت دون رزقه المقسوم، لكن كثيرين على هذه الأرض يموتون دون كرامة. 

والله أعلم

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الملك فاروق على محمد حسن الدولة العثمانية

إقرأ أيضاً:

فاروق: قضية التصنيع الزراعي تأتي في مقدمة أولويات الدولة المصرية

استقبل علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي استقبل ميكيلي كوراني ، السفير الإيطالي بالقاهرة والوفد المرافق له وبحث معه آفاق التعاون المصري الايطالي.


فاروق رحب بالسفير الإيطالي مؤكدا على عمق العلاقات المتميزة بين مصر وإيطاليا واعرب عن تطلعه إلى الارتقاء بالتعاون الزراعى إلى آفاق أكبر  في مجال استنباط الأصناف الجديدة من المحاصيل والخضر وكذلك تقاوى البطاطس وأيضا الثروة السمكية والإنتاج الحيوانى وكذلك الصادرات الزراعية والطاقة الشمسية للمزراع.

قضية التصنيع
وأضاف فاروق أن قضية التصنيع الزراعي تأتي في مقدمة أولويات الدولة المصرية لتحقيق قيمة مضافة للناتج القومي ويمكن التعاون مع الجانب الايطالي في ذلك وخاصة صناعة الغزل والنسيج والملابس نظرا لجودة القطن المصري الذي يتمتع بسمعة جيدة في الأسواق العالمية وكذلك التعاون في مجال الصوب الزراعية المرتبطة بتكنولوجيا.


ومن جانبه أكد السفير الإيطالي أن هناك تعاون كبير بين مصر وإيطاليا في بعض المشروعات الزراعية المشتركة والقائمة حاليا في تصنيع الملابس وكذلك انتاج أعلاف الأسماك والاستفادة من المخلفات الزراعية وتعظيم قيمتها وهنا أشار الوزير إلى أهمية استقدام الخبرة الإيطالية في إعادة تأهيل وتطوير مصانع الاعلاف القديمة 
وأضاف السفير الإيطالي هناك ان أيضا تعاون لإنشاء سوق للمزارعين بالإسكندرية في إطار حركة اسواق المزراعين، بجودة عالية للغذاء وبالتعاون مع الغرفة التجارية المصرية حيث سيتم انشاء مشروع سوق المزارعين بمدينة الإسكندرية لتوفير غذاء ذات جودة عالية والذي سيخصص للمزارعين فقط بهدف بيع منتجاتهم الزراعية للمستهلكين مباشرة علي غرار ما يحدث فى ايطاليا وبعض الدول الاخرى.

المركزية لمكافحة الآفات تستعد مبكرا لموسم الزراعة الشتوي


ومن جانبه اشاد الوزير بهذه الفكرة وطلب
تنفيذ هذا المشروع في عدد (٤) محافظات مع التركيز علي الجزء الخاص بالإدارة.
واهمية الاستثمار في الانشطة الزراعية المختلفة خاصة انتاج الاعلاف السمكية والحيوانيّة في ضوء اتاحة الاراضي المخصصة لذلك.

الزراعة تطلق 7 منافذ متحركة لبيع منتجاتها للعاملين بالعاصمة الإدارية بأسعار مخفضة


وأضاف السفير الايطالي انه سوف يقوم بزيارة الى بعض المشروعات الزراعية في محافظة الاسكندرية لزيارة مركز التلقيح الاصطناعي ومصانع تجفيف وتعبئة الطماطم والاستزراع السمكي ومصانع انتاج أنسجة القطن ذات الجودة العالية، 
حضر اللقاء د سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية وبعض قيادات الوزارة.

مقالات مشابهة

  • فشل انتقال " فاروق " لسموحه لهذا السبب
  • افتتاح مسجد جديد بالقليوبية تزامنًا مع احتفالات المولد النبوي الشريف
  • وزير الزراعة يبحث مع إحدى شركات تصنيع الألبان سبل تعزيز استثماراتها بمصر
  • وزير الزراعة يبحث مع السفير الإيطالي التعاون في التصنيع الزراعي والتقاوي وتبادل السلع
  • فاروق: قضية التصنيع الزراعي تأتي في مقدمة أولويات الدولة المصرية
  • مي فاروق تحتفل مع ابنتها بالرقص على أنغام الطبل والمزمار (فيديو)
  • الكرة المصرية تفقد 3 شخصيات رياضية مؤثرة في 2024 «تقرير»
  • فاروق الباز يكشف عن ذكريات الطبخ والأكل المصري على «CBC سفرة» الجمعة
  • العالم فاروق الباز يكشف عن ذكريات الطبخ والأكل المصري مع نيرمين هنو على "سفرة"
  • فاروق: تقييم زراعة بعض أصناف الدخن تحت الظروف المصرية