التنمية الاقتصادية فى الصحراء المصرية
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
تشكل الصحراء المصرية جزءاً كبيراً من مساحة البلاد، حيث تغطى نحو 96% من الأراضى، وتعد هذه المساحة الواسعة كنزاً من الموارد الطبيعية والفرص الاستثمارية المتنوعة التى يمكن أن تسهم فى تحقيق فوائد اقتصادية هائلة، إذا ما تم استغلالها بطرق مبتكرة ومستدامة فى مجالات مثل الطاقة المتجددة، السياحة، التعدين، الزراعة، الصناعة، بالإضافة إلى البحث العلمى والنقل واللوجستيات.
فى مجال الطاقة المتجددة، تُعد مصر من أكثر الدول تعرضاً لأشعة الشمس، ما يجعلها موقعاً مثالياً لإنشاء محطات الطاقة الشمسية. يمكن لهذه المشاريع الكبرى أن تغذى الشبكة القومية بالطاقة، بينما توفر المشاريع الصغيرة الكهرباء للمنازل والمنشآت التجارية والصناعية. وفقاً لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، يمكن لمصر إنتاج نحو 20 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030؛ إذ إن هذا الإنتاج سيكفى لتشغيل أكثر من 17 مليون منزل سنوياً أو أكثر من 38 مليون سيارة كهربائية سنوياً.
بجانب الطاقة الشمسية، تمتلك بعض مناطق الصحراء المصرية رياحاً قوية تجعلها مثالية لإنشاء محطات طاقة الرياح. يمكن لهذه المحطات أن تلعب دوراً رئيسياً فى تزويد الشبكة القومية بالطاقة الكهربائية وأيضاً تزويد المناطق النائية بالكهرباء، والمساهمة فى تحسين جودة الحياة فى تلك المناطق. تشير تقديرات وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى أن مصر يمكنها توليد نحو 7 يججاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030.
السياحة الصحراوية تمثل مجالاً واعداً للاستثمار، حيث تتميز الصحراء المصرية بالمناظر الطبيعية الخلابة والتاريخ الثرى، ما يجعل منها وجهة سياحية مميزة. يمكن للاستثمار فى هذا القطاع أن يتضمن إنشاء المنتجعات السياحية وتوفير مرافق الإقامة والترفيه، وتنظيم رحلات استكشاف المناظر الطبيعية والثقافية الفريدة للصحراء. هذه الأنشطة يمكن أن توفر فرص عمل للمجتمعات المحلية وتدعم الاقتصاد المحلى والتنمية المستدامة فى هذه المناطق.
التعدين يعد من المجالات الأخرى التى تحمل إمكانيات كبيرة فى الصحراء المصرية، التى تحتوى على ثروات معدنية هائلة مثل الذهب، والنحاس، والحديد، والمنغنيز. يمكن لتطوير هذا القطاع أن يوفر العديد من فرص العمل للمجتمعات المحلية ويدعم دور مصر كمصدر رئيسى للمعادن فى المنطقة، خاصة إذا ما اشتملت المشاريع على المناجم لاستخراج المعادن ومصانع المعالجة. وفقاً لتقرير هيئة الثروة المعدنية، فإن مصر لديها احتياطات تقدر بنحو 1.7 مليون طن من الذهب، إلى جانب احتياطات كبيرة من المعادن الخام الأخرى فى الصحراء الشرقية والغربية ومنطقة سيناء.
فى مجال الزراعة، يمكن استخدام تقنيات الرى الحديثة مثل الرى بالتنقيط لتحويل أجزاء من الصحراء إلى مناطق زراعية منتجة. زراعة محاصيل ذات قيمة عالية مثل الفواكه والخضراوات يمكن أن تساعد فى تحقيق الأمن الغذائى وتوفير مصادر غذائية ضرورية. تشير الدراسات إلى أن استخدام تقنيات الرى الحديث يمكن أن يزيد من إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 50%. هذا المستوى من الإنتاجية سيدعم الأمن الغذائى، ويقلل من الاعتماد على استيراد القمح، والذى سيوفر بدوره العملة الصعبة ويدعم الميزان التجارى للدولة.
الصناعة فى الصحراء المصرية يمكن أن تستفيد من الموارد المتاحة مثل الرمال، والجبس، والطين. هذه المواد يمكن استخدامها فى تصنيع مواد البناء مثل الطوب، والأسمنت، والزجاج، مما يدعم القطاع الصناعى ويوفر منتجات محلية بأسعار تنافسية. تشير الدراسات إلى أن استخدام المواد المحلية يمكن أن يقلل من تكاليف البناء بنسبة تصل إلى 30%. هذه النسبة التى تصل إلى 18 مليار دولار سنوياً على أقل تقدير من شأنها أن تدعم المزيد من الاستثمار فى قطاع البناء وتحسين القدرة الشرائية للمستثمرين وتدعم الصناعات المحلية.
النقل واللوجستيات يمثلان فرصة كبيرة فى الصحراء المصرية، حيث تعتبر هذه المنطقة ممراً مهماً للتجارة بين الدول العربية والأفريقية. إنشاء مشاريع النقل واللوجستيات يمكن أن يسهل حركة البضائع عبر الصحراء، ويعزز التجارة الإقليمية والدولية. يمكن لهذه المشاريع أن تساهم فى تقليل تكاليف النقل بنسبة تصل إلى 25%، أى نحو 6 مليار دولار سنوياً. هذا التوفير سيسهم فى زيادة الكفاءة التشغيلية وتحفيز الاستثمار فى البنية التحتية وتوفير فرص العمل الجديدة.
نأتى لجزئية مهمة أخرى، وهى فى أن الصحراء المصرية توفر بيئة مثالية للبحث العلمى فى مجالات الطاقة المتجددة والبيئة. ويمكن أن تساعد هذه الأبحاث فى تطوير تقنيات جديدة لاستغلال الموارد الطبيعية بطرق مستدامة، ويسهم فى الارتقاء بقدرات ومكانة مصر فى الابتكار البيئى والتكنولوجى. بحسب التقديرات العالمية، فإن معدل العائد على الاستثمار فى البحث والتطوير يصل إلى نسبة 25%. حالياً، تستثمر مصر نحو 0.71% من ناتجها المحلى الإجمالى فى البحث والتطوير، وهو ما يجعل من هذا النوع من الاستثمارات مجدية جداً.
على كلٍ، من الأهمية بمكان أن يعمل صانعو السياسات على تشجيع مثل هذه الاستثمارات وتقديم الحوافز مثل تسهيلات الحصول على الأراضى، والتخفيضات الضريبية، والعمل برؤية استراتيجية لتحسين البنية التحتية الأساسية مثل الطرق، والكهرباء، والمياه، لتسهيل إنشاء وتشغيل المشاريع الجديدة. هذه الاستثمارات تشكل خطوة استراتيجية ضرورية لإعادة تعريف مستقبل مصر البيئى والاجتماعى والاقتصادى، وتحقيق التحول الشامل على أسس الاستدامة والابتكار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التنمية الصحراء المصرية الموارد الطبيعية الطاقة المتجددة والنقل واللوجستيات الطاقة المتجددة تصل إلى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
عضو اقتصادية النواب يوضح أهمية مؤتمر مصر 2025 في تحقيق التنمية المستدامة
أكد النائب علي الدسوقي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن انعقاد الدورة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة (EGYPES 2025) تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي يمثل خطوة استراتيجية تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، وتساهم في دعم الاقتصاد الوطني عبر جذب المزيد من الاستثمارات في قطاعي البترول والغاز الطبيعي.
وأضاف الدسوقي في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن المؤتمر يعد فرصة ذهبية لمناقشة مستقبل أنظمة الطاقة، والتحديات التي تواجه الصناعة، مشيراً إلى أن مشاركة عدد كبير من قادة صناعة الطاقة ورواد الشركات العالمية تعكس مدى اهتمام المستثمرين بالسوق المصري، وهو ما يعزز ثقة المؤسسات الدولية في المناخ الاستثماري بالبلاد.
تحقيق التنمية المستدامة وزيادة الإنتاجوأشار النائب إلى أن الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة المالية، تبذل جهودًا كبيرة لضمان نجاح هذا الحدث، مؤكداً أن المعرض المصاحب للمؤتمر سيوفر منصة فريدة لعرض أحدث الابتكارات في قطاع الطاقة، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وزيادة الإنتاج المحلي من الموارد البترولية والغازية.
كما شدد على أهمية سداد مستحقات الشركاء الأجانب في قطاع البترول، لكونها عاملاً رئيسيًا في الحفاظ على تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتوسيع نطاق الاستكشافات النفطية والغازية، مما يساهم في خفض الفاتورة الاستيرادية للمنتجات البترولية وتعزيز الاقتصاد المصري.
واختتم الدسوقي تصريحه بالإشارة إلى أن مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز التي تم التطرق إليها خلال الاجتماع تعكس اهتمام الدولة بتعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وهو ما سيؤدي إلى تقليل الانبعاثات الضارة، وتحقيق وفر اقتصادي للمواطنين، مؤكداً أن البرلمان يدعم كافة الجهود الحكومية التي من شأنها تحقيق أمن واستدامة الطاقة في مصر.
التقى اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلا من أحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية؛ وذلك في إطار مراجعة ومتابعة عدد من ملفات العمل المشتركة.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسميّ باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع تناول عددا من الموضوعات ومحاور العمل المشترك بين وزارتي المالية والبترول، ولا سيما ما يرتبط بترتيبات انعقاد الدورة الثامنة من مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة(EGYPES 2025 )، والذي من المقرر أن يقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير الجاري، والذي ينطلق تحت شعار "بناء مستقبل آمن ومستدام للطاقة".
وفي هذا الإطار، أوضح المتحدث الرسمي أنه تم خلال اللقاء مناقشة التحضيرات والترتيبات التي تعدها وزارة البترول للتجهيز لأجندة المؤتمر وفعالياته، مشيرا في هذا السياق إلى أنه من المقرر أن يشهد المؤتمر حضور عدد كبير من قادة صناعة الطاقة في العالم، ورواد الصناعة، وعدد كبير من الشركات العالمية في هذا المجال؛ لمناقشة مستقبل أنظمة الطاقة، والتحديات التي تواجه هذه الصناعة، فضلا عن مناقشة سبل زيادة إنتاج البترول والغاز، واستخدام التكنولوجيات الحديثة في البحث والاستكشاف.
وتم التأكيد، خلال اللقاء، أن وزارة البترول والثروة المعدنية تبذل جهودا كبيرة، وذلك بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية؛ من أجل العمل على نجاح النسخة الثامنة من مؤتمر ومعرض EGYPES 2025، وأن هناك اهتماما متزايدا من مختلف الشركات العاملة في مجالات الطاقة والصناعة المختلفة الراغبة في المشاركة بفعالياته والمعرض المصاحب له.
كما أشار المتحدث الرسمي إلى أن اللقاء شهد مراجعة موقف سداد مستحقات الشركاء الأجانب، حيث تناول وزير البترول والثروة المعدنية مستجدات موقف السداد، مؤكدا حرص الوزارة على سداد مستحقات الشركاء الأجانب والتواصل معهم بصورة مستمرة لا سيما في ظل التحديات الحالية، بجانب الحرص على تعظيم الإنتاج المحلي؛ للمساهمة في خفض الفاتورة الاستيرادية من المنتجات البترولية، ومن ثم دعم الالتزام بسداد مستحقات شركاء الاستثمار.
كما تناول اللقاء التجهيزات لإطلاق مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز، حيث ستعمل المبادرة الجديدة على دعم المواطنين الراغبين في تحويل سياراتهم للعمل بالغاز، وسيتم الإعلان خلال الفترة المقبلة عن تفاصيل هذه المبادرة الجديدة، وآليات عملها وتفاصيلها التنفيذية، ومحفزاتها، وما يتعلق بإجراءات الفحص الفني والتحويل، والصيانة، وغيرها من الأمور ذات الصلة.