«كان يأكل كما يأكل الناس، ولكن لأمرٍ ما خطر له خاطرٌ غريب! ما الذى يقع لو أنه أخذ اللُّقمة بكلتا يديه بدل أن يأخذها كعادته بيد واحدة؟ وما الذى يمنعه من هذه التجربة؟ لا شيء. وإذن فقد أخذ اللُّقمة بكلتا يديه وغمَسها من الطَّبَق المشترك ثم رفعها إلى فمه؛ فأما إِخوته فأغرقوا فى الضَّحِك، وأمَّا أمُّه فأجهشتْ بالبكاء، وأما أبوه فقال فى صوت هادئ حزين: ما هكذا تؤخذ اللقمة يا بُنَيَّ وأما هو فلم يعرف كيف قضى ليلته».
تذكرت هذه العبارة الخالدة التى وردت فى كتاب الأيام لعميد الأدب العربى طه حسين، وأنا أتابع القرارات التى أصدرها ولا يزال وزير التعليم الجديد وما يتبعها من زلازل هزت ولا تزال كل البيوت ليس فقط على مستوى المدرسين بل وعلى صعيد كل بيت، كيف لا والموضوع يخص التعليم والثانوية العامة بالذات، تلك التى استوصى بها الوزير بقرارات فاجأت الجميع وأصابتهم بالحيرة والتشتت، وقسمتنا كعادتنا فى السنوات الأخيرة تجاه كل قرار ما بين مؤيد بشدة ومعارض بشدة، وجعلت المواطن العادى فى حيرة من أمره. لذا وجدنا أنفسنا لا نعرف من نصدق، هل الوزير الذى يرى أن قراراته فى صالح التعليم وأنها ستقضى على الدروس الخصوصية أم هؤلاء المدرسون الذين جاء قرار إلغاء المواد التى يدرسّونها أو دمجها أو تهميشها بعدم الاعتداد بنتيجة الامتحان فيها عند حساب المجموع الكلى بمثابة العصف بهم وبتهديدهم فى مصدر أساسى للدخل مع تدنى الرواتب وتنامى ظاهرة الدروس الخصوصية.
ساهم فى زيادة اللغط ما أُثير عند اختيار وزير التعليم الجديد لمنصبه حيث شكك البعض فى الدرجة العلمية الحاصل عليها والتى تم الاعلان عنها، وكالعادة لم تكلف الحكومة نفسها بإزاحة الستار عن القضية والتعامل معها بشفافية واكتفت بسحب لقب دكتور الذى كان يسبق اسم الوزير ويا دار ما دخلك شر قبل أن يفاجئ الرأى العام بتلك القرارات التى أصدرها الوزير، مؤكدًا أنه درس تجربة سبع عشرة دولة قبل إصدارها!! وهنا يتبادر للأذهان سؤال منطقي: كيف درس الوزير فى هذه الأيام القليلة منذ تعيينه كل هذه التجارب التى تحتاج لسنوات إلا إذا كان الرجل يتوقع منذ سنوات طويلة مضت أنه سيكون وزيرًا للتعليم يومًا ما، لذا أعد لذلك اليوم عدةً؟!
كان يجب أن يسبق تلك القرارات فترة انتقالية قبل إصدارها لا تطبيقها على الفور، فما هكذا يؤخذ التطوير، وكان الأولى وضع خطة تعيد للمدرسة انضباطها أولًا حتى تكون مهيئة لمثل هذه القرارات، أما هذه القرارات فلن تفعل شيئا حتى لو دمجنا كل مواد الثانوية العامة فى مادة واحدة وليست سبعة أو ثماني مواد، كما أنها لن تقف حائلًا أمام استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية، بل إن تهميش اللغة الفرنسية وإلغاء الجيولوجيا ضرره أكثر من نفعه فى ظل تزايد الاهتمام باللغات والعلوم فى العالم كله. أما أن يكون ضمن التطوير زيادة عدد أسابيع الدراسة فهى تبدو مجرد نكتة يتناقلها الناس باعتبارها مسائل شكلية لا تمس جوهر تطوير التعليم، حيث تصبح الفصول فى أغلبية المدارس الحكومية خاوية على عروشها بعد مرور أقل من شهر على بدء الدراسة، أما حكاية الخمس دقائق الزيادة فهى نكتة أشد، فلو تعاملنا مع الوقت باحترام لما احتجنا لخمس دقائق زيادة على كل حصة بل وربما قللنا وقت الحصة وتلك هى القضية، فماذا تفعل خمس دقائق ولا حتى خمس ساعات زيادة مع شعب لا يدرك أصلًا قيمة الوقت؟!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هشام مبارك طلة يأكل الناس عميد الادب العربى طه حسين التعليم والثانوية العامة
إقرأ أيضاً:
تعطيش الأسواق سبب انفلات الأسعار
تعيش الأسواق فى العديد من المحافظات حالة من الفوضى نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخضراوات، فى الفترة الأخيرة، نتيجة لعدم وجود رقابة صارمة للحد من حالة الاستغلال التى يتعرض لها المواطنون، والعمل على محاربة جشع التجار فى الأسواق ما تسبب فى ارتفاع كبير فى بعض السلع مثل الليمون الذى تراوح سعره فى العديد من المحافظات ما بين 60 و100 جنيه.
ويلجأ التجار إلى العديد من الحيل لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، فى تعطيش الأسواق وعدم توفير السلع الأساسية لعدة أيام، ثم يقومون بطرحها بأسعار مضاعفة، مما يؤدى إلى حالة من الغضب بين المواطنين، لكن البعض أرجع أن السبب الرئيسى وراء ارتفاع بعض السلع إلى ضعف الإنتاج ورش المحاصيل بأسمدة مغشوشة.
فى هذا الموضوع نسلط الضوء على الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع بعض السلع، ونرصد رأى المواطنين فى الأسواق.
الدقهلية .. التصدير والأسمدة المغشوشة سبب الغلاء
شهدت أسعار الخضار والفاكهة بأسواق الدقهلية فى الأيام القليلة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا، الأمر الذى أدى إلى استياء العديد من الأهالى، نظرًا لعدم استقرار الأسعار وبيع التجار وأصحاب محال الخضراوات بأسعار غير المعلن عنها عبر بوابة الأسعار الرسمية لمجلس الوزراء وغياب الرقابة على الأسواق، حتى أصبح المواطن بمثابة الفريسة أمام جشع التجار.
وفى ذات السياق أرجع مصدر بمحطة البحوث الزراعية بالمنصورة، ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، نتيجة لتصدير كميات كبيرة منها للخارج، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والأسمدة الزراعية والعمالة.
أكد محمد الساعى – مهندس زراعى – أن أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع الأسعار، هو ما يتعرض له المزارع من الغش التجارى فى الأسمدة الزراعية وما ينتج عنه من ضعف الطاقة الإنتاجية للمحصول الأمر الذى يدفعه إلى البيع بأعلى سعر لتغطية مصاريف المحاصيل الزراعية، وأبرز الأمثلة على ذلك هو ارتفاع سعر محصول الطماطم.
وناشد جمال السيد، مهندس زراعى، جهاز حماية المستهلك والأجهزة الرقابية تشديد الرقابة على الأسعار بالأسواق، حيث إن أسعار المنتجات الزراعية لدى الفلاحين غير مرضية ولا تحقق هامش ربح جيد، والمستفيد الأول يكون الوسيط الذى يستغل المزارع وحاجته لتعويض ولو هامش بسيط من الخسارة.
ويلتقط طرف الحديث جمال البسيونى، تاجر خضراوات: كل ما سبق وأكثر يتعرض له المحصول وهو بين أيدى المزارع والوسيط، لكن ثمة تكلفة أخرى يتعرض لها المحصول وهو فى طريقه لتجار التجزئة ومن ثم المستهلك أو المواطن، وهو تكلفة النقل والتى تضاعفت بعد ارتفاع أسعار المحروقات، لافتا إلى أن من يقوم بوضع التسعيرة النهائية للمنتج هو «الوسيط» أو تاجر الجملة قبل الوصول إلى تجار التجزئة وهى تسعيرة وفقًا لاجتهادات شخصية.
يعتبر الليمون من أكثر الفواكه الحمضية استخداما فى المنازل والمطاعم طوال العام سواء بإضافته للأطعمة أو فى تحضير العصائر وكذلك دخوله فى التركيبات والصناعات الطبية لاحتوائه على الزيوت العطرية والعديد من المعادن والفيتامينات والمكملات الغذائية.
وتشهد أسعار الليمون ارتفاعا ملحوظا فى توقيتات معينة من كل عام مثل شهر رمضان وأعياد شم النسيم بسبب زيادة الإقبال عليه فى هذه اﻻوقات ولكن موجة ارتفاع أسعارها بداية من شهر ديسمبر الجارى وصلت إلى ارتفاعات جنونية لم يسبق لها مثيل بعد وصول سعر الكيلو إلى 60 جنيها فى أسواق الفيوم بالرغم من امتلاك المحافظة على مساحة تزيد على 6 آلاف فدان من أشجار الليمون، إلا أن تلك المساحات المنزرعة بأشجار الليمون لم تمنع ارتفاع أسعاره ووصول سعر الليمونة الواحدة إلى 3 جنيهات، لذلك أصبح الليمون موجودا عن كبار التجار فقط وامتنع العديد من صغار التجار عن شرائه ﻻرتفاع اسعاره وعزوف الكثير من المستهلكين عن الشراء.
يقول خالد شريف أبورقيبة نقيب الفلاحين بالفيوم إن السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار الليمون فى هذا التوقيت هو نظام التصويم الذى يتبعه غالبية مزارعى الليمون بالفيوم حيث يبدأ مع شهر يوليو ليحصل المزارع على ثلاثة مواسم من الإنتاج وهناك نظام التصويم الأصغر بمنع الرى لمدة ثلاثة أشهر والتصويم الأكبر ويتم تصويم الأشجار لمدة قد تصل إلى تسعة أشهر وتكون هذه الطريقة مع الأشجار التى يزيد عمرها على ست سنوات ويكون المحصول الأساسى فى شهر مارس ويبلغ الإنتاج 60% من إجمالى الإنتاج ويسمى الموسم السلطانى والموسم الثانى يكون فيه الإنتاج بنسبة 30% ويسمى موسم الرجيعة، وتكون المشكلة الأكبر فى الموسم الأخير وهو الذى نشهده حاليا ويسمى بموسم الرجيعة الثانية ويمثل حجم الإنتاج فيه نسبة 10% وهو ما تسبب فى ندرة المعروض من الإنتاج فى الأسواق، ومن ثم حدوث هذا اﻻرتفاع غير المسبوق، كما أن هناك تأثيرا كبيرا للأسمدة والمبيدات المغشوشة والتى قد تؤثر على إنتاجية الأشجار وكذلك يقوم المزارعون بجنى الثمار قبل اكتمال نضجها طمعا فى الربح مما يؤثر على الجودة والإنتاجية، وبالرغم مما يتسبب به نظام التصويم من مشاكل قد تؤدى فى نهاية اﻻمر إلى إتلاف الأشجار ولكنه يرجع له الفضل فى تواجد ثمرة الليمون طوال العام وتنتج شجرة الليمون من 2000 إلى 3000 ليمونة فى العام وتصل إنتاجية الفدان فى الفيوم إلى 12 طنا سنويا.
وقد ﻻ يخلو منزل فى قرى ونجوع الفيوم من أشجار الليمون للاعتماد عليه فى استخدامات عدة خلافا عن الأطعمة أو العصائر مثل استخدامه فى علاج أمراض البرد والإنفلونزا وخاصة خلال فصل الشتاء، وهناك من يقوم بزراعته فى المدن فى أحواض بلاستيكية على أسطح المنازل أو فى الحدائق الخاصة.
الشرقية .. التجار العرض والطلب وراء الأزمة
شهدت أسواق الخضر والفاكهة بمراكز ومدن محافظة الشرقية قفزة جديدة فى أسعار الليمون والبصل والتفاح والخيار خلال الساعات القليلة الماضية، حيث وصل سعر كيلو الليمون إلى ٥٠ جنيهًا، والبصل لـ25 جنيهًا، والخيار 25 جنيهًا، والتفاح 70 جنيهًا، وأرجع بعض التجار لهذه الزيادة إلى نظرية العرض والطلب، وقلة المساحات المزروعة من بعض المحاصيل مثل الليمون.
وأشارت فاطمة خضر، ربة منزل، إلى أنها منزعجة وهى مسؤولة عن ميزانية أسرتها المكونة من 5 أفراد من ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة، مؤكدة أن زوجها يمنحها كل أول شهر مصاريف المنزل أى راتبه كله، ومطلوب منها تدبير كل مستلزمات الأسرة من مأكل ومشرب وأدوية، وعندما يأتى نصف الشهر تقف عاجزة عن استكمال مهمتها فى مواصلة الصرف أو تغطية احتياجات أسرتها نتيجة تقلب الأسعار من يوم لآخر، متسائلة من يصدق أن سعر كيلو الليمون وصل إلى 50 جنيهًا، فى ظل محدودية المرتب الذى يحصل عليه زوجها.
وأضافت حنان حسان أنها شعرت بالسعادة عندما حدث انخفاض لأسعار الطماطم خلال الشهور الماضية ووصل الطماطم إلى 6 جنيهات للكيلو، كون أن الطماطم من الأشياء التى لا غنى عنها فى مطبخها وبشكل يومى، إلا أن هذا السعادة لم تدم طويلًا، حيث تفاجأت بزيادة جديدة فى عدد من أسعار الخضر هذا الأسبوع، حيث وصل سعر كيلو البطاطس لـ15 جنيهًا، والبسلة 30 جنيهًا، والبصل الأحمر والأصفر 25 جنيهًا.
وذكرت إلهام خليل، أنها تدعو الله عز وجل أن يراعى التجار ظروفهم، وأن أى زيادة فى أسعار السلع الغذائية الأساسية فى الوقت الحالى ترهقهم بشدة، وأن تقصيرهم فى عدم قدرتهم فى شراء أنواع من الخضراوات والفاكهة لأبنائهم نتيجة موجة الغلاء الحالية قد تؤثر على صحة أبنائهم، وستصيبهم بأمراض سوء التغذية، وهو ما سيؤثر على زيادة تكاليف الرعاية الصحية التى تتحملها الحكومة، والتى من شأنها ستعمل على إبطاء عجلة النمو الاقتصادى لدولتنا، وهى مُخالفة صريحة لجهود الحكومة ورئيس الجمهورية نحو الجمهورية الجديدة التى يأمل فيها.
وكانت الدكتورة جيهان فؤاد استشارى التغذية العلاجية والمدير السابق للمعهد القومى للتغذية، قد أشارت فى تصريحات صحفية إلى أهمية المساواة بين الجنسين فى مجال التغذية، حيث يعانى العالم وبالأخص الدول النامية من تأثر المرأة فى مراحل العمر المختلفة من ارتفاع مؤشرات سوء التغذية منذ الطفولة وحتى الشيخوخة فهى أقل حظًا فى التغطية التأمينية وحصولا على الخدمات الصحية الخاصة بالتغذية، وأوضحت أن هناك نماذج ومشاريع تمت فى بلاد مختلفة حسنت هذه الأوضاع ونرجو تطبيقها فى مصر، ولفتت إلى استمرار تدنى معدلات المتصلة بالتغذية للبنات والسيدات لها آثار سلبية ليس على المرأة فقط بل على الأسرة والمجتمع.
وأوضح محمد سلامة، تاجر خضار وفاكهة، إلى أن الزيادة الأخيرة فى بعض أصناف الخضار والفاكهة؛ ترجع إلى نظرية العرض والطلب فى هذه الأصناف، مثل الليمون الذى وصل سعره إلى 50 جنيهًا للكيلو، فضلا عن قلة المساحات المزروعة منه وفق زيادة الطلب عليه فى هذا التوقيت من كل عام والتى تنخفض فيه درجات الحرارة وزيادة إصابة الأهالى بنزلات البرد وبفيروس الانفلونزا، وبالتالى يزيد عليه الطلب فى هذه الأوقات، من قبل الأشخاص المصابين أو الأشخاص الراغبين فى زيادة مناعتهم.
وترصد «الوفد» أسعار بعض الأصناف، فكيلو الباذنجان العروس والرومى وصل 10 جنيهات، والخيار الصوب 25 جنيهًا، والكوسة ما بين 15 جنيهًا، والفلفل الحار 30 جنيهًا، وبالنسبة لأسعار الفاكهة، فوصل كيلو الموز 25 جنيهًا، واليوسفى 15 جنيهًا، والبرتقال 20 جنيها، والجوافة 25 جنيهًا، والتفاح 70 جنيهًا.