مدرستى الابتدائية كانت فى آخر شارع شامبليون فى منطقة وسط البلد.. كانت عبارة عن قصر تاريخى مكون من طابقين.. حينما كان التعليم مجانيا لأبناء القاع من الطبقة المتوسطة التى ينتمى والدى اليها بحكم عمله كموظف فى هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية وينتسب اليه ستة من الأبناء جميعهم دخلوا المدارس وتخرجوا فى الجامعات.
العام كان 1978 حينما حصلت على الشهادة الابتدائية وبدأت أكتشف طريقى إلى مكتبة مدبولى بميدان طلعت حرب القريب من بيتنا بعدة أمتار.. حيث حصلت بمبلغ العيدية الضخم حينها وكان ثلاثة جنيهات ونصف على ما أذكر.. وأشتريت مجلدا يضم عددا وفيرا من مجلة ميكى.. فاتسعت عيناي لعالم من البهجة والمعرفة والمرح.
مرحلة الإعدادية كانت فى مدرسة الفلكى بباب اللوق وهى أيضًا قصر تاريخى رائع.. وكانت أبلة ليلى هى أمينة المكتبة وأنا وعدد كبير من التلميذات أصدقاء المكتبة.. وأذكر أننا دعونا باسم مكتبة مدرسة الفلكى الإعدادية الكاتب الكبير ثروت أباظة الذى جاء واستمع إلى أسئلتنا البريئة التى كانت على شكل: متى ولد الكاتب الكبير؟ وأين يعيش؟ ومن من أبناء جيله من الكتاب أصدقائه؟.. كما قامت أبلة ليلى أمينة المكتبة بعمل زيارة ميدانية لنا لدار الهلال ومقابلة رئيس تحرير مجلة «سمير» ماما «لبنى» بوجهها الأموى ورشاقتها وابتسامتها التى لم تفارقها طوال جولتنا معها لمعرفة كيف يتم طباعة المجلة وسألتنا عن أمنيتانا فى المستقبل ووزعت علينا هدايا المجلة التى كانت هدايا بلاستيكية مبهرة الألوان ومغلفة على شكل مقلمة أو لعبة.
كل ما سبق مر أمام عينى كشريط سينمائى سريع الإيقاع بالأبيض والأسود، ابتسمت لم تخُنِّى الذاكرة بعد على الرغم من بلوغى الثامنة والخمسين، ثم أغمضت عينى مرة أخرى فى محاولة بائسة لاستعادة بعض مما منحته لنا الحياة أنا وأبناء جيلى من السعادة والمعرفة وتشكيل الوعى بدون مقابل مادى على الرغم من حياتنا الأسرية المتواضعة، لكنى لم أستطع هذه المرة أن أقاوم الشعور بالفقد والحزن على وفاة الكاتب الصحفى أحمد عمر، مؤسس وأول رئيس تحرير لمجلة «ماجد» الإماراتية والموجه للأطفال من سن السابعة وحتى الرابعة عشرة، عن عمر يناهز الـ85 عامًا.
حيث استطاع الكاتب الصحفى «أحمد عمر» ومعه ماما «لبنى» من خلال صفحات مجلة «ماجد» ومجلة «سمير» ان يشكلا خيال وعقول أبناء جيلى منذ أيام البراءة الأولى.
حيث تولى أحمد عمر المولود فى 25 سبتمبر 1939، وتخرج فى كلية الآداب حاملًا ليسانس الصحافة، رئاسة تحرير مجلة «ماجد» الإنجاز الأكبر فى حياته المهنية، فأصبحت المجلة بقيادته أشهر مجلة للأطفال والأكثر توزيعًا فى العالم العربي، واستمر فى إدارة تحريرها لعقود عدة، وحصد جائزة أدب الطفل قبل أن يترجل من منصبه، ويستمر فى إثراء أعدادها بقصص الشخصيات التى اشتهرت بها، كشخصيّة زكية الذكية، والنقيب خلفان، وغيرهما من الشخصيات المحبوبة والمفضلة لديهم.
سجل توزيع المجلة رقمًا قياسيًا، لم تصل إليه مجلة مماثلة من قبل، وهو 176500 نسخة فى الأسبوع، وهو رقم قياسى فى تاريخ الصحافة الموجهة إلى الأولاد والبنات، وفقًا لتقرير مؤسسة التحقق من الانتشار الدولية. وقد أشار آخر استبيان للمجلة إلى أن متوسط عدد قراء النسخة الواحدة أربعة أشخاص، أى أن عدد قراء المجلة أسبوعيًا يصل إلى 600 ألف قارئ.
توجه المجلة رسالتها أساسًا إلى الأطفال من 7 إلى 14 سنة، لكن الاستبيان الذى أجرته المجلة مؤخرًا أشار إلى أن هناك حوالى 20% من القراء أكبر من 18 سنة، ويظهر هذا أيضا من خلال مشاركات الأطفال، والكبار، وطلبة الجامعات فى بعض الأبواب التى تتيح للقراء المشاركة فيها.
أما مولد «ماما لبنى» التى ارتبط اسمها فى الأذهان بـ«مجلة سمير»، التى صدر عددها الأول فى مارس 1956، كان بالقاهرة فى 19 سبتمبر 1936 لأسرة ميسورة الحال. أنهت دراستها الثانوية والتحقت بكلية الآداب قسم الدراسات الفلسفية والنفسية. فور تخرجها، عملت بـ«دار الهلال»، لتبدأ مرحلة جديدة فى مسيرتها، بتقديم مؤلفاتها الخاصة والتى التزمت بـ«تيمة» تجمع ما بين الخيال والحقائق الواقعية. وتزينت أعمالها بأسلوب بسيط ومفردات رشيقة، ونجحت فى تقديم رسالة، وهى التوضيح لجمهور الأطفال أن العالم من حولهم غير مثالى وأنه ليس بالضرورة أن ينتصر الخير فى كل مرة، ولكن عليهم التحلى بالصفات النبيلة.
ومع مولد فكرة مجلة سمير للأطفال بين جدران دار الهلال، اتخذت «ماما لبنى» مقعدها فى ريادة العمل الصحفى الموجه إلى الأطفال، لتكون سكرتير تحريرها، ثم تولت رئاسة تحرير «سمير» بين عامى 1966 و2002. ورفعت شعار «مجلة سمير من سن 8 إلى 88»، وأتاحت الفرصة للأطفال ليكونوا مراسلين للمجلة فى باب «مراسل سمير الصحفى الناشئ» والأهم، إقناعها كبار الكتاب بالمساهمة فى المجلة، وأبرزهم الأساتذة نجيب محفوظ، وعلى أمين، وتوفيق الحكيم، وسيد حجاب.
واستعانت بالفنان الفرنسى برنى لرسم شخصية «سمير» قبل أن تضم كوكبة من الرسامين المصريين، مثل بهجت عثمان، وإبراهيم حجازى، ووصل توزيع المجلة فى عهدها إلى 200 ألف نسخة وهو الأضخم فى تاريخها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مدرستى الابتدائية
إقرأ أيضاً:
لوبوان: هذا هو ثقل المغرب العربي في الهجرة إلى فرنسا
قالت مجلة لوبوان إن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو باعتباره أن الفرنسيين لديهم "شعور بالإرهاق" بسبب الهجرة تسبب في إشعال حريق وإثارة غضب الاشتراكيين، وأثبت لحزب "فرنسا الأبية" ما كان يقوله من الطبيعة "العنصرية" العميقة للسلطة.
وانتقدت المجلة بايرو الذي وصفته بأنه وسطي إنساني، مسيحي مؤيد لأوروبا، وقالت إنه يمثل بشكل جيد للغاية حالة عدم التفكير المستمرة، وعدم القدرة على تسمية الأشياء، والحماقات الفرنسية التي تقدم لنا صورة غريبة وسيئة عن فرنسا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من قصص غزة.. وجدت زوجها تحت الأنقاض وكأنه يحمل طفلهما لكنه غير موجودlist 2 of 2واشنطن بوست: لماذا تعد قناة بنما ذات أهمية استراتيجيةend of listوذكرت لوبوان -في تقرير بقلم بينوا دلماس- أن أي حديث عن الهجرة يجعل الأذهان تتجه إلى شمال أفريقيا، حيث يشكل المواطنون الجزائريون والمغاربة والتونسيون ما يصل إلى 40% من المهاجرين في فرنسا، وهو الأمر الذي يفجر برميل غضب كلما أثير.
وقالت المجلة إن 4 من كل 10 تصاريح إقامة تتعلق بمواطن من شمال أفريقيا، وخاصة الجزائر التي يبلغ عدد مواطنيها 45 مليون نسمة والمغرب (35 مليونا) وتونس (12 مليونا)، إذ إن 12.2% من المهاجرين ولدوا في الجزائر، و11.7% في المغرب، و12.5% في تونس.
وفي ما يتعلق بإصدار تراخيص الإقامة الأولى، تأتي الدول المغاربية الثلاث في الصدارة -حسب المجلة- ومن بين الوافدين لأسباب اقتصادية، ومن المتوقع أن يصل عددهم في عام 2023 إلى نحو 11 ألف مغربي في انخفاض بنسبة 13.9%، وأكثر من 8 آلاف تونسي بزيادة بنسبة 9.8%، و2500 جزائري بزيادة بنسبة 28.9%.
إعلانوبعد تقديم بعض التفاصيل الإضافية، ذكرت المجلة أن النقطة المثيرة للنقاش هي الاتفاقية الفرنسية الجزائرية لسنة 1968 التي تنظم بالكامل شروط دخول المواطنين الجزائريين وخروجهم، وبموجبها تم توزيع أكثر من 31 ألف شهادة إقامة للجزائريين سنة 2023 بزيادة قدرها 22.8%.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه الناس في باريس وبرلين بالموضوع، تتجاهل عواصم شمال أفريقيا الموضوع -حسب المجلة- رغم أن "الغضب" السياسي الذي جعل القصور وأستوديوهات الأخبار تهتز، يمكن سماعه حتى في جنوب البحر الأبيض المتوسط.
وخلصت المجلة إلى أن المغرب العربي يبدو منقسما وغير قادر على تقديم الإجابات والحلول، كما أن الجنوب غائب جماعيا في مواجهة أوروبا التي تعاني صعود اليمين المتطرف، فهو على أعتاب السلطة في فرنسا بعد دخوله المذهل إلى البوندستاغ في ألمانيا، ووجوده ضمن ائتلاف في إيطاليا والنمسا والمجر.
وختمت لوبوان بتعليق يوضح سبب هذا الغياب، وهو أن الجزائر والمغرب لم تعد تربطهما علاقات دبلوماسية، كما أن العلاقات بين تونس والمغرب سيئة، مما جعل منطقة المغرب العربي لا يوجد فيها مكان صالح للحوار الجماعي، مما يؤيد للحوارات الثنائية، وهي المفاوضات المفضلة لدى الشعبويين الذين يحتقرون التعددية.