جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@05:46:35 GMT

بيت اللبان (2)

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

بيت اللبان (2)

 

 

 

أنور الخنجري

alkhanjarianwar@gmail.com

 

 

بيت تميز

بعد وفاة سيد مخدوم سكنت في البيت شخصية أخرى معروفة لكنها مثيرة للجدل بحكم انتمائه العقائدي المختلف عن ما كان سائدا في أوساط السكان المسلمين في تلك الفترة، كالمسيحية والهندوسية والإسماعيلية وغيرها من المعتقدات، وهذا يبرهن للقارئ الكريم مدى انفتاح مدينة مطرح على الآخرين وتقبل الأهالي وتسامحهم مع معتنقي الديانات والمعتقدات الأخرى.

هذه الشخصية كانت ميسورة الحال تعمل في مجال تجارة التصدير والاستيراد، خاصة في مجال الأسماك ومتعلقاتها، كان يطلق عليه اسم "واجوه"، ومعناها باللغة البلوشية (سيد)، لكن اسمه الحقيقي لم نتمكن من الوصول إليه حقيقة لندرة المعلومات المتوفرة في هذا الجانب، كما إن لقبه المعروف به "واجوه" كان طاغيًا على الاسم الحقيقي. وتشير بعض المعلومات الواردة إلى مسامعنا أن هذه الشخصية اتسمت بالانطوائية والانعزال، خاصة بعد وفاة ابنه الوحيد غرقا في البحر وهو في سن المراهقة حين كان يسبح مع رفاقه أمام البيت. ويُشاع أن هذا الرجل قد جاء في الأساس من منطقة بلوشستان في بر فارس، وهو من أتباع الديانة "الزرادشتية" كما كان يُعتقد، وهي ديانة قديمة منتشرة في بلاد فارس ومختلفة عن ما كان سائدًا في المدينة من ديانات ومعتقدات. في حين تشير مصادر أخرى أنه كان من أتباع الإسماعيلية الاثني عشرية، والله أعلم.

استأجر "واجوه" هذا البيت وسكن فيه مع أسرته وصهره زوج ابنته "تميز"، الذي يعود أصله إلى بلاد السند، وقد كان "تميز" الساعد الأيمن والشخص الأكثر ثقة لدى صهره، كما كان أكثر نشاطا وتواصلا مع السكان المحليين، مما خلق لنفسه سمعة جيدة  ومكانة مرموقة بين الأعيان والمواطنين، وبحكم أن "تميز" كان (مالكًا) وساكنًا في البيت مع صهره فقد عرف البيت في تلك الفترة باسم "بيت تميز".

تجدر الإشارة إلى أن "تميز"، بالاتفاق مع صديقه وشريكه في أمور التجارة، النوخذة والتاجر المعروف الحاج عبدالفتاح بن محمد بن صالح المعيني، قام بشراء هذا البيت من وارثه الأصلي، شهاب بن أحمد علي الشيخ المدني، وبالتالي انتقلت ملكية البيت اسميًا إلى "تميز" لكن، ولسبب ما، كان الحاج عبدالفتاح هو المالك الحقيقي للبيت وقد اتفقا معا على شراء هذا البيت بهذه الصورة التي سنأتي لذكر أسبابها في الفقرة اللاحقة وكشف حقيقة هذه البيعة ومدى غرابتها.

وبما إن الشيء بالشيء يذكر، فقد تواردت خلال فترة الستينيات من القرن الماضي أنباء عن تعليمات صارمة صدرت عن زعماء الطائفة الإسماعيلية، (يعرفون محليا بـ"الخانا وارية")، بضرورة مغادرة كافة المنتمين للطائفة المقيمين في المدينة فورًا لأسباب بقيت غامضة إلى يومنا هذا. وبالفعل بادر أبناء الطائفة إلى بيع ممتلكاتهم جميعها ومغادرة المدينة إلى جهة غير معلومة، بمن فيهم "واجوه" وصهره "تميز" اللذان غادرا إلى مدينة كراتشي في باكستان. وبعد مغادرتهم البلاد نهائيًا، دخل البيت بمرحلة من الجمود والوحشة ولم يُستغل إلا لفترات متقطعة؛ حيث سكنته بعض الأسر والعائلات المعروفة التي لم يكن لديها مأوى مستقر في ذلك الوقت، كما اتخذته بعض الأسر ملجأ مؤقتًا خلال الأزمات، خاصة خلال حريق مطرح الكبير، وما شابهه من حرائق كثر حدوثها في تلك الفترة. كما استخدم البيت من قبل بعض أفراد عائلة الحاج عبدالفتاح وكذلك كمقر لسكن بعض المدرسين الفلسطينيين الذين قدموا للتدريس في المدرسة السعيدية في مطرح إبان افتتاحها في عام 1959.

بيت عبدالفتاح

بعد طول غياب لمالكه الشرعي "تميز" في باكستان مع عدم معرفة المصير الذي سيؤول إليه البيت لا قدر الله في حالة وفاة "تميز"، لجأ الحاج عبدالفتاح إلى الشيخ النزيه والمرجع الديني البارز في مدينة مطرح الشيخ حمد بن سعود بن عبدالله الخنجري، مدعيًا أن البيت ملكه وأنه اشتراه بحُر ماله، إلّا أن عدم رغبة شهاب المدني بيع البيت للحاج عبدالفتاح، اتفق الاخير مع صديقه وشريكه "تميز" على شراء البيت باسمه، وبذلك أراد الحاج عبدالفتاح ضمان حقه في ملكية البيت قبل أن تسلم روح "تميز" إلى باريها وهو خارج البلاد. وبما أن النزاهة والعدل كانت من سمات الشيخ حمد بن سعود الخنجري. وإحقاقا للحق وعدم التفريط بموازين العدل، استعان الشيخ حمد بأحد الأعيان الموثوق بهم الذي كان يتردد على مدينة كراتشي لأمور التجارة والصلات العائلية، استعان به لمساءلة "تميز" عن حقيقة ما يدعيه الحاج عبدالفتاح بملكيته للبيت. وبعد رحلة مثيرة مليئة بالقلق والتساؤل استمرت لعدة أسابيع بحثا عن "تميز" في ضوضاء بلاد السند الصاخبة بالعديد من أجناس البشر. عاد الموفد بالحقيقة الصادمة لأغلب أهل المدينة الذين كانوا يعتقدون أن البيت ملك لـ"تميز"، عاد بشهادة موثوقة تفيد أن البيت ملك للحاج عبدالفتاح! وأن عملية الشراء تمت باتفاق بينهما- أي تميز وعبدالفتاح- وبالتالي، أصبح الحاج عبدالفتاح هو المالك الشرعي والوحيد للبيت.

وهكذا انتقلت ملكية البيت من بعده إلى ذريته ورثته الشرعيين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحاج حسن للذين يتحدثون عن السيادة: ألا تعتبرون أن إسرائيل تخرق السيادة عندما تقتل شبابًا لبنانيين؟

اعتبر النائب حسين الحاج حسن، اليوم السبت، أن "شهادة القادة خسارة كبيرة، ولكنها لا توقف مسيرة الأمة والشعب والمقاومة، بل على العكس يجب أن يحفزنا كل ما قدمنا من تضحيات على الثبات. إن عزيمتنا ستتفوق على حزننا، حجم الخسارة كبير، ولكن حجم عزيمتنا أيضا كبيرة، سنكمل الطريق ولن نتوقف".

جاء ذلك خلال حفل تأبيني أقامته عائلة عواضة، بدعوة من رئيس جمعية "تجار الوسط التجاري" في بعلبك، تكريما لأميني "حزب الله" السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، في مركز الإمام الخميني الثقافي في بعلبك. 

وقال: "نحن تعرضنا لحرب كانت تريد أن تستأصل وجودنا واستطعنا بفضل الله سبحانه وتعالى أن نصمد وننتصر، بسبب البنية التنظيمية القوية والتحالف العميق مع حركة أمل، وبسبب احتضان البيئة، وبسبب الأخوة الشهداء الذين استمروا في القتال حتى اللحظات الأخيرة، لم يستطع العدو أن يسحق المقاومة وحزب الله، على رغم الفارق التسليحي الكبير والعددي والتكنولوجي والاستخباراتي، فشل العدو في تحقيق هدفه، وها هو بكل مسؤوليه وإعلامه بعد التشييع يلتفت إلى هذه الحقيقة الموجعة له".

وتابع: "البيئة أصبحت هي المقاومة والمقاومة أصبحت هي البيئة، لا فرق بين البيئة والمقاومة، البعض يريدون لهذه البيئة أن تبتعد عن المقاومة ويريدون ابتعاد حزب الله وحركة أمل عن بعضهما، ويريدون التشكيك بكل ما قمنا به، نقول لهؤلاء أن التحالف بين الثنائي الوطني راسخ ودائم، وان البيئة التي تحتضننا ونحتضنها قوية وراسخة".

وأردف: "في 27 تشرين الثاني الماضي أعلنت آلية تنفيذية للقرار 1701، وقاد المفاوضات عن الدولة اللبنانية الرئيس نبيه بري، وأقرت الحكومة في اجتماعها قبولها هذا الاتفاق، ومددت الإدارة الأميركية الى 18 شباط، ومنذ ذلك الوقت العدو يخرق يوميا هذا الاتفاق، يسقط شهداء وجرحى، ويتم تدمير وتجريف البيوت والبساتين، ويقول وزير خارجية العدو أن الأميركيين أعطوا إسرائيل ضوءا أخضر غير محدد. نحن نعتبر أن الدوله اللبنانية بمسؤوليها كافة ومؤسساتها معنية بالدفاع عن السيادة الوطنية اللبنانية، وعليها أن تقوم بأقصى ما تستطيع لفرض الإنسحاب على العدو الاسرائيلي. فماذا أنتم فاعلون أيها المسؤولون اللبنانيون بهذا الصدد؟ وما هو الرد على وزير خارجية العدو وعلى أميركا؟ كما نتوجه للذين كانوا يتحدثون ليل نهار عن السيادة ويخوضون حملة على إيران بادعاءات واهية وغير حقيقية، ألا تعتبرون بأن اسرائيل تخرق السيادة عندما تقتل شبابا لبنانيين وتدمر البيوت؟ الا يستحق منكم ذلك موقفا أو اجتماعا أو تمديدا أو بيانا؟ كل ما نشهده الصمت المطبق على وقائع ميدانية قائمة أمامكم وأمام العالم أجمع تجاه التدخلات الأميركية في لبنان. أنتم حلفاء وأصدقاء لأميركا، وظفوا هذه الصداقات لحماية سيادة لبنان".

ورأى أن"من مهام الحكومة تحرير ما تبقى من الأرض اللبنانية المحتلة، وإعادة الإعمار وهذا الملف لا يتحمل مماطلة في الوقت ولا إطالة في المدة، ولا أي ربط بالإصلاحات، يجب إعادة الإعمار دون أي شرط سياسي أو سيادي يمس بالسيادة اللبنانية، الشرط الوحيد هو الشفافية في الإنفاق والسرعة دون تسرّع وأن تصل الأموال إلى مستحقيها".

مقالات مشابهة

  • شاهد | بعد ربع قرن.. الحاج صدقي يذوق طعم الحرية في أجواء رمضان مع عائلته في الخليل
  • بالفيديو| الحاج أحمد.. نصف قرن من صناعة الكنافة وإرث عمره 270 عامًا في سوهاج
  • حافز تميز علمي 200 جنيه للموظف في هذه الحالة بقانون الخدمة المدنية
  • إزاحة الستار عن "جيلي ستار راي".. تميز في القيادة مع قوة وهيبة
  • المنشد عبدالرحمن عبدالفتاح: بدأت من الإذاعة المدرسية وعبدالباسط مثلي الأعلى
  • حضرموت.. نيابة الاستئناف تفرج عن 14 سجينًا
  • شاهد.. أهالي المحلة يشيعون جثمان عجوز مسن مات صائما على أبواب مسجد الأربعين
  • بريطانيا تحث السيسي على إطلاق سراح الناشط علاء عبدالفتاح
  • الحاج حسن للذين يتحدثون عن السيادة: ألا تعتبرون أن إسرائيل تخرق السيادة عندما تقتل شبابًا لبنانيين؟
  • الحاج: على البرلمان القيام بورشة تشريعية لمواكبة الحكومة