جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-18@04:56:32 GMT

جذور القُبح والاستعلاء الصهيوني

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

جذور القُبح والاستعلاء الصهيوني

 

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

قبل أيام جاء البيان المشترك لكل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا يدعو إيران إلى الإحجام عن الرد على اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية في طهران، ليُظهر لنا عنجهية حكومات هذه الدول الثلاثة الغارقة في وحل الصهيونية حتى النخاع، بحيث إن القتل اليومي لأطفال غزَّة ونسائها وشيوخها، وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات على رؤوس مَن فيها لا مانع من أن يستمر، مع منع تام للإشارة إليه بالشجب، أما مواجهة إسرائيل ومعاقبتها فممنوع قطعًا!

هل كُنَّا نننظر كل هذا الدم أن يُسكب، وهذا القتل اليومي البشع أن يجري أمام مرأى ومسمع العالم، حتى نكتشف زيف هذه الحضارة لتلك البلدان الاستعمارية؟

الواقع أن الأمر أبعد من جريان دماء الأبرياء كما نراه اليوم في فلسطين، ويتاخم رغبة عارمة لدى إسرائيل من أجل القضاء على كل من هو "غير إسرائيلي" كعقيدة لا تقبل التبديل، كشفها الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي في تحقيقه النفيس عن الصهيونية؛ إذ ذكر لنا أن شريانين يمدان عقلية إسرائيل التوّاقة للغزو والسيطرة، أحد هاذين الشريانين مُستقَى من ملاحم "يوشع" المُحَّرَفة، وغايتها جعل إسرائيل مركزًا للعالم ولتاريخه كحالة تكمن في صلب الديانة اليهودية.

إن الهدف المعلن لهذه العسكرية الضاربة، ليس الدفاع عن إسرائيل؛ بل تفتيت جميع الدول العربية، إنهم يسعون إلى توسعة حدود إسرائيل بالتقتيل والإرهاب لتكون كما رسمها بن جوريون عام 1937م، وفق نص توراتي مُحَّرَف، وهذه الحدود لأرض الميعاد هي من  النيل (في مصر) إلى الفرات (في الشام والعراق).

لقد أضافت النصوص المُحَّرَفة القدسيةَ على المذابح التي ترتكبها الصهيو-أمريكية اليوم في فلسطين، بناءً على فقرات من صنيعة الحاخامات من قبيل: "إن مُدُن هذه الشعوب، قد حكم ربك أن لا ينبغي أن يُدع مخلوقًا حيًا من غير اليهود يعيش فيها. عليك بإبادتهم جميعًا كما أمرك الرب مولاك".

أما الشريان الآخر- كما يذكره جرودي- فيكمن في "طبيعة الغرب الحديثة" التي سقت الصهيونية كؤوس الرغبة المفعمة في السيطرة وقمع غير اليهود. ألا يفسر هذا لنا لماذا تنبري فرنسا وألمانيا وبريطانيا لغض النظر عن هول جرائم إسرائيل الشنيعة وبالمقابل ترعد جيوشها ويبرق سياسيوها وتقض مضاجعهم، لمجرد التفكير في أدنى احتمال وقوع تأديب يطال صهيونيتها الخليعة من كل فضيلة؟

لعل جارودي ينظر إلى القرن 18 و19 من تاريخ أوروبا؛ حيث ضربت العدمية ثم العبثية، وتلاها الإلحاد، بالخصوص في هذه الدول الثلاثة، حتى إن المؤرخ والفيلسوف الأمريكي ويليام ديورانت وصف الإنسان فيها قائلًا: "كان كل شيء يتطور إلّا الإنسان". (قصة الحضارة ص361).

إنَّ أولئك الذين يظنون أن الدماء التي تجري في سكك غزَّة المهدمة بالكامل، ستبقى دماء غزَّة وحدها، لم يقرأوا جيدًا تاريخ صناعة الدولة الصهيونية، أو لم يصَّدقوا ما قرأوا، فكما تم إغفال وجود ذكر لشعب فلسطيني تمامًا عند صياغة السياسة الصهيونية، وعند اتخاذ قرار سلب أرضهم منهم، سيتم يومًا صياغة سياسات شبيهة تجاه كل من هو غير يهودي، ومن المؤسف أننا لا زلنا في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنكشف هذه الحقائق المكشوفة سلفًا.

كتب جارودي يقول: "عدم وجود ذكر هذا الشعب، لا في كتاب هرتزل ولا في الاجتماعات التأسيسية للحركة الصهيونية العالمية، هي مُسَّلمة أساسية للصهيونية، تفرَّعت عنها جميع الجرائم اللاحقة، وها هي جولدا مائير تُصرِّح لجريدة صاندي تايمز بتاريخ 15 يونيو 1969 قائلة: "لا وجود للفلسطينيين، وواقع الأمر لا يبدو وكأنه كان ثمة شعب فلسطيني يعتبر نفسه شعبًا فلسطينيًا، كما لو جئنا لطرده والاستيلاء على بلاده، والواقع أنه لم يكن موجودًا أصلًا"، ولكنهم يقاومون، فوجب إقصاؤهم وتقتيلهم كما قتلت أمريكا الهنود الحمر. وعندما سأل آينشتاين، وايزمان الذي كان حينئذٍ أحد قادة المنظمة الصهيونية العالمية: ماذا سيحلُ بالعرب إذا ما أُعطيت فلسطين لليهود؟ أجاب: "أي عرب تعني؟ إنهم لا يعدون شيئًا!". (يُراجع: دراسة في الصهيونية / اليهودية).

أليس من المؤسف أن علينا أن ننتظر أكثر لنشهد- لا سمح الله- هذا اليوم؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تواصل العدوان الصهيوني على طولكرم لليوم الـ 48

لليوم الـ 48 على التوالي تواصل قوات العدو الإسرائيلي عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها، ولليوم الـ35 على مخيم نور شمس، في ظل تصعيد غير مسبوق شمل عمليات مداهمة مكثفة للمنازل وإجبار سكانها على الخروج منها بالقوة، مع استمرار الحصار والاقتحامات وسط تعزيزات عسكرية، وإجراءات تنكيليه بحق المواطنين.
وأفادت مصادر ، بأن دوي انفجارات ضخمة سمع فجر اليوم السبت، في المنطقة المحيطة بالأحراش في مخيم نور شمس، تزامناً مع انتشار مكثف لجنود العدو، وشوهدت ألسنة الدخان تتصاعد من المكان، في الوقت الذي تسببت في تحطم زجاج مركبات ونوافذ المنازل القريبة وتضرر محتوياتها، دون أن يبلغ عن إصابات في صفوف المواطنين.
وأطلقت قوات العدو الرصاص الحي تجاه مركبة إسعاف، أثناء توجهها لمخيم نور شمس لإخلاء حالة مرضية، ومنعتها من الوصول إليها.
وشهدت حارة المحجر في المخيم عمليات اقتحام وتفتيش مكثفة للمنازل نفذها جنود العدو، فيما انتشرت فرق المشاة في حارة جبل النصر، حيث أقدمت على تفجير إحدى بوابات مسجد النصر في المخيم، وسط إطلاق نار كثيف، كما أضرمت النيران في منزل المواطن ياسر مقبل في حارة المنشية، ما أدى إلى احتراق أجزاء من المنزل، وإلحاق أضرار مادية جسيمة.
ودفعت قوات العدو بتعزيزات عسكرية باتجاه المدينة ومخيميها، مرورا بشوارعها الرئيسية، واعترضت حركة تنقل المواطنين والمركبات، فيما عززت من آلياتها وجرافاتها الثقيلة، أمام المباني التي تستولي عليها في شارع نابلس وتحولها لثكنات عسكرية، وفي محيط مخيمي طولكرم ونور شمس، وأقامت حواجز متنقلة لتقييد حركة تنقل المواطنين.
وفي مخيم طولكرم، انتشرت قوات العدو بدورياتها الراجلة في حارتي أبو الفول وقاقون في مخيم طولكرم، حيث داهمت المنازل وخلعت الأبواب وعاثت فيها خرابا، إضافة إلى إطلاق قنابل صوتية لترويع السكان، كما استولت على مزيد من المنازل وحولتها إلى ثكنات عسكرية.
وفي حارة المقاطعة، اعتقلت قوات العدو المواطن نزار الطويل ونجله أحمد، بعد الاعتداء عليهما بالضرب، حيث احتجزتهما لأكثر من 12 ساعة قبل الإفراج عنهما في ساعات الفجر الأولى، بينما تعرض عدد آخر من المواطنين للتنكيل أثناء عمليات المداهمة لمنازلهم.
وفي ضاحية اكتابا، انتشرت فرق المشاة في منطقة حي إسكان الموظفين، وتحديداً المنطقة المقابلة لمخيم نور شمس، حيث داهمت منازل المواطنين وأجرت عمليات تفتيش واسعة داخلها، وأخضعت سكانها للاستجواب الميداني.
وتأتي هذه الاعتداءات في سياق التصعيد المستمر لقوات العدو في مدينة طولكرم ومخيميها، والذي أسفر عن استشهاد 13 مواطنا، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حاملا في الشهر الثامن، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 12 آلف مواطن من مخيم نور شمس، و12 ألف آخرين من مخيم طولكرم، مخلفا دمارا واسعا في البنية التحتية ومنازل المواطنين.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال الصهيوني يخرق الهدنة ويشرع في عمليات قصف بقطاع غزة
  • المسيحية الصهيونية.. كيف تحولت إلى أداة سياسية؟
  • مفتي عمان يدين عدوان الصهيونية وحلفائها على اليمن وغزة
  • ارتفاع عدد شهداء الغارة الصهيونية على جنوب لبنان إلى أربعة
  • مظاهرات في أوروبا لدعم فلسطين والتنديد بمجازر إسرائيل
  • ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 48,543 شهيدا
  • ماذا بعد الصهيونية؟
  • جامعة أمريكية تطرد طلابا على خلفية رفضهم لحرب الإبادة الصهيونية في غزة
  • تواصل العدوان الصهيوني على طولكرم لليوم الـ 48
  • لأول مرة في التاريخ.. أكثر من نصف الديمقراطيين في أمريكا يؤيدون فلسطين ضد إسرائيل