لجريدة عمان:
2024-09-14@18:00:49 GMT

حتى لا نفقد قوة الموسيقى العُمانية الناعمة

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

منذ بداية الكتابة في هذا العمود، تطرقت إلى موضوعات موسيقية عديدة، ناقشت فيها الظاهرة الموسيقية العُمانية كممارسة اجتماعية وثقافية مع محاولات لربط حلقاتها التاريخية بعضها مع بعض كلما كان ذلك ممكنا. من هنا كان معظمها (المقالات) في سياق التأريخ للموسيقى العُمانية، فيما احتوت أخرى على ملاحظات وآراء بشأن أحوال الموسيقى والغناء في بلادنا العزيزة، آملا أن تكون نافعة ومفيدة ومساهمة متواضعة من واقع التجربة والممارسة في الجهود المخلصة الساعية إلى تنمية وتطوير المجال الموسيقي العُماني.

ورغم الجهود الكبيرة والمقدرة إلا إنني في الواقع أرى أن المؤسسات الثقافية والإعلامية ودار الأوبرا السلطانية المعول عليها كثيرًا من الوسط الموسيقي لم تبلور بعد رؤية واضحة مشتركة بشأن تنمية وتعزيز القوة الناعمة للموسيقى والغناء تستجيب لواقع الممارسة وتعكس تنوعها واحتياجاتها، وتستثمر ما هو موجود بالفعل من قدرات وممارسات وتوجهات فنية معاصرة في الموسيقى العُمانية، الأمر الذي لا يتناسب مع تاريخ وتراث هذا البلد الجميل ومبدعيه الكثر. من هنا لا غرابة أن فضل هواة الغناء والموسيقى من الشباب العُماني أغاني بعض مطربي الخليج والجزيرة العربية واختاروا أداءها في المناسبات العامة والخاصة بسبب تأثرهم بها وضعف تأثير القوة الناعمة للموسيقى العُمانية، ومهرجان الأغنية العُمانية الأخير مثال جيد على هذا الوضع، وهذه الملاحظة ليست جديدة، وقد أشرت إليها في أكثر من مقال سابق.

ولا أعني هنا بالقوة الناعمة الفكر الموسيقي العُماني من أنماط الموسيقى وقوالبها الفنية بتنوعاتها وتوجهاتها التراثية والحديثة، أو البحث الموسيقي والقيادة الفنية والتأليف والتوزيع والغناء وأساليب العزف فحسب بل وكذلك طرق وأساليب الاشتغال في المجالات الفنية المساعدة مثل: كتابة النصوص الشعرية والإنتاج الفني، وإدارة وتشغيل أنظمة الصوت والإضاءة وكفاءتها، ومهارات الإخراج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني وبرامج عمل القاعات والمسارح وغيرها. وفي حين لا أرى تطورًا جوهريًا في سياسات الإنتاج الموسيقي منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة، أود التأكيد في هذه المناسبة بشدة على أن قدرات ومهارات الموسيقيين العُمانيين اليوم وكل المنظومة الفنية التي أشرت إليها ليست كما كانت قبل عشرين أو ثلاثين سنة الماضية، وهي (المنظومة) قادرة مع قليل من الصبر والمثابرة على خلق صناعة فنية كبيرة ومؤثرة، فالظروف تغيرت والقدرات والمهارات تنوعت وتطورت في جميع هذه المجالات ولم يبق من وجهة نظري سوى الاستثمار الحسن والمدروس لها، وللطاقات الإبداعية الموسيقية والغنائية العُمانية ومشاريعها الفنية وتهيئة الظروف الملائمة لهذه الصناعة الكبيرة. وإنَّ الذي كان مناسبًا من أدوات وفعاليات قبل عشرين سنة أو أكثر لم تعد كذلك نافعة للاستيراد من وجهة نظري المتواضعة دون إحداث تغييرات جوهرية في أصل الفكرة وإدارة تنفيذها.

إنَّ تطوير الأغنية في عُمان لن تبلغ الأثر والمردود المنشودين إلا عبر تسخير منظومة كاملة من الإمكانات والقدرات العُمانية البشرية والمادية والمعنوية، وفتح المنابر والفرص المتنوعة لمختلف الممارسات والتجارب الإبداعية وروادها دون تمييز، متطلعًا أن تضع المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية بالموسيقى والغناء استراتيجية مشتركة من شأنها تنمية القوة الناعمة الموسيقية العُمانية، ووقف الهدر للطاقات البشرية الإبداعية الموسيقية والغنائية ومشاريعها الفنية، ودراسة الفعاليات الموسيقية جميعها دراسة وافية بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية لواقع الممارسة والأهداف الاستراتيجية المتفق عليها من جميع الأطراف الحكومية والخاصة بما في ذلك الموسيقيين ومكونات المنظمة الفنية كلها. إن اليد الواحدة لا تصفق كما يقول المثل، وأتطلع إلى تعاون وشراكة تامة في هذا السياق.

إن الواقع الموسيقي بحاجة من وجهة نظري إلى استيعاب فكره المتنوع وتطوير أدوات التعامل معه، ليس فقط كتراث فحسب بل وكذلك كفكر موسيقي حديث ومتجدد. ومن المهم جدًا ملاحظة تطور الممارسة من البديهية إلى التعبيرية في اللغة الموسيقية وأنماطها وآلاتها الموسيقية وأساليب أدائها وعلاقتها الوطيدة بالشعر. قال شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حسان بن ثابت، رضي الله عنه:

تَغنَّ في كُلِ شِعرِ أنتَ قائلُهُ.. إن الغناءَ لهذا الشِعرَ مضمارُ

يَميزُ مُكفَأهُ عنهُ ويعزِلُهُ.. كما تَميزُ خبيثَ الفضةِ النّارُ

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانیة

إقرأ أيضاً:

علي الحجار يحيي الليلة الثالثة من مشروع " 100سنة غنا" تكريماً لبليغ حمدي.. صور

نظمت دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، ليلة لا تُنسى من الإبداع الفني، احتضن خلالها المسرح الكبير ثالث ليالي مشروع "١٠٠ سنة غنا" بالتعاون مع النجم الكبير علي الحجار ، والذي يكرم الرحلة الفنية للموسيقار  بليغ حمدي، وذلك ضمن خطط الثقافة المصرية الهادفة لتقديم روائع وإبداعات رموز الموسيقى والغناء العربي.

 

 وتحت لافتة كامل العدد ووسط أجواء  مفعمة بالتأمل والطرب ، عاش الجمهور لحظات استثنائية مع اوبريت أمل مصر"، الذي جاء كاحتفال غنائي استعراضي استثنائى، مُعد بإبداع الكاتب الصحفى أيمن الحكيم وإخراج عصام السيد، بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد فرج، وتصميم الاستعراضات المبهر من شيرين حجازي، كما أضافت الإضاءة التى صممها ياسر شعلان والديكور  لمحمد الغرباوي مع  الجرافيك من حسام أحمد، خلفية بصرية مذهلة للمشهد الفني.


بدأت الليلة بأغنية  ١٠٠ سنةغنا بصوت على الحجار الذى واصل ابداعة مع نخبة من الألحان الخالدة للموسيقار الراحل بليغ حمدى منها   " على قد ماحبينا ،لما انت ناوى ع السفر ،يابو قلب دهب ،طاير ياهوا،تخونوه،مابلاش،اللى بنى مصر ،على رمش عيونها،اشرقت،انا كل ما اقول التوبة،يأرضنا" .  
وسجل النجمان محمد محيي ووائل الفشني بصوتهما العذب حضورا بارزا، حيث أضافا رونقاً خاصاً للأعمال الخالدة  منها  : " جرحتنى عيونه السوده، قالت، مولاى"، بينما تألق نجوم الأوبرا إيناس عز الدين، حنان عصام، وأحمد عبد العزيز بأداء مبهر لأغاني " حب ايه، على حسب وداد قلبى، ياسمرانى اللون، فى العلالى، عاشقة وغلبانة".


تخلل الأوبريت عرضا  لمادة فيلمية تضم مشوار كبار الفنانين الذى لحن لهم بليغ حمدى منهم" أم كلثوم ، ليلى مراد ، وردة ، النقشبندى ، بالإضافة إلى فيديوهات " ١٢ جنيه ، الفولكلور ،بدايات بليغ"، وتجملت  صوليست القانون أمنية صبري بعزف لأغنية الف ليلة وليلة، وفى الختام  تغنى النجم على الحجار والمجموعة  بأغاني نصر أكتوبر.

مشروع ١٠٠ سنة غنا


يذكر أن المشروع الفني ١٠٠ سنة غنا، يضم سلسلة من العروض التي ترصد تاريخ الموسيقى والغناء العربى وتطوره خلال القرنين التاسع عشر والعشرين مع تناول اهم الموسيقيين خلال تلك الفترة فى شكل يجمع الغناء بالدراما والاستعراض ويهدف الى تاكيد ريادة مصر الفنية فى هذا المجال وتعريف الأجيال الجديدة بالتراث والتعبير عن التحولات الإجتماعية والسياسية التى مر بها المجتمع في مختلف الفترات الزمنية من خلال الموسيقى والغناء.

مقالات مشابهة

  • أردوغان يحذر من كراهية الأجانب في تركيا ويهاجم المعارضة بشدة.. يضرون بقوتنا الناعمة
  • "قالوا وقولنا عن المولد النبوي".. هل كانت تُضرب الموسيقى والطبول أيام الرسول؟
  • لهذا السبب.. ريال مدريد يعلّق الحفلات الموسيقية بالبرنابيو
  • علي الحجار يحيي الليلة الثالثة من مشروع " 100سنة غنا" تكريماً لبليغ حمدي.. صور
  • الأوبرا تحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف في معهد الموسيقى العربية
  • أشرف زكى وأسر ياسين أبرزهم.. نجوم القوى الناعمة يحتفلون بإطلاق "غايا" الإبداعى
  • بفعاليات كرنفالية مبهجة.. نجوم القوى الناعمة يحتفلون باطلاق "غايا" الابداعى
  • نقابة محترفي الموسيقى والغناء تهدّد حسام جنيد.. أهان الفنانين اللبنانيين
  • ماذا تحتاج الكرة العُمانية لتخرج من سُباتها؟
  • بزشكيان بضيافة اربيل.. عندما تزيل الدبلوماسية الناعمة الأسلاك الشائكة