حتى لا نفقد قوة الموسيقى العُمانية الناعمة
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
منذ بداية الكتابة في هذا العمود، تطرقت إلى موضوعات موسيقية عديدة، ناقشت فيها الظاهرة الموسيقية العُمانية كممارسة اجتماعية وثقافية مع محاولات لربط حلقاتها التاريخية بعضها مع بعض كلما كان ذلك ممكنا. من هنا كان معظمها (المقالات) في سياق التأريخ للموسيقى العُمانية، فيما احتوت أخرى على ملاحظات وآراء بشأن أحوال الموسيقى والغناء في بلادنا العزيزة، آملا أن تكون نافعة ومفيدة ومساهمة متواضعة من واقع التجربة والممارسة في الجهود المخلصة الساعية إلى تنمية وتطوير المجال الموسيقي العُماني.
ورغم الجهود الكبيرة والمقدرة إلا إنني في الواقع أرى أن المؤسسات الثقافية والإعلامية ودار الأوبرا السلطانية المعول عليها كثيرًا من الوسط الموسيقي لم تبلور بعد رؤية واضحة مشتركة بشأن تنمية وتعزيز القوة الناعمة للموسيقى والغناء تستجيب لواقع الممارسة وتعكس تنوعها واحتياجاتها، وتستثمر ما هو موجود بالفعل من قدرات وممارسات وتوجهات فنية معاصرة في الموسيقى العُمانية، الأمر الذي لا يتناسب مع تاريخ وتراث هذا البلد الجميل ومبدعيه الكثر. من هنا لا غرابة أن فضل هواة الغناء والموسيقى من الشباب العُماني أغاني بعض مطربي الخليج والجزيرة العربية واختاروا أداءها في المناسبات العامة والخاصة بسبب تأثرهم بها وضعف تأثير القوة الناعمة للموسيقى العُمانية، ومهرجان الأغنية العُمانية الأخير مثال جيد على هذا الوضع، وهذه الملاحظة ليست جديدة، وقد أشرت إليها في أكثر من مقال سابق.
ولا أعني هنا بالقوة الناعمة الفكر الموسيقي العُماني من أنماط الموسيقى وقوالبها الفنية بتنوعاتها وتوجهاتها التراثية والحديثة، أو البحث الموسيقي والقيادة الفنية والتأليف والتوزيع والغناء وأساليب العزف فحسب بل وكذلك طرق وأساليب الاشتغال في المجالات الفنية المساعدة مثل: كتابة النصوص الشعرية والإنتاج الفني، وإدارة وتشغيل أنظمة الصوت والإضاءة وكفاءتها، ومهارات الإخراج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني وبرامج عمل القاعات والمسارح وغيرها. وفي حين لا أرى تطورًا جوهريًا في سياسات الإنتاج الموسيقي منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة، أود التأكيد في هذه المناسبة بشدة على أن قدرات ومهارات الموسيقيين العُمانيين اليوم وكل المنظومة الفنية التي أشرت إليها ليست كما كانت قبل عشرين أو ثلاثين سنة الماضية، وهي (المنظومة) قادرة مع قليل من الصبر والمثابرة على خلق صناعة فنية كبيرة ومؤثرة، فالظروف تغيرت والقدرات والمهارات تنوعت وتطورت في جميع هذه المجالات ولم يبق من وجهة نظري سوى الاستثمار الحسن والمدروس لها، وللطاقات الإبداعية الموسيقية والغنائية العُمانية ومشاريعها الفنية وتهيئة الظروف الملائمة لهذه الصناعة الكبيرة. وإنَّ الذي كان مناسبًا من أدوات وفعاليات قبل عشرين سنة أو أكثر لم تعد كذلك نافعة للاستيراد من وجهة نظري المتواضعة دون إحداث تغييرات جوهرية في أصل الفكرة وإدارة تنفيذها.
إنَّ تطوير الأغنية في عُمان لن تبلغ الأثر والمردود المنشودين إلا عبر تسخير منظومة كاملة من الإمكانات والقدرات العُمانية البشرية والمادية والمعنوية، وفتح المنابر والفرص المتنوعة لمختلف الممارسات والتجارب الإبداعية وروادها دون تمييز، متطلعًا أن تضع المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية بالموسيقى والغناء استراتيجية مشتركة من شأنها تنمية القوة الناعمة الموسيقية العُمانية، ووقف الهدر للطاقات البشرية الإبداعية الموسيقية والغنائية ومشاريعها الفنية، ودراسة الفعاليات الموسيقية جميعها دراسة وافية بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية لواقع الممارسة والأهداف الاستراتيجية المتفق عليها من جميع الأطراف الحكومية والخاصة بما في ذلك الموسيقيين ومكونات المنظمة الفنية كلها. إن اليد الواحدة لا تصفق كما يقول المثل، وأتطلع إلى تعاون وشراكة تامة في هذا السياق.
إن الواقع الموسيقي بحاجة من وجهة نظري إلى استيعاب فكره المتنوع وتطوير أدوات التعامل معه، ليس فقط كتراث فحسب بل وكذلك كفكر موسيقي حديث ومتجدد. ومن المهم جدًا ملاحظة تطور الممارسة من البديهية إلى التعبيرية في اللغة الموسيقية وأنماطها وآلاتها الموسيقية وأساليب أدائها وعلاقتها الوطيدة بالشعر. قال شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حسان بن ثابت، رضي الله عنه:
تَغنَّ في كُلِ شِعرِ أنتَ قائلُهُ.. إن الغناءَ لهذا الشِعرَ مضمارُ
يَميزُ مُكفَأهُ عنهُ ويعزِلُهُ.. كما تَميزُ خبيثَ الفضةِ النّارُ
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الع مانیة
إقرأ أيضاً:
تفقد الدورات الصيفية في مديرية بني العوام
الثورة نت/..
تفقد وكيل محافظة حجة لشؤون مديريات المدينة أحمد الأخفش والمدير التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين حمزة شرف الدين اليوم الدورات الصيفية في بني العوام.
واستمع الأخفش وشرف الدين ومعهما مسؤول التعبئة ماجد مران ومدير فرع مكتب هيئة الأوقاف محمد قطران، من مسئول القطاع التربوي في المديرية شرف الحوثي إلى شرح حول مستوى الإقبال وسير تنفيذ الانشطة والبرامج الصيفية.
وحث الزائرون الطلاب على تحقيق الاستفادة المثلى من الدورات الصيفية والتزود بهدى الله وحفظ القرآن الكريم وتلاوته.
واكدوا أهمية الدورات الصيفية لإكساب النشء والشباب المهارات المختلفة واكتشاف المواهب وصقلها وتنمية القدرات علمياً وثقافيا ورياضيا والتحصن من المفاهيم السلبية السيئة المدجنة ومخاطر الحرب الناعمة.
وخلال الزيارة تم تقديم قرطاسية ومستلزمات دراسية من صندوق النظافة للدورات الصيفية.
إلى ذلك عقد في مديرية بني العوام لقاء موسع برئاسة الوكيل الأخفش للتحشيد للدورات الصيفية.
وأكد وكيل المحافظة في اللقاء الذي ضم المدير التنفيذي لصندوق النظافة ومسؤولي التعبئة والقطاع التربوي في المديرية وعدد من مديري فروع المكاتب التنفيذية، أهمية الدفع بالأبناء للالتحاق بالمدارس الصيفية والتي تعتبر الحصن الحصين لهم من مخاطر الأعداء والحرب الناعمة والثقافات المغلوطة.