بين العمل التطوعي والمنظم "2- 3"
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
عبيدلي العبيدلي **
ينطوي الحد من الآثار السلبية للاختلافات بين العمل التطوعي العفوي والمنظم على عدة مناهج استراتيجية. وفي وسع المنظمات غير الربحية معالجة هذه الاختلافات بفعالية من خلال:
1. تعزيز المرونة في العمل التطوعي المنظم:
• تنفيذ فرق الاستجابة السريعة: يتحقق ذلك من خلال تطوير فرق متخصصة داخل هياكل منظمة يمكنها التعبئة بسرعة مثل المتطوعين العفويين.
• تبسيط البيروقراطية: تبسيط الإجراءات للمتطوعين لتحفيز روح المشاركة في نفوسهم، وتقليل الأعمال الورقية، وإجراءات الموافقة لتشجيع المزيد من المشاركة الفورية.
2. تعزيز الهيكلة في العمل التطوعي العفوي:
• إنشاء مجموعات أدوات المتطوعين: زود المتطوعين العفويين بمجموعات أدوات أو إرشادات توفر هيكلًا متماسكًا، دون أن يؤدي ذلك إلى إرباكهم. يمكن أن تشمل هذه أفضل الممارسات للسلامة والاتصالات وإدارة المهام.
• إنشاء قيادة مؤقتة: تشجيع تشكيل أدوار قيادية مؤقتة داخل مجموعات عفوية لتنسيق الجهود بشكل أكثر فعالية، حتى بالنسبة للمشاريع قصيرة الأجل.
3. تحسين التنسيق بين كلا النوعين:
• تطوير منصات تعاونية: استخدم المنصات الرقمية، التي تسمح للمتطوعين العفويين والمنظمين بتنسيق الأنشطة، والتشارك في الموارد، والتواصل الآني. وهذا يضمن أن تكون الجهود متكاملة وليست مزدوجة.
• اجتماعات مشتركة منتظمة: جدولة اجتماعات أو منتديات منتظمة حيث يمكن لممثلي مجموعات المتطوعين العفوية والمنظمة، مناقشة الجهود الجارية والتحديات الطارئة، وتعزيز وفرص التعاون.
4. زيادة مشاركة الموارد:
• إقراض الموارد: يمكن للمنظمات غير الربحية المنظمة إقراض موارد مثل الأدوات أو الإمدادات أو الخبرة للمجموعات العفوية لتعزيز فعاليتها دون مطالبتها باعتماد هيكل تنظيمي كامل.
• التمويل والمنح: تقديم منح صغيرة أو فرص تمويل صغيرة لمجموعات المتطوعين العفوية لدعم أنشطتهم، ومساعدتهم على العمل بشكل أكثر فعالية مع الحفاظ على استقلاليتهم.
5. دمج التدريب والتعليم:
• برامج التدريب المتبادل: يمكن للمجموعات المنظمة تدريب المتطوعين العفويين، ومساعدتهم على تطوير المهارات اللازمة لأدوارهم. هذا يقلل من المخاطر المرتبطة بالمتطوعين غير المدربين مع الحفاظ على الطبيعة التلقائية لعملهم.
• فرص الإرشاد: الجمع بين المتطوعين ذوي الخبرة من المجموعات المنظمة والمتطوعين العفويين لتقديم التوجيه والدعم، مما يساعد على سد الفجوة بين الهيكل والمرونة.
6. التوازن بين المساءلة والمرونة:
• آليات الإبلاغ المبسطة: تنفيذ أدوات إعداد تقارير سهلة الاستخدام للمتطوعين العفويين لتتبع التقدم دون فرض أعباء إدارية ثقيلة. يمكن أن يكون هذا بسيطا مثل إرسال تحديثات موجزة عبر تطبيق جوال.
• أنظمة الاعتراف والتغذية الراجعة: تطوير برامج الاعتراف التي تعترف بمساهمات كل من المتطوعين العفويين والمنظمين، وتعزيز ثقافة المساءلة والتقدير.
7. تشجيع القيادة التكيفية:
• برامج تطوير القيادة: توفير التدريب على القيادة مع التركيز على القدرة على التكيف والمرونة، وضمان أن القادة في المنظمات غير الربحية يمكنهم إدارة مجموعات تطوعية متنوعة، بما في ذلك المجموعات العفوية.
• تمكين القادة العفويين: تحديد القادة الطبيعيين داخل مجموعات المتطوعين التلقائية ومنحهم فرصا لتطوير مهاراتهم القيادية، مما يساعد على استقرار وتوجيه الجهود التلقائية.
8. تعزيز التفاهم والاحترام المتبادلين
• مبادرات التبادل الثقافي: تشجيع التفاعل والتعلم المتبادل بين المتطوعين العفويين والمنظمين، وتعزيز الشعور بالاحترام والتفاهم لنهج كل مجموعة.
• المشاريع المشتركة: تنظيم المشاريع التي تتطلب التعاون بين المتطوعين العفويين والمنظمين، مما يسمح لهم بالعمل معا، والتعلم من بعضهم البعض، ورؤية القيمة في الأساليب المختلفة.
دور الذكاء الاصطناعي في هذه العمليات
من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن للمنظمات غير الربحية التخفيف من الآثار السلبية للاختلافات بين العمل التطوعي العفوي والمنظم، مما يؤدي إلى جهود تطوعية أكثر فعالية وانسجاما. ويمكن من خلال الاستعانة بمنظومات الذكاء الاصطناعي في استخدام تلك التطبيقات، تقليص الاختلافات وتعزيز القواسم المشتركة بين العمل التطوعي العفوي والمنظم. ويتم ذلك من خلال:
1. تعزيز التنسيق والاتصال:
• المنصات التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي: يمكن الذكاء الاصطناعي تشغيل المنصات الرقمية التي تركز التواصل والتنسيق للمتطوعين العفويين والمنظمين. يمكن لهذه الأنظمة الأساسية مطابقة المتطوعين مع المهام، وتوفير تحديثات في الوقت الفعلي، ومواءمة جميع الجهود.
• روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين: يمكن لروبوتات الدردشة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التعامل مع الاستفسارات الروتينية وتقديم التوجيه وربط المتطوعين بالموارد المناسبة، مما يضمن حصول المتطوعين التلقائيين على نفس الدعم مثل أولئك الموجودين في المجموعات المنظمة.
2. اتخاذ القرارات القائمة على البيانات:
• التحليلات التنبؤية: يمكن الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من جهود المتطوعين السابقة للتنبؤ بالأماكن التي ستكون فيها المساعدة في أمس الحاجة إليها؛ سواء في السياقات العفوية أو المنظمة. وهذا يساعد كلا النوعين من مجموعات المتطوعين على نشر الموارد بشكل أكثر فعالية.
• تحسين الموارد: يمكن للخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحسين تخصيص الموارد (على سبيل المثال، الوقت والإمدادات والموظفين) لضمان دعم كل من الجهود التلقائية والمنظمة، مما يقلل من تفاوت الموارد بينهما.
باختصار، تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في سد الفجوة بين العمل التطوعي العفوي والمنظم من خلال توفير الأدوات التي تعزز التواصل والتنسيق وتخصيص الموارد. من خلال أتمتة العمليات وتحسينها، يسهل الذكاء الاصطناعي على كلا النوعين من المتطوعين العمل معا، والتركيز على أهدافهم المشتركة، وتقليل الاختلافات التي تفصل بينهما تقليديا.
** خبير إعلامي
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
د. محمد عسكر يكتب: سباق الذكاء الاصطناعي وتحذير أخير
الذكاء الإصطناعي هو حديث العالم، خصوصا تطبيقات الدردشة القادرة على التجاوب معك. لكن ألا يمثل هذا خطرا كبيرا؟
الدردشة مع تطبيقات الذكاء الإصطناعي هي الترند حالياً في عالم التكنولوجيا والتقنية، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالنسخة المطورة من "شات جي بي تي- 4" التي تم إطلاقها حديثاً، والتي توفر خصائص جديدة تتعدى بكثير النسخة السابقة. هذا وإن كان التطوّر الكبير في الذكاء الإصطناعي يجذب الإهتمام حاليا لما يتمتع به من مقومات وقدرات فائقه ، وخصوصاً قدرته على تقديم أجوبة فيها نسب عالية من الدقة، كذلك قدرته على القيام بعدد من المهام البشرية في العديد من المهن، ومن ذلك على سبيا المثال لا الحصر مهام الكتابة والترجمة والمحاسبة وجمع المعلومات والتحليل المالي وغير ذلك، ولكنه على الجانب الآخر يثير مخاوف كبيرة تهدّد الكثير من الناس ليس فقط بفقدان وظائفهم ولكن شتى جوانب حياتهم اليومية وقد وصل الأمر لفقدان شخص حياته بالانتحار من أثر تعامله مع أحد هذه البرامج.
خلال العقود الماضية كانت المخاطر التي دأب الكثيرون على التحذير منها هي الانفجار السكاني، التلوث البيئي ونقص الموارد الطبيعية. أما اليوم ومع التطور التكنولوجى الهائل في شتى المجالات ومع تعدد تطبيقاته، فقد تحول الأمر إلى أخطار أخرى تمثل تهديداً وجودياً؛ روبوتات سيصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها بالتفوق على البشر، خاصة مع قدرات الذكاء الإصطناعي اللامحدوده، أو فيروسات حاسوبية مدمرة قد توقف الإنترنت عن العمل. الذكاء الإصطناعي هو الموضة الجديدة التي يدور الحديث حولها الأن في كل المجالات، في أجهزة الهواتف الذكية، في الأجهزة المنزلية، في التلفزيونات، في الأسلحة، وأيضاً في السيارت الذكية، التي يفترض أن تنتشر قريباً في مدن العالم. القلق الحقيقي، وفق بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان بكثير مما يمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتي، من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.
لذلك وجب التحذير من أن هذا التطور المتسارع بهذه الوتيرة والإفرط فى تطوير برامج وتقنيات الذكاء الإصطناعى دون ضوابط حقيقية أو أنظمة حماية سيؤثر سلبًا على الجنس البشري وسيؤدي في لحظة ما إلى أضرار جسيمة في عدة جوانب حساسة في حياته. فقدرة الأجهزة التقنية على اتخاذ آلاف القرارات المعقدة في الثانية الواحدة يمكن استخدامها إما فى منفعة أو إيذاء الناس، ويعتمد ذلك على الشخص نفسة الذي يقوم بتصميم النظام.
كان مثيراً للإهتمام وجود أسماء مهتمة كثيرة بالتطور التكنولوجي، كـ إيلون ماسك يدعو إلى التوقف لمدة ستة أشهر عن تطوير أنظمة أقوى من روبوت الدردشة (شات جي.بي.تي-4) الذي أطلقته شركة أوبن إيه.آي في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى المخاطر المحتملة لمثل هذه التطبيقات على المجتمع. وفى نفس الوقت فقد طالب كثير من الخبراء فى المجال بوقف موقّت لعمليات تطوير برامج الذكاء الإصطناعي إلى حين إعتماد أنظمة حماية، تتيح تنظيم هذه العمليات ومراقبتها وتحليل المعلومات الواردة إليها، وكذلك معالجة ما قد ينجم عن إستخدامها من إختلالات.
ونحن هنا وإن كنا ندرك أهمية التطور التكنولوجى فإننا فى ذات الوقت نتسأل عن جدوى تطوير "عقول غير بشرية قد تفوقنا عدداً وتتفوق علينا في النهاية وتحل محلنا "؟ وعن خطر المجازفة بفقدان السيطرة على الحضارة البشرية.
هل يجب أن نسمح للآلات بذلك؟