الأول من نوعه.. لقاح لحماية الحوامل والأطفال من الملاريا

أثبتت دراسات سريرية -أجريت لأول مرة على شابات- أن التطعيم بلقاح الملاريا يحمي من الملاريا أثناء الحمل ويستمر في حمايتهن لموسمين من مواسم انتقال المرض دون الحاجة لجرعات تعزيزية. ونُشرت نتائج جديدة تحققت من سلامة وفعالية لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية (PfSPZ) في مجلة لانسيت للأمراض.

الملاريا

الملاريا يهدد حياة الإنسان وينتقل عن طريق بعض أنواع البعوض الذي يحمل الطفيليات المسببة للمرض الذي يوجد غالبا في البلدان الاستوائية.

ويمكن الوقاية منه وعلاجه. ويحدث بسبب كائن حي طفيلي ولا ينتقل من شخص إلى آخر.

ووفق منظمة الصحة فإن الرضع والأطفال دون الخامسة والحوامل والمسافرين والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (إيدز) هم الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى الشديدة.

وهناك 5 أنواع من طفيليات المتصورة التي تسبب الملاريا لدى البشر، ويشكل نوعان منها (المتصورة النشيطة والمتصورة المنجلية) التهديد الأكبر، والأخيرة أخطر طفيليات الملاريا وأكثرها انتشارا بالقارة الأفريقية.

الملاريا تنتقل إلى الإنسان عن طريق بعض أنواع البعوض (شترستوك) الملاريا والحمل

وتشكل الملاريا مشكلة ضخمة للحوامل، حيث إن عدوى المتصورة المنجلية أثناء الحمل تؤدي إلى حوالي 50 ألف حالة وفاة بين الأمهات و200 ألف حالة ولادة جنين ميت في أفريقيا كل عام.

ونُشرت نتائج الدراسة التي تحققت من سلامة وفعالية لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية (PfSPZ) بمجلة لانسيت للأمراض يوم 14 أغسطس/آب الحالي.

وأجرى الدراسة فريق بقيادة باحثين في مركز أبحاث وتدريب الملاريا في (باماكو-مالي) ومختبر مناعة الملاريا واللقاحات، والمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، والمعاهد الوطنية للصحة، وشركة ساناريا. وقد أجريت التجربتان السريريتان بقيادة الدكتورة حليمة ديوارا والدكتورة سارة هيلفي الفترة الممتدة منذ العام 2018 وحتى 2021.

يقول البروفيسور عبد الله جيمدي مدير مركز أبحاث وتدريب الملاريا في جامعة باماكو "الحماية الأفضل للأم والجنين المتطور أصبحت ضرورية للغاية. يتمتع لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية بملف أمان ممتاز، وقد عملت فرقنا مع شركاء من معاهد الصحة الأميركية وشركة ساناريا على مدار سنوات لإثبات فعاليته في مالي، حيث يكون انتقال الملاريا موسميا وبشكل مكثف".

الدراسة واللقاحات

استهدفت الدراسة النساء اللواتي يخططن للحمل في السنة التالية لمشاركتهن في الدراسة. وبعد التطعيم، تم إيقاف استخدام وسائل منع الحمل في معظم الحالات، وتمت متابعة النساء خلال موسمين من مواسم انتقال الملاريا على مدى ما يقرب من عامين.

وتمت متابعة النساء اللواتي أصبحن حوامل طوال فترة الحمل، وتمت متابعة المواليد حتى بلوغهم عامهم الأول لقياس النتائج طويلة المدى. وشملت الدراسة مجموعتين من اللقاح، إحداهما تلقت جرعات منخفضة والأخرى عالية من اللقاح (مئة امرأة في كل مجموعة) بالإضافة لمجموعة وهمية تلقت محلولا ملحيا عاديا (مئة امرأة).

وتم تحمل لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية بشكل جيد وكان آمنا لكل من الأمهات وأطفالهن، ولم تُظهر الاختبارات اختلافات في معدل أو شدة الآثار الجانبية مقارنة بالمجموعة الوهمية. وأظهرت فعالية اللقاح ضد عدوى الطفيليات المسببة للملاريا في المجموعة ذات الجرعة المنخفضة نسبة تصل إلى 61% بالسنة الثانية، وهو إنجاز غير مسبوق للقاحات الملاريا.

وعلى مدار الموسمين، بلغت فعالية اللقاح بهذه المجموعة ضد عدوى الطفيليات أثناء الحمل 57%. أما في المجموعة ذات الجرعة العالية، فقد بلغت الفعالية ضد عدوى الملاريا 86% في السنة الأولى للنساء اللواتي أصبحن حوامل.

الملاريا أثناء الحمل مشكلة ضخمة للحوامل (شترستوك) نتائج غير متوقعة

كانت النتيجة غير المتوقعة هي اكتشاف الحمل في وقت مبكر بمجموعة اللقاح مقارنة بالمجموعة الوهمية. ورغم أنها كانت ذات دلالة إحصائية غير قوية، فإنها تشير إلى أن عدوى الملاريا قد تؤدي للإجهاض في العديد من المراحل المبكرة من الحمل قبل اكتشافها. ومن خلال الوقاية من هذه العدوى المبكرة، بدا أن اللواتي حصلن على اللقاح أصبحن حوامل بشكل أسرع.

ويقول ألساني ديكو قائد هذا الفريق في مالي "كان تقييم فعالية لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية لدى اللواتي يرغبن في الحمل الخطوة المنطقية والأخلاقية التالية. كنا متحمسين لرؤية فعالية كبيرة للقاح ضد عدوى المنجلية ليس فقط في السنة الأولى، بل أيضا خلال موسم انتقال مكثف ثانٍ عند إعطائه قبل الحمل. وهذا يعد تقدماً هائلا في حماية النساء من الملاريا قبل وأثناء الحمل. كما فوجئنا بالنتيجة الإيجابية الإضافية وهي أن الملقحات حملن بشكل أسرع".

الوقت الأنسب لإنقاذ النساء والأطفال

يقول الدكتور ستيفن هوفمان مؤسس ومدير "ساناريا" إن لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية من شركته "يتمتع بسجل طويل من الأمان والتحمل الممتاز، وقد أظهر حماية قوية ودائمة ضد عدوى هذه المتصورة في عدة دراسات بأفريقيا. وتشير النتائج إلى إمكانياته في إنقاذ حياة النساء (في سن الإنجاب) وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد في أفريقيا".

ويعتقد أن أفضل وقت لإعطاء اللقاح للمراهقات قبل الحمل، مع جرعة تعزيزية عند الحمل. وسيتم إعطاء سلسلة كاملة من التطعيم لأي حامل لم يتم تطعيمها من قبل. والخطوة التالية ستكون إثبات سلامة وفعالية لقاح الملاريا للمتصورة المنجلية لدى الحوامل.

وتقول البروفيسورة روز ليك من جامعة الكاميرون والحائزة على جائزة فيرشو العالمية للصحة لعام 2023 ورئيسة لجنة المراجعة المستقلة لتحالف اللقاحات "رغم أن الحوامل يتم استبعادهن عادة من العديد من الدراسات السريرية، فإن حجم المشكلة والتأثيرات العميقة للملاريا في سن الإنجاب يفرض علينا التزاما أخلاقيا لتصميم واختبار أدوية ولقاحات لهذه المجموعة الضعيفة".

المصدر: الجزيرة