لا ينبغي أن تمنح إيران لنتانياهو ما يريد
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
سيد حسين موسويان
ترجمة: أحمد شافعي
تدهور الوضع الآن في الشرق الأوسط إلى حد أن الولايات المتحدة قد تُستدرج إلى حرب إقليمية. إذ أثار اغتيال إسرائيل لزعيم حماس إسماعيل هنية، بعد سفره لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مخاوف من الانتقام. وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، أصدرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانا مشتركا يدعو إيران وحلفاءها إلى الامتناع عن مهاجمة إسرائيل.
لقد نفذت إسرائيل عملية الاغتيال هذه بنية واضحة وهي استدراج الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران. وحجم الرد الإيراني هو الذي سوف يحدد تدخل الولايات المتحدة من عدمه. ويتوقع الرئيس بايدن ألا تنفذ إيران ضربة انتقامية إذا تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، لكنه لم يقدم مساعدة حقيقية ببيعه لإسرائيل أسلحة بقيمة عشرين مليار دولار تعد واحدة من أكبر الحزم العسكرية منذ بداية حرب غزة. ولا تريد إسرائيل أو الولايات المتحدة حقا حربا مع إيران، فقد قال بايدن في مقابلة أجريت معه مؤخرا إن هناك «كل الأسباب» التي تحمل الناس على الاعتقاد بأن نتانياهو يطيل أمد الحرب في غزة عمدا لأسباب سياسية. لقد فقد نتانياهو الدعم على مستوى العالم وداخل إسرائيل. وبمجرد انتهاء الحرب، من المحتمل أن يضطر إلى ترك منصبه ومواجهة محاكمة بتهمة الفساد.
مفهوم أن إيران تحتاج إلى أن يكون ردها كبيرا بما يكفي ليُعد رادعا. ولكنها إذ ترتب ملامح ردها، لا بد أن تتجنب الحرب مع الولايات المتحدة. فسوف يتكبد كلٌّ من الجانبين خسائر فادحة، وسوف تصبح المنطقة أكثر خطورة. وهناك أيضا سمعة بيزيشكيان التي لا يجب أن نغفلها. فقد فاز بدعم الشعب الإيراني على أساس برنامج إصلاحي يركز على تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد وعلاقاته الخارجية، بما فيها العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. وأراد نتانياهو القضاء على فرصه. ولا ينبغي أن تساعده إيران على هذا.
ومثلما تتعامل إسرائيل بحذر مع سياستها الداخلية، ينبغي لها أيضا أن تجتنب إعاقة المعادلات السياسية الداخلية الأمريكية قبل انتخابات نوفمبر. يرى نتانياهو أن رئاسة ثانية لترامب تشكل نعمة لأجندته. فقد نجح في إقناع ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، فسمح ذلك لإيران بوضع نفسها في موضع يمكنها فيه إنتاج ما يكفي من المواد لصنع قنبلة في غضون أسابيع بدلا من عام. ثم قام ترامب بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمةً إرهابيةً، واختار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في خطوة مثيرة للجدل على نطاق واسع.
إن القضية الأهم والأقدر على دفع أزمة الشرق الأوسط هي قضية فلسطين. ومنذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر لقي ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني مصرعهم في غزة. وأصيب أكثر من تسعين ألف فلسطيني، ونزح أكثر من 80٪ من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم بسبب الضربات الإسرائيلية. ووفقا لدراسة نشرتها ذي لانسيت، فإن عدد القتلى الحقيقي قد يتجاوز في نهاية المطاف 186 ألف شخص. وقد وصف مارتن جريفيث، وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، الحرب بأنها «الأسوأ في خبرتي الممتدة على مدى خمسين عاما»، بل إنها أسوأ من المشاهد التي شهدتها في سوريا، بل وأسوأ من أهوال الخمير الحمر في كمبوديا.
لو أن إيران تريد الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، بدلا من توجيهها ضربة عسكرية مباشرة لإسرائيل كما فعلت في أبريل الماضي، فعليها أن تستخدم أدوات القانون الدولي القائمة، من قبيل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأخير الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، والحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية. ففي التاسع عشر من يوليو أعلنت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل لابد أن تنهي وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأن تجلي جميع المستوطنين الإسرائيليين في أسرع وقت ممكن. وأكدت أيضا أن جميع الدول والمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم تقديم أي مساعدة أو دعم من شأنهما المساعدة في الحفاظ على استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية.
ثمة خطوات ثلاث رئيسية من شأنها أن تساعد في تأمين السلام في المنطقة. الأولى والأهم هي وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تحظى بالنفوذ اللازم لدفع نتانياهو إلى قبول وقف مستدام لإطلاق النار، ويجب عليها أن تستخدم هذا النفوذ. وبدلا من ضربة عسكرية انتقامية مباشرة لإسرائيل، ينبغي لإيران أن تركز على كيفية محاسبة نتانياهو. وعلى هذا النحو، فإن من شأن ردها على مقتل هنية أن يعزز الدعم الدولي لفلسطين الحرة والوقف الفوري لإطلاق النار. وإذا كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرات اعتقال لنتانياهو وغيره من القادة الإسرائيليين، فإيران قادرة على بذل كل جهد ممكن لتقديمهم إلى العدالة.
الخطوة الثانية هي أن ترحب واشنطن بانتخاب إيران لرئيس ملتزم بإنهاء أكثر من أربعين عاما من العداء مع الولايات المتحدة. وفي حال انتخاب الولايات المتحدة رئيسا ملتزما بالقدر نفسه، فيجب أن يعمل الجانبان معا من أجل إحياء اتفاق إيران النووي، وإنهاء عقود من المواجهات الإقليمية الخطيرة، وإحداث وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
وأخيرا وليس آخرا، هناك خطوة أساسية تتمثل في حث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إنشاء منتدى للحوار والتعاون بين إيران وجيرانها العرب في منطقة الخليج العربي. وهذه الخطوات الثلاث مجتمعة تشكل أفضل وسيلة لتهدئة التوترات ومنع نشوب حرب إقليمية وتحقيق سلام واستقرار دائمين في المنطقة.
سيد حسين موسويان متخصص في أمن الشرق الأوسط والسياسة النووية في جامعة برينستن ورئيس سابق للجنة علاقات الأمن القومي الخارجية في إيران.
الترجمة عن الجارديان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة لإطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
بسبب الانتقادات الدولية..نتانياهو يطالب الجيش بالترويج لإدخال المساعدات إلى غزة
أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، طلب منه التركيز عند الحديث مع الإعلام الأجنبي بالانجليزية، التركيز على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، بعد الانتقادات الدولية للأوضاع الإنسانية فيه.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" اليوم: "في اجتماع مغلق للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، أبلغ هاغاري المشرعين أن نتانياهو طلب منه تأكيد المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل في غزة في البيانات والإحاطات بالإنجليزية".وأشار إلى أن نتانياهو طلب منه ذلك "عدة مرات". نهب 23 شاحنة مساعدات وسط غزة - موقع 24قالت وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة إن 23 شاحنة من بين قافلة تتكون من 66 شاحنة تحمل أغذية ومساعدات إنسانية أخرى تعرضت للنهب وفقدت. وقال ثلاثة مسؤولين مطلعين من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، لرويترز إن إسرائيل تقاعست عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد العصابات المسلحة التي تهاجم قوافل المواد الغذائية في قطاع غزة، رغم تعهدها بذلك في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) للمساعدة في درء المجاعة عن القطاع الفلسطيني.
لكن القوات الإسرائيلية ظلت تركز على حربها ضد حركة حماس ولم تتخذ سوى إجراءات محدودة ضد العصابات القليلة التي تنشط في أجزاء من غزة تحت السيطرة الإسرائيلية.
وأحال مكتب نتانياهو الأسئلة المتعلقة بالتعهد وبعمليات الإغاثة في غزة إلى الجيش.
وأحجم متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق، لكنه قال: "إسرائيل اتخذت خطوات كبيرة للسماح بدخول أقصى قدر ممكن من المساعدات إلى غزة".
وأظهر إحصاء عن الوقائع جمعته وكالات إغاثة للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمات خيرية أنه في أكتوبر (تشرين الأول) فُقدت 9.5 ملايين دولار من الأغذية والسلع الأخرى، أي ما يقرب من ربع المساعدات الإنسانية التي أُرسلت إلى غزة في ذلك الشهر، بسبب الهجمات والنهب.