جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-24@05:22:49 GMT

أنا باحث.. وأبي مُسرَّح!

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

أنا باحث.. وأبي مُسرَّح!

 

د. خالد الغيلاني

 

عبارة مؤلمة من الناحية الاجتماعية، مؤثرة من الناحية الاقتصادية، شديدة الوقع من الناحية الأمنية، واقعها مرير على الكثير من الأسر العمانية.

الاقتصاد عصب حياة المجتمعات، وأساس نهضتها وتقدمها، من خلاله تتحقق التنمية، وتتطور مسيرة البناء، ولتحقيق اقتصاد واعد مُنتج مستدام ينمو بشكل مطرد؛ لا بد من وجود خطط واضحة، واستراتيجيات محددة لتحقيق أهداف نمو الاقتصاد، ومع ذلك هناك عنصران هامان؛ أمان المجتمع واستقراره، وارتفاع معدلات دخل أفراده لتتم الدورة الاقتصادية بيسر وسهولة، وبمستويات عالية من النمو والأداء.

هي مُعادلة دقيقة وصعبة، لكنها ضرورية جدا، ومعينة بشكل كبير لجلب الاستثمارات، والاستفادة من رأس المال الأجنبي في تعزيز القدرة الشرائية التنافسية، ورفع مستوى التصنيفات الائتمانية للبلاد. وهذا لا يتحقق بأي حال من الأحوال مع ارتفاع أعداد الباحثين والمُسرَّحين.

والكثير يحفظ الحديث النبوي الشريف؛ الذي يقَول فيه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا". رواه البخاري في "الأدب المفرد". وبالنظر للحديث نعلم أن تمام النعمة على الإنسان مرتبط بثلاثة أمور مكملة لبعضها، مُتصلة لا تنفصل أبداً؛ الصحة والعافية وسلامة الجسد، الرزق والطعام الحلال، وقبلهما الأمن في نفسه وأهله، فإن غاب عنصر اختلت العناصر الأخرى، وظهر أثر ذلك واضحًا ولو بعد حين.

وهنا استشهد بقول نفطوية:

إذا ما كساك الدهرُ ثوبَ مصحَّةٍ // ولم يخل من قوت يُحَلَّى ويَعذُب

فلا تغبطنّ المترَفين فإنِّه // على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب

وعودة إلى موضوعنا بطبيعة الحال، فإنَّ زيادة أعداد الباحثين والآن المُسرَّحين من أعمالهم؛ راجعة إلى سياسات غير دقيقة، وحلول غير ناجعة، تتخذها جهات الاختصاص، دون دراسات واقعية، أو رؤى مُستقبلية، فلا عقود العمل المُوقتة أثمرت استقرارًا، ولا أنتجت استثمارًا، هي مثل علاج مؤقت يُخفف الألم ولا يزيل العلة، ولا تخفيض معدل سقف الأجور وعدم ربطه بالمؤهل ساعد في التقليل من الباحثين؛ بل أنتج مشكلة أكثر ضررًا وأثرًا وهي مشكلة المُسرَّحين التي جاءت قاصمة لظهر الأسر، جاعلة الكثير منهم عرضة للسجن، مترددًا على أروقة المحاكم، حاكمة على الأسر بالشتات وعدم الاستقرار، ضاربة للاقتصاد في مقتل.

ولعل من أهم أسباب هكذا حلول غير ذات جدوى، أو قرارات سرعان ما يظهر عوار اتخاذها، أن المختصين يعتبرون هذا شأنًا خاصًا بهم، وقرارًا خالصًا لهم، وفي حقيقة الأمر؛ ما هي إلّا قرارات كان الواجب أن تكون مشتركة جماعية، يسهم في صياغتها كل المعنيين وأصحاب العلاقة، تُدرَس من كل الجهات. عندها تتضح كل العوائق والنتائج، ويتم التقليل من كل الأضرار، والتخفيف من كل التحديات.

إلى كل مختص نحن أمام ملفين دقيقين يمسّان كل الوطن، ويهمان كل مواطن، فإلى فترة قريبة كان لا يخلو بيت من باحث على الأعم الأغلب، وكان الأب والأخ والزوج يعيل أسرته ولو بالقدر اليسير، واليوم غَدَا الولد باحثًا والأب مُسرَّحًا؛ حجر صلد يقع على الرقاب فيُدمي القلوب والأبدان.

وبالتالي فالمختص الذي لا يجد حلًا عليه أن يجتهد فإن عجز ترك الأمر لغيره، ولعل وعسى أن تأتي الحلول الناجعة القادرة على حلحلة هذه القضايا.

السؤال الذي يلح كثيرًا عليَّ في الطرح، يدعو للاستغراب تارة، ولعدم القدرة على الفهم تارة أخرى، إذا كانت أعداد الباحثين والمُسرَّحين، أقل وبشكل واضح من عدد الوافدين العاملين في القطاع الخاص، وفي وظائف تنفيذية وإشرافية مُتوسطة وعليا؛ فمَنْ أولى بالعمل العماني المستحق أم الوافد القادم من بعيد؟!

ألا يمكن من خلال إخضاع العُماني للتدريب والتأهيل أن يكون أكثر إنتاجًا وفاعلية؟ ألم تثبت الأيام قدرة كبيرة لأبناء عُمان على تحمل المشاق والبذل والعمل؟

أيها المسؤولون المختصون أصحاب القرارات، أنتم أمام مسؤولية عظيمة، وفي أعناقكم قسم واجب البر والأداء، أمانة تحملتم حملها أمام الله عز وجل، ويمين شديد أقسمتموه بين يدي مولانا السلطان، ولا مناص من إيجاد حلول واضحة دائمة لكل الباحثين والمسرحين، ونتيجة لذلك ينتعش الاقتصاد وتقوى أدواته، وترتفع معدلات الاستثمار وتنمو عوائده.

فالله الله في أبناء عمان، فلم يبقَ في قوس الصبر منزع، والواجب أحق أن يُقال فيُتبع.

حفظ الله تعالى بلادنا آمنة مطمئنة، سخاء رخاء، وحفظ الله مولانا السلطان المعظم مُجدِّدًا لنهضتنا، ورائدًا لمسيرتنا، وحقق لبني عُمان ما يرجون ويتمنون، وعسى أن يجد الباحثون والمُسرَّحون ما يضمن لهم الاستقرار والعيش الآمن والرخاء والازدهار المستدام.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

باحث: تداعيات زلزال 7 أكتوبر لا تزال تهز الداخل الإسرائيلي (فيديو)

أكد الكاتب والباحث السياسي أكرم عطا الله أن الأحداث التي وقعت  يوم 7 أكتوبر 2023 أحدثت زلزالًا كبيرًا لا تزال تداعياته تهز الداخل الإسرائيلي.

لابيد يطالب بتشكيل لجنة رسمية للحقيق في أحداث السابع من أكتوبر نتنياهو: لو فعل حزب الله ما خطط له لتعرضنا لأضعاف ما تعرضنا له في السابع من أكتوبر

وأوضح  خلال مداخلة ببرنامج “مطروح للنقاش” المذاع على قناة “القاهرة الإخبارية” أن استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي تُعد التاسعة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهو أبرز شخصية تستقيل من المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية حتى الآن، وفي اليوم نفسه، استقال قائد المنطقة الجنوبية، فيما سبقهما استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية.

توقعات باستقالة رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي


وأضاف عطا الله، أن هناك توقعات باستقالة رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، رونين بار، وهو ما يعكس إخفاق الأجهزة العسكرية الإسرائيلية.


وأشار  إلى أن هذه الاستقالات المتتالية وما تعكسه من أزمات داخلية ستترك آثارًا طويلة المدى على إسرائيل لعقود قادمة، مؤكدًا أن ما يحدث يشكل تحولًا كبيرًا في موازين القوى داخل إسرائيل.

وطالب زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بتشكيل لجنة رسمية للحقيق في أحداث السابع من أكتوبر، وفقًا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية”، في نبأ عاجل.


وقد أعلن لابيد" رفضه المشاركة في لجنة تحقيق يسعى نتنياهو لتشكيلها للتحقيق في أحداث السابع من أكتوبر.


وفي إطار آخر،  أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوصول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى قاعة المحكمة للإدلاء بشهادته في قضية الرشوة المتهم فيها.

 وأضافت وسائل إعلام إسرائيلية، أن النيابة العامة أكدت أن نتنياهو متورط بشكل واضح في قضية الرشوة.


 ووجهت إلى نتنياهو في عام 2019 تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وبدأت المحاكمة في عام 2020 في 3 قضايا جنائية، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.

 

 وبموجب القانون الإسرائيلي، فإن رئيس الوزراء غير مجبر على التنحي ما لم تتم إدانته وإذا استأنف على حكم الإدانه، فيمكنه الاحتفاظ بمنصبه طوال عملية الاستئناف.

 

وتصل عقوبة تهم الرشوة إلى السجن لمدة 10 سنوات أو غرامة، ويعاقب على الاحتيال وخيانة الأمانة بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات.

 

 وبعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 وشن إسرائيل حربًا على غزة استبعدت محاكمة نتنياهو عن الأنظار لكن مشاكله القانونية عادت لتؤدي إلى انقسام الإسرائيليين بشدة وإرباك السياسة الإسرائيلية.

مستوطنون يقتحمون الأقصى والاحتلال يستدعي عددًا من حراسه:

اقتحم مستوطنون، اليوم الإثنين، المسجد الأقصى المبارك، بحماية من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.

وأفادت محافظة القدس، بأن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوسا تلمودية في باحاته، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة والضفة الغربية، في أكتوبر 2023، شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها على أبواب المسجد الأقصى، ومداخل البلدة القديمة.

 

مقالات مشابهة

  • باحث: تداعيات زلزال 7 أكتوبر لا تزال تهز الداخل الإسرائيلي (فيديو)
  • باحث: الضفة الغربية مستهدفة من إسرائيل من قبل عمليات 7 أكتوبر
  • باحث: الوضع في الضفة يسوء.. والاحتلال يقيم كل أنواع الحواجز لتثبيط الحياة اليومية
  • باحث: الوضع في الضفة يسوء.. والاحتلال يحصار كل المدن والقرى
  • باحث كردي: تعقيد تشكيل حكومة الإقليم الجديدة
  • باحث سياسي: رد بنما على تهديد ترامب للقناة خطوة رمزية ضعيفة
  • باحث: رد بنما على تهديد ترامب للقناة «مسرحية سياسية»
  • باحث سياسي: «الإخوان» استخدموا استراتيجيات التدمير النفسي لتهديد الشعب
  • باحث: الطعون القضائية قد تواجه أوامر ترامب التنفيذية
  • كبير الباحثين بمعهد الاستقلال: الطعون القضائية قد تواجه أوامر ترامب التنفيذية