من المقاومان أحمد أبو عرة ورأفت دواسي شهيدا جنين؟
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
جنين- حين دقت ساعة الصفر، لم تكترث قوات الاحتلال الإسرائيلي بنتائج عمليتها العسكرية، فقصفت عبر طائراتها سيارة تمر بين جموع المواطنين وعديد من المركبات عبر الشارع العام وسط مدينة جنين، قُرب ما يعرف محليا بـ"دوار البطيخة"، فقتلت شابين داخل مركبتهما التي تفحَّمت من شدة القصف والنيران التي التهمتها بالكامل.
فعند التاسعة من مساء أمس السبت، تمكنت إسرائيل من اغتيال الشابين رأفت محمود دواسي وأحمد وليد أبو عرة، القائدين بكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بعد محاولات عديدة باءت بالفشل لاعتقالهما أو تصفيتهما.
ولم يتم التعرف بداية على جثماني الشهيدين، وتداول مواطنون ووسائل إعلام محلية أسماء عدة، بيد أن قوات الاحتلال وأدواتها الاستخبارية كانت تعرف ماذا فعلت ومن اغتالت، لتعلن لاحقا أنها اغتالت مقاومين بارزين في حماس مسؤولين عن تخطيط وتنفيذ عمليات مقاومة ضد الاحتلال.
وفي بيانها الذي نعت فيه الشهيدين، ووصل الجزيرة نت نسخة منه، أكدت كتائب القسام أنهما كانا "مجاهدين قساميين لهما دور جهادي كبير"، وقالت إنهما مسؤولان عن التخطيط والتنفيذ لعدة عمليات "نوعية"، أبرزها تفجير عربة النمر العسكرية خلال اقتحام جيش الاحتلال مدينة جنين يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، مما أدى لمقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين.
كما نفذا، حسب بيان الحركة ومقطع فيديو نشرته، الكمين الثلاثي عبر تفجير 3 عبوات ناسفة قرب الجدار الحدودي مع الداخل المحتل عام 1948 في قرية المطلة شمال شرق مدينة جنين يوم 23 يوليو/تموز 2024، وأصيب بها -حسب فيديو المقاومة- ضابط إسرائيلي وجنديان، إضافة لعملية قتل الجندي الإسرائيلي يهوناتان دويتش قرب قرية عين البيضاء في الأغوار الشمالية يوم 11 أغسطس/آب الجاري.
وقالت الكتائب -في البيان- إن "دماء قادتها الشهداء لن تكون إلا إيذانا بشلال الدم القادم للمحتل عبر المزيد من العمليات النوعية التي سينفذها مجاهدو القسام من كل محافظات الضفة الغربية المحتلة بإذن الله".
من جهته، قال جيش الاحتلال -في بيان له نقلته وسائل إعلام- إن الاغتيال "للمخربين"، حسب وصفه، تم عبر نشاط مشترك بين الجيش وجهاز الأمن العام، وذكر أن الشهيد أحمد أبو عرة كان ضالعا في عمليات مقاومة أخرى، ولعب دورا محوريا في صناعة العبوات الناسفة، بينما وصف الشهيد رأفت دواسي بأنه مسؤول في البنية التحتية العسكرية لحماس بمنطقة جنين.
ومن أمام مشفى جنين الحكومي، انطلقت عند العاشرة من صباح اليوم الأحد مَسيرة تشييع الشهيدين، وجابت شوارع المدينة التي أعلنت الحداد العام، حيث حمل المشيعون جثامين الشهداء على الأكتاف وهتفوا تمجيدا للشهداء، وسط دعوات للانتقام لهم، بينما أطلق المقاومون الأعيرة النارية بالهواء، ليتم بعد ذلك نقل كل شهيد لمسقط رأسه، حيث خرج المشيعون بالآلاف في كلتا القريتين.
مقاوم يحظى بالإجماع
وفي بلدة عقابا قرب مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، ولد الشهيد أحمد وليد أبو عرة (28 عاما)، لأسرة عرفت بتدينها، بين 10 أبناء، حيث يعمل والده سائقا لشاحنة نقل كبيرة، وأمه ربة منزل.
وعُرف بتدينه وحبه للمسجد وملازمته له، وفي مدارس عقابا تلقى تعليمه الأساسي والثانوي، ولم يكمل تعليمه الجامعي، إذ التحق بسوق العمل وتعلم مهنة طلاء المنازل وبرع في العمل بها في بلدته وداخل الخط الأخضر.
ويوصف أبو عرة -حسب حديث قريبه زيد أبو عرة للجزيرة نت- بأنه شاب "ذو أخلاق عالية ومحبوب بين أقرانه وأهالي بلدته الذين تجمعهم به علاقات طيبة، وحظي بإجماع الكل، خاصة أنه عُرف بتجاوزه للفصائلية في نضاله ومقاومته".
وبرز أبو عرة في أول عملية نفذها ضد الاحتلال في منطقة شارع 60 في الأغوار الشمالية في يوليو/تموز 2023، وأصيب خلالها مستوطن إسرائيلي "وفاجأت هذه العملية كثيرين، خاصة أهالي قريته والمقربين منه، فلم يكن أحد يعرف أو يتوقع ذلك"، يقول المتحدث قريب الشهيد.
وبعد ذلك، بدأ الاحتلال بمطاردته، إذ اعتقل بداية والده ووالدته وشقيقه للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، وسط تهديدات بتصفيته، لكنه كان يرفض تسليم نفسه.
ونجا أبو عرة -الذي تزوج منذ نحو 6 سنوات وأنجب طفلتين- في سبتمبر/أيلول 2023 من محاولة اعتقال واغتيال استهدفته بعد محاصرة الاحتلال لعدة ساعات منزلا كان بداخله في قريته عقابا، حيث اعتُقل شقيقه محمد واستشهد مواطن أمام مزرعته يدعى عبد الرحيم غنام. ورغم انتقاله لمدينة جنين ومخيمها، فإنه ظل يستهدف الاحتلال بعملياته بين أقصى الشرق في الأغوار وعند الحدود شمال جنين.
ولم يسبق أن اعتقل الاحتلال الشهيد أبو عرة، لكن اعتقل 3 من أشقائه، بينما تعرض هو وبعض إخوته للاعتقال لدى أجهزة السلطة الفلسطينية.
ولا يزال شقيقه محمد (45 عاما) معتقلا لدى الاحتلال منذ العام الماضي، وسبق أن اعتقل عدة مرات كانت أقساها عام 2001 حين أصيب برصاص الاحتلال ومكث لنحو 6 سنوات في الحبس الإداري المتواصل.
وتأثر أبو عرة باستشهاد ابن قريته وقريبه الشيخ مصطفى أبو عرة (62 عاما) داخل سجون الاحتلال قبل أسابيع قليلة، وشارك هو ومقاومون آخرون من كتيبة جنين في بيت العزاء الذي أقيم له في القرية.
المقاوم التاجر
وُلد الشهيد رأفت محمود دواسي (28 عاما) في قرية سيلة الحارثية غرب مدينة جنين لعائلة ملتزمة مكونة من الوالدين و5 أشقاء هو الأوسط بينهم.
وحمل رأفت اسم جده لوالده، ونشط منذ نعومة أظفاره بالعمل مع والده في محالهم التجارية، إذ تعمل عائلته بقطاع الأدوات المنزلية على مستوى واسع بمحافظة جنين.
وفي مدارس قريته سيلة الحارثية تلقى "الشيخ رأفت" -كما يلقبونه- تعليمه الأساسي والثانوي، ورغم عدم إكماله دراسته الجامعية، فإنه برع في التجارة والعمل مع عائلته، وعرف بتدينه الشديد ولزومه الدائم للمسجد الذي نال عبره وسام الشرف بحفظ القرآن الكريم، مما أفضى إلى محبة الناس له واحترامه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة جنین أبو عرة
إقرأ أيضاً:
شهيدان في جنين والاحتلال يشدد حصاره على نابلس
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، فلسطينيَين اثنين في جنين، في وقت شددت فيه إجراءاتها العسكرية على الحواجز المحيطة بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، أن الهيئة العامة للشؤون المدنية (جهة التواصل مع الجانب الإسرائيلي) أبلغتها باستشهاد الشاب أيسر سعدية (21 عاما) برصاص الاحتلال في الحي الشرقي لمدينة جنين شمال الضفة الغربية.
ولفتت إلى أنه جرى احتجاز الجثمان، دون مزيد من التفاصيل، وفق البيان ذاته.
وأفاد شهود عيان بأن جيش الاحتلال قتل فلسطينيا في شقة سكنية بالحي الشرقي من جنين واحتجز جثمانه فجرا.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني استشهاد فلسطيني في العشرينيات أيضا من عمره.
وفي نابلس، شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، من إجراءاتها العسكرية على الحواجز المحيطة بالمدينة.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال شددت من إجراءاتها على بعض الحواجز وسط إجراءات تفتيش للمركبات وتدقيق في هويات المواطنين، ما تسبب في أزمات خانقة.
وأضافت أن قوات الاحتلال أغلقت حاجز بيت فوريك شرق نابلس، ودير شرف غربا، ومنعت المركبات من الدخول والخروج من خلالهما.
يذكر أن قوات الاحتلال نصبت 10 حواجز بمحيط مدينة نابلس، وأكثر من 38 بوابة حديدية وأغلقت نحو 47 منطقة بالسواتر الترابية.
بدورها، ذكرت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان، أن الشهيد أيسر سعدية (السعدي) كان من القادة الميدانيين الذين تركوا بصمة واضحة في مقاومة الاحتلال.
إعلانوذكرت أن سعدية استشهد بعد اشتباكه مع قوة إسرائيلية حاصرته في الحي الشرقي بمدينة جنين.
ونجا سعدية من عدة محاولات اغتيال خلال فترة مطاردته من إسرائيل، وفق بيان القسام الذي أكد أنه شارك في التخطيط والتنفيذ لعدة عمليات نوعية أوقعت خسائر في صفوف الاحتلال.
وفجر الثلاثاء، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال برفقة جرافات وآليات هدم الحي الشرقي بجنين.
وذكر شهود أن اشتباكا مسلحا اندلع بين مقاتلين فلسطينيين وجيش الاحتلال، وسط سماع أصوات تفجيرات.
وقالوا إن جرافات عسكرية إسرائيلية شرعت في تدمير شوارع، وشوهد "حفّار مجنزر" اقتحم الحي.
ولليوم الـ43 يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، وفي مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ37، بينما يواصل اقتحام مخيم نور شمس لليوم الـ24.
وفي 23 فبراير/شباط الماضي، اقتحمت دبابات إسرائيلية مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، في تصعيد عسكري هو الأول من نوعه منذ عام 2002.
وفي مؤتمر صحفي باليوم ذاته، خلال حفل تخريج ضباط في مدينة حولون قرب تل أبيب، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الجيش سيواصل القتال في الضفة الغربية المحتلة.
ومنذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، وسّع الجيش الإسرائيلي عدوانه الذي أطلق عليها اسم "السور الحديدي"، في مدن ومخيمات الفلسطينيين شمال الضفة، وخاصة في جنين وطولكرم وطوباس.
وتحذر السلطات الفلسطينية من أن تلك العملية تأتي في إطار مخطط حكومة نتنياهو لضم الضفة وإعلان السيادة عليها، وهو ما قد يمثل إعلانا رسميا لوفاة حل الدولتين.
وصعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، بما يشمل اقتحام القرى والبلدات والمخيمات وإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والقنابل الغازية، والذي استمر بالوتيرة نفسها خلال شهر رمضان.
إعلانومنذ بدء الإبادة بقطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 928 فلسطينيا، وأصابت نحو 7 آلاف شخص، واعتقلت 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.