نستكمل، حضراتكم، وقفة الأسبوع الماضي، لأن الموضوع أراه مهمًا للغاية، في مرحلة فىي غاية الأهمية، فأفعال نتنياهو تبين أنه وصل لمرحلة "أنا ومن بعدى الطوفان" (طوفان الأقصى).
إن نتنياهو يجر جيشه وشعبه بالفعل إلى أخطر مراحل التاريخ الصهيوني، مرحلة تقرب من نهايتهم نهاية حقيقية ستكون أخطر مما مروا به من أحداث في الحرب العالمية الثانية، ولكن هذه المرة ستكون نهايتهم ظاهرة على حق ليس فيها تأويل، مرحلة لن تكون مصحوبة بأي شك أو تعاطف ستبدأ مع تنفيذ خطط إيران وحزب الله اللبنانى وحزب الله العراقى وأنصار الله فى اليمن، وأتباع إيران بسوريا، ومن سينضم إليهم مع بدء الهجوم المتوقع إذا نجحت بداياته، والذى أظن أنه يدرس بعناية فائقة، من قيادات إيران وحزب الله العسكرية وأتباعهم، ومن سينضم إليهم في حالة تحقيق نتائج إيجابية للغاية مع بدء الهجوم المتوقع، فلم يبق أمام إيران هذه المرة وأتباعها إلا وضع وتنفيذ خطط أظن أنها ستدرس بعناية مع سهولة التنفيذ الآن عن زمان بعد الذى حدث من ردود أفعال أمريكا وإسرائيل ضد روسيا في حربها مع أوكرانيا ورئيسها زيلنسكى اليهودي الأصل، فأظن أن روسيا لن تبخل الآن في تقديم مساعدات لوجيستية متكاملة لإيران وأتباعها مع رجال المقاومة الفلسطينية.
الأيام المقبلة أراها حبلى بأحداث قد تكون جسيمة على إسرائيل والإسرائيليين وأظن أن إيران ستلعب بأعصاب نتنياهو ووزير دفاعه وجيشه قبل تنفيذ ضرباتهم حتى يتعبوا على الآخر بأقصى قدر من التعب قبل تنفيذ الضرب الحقيقى، لذلك سننتظر وسنرى ما تحمله الأيام المقبلة من أحداث أراها أنها أصبحت لا بد منها طبقا للواقع المأزوم الحالي.
لقد أضاع نتنياهو السلام ومنها سلامة شعبه وسلام منطقة الشرق الأوسط، الذى قد ينجر مرغما للانضمام جميعه لمواجهته لو زاد غشم نتنياهو ووزير دفاعه وجيشه، لعلها تكون الساعة الموعودة يا نتنياهو.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع أدعو الله أن أكون بها من المقبولين. وإلى وقفة أخرى الأسبوع المقبل إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.
وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني احتواء التصعيد في المنطقة
حسن هريدي: العالم لن يتحمل مواجهات عسكرية بين إسرائيل وإيران وحزب الله
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: 7 أكتوبر إيران التوتر في الشرق الأوسط السلام في المنطقة الشرق الأوسط بنيامين نتنياهو حزب الله طوفان الأقصى وحزب الله
إقرأ أيضاً:
الدائرة تضيق
مع اتساع الحلم في بداية النشأة الأولى وتعدد الرؤى والآمال والمطامح والأماني، تتسع الدوائر وتكبر، فما بين مسافة نور تسحبه الشمس رويدًا رويدًا إلى آخر زاوية للظل، تبدأ مسافة الألف ميل تتقلص، وكأن كل ما تم بذله وتحقيقه والمراهنة على بقائه واستمراره يتراجع شيئًا فشيئًا. قال الله تعالى: «الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير» (الروم: 54)، فما بين فترة الضعف الأولى وفترة الضعف الثانية، ثمة مسافة زمنية تتسع لذات الأحلام والأماني والطموحات. تطول هذه المسافة لتستهلك كل القوة التي وهبها الله للإنسان لإعمار الأرض. ومع أنها طويلة جدًا من العمر الأول (مرحلة الصبا) إلى العمر قبل الأخير (مرحلة الشباب والفتوة والرجولة)، هذه المرحلة الثائرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، تبدأ بعدها المرحلة الأخيرة التي تستجمع ما تبقى من قوى لعلها تسعف هذا الجسم المنهك من الجهد المضني ليُتكئ على رجله الثالثة «العصا».
في هذه الفترة، ثمة تصارع مستمر بين عمري الإنسان: العمر البيولوجي والعمر الزمني. هذا الصراع هو الذي ينهك العمر البيولوجي أكثر من العمر الزمني. فقد يكون عمر الإنسان الزمني (60 عامًا)، ولكن عمره البيولوجي أقل من ذلك انعكاسًا لمجموعة الأمراض التي يعاني منها، ومجموعة الانتكاسات والظروف القاسية التي يمر بها. ومع ذلك، لا يزال يتسلح بأمل «إن غدًا لناظره قريب»، وثمة قرب قد يكون أقسى من سابقه. والإنسان يجاهد حتى لا تضيق به الدوائر التي تحيط به من كل صوب: دائرة الفقر، ودائرة المرض، ودائرة تأزم العلاقات، ودائرة عدم تحقق الآمال والطموحات، ودائرة الصد والرد من القريب والبعيد، حتى يكون قاب قوسين أو أدنى من مرحلة «ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة» حسب نص الآية الكريمة، حيث تعود الحالة إلى مربعها الأول {الله الذي خلقكم من ضعف...}. هنا لم تعد هناك دوائر كثيرة تترك لهذا الإنسان فرصة الاختيار. حيث لا خيارات متاحة، هي دائرة واحدة تضيق أكثر فأكثر. فلا رغبة في جديد تبدأ مرحلة تأسيسه الآن، ولا رغبة في إنشاء صداقة جديدة، فكل الصداقات التي كانت كانت مجرد وسيلة لأمر ما، وقد تحقق هذا الأمر أو تعذر. ولا رغبة في حلم يدغدغ المخيلة، فكل الأحلام أصبحت فراغًا منسيًا. ما يتذكر منه لن يغري بما كان الحال قبل ذلك؛ لأن الشعور الآن هو أننا لا نريد أن ندخل في معترك فقدنا ملكيته بالفعل. فلا القوة هي القوة، ولا الصحة هي الصحة، ولا التفكير هو التفكير، ولا مساحة العطاء الممنوحة لنا من لدن رب العزة والجلال هي المساحة ذاتها كما كان الأمر مع بداية النشأة.
«الدائرة تضيق»، هنا، وحتى لا يُساء الفهم، ليس ثمة يأس يعيشه أحدنا لحالة خاصة، ولكن الأمر سياق طبيعي في حياة كل منا وصل إلى مرحلة «ضعفًا وشيبة». والمجازفة بالشعور خارج هذا السياق تبقى حالة غير مأمونة العواقب، كمن يحب أن يردد «أن العمر الزمني مجرد رقم» فيظل سابحًا في غيه، متناسيًا فيه فضل ربه، ومتجاوزًا بذلك العمر البيولوجي، وهو العمر الذي تقاس عليه الحالة الحقيقية لما يصل إليه الإنسان في مرحلة «ضعفًا وشيبة». ولذلك، فلا مغامرة مقبولة ومستساغة في مرحلة «ضعفًا وشيبة». فهل ننتبه؟ أو ينتبه أحدنا لذلك؟ هنا تكمن المشكلة، ويكمن الحل أيضًا.