نهانا الشرع الشريف عن الظن السيئ بالناس؛ وهو: حمل تصرفاتهم على الوجه السيئ بلا قرينة أو بيِّنَةٍ؛ إذ الأصل فيهم البراءَةُ والسَّلامَة؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.



 

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} المقصود بالظن في قوله تعالى: ﴿إِنّ بَعضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ 


قالت دار الإفتاء المصرية في فتواها للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق أن الله تعالى في قوله﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾، ينهى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ، وَهُوَ التُّهْمَةُ وَالتَّخَوُّنُ لِلْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالنَّاسِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ يَكُونُ إِثْمًا مَحْضًا، فَلْيُجْتَنَبْ كَثِيرٌ مِنْهُ احْتِيَاطًا.

 

وَالْمُرَادُ بِـ"الظَّنِّ" 

هوضحت دار الإفتاء المصرية أن معنى الظن هناُ، هو الْمُتَعَلِّقُ بِأَحْوَالِ النَّاسِ، وَحُذِفَ الْمُتَعَلِّقُ لِتَذْهَبَ نَفْسُ السَّامِعِ إِلَى كُلِّ ظَنٍّ مُمْكِنٍ هُوَ إِثْمٌ، وَجُمْلَةُ ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ يَسْتَوْقِفُ السَّامِعَ لِيَتَطَلَّبَ الْبَيَانَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ بَعْضَ الظَّنِّ جُرْمٌ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ وُجُوبِ التَّأَمُّلِ فِي آثَارِ الظُّنُونِ، لِيَعْرِضُوا مَا تُفْضِي إِلَيْهِ الظُّنُونُ عَلَى مَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، أَوْ لِيَسْأَلُوا أَهْلَ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ الِاسْتِئْنَافِيَّ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّخْوِيفِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ، وَلَيْسَ هَذَا الْبَيَانُ تَوْضِيحًا لِأَنْوَاعِ الْكَثِيرِ مِنَ الظَّنِّ الْمَأْمُورِ بِاجْتِنَابِهِ؛ لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَّهَ عَلَى عَاقِبَتِهَا. وَتَرَكَ التَّفْصِيلَ؛ لِأَنَّ فِي إِبْهَامِهِ بَعْثًا عَلَى مَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ.

 

وَمَعْنَى كَوْنِهِ إِثْمًا

وبينت دار الإفتاء المصرية معنى كون الظن إثمًا، فقالت: إِمَّا أَنْ يَنْشَأَ عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ عَمَلٌ أَوْ مُجَرَّدُ اعْتِقَادٍ؛ فَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْشَأُ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ؛ كَالِاغْتِيَابِ وَالتَّجَسُّسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُقَدِّرِ الظَّانُّ أَنَّ ظَنَّهُ كَاذِبٌ، ثُمَّ لْيَنْظُرْ بَعْدُ فِي عَمَلِهِ الَّذِي بَنَاهُ عَلَيْهِ فَيَجِدُهُ قَدْ عَامَلَ بِهِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْمُعَامَلَةَ؛ مِنِ اتِّهَامِهِ بِالْبَاطِلِ، فَيَأْثَمُ مِمَّا طَوَى عَلَيْهِ قَلْبَهُ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الظ ن إ ن ب ع ض الظ ن الظن السيئ قالت دار الإفتاء المصرية مفتي الجمهوري لإفتاء المصرية

إقرأ أيضاً:

حكم الإنفاق من الزكاة لمرضى الفشل الكُلَوي والأورام

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم جواز الإنفاق من الزكاة لمرضى الفشل الكُلَوي والأورام وأمراض الدم المزمنة الذين يحتاجون إلى أكياس دم لا يقدرون على تكلفتها.

الإفتاء توضح حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة الإفتاء توضح الواجب فعله عند سماع الأذان حكم جواز الإنفاق من الزكاة لمرضى الفشل الكُلَوي والأورام وأمراض الدم المزمنة


وقالت دار الإفتاء المصرية في جوابها أنه يجوز شرعًا الإنفاق من الزكاة لمرضى الفشل الكُلَوي والأورام وأمراض الدم المزمنة الذين يحتاجون إلى أكياس دم لا يقدرون على تكلفتها.

وأضافت الإفتاء أن الله عزَّ وجلَّ جعل الفقراء والمساكين في صدارة مصارف الزكاة الثمانية؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاڪِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ واللهُ عَلِيمٌ حَڪِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وتابعت الدار أن ذلك  للتأكيد على أولويتهم في استحقاقها، وأن الأصلَ فيها كفايتُهُم وسد حاجاتِهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا؛ لا سيما في حال وجود الأمراض المؤلمة التي تحتاج في علاجها إلى تكلفة باهظة كمرض الفشل الكلوي، وكفايتهم فيما يشمله هذا العلاج من تكلفة توفير الدماء، لينعموا بحياة الأصحاء؛ داخلةٌ في نفقات احتياجاتهم التي تغطيها زكاة الأغنياء، مع مراعاة اللوائح والقوانين المقررة في هذا الشأن.
 

حملة"اعرف الصح"

وجاء ذلك خلال مواصلة دار الإفتاء المصرية في  حملتها "أعرف الصح"، والتى تهدف لتصحيح المفاهيم الخاطئة والفتاوى الشاذة التي انتشرت في الفترة الأخيرة بين أوساط المجتمع المصري بين تشدد وتساهل، والحملة تقطع الطريق على التيارات المتطرفة فكريًّا، التي رسخت لدى المجتمع معتقدات ومعلومات خاطئة حول الكثير من القضايا الدينية واستخدمت فيها العاطفة الدينية من أجل التأثير على المجتمع، وحتى يكون الطريق سهلًا في إقناع عامة الناس بأفكارهم المتشددة.


وتتنوع الموضوعات التي تتناولها الحملة، على سبيل المثال: (حكم العمل بمهنة المحاماة والالتحاق بكلية الحقوق، الاحتفال بالمولد النبوي، الاحتفال بالأيام الوطنية مثل 6 أكتوبر، بناء الكنائس، ترك الصلاة، هدم الآثار الفرعونية لأنها تماثيل، تحية العلم والوقوف حدادًا، إيداع الأموال في البنوك، التصوير والرسم، شراء سيارة أو شقَّة عن طريق البنك).

وقد شهدت الحملة الكثير من ردود الأفعال الإيجابية من خلال مقالات لكبار الكتَّاب في الصحف والمواقع، وكذلك "بوستات" نشرها الكثير من المتابعين على حساباتهم الشخصية لدعم حملة الدار والمساعدة في انتشارها لإزالة الأفكار المشوهة التي رسخت لدى البعض.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: كان "النبي محمدﷺ" رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والرحم والمصير المشترك
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والمصير المشترك
  • شيخ الأزهر: كان محمد ﷺ رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة
  • الفتوى الإلكترونية: كان للرسول 120 ألف صحابيّ
  • حكم الإنفاق من الزكاة لمرضى الفشل الكُلَوي والأورام
  • الإفتاء توضح حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة
  • دار الإفتاء المصرية توضح حكم الاحتفال بالمولد النبوي
  • صيغة دعاء الاستفتاح في الصلاة
  • اقرأ بالوفد غدا| فضيحة في الكنيست