جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-16@17:36:02 GMT

عليّ بن الحسين

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

عليّ بن الحسين

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

شخصية إسلامية عظيمة عرفها التأريخ الإسلامي، بحكمتها وعلمها وتفانيها في نصرة الإسلام وأهله، ولا يوجد عالم أو كاتب أو ُفكر، إلّا وتحدث عنها، ناهلين من علمها المتفتق بنور العلم والإيمان والصلاح، لعظيم دورها الرسالي الذي قامت به من أجل نصرة الإسلام الحنيف ومبادئه وقيمه وتعاليمه، نتحدث هنا عن شخصية الإمام علي بن الحسين، والذي عرف بزين العابدين.

اقتضت الحكمة الإلهية بقاء علي بن الحسين حيًا بعد ثورة كربلاء الخالدة، فكان هو الشاب الوحيد الذي بقي من نسل الإمام الحسين، بعد مجزرة كربلاء وانتهاء الفاجعة الأليمة التي أبكت الدنيا بأسرها لمقتل حفيد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فكان علي بن الحسين الأداة الإعلامية الأولى، التي نقلت للأمة الإسلامية الحقيقة الكاملة والواضحة والصريحة لتلك المصائب والحوادث البشعة التي ألمت بسبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أيام عاشوراء من شهر محرم الحرام عام 61 للهجرة النبوية الشريفة.

استطاع الإمام علي بن الحسين في تلك الحقبة الزمنية الخطيرة والحساسة في عهد أقسى حكام وطغاة بني أمية، العمل الجاد والمستمر، وذلك بحمل راية الإصلاح الكريمة التي حملها قبله والده الحسين بن علي عليه السلام وقتل من أجلها حيث كان يقول: "وَإنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلاَ بَطِرًا وَلاَ مُفْسِدًا وَلاَ ظَالِمًا، وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ اَلْإِصْلاَحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ اَلْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ، وَمَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اَللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ اَلْقَوْمِ بِالْحَقِّ، وَهُوَ خَيْرُ اَلْحٰاكِمِينَ" [كتاب الفتوح: ج5، ص33].

عاش الإمام علي بن الحسين ظروفًا قاسية، إلّا أنها لم تمنعه عن التخلي عن دوره الرسالي تجاه الأمة، كان يُربي الناس بأسلوبه الأجمل والأمثل من خلال نشر ثقافة الدعاء، والذي كان يُبيِّن من خلال تلك الثقافة الجميلة أهداف ثورة كربلاء، وكيف ينبغي على الأمة محاربة الكفر والإلحاد والظلم والطغيان، الذي ابتليت به الأمة بعد رحيل الرسول الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "اَلدُّعَاءُ سِلاَحُ اَلْمُؤْمِنِ، وَعَمُودُ اَلدِّينِ، وَنُورُ اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ" [الكافي: ج2، ص468] ( بحار الأنوار: ج90، باب فضل الدعاء والحث عليه).

كنتُ في أحد المطارات أتصفح كتاب "الصحيفة السجادية" للإمام علي بن الحسين، فاستوقفني أحد المسافرين قائلًا لي: لقد سمعت باسم هذا الكتاب، وأنه يحمل بين جانبيه أدعية عظيمة تدخل القلوب بلا استئذان لجمال كلماتها وعظيم بلاغتها، فهل لك أن تدلني أين أحصل على هذا الكتاب؟ قلت له: لا حاجة للبحث عن الكتاب خذه الآن هدية مني إليك، فأنت أخي في الإسلام وتستحق الخير الكثير، سلمته الكتاب وجعل يتصفحه بشغف وبعد فترة رأيت عينيه تنهمر بالدموع وهو يقول لي: ما أعظم هذه الأدعية، فسألته عن الدعاء الذي جعل عينيه تنهمران بالدموع، وإذا به يفتح دعاء الإمام علي بن الحسين مخاطبًا لله تعالى:

"مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْحَيُّ وَأَنَا اَلْمَيِّتُ وَهَلْ يَرْحَمُ اَلْمَيِّتَ إِلاَّ اَلْحَيُّ"، "مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْقَوِيُّ وَأَنَا اَلضَّعِيفُ وَهَلْ يَرْحَمُ اَلضَّعِيفَ إِلاَّ اَلْقَوِيُّ"، "مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَأَنَا اَلْفَقِيرُ وَهَلْ يَرْحَمُ اَلْفَقِيرَ إِلاَّ اَلْغَنِيُّ"، "مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْكَبِيرُ وَأَنَا اَلصَّغِيرُ وَهَلْ يَرْحَمُ اَلصَّغِيرَ إِلاَّ اَلْكَبِيرُ"، "مَوْلاَيَ يَا مَوْلاَيَ أَنْتَ اَلْمَالِكُ وَأَنَا اَلْمَمْلُوكُ وَهَلْ يَرْحَمُ اَلْمَمْلُوكَ إِلاَّ اَلْمَالِكُ".

أخيرًا.. عزيزي القارئ الكريم أدعوك لاقتناء كتاب الصحيفة السجادية، والمواظبة على قراءته، فهو يحتوي على الكثير من الأدعية العظيمة والمباركة التي تعرض لذكرها الإمام علي بن الحسين بهدف تربية الإنسان وإخراجه من ظلمات الوهم والجهل إلى نور الفهم والعلم، فما أعظمها من أدعية تربطنا بالله الواحد الأحد، بل وتجعلنا نشعر بالسعادة والانشراح والسرور، ذلك لأنها تؤكد على أهمية ذكر الله، وقد قال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] صدق الله العلي العظيم.

ولقد كان علي بن الحسين وما زال المدرسة الخالدة التي سيبقى المنصفون في العالم يتعلمون منها العبادة لله تعالى والسلوك والأخلاق والقيم والمبادئ الأسرية والاجتماعية التي كان يوصي بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وسيبقى علي بن الحسين الرجل والعالم والفقيه الذي تعرف البطحاء وطأته كما قال الشاعر الكبير الفرزدق:

هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ // وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ // هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ

هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ // بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإفتاء: تعليق زينة وفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "ما حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان؟ فأنا سمعت أحد الناس وهو يقول عندما رأى زينة وفوانيس رمضان المعلقة في الشوارع: ما يصنعه المصريون في رمضان من تعليق الزينة والفوانيس لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد من أصحابه فهو إذن بدعة، وكل بدعة ضلالة، وهذه كلها مظاهر كاذبة؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن تعليق الزينة والفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح من حيث الأصل، بل قد يكون مندوبًا متى تعلَّقت به نية صالحة، إلَّا أن يتعلق بتعليقها أمر محرَّم، كأن يكون بها إسراف أو خيلاء أو إضرار واعتداء على حق الغير، ولا يستقيم وصف هذ الفعل بالبدعة لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله؛ إذ ترك الفعل لا يستلزم منه عدم الجواز.

إظهار الفرح والسرور بقدوم شهر رمضان

من الأمور المقررة شرعًا أنَّ الفرح مطلوبٌ عند حلول النعم، ومن تلك النعم قدوم مواسم الطاعات؛ كالصيام والحج وسائر العبادات؛ لقول الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].

وقد كان السلف يفرحون بقدوم شهر رمضان ويحمدون الله على بلوغه؛ قال معلى بن الفضل: "كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم"؛ كما في "لطائف المعارف" لابن رجب (ص: 348، ط. دار ابن خزيمة).

قال الإمام ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 349): [بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه ويدل عليه: حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم، ثم مات الثالث على فراشه بعدهما فَرُئِي في المنام سابقًا لهما فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة وأدرك رمضان فصامه! فوالذي نفسي بيده إن بينهما لأبعد ممَّا بين السماء والأرض» خرجه الإمام أحمد وغيره] اهـ.

حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان
ما زال المسلمون يحتفلون بقدوم الشهر المبارك قرنًا بعد قرن وجيلًا بعد جيل بإشعال أنوار الشموع والقناديل فرحًا باستقباله؛ يقول الرحالة ابن جبير في "رحلته" (ص: 122، ط. دار صادر): [ووقع الاحتفال في المسجد الحرام لهذا الشهر المبارك، وحَقُّ ذلك من تجديد الحُصُر وتكثير الشمع والمشاعيل وغير ذلك من الآلات حتى تلألأ الحرم نورًا وسطع ضياءً] اهـ.

وممَّا درج عليه المصريون منذ زمن بعيد استقبالهم شهر رمضان الكريم بتعليق الزينة والفوانيس كلونٍ من ألوان إظهار الفرح والسرور؛ استبشارًا بفضل الله فيه؛ من نزول الرحمات، وإفاضة النفحات، وتوسيع الأرزاق، وفتح أبواب الجنان، وغلِّ أبواب النيران، وتصفيد المردة من الجان، فهو أعمُّ الشهور خيرًا وأكثرها فضلًا وأوسعها أجرًا.

وقد تقرَّر أنَّ الأصل في الأشياء الإباحة وأنَّه لا يحرم إلَّا ما دلَّ الشرع الشريف على تحريمه؛ قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم] اهـ.

ويدل لهذا الأصل: ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا»، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64] أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"؛ قال الشيخ ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/ 429، ط. دار ابن الجوزي): [أخبر النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنَّ كل ما سَكَتَ عن إيجابه أو تحريمه فهو عَفْوٌ عَفَا عنه لعباده، يباح إباحة العفو؛ فلا يجوزُ تحريمه ولا إيجابُه] اهـ.

فالأصل في تعليق الزينة والفوانيس فرحًا باستقبال شهر رمضان هو الإباحة، بل قد يكون مندوبًا متى تعلَّقت به نية صالحة؛ لما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخاري.

ومن ذلك: أن ينوي بتعليقها نشر البهجة وإدخال الفرح والسرور على الناس، وخاصة أهل بيته؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"؛ قال الشيخ الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (1/ 386، ط. دار السلام): [«أحبُّ الأعمال إلى الله» أي: الأعمالُ النفلُ، كما دلَّ له قوله: «بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم» بفعل أو قول؛ فهو أعم من حديث الحكم في المدخل عليه، ويؤخذ منه: أنَّ أبغضها إليه تعالى إدخال الحزن على المسلم] اهـ.

ويستأنس لهذا المعنى بما جرت به عادة كثيرٍ من البلاد قديمًا بتعليق القناديل بمنارات المساجد عند دخول شهر رمضان، خاصة ليلة الثلاثين من شعبان، حتى قد اعتبرها الفقهاء أمارة من الأمارات الظاهرة الدالة في حكم الرؤية. ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (2/ 290، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (3/ 373، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

ضوابط تعليق الزينة والفوانيس في رمضان
هذه الإباحة ليست مطلقة بل مقيدة بجملة من الضوابط شأنها في ذلك شأن أغلب المباحات، ومن تلك الضوابط:

الأول: ألَّا يصاحب تعليق تلك الزينة إسراف أو مباهاة أو تفاخر؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ» أخرجه ابن ماجه في "سننه"؛ قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (5/ 46، ط. المكتبة التجارية): [هذا الخبر جامع لفضائل تدبير المرء نفسه، والإسرافُ يضر بالجسد والمعيشة، والخيلاءُ تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس، وبالآخرة حيث تكسب الإثم] اهـ.

الثاني: ألَّا يترتَّب على تعليقها ضرر بالغير؛ من نحو إشغال الطريق العام والتضييق على المارة، فمن المقرَّر شرعًا أنَّه: "لا ضرر ولا ضرار"، وهي قاعدة فقهية من القواعد الخمس التي يدور عليها غالب أحكام الفقه، وأصل هذه القاعدة ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".

الثالث: ألَّا يترتَّب على تعليقها اعتداء على حق الغير، كأن يقوم بتعليق الزينة على منزل جاره من غير إذن سابق أو رضًا مقارن.

الرابع: ألَّا تتم إنارتها من خطوط الكهرباء العامة إلا باستخراج التصاريح اللازمة من الهيئات المعنية بذلك؛ لأنَّ فيه تَعَدِّيًا على المال العام بغير وجه حق؛ وقد حرَّم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاعتداء عليه، وجعل حمايته من النهب والإهدار والاستغلال مسئولية الجميع؛ فعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُم النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه البخاري.

وتجدر الإشارة إلى أنَّه يستحسن استخدام مواد صديقة للبيئة في مادة صنع الفوانيس والزينة بما يتحقَّق معه المحافظة على البيئة من التلوث والمساهمة الإيجابية في إعادة التدوير.

الرد على من ادعى أن تعليق الزينة والفوانيس في رمضان بدعة
هذا، ولا يستقيم وصف هذا الفعل بالبدعة؛ لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله، وتركه صلى الله عليه وآله وسلم لأمرٍ ما لا يستلزم منه عدم جواز فعله، وهو ما استقرَّ عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا.

وليست كل بدعة مذمومة؛ فقد قسَّم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرَّمة ومكروهة ومباحة. ينظر: "شرح النووي على مسلم" (6/ 154، ط. دار إحياء التراث العربي).

قال الإمام الشافعي: [المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أُحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: "نعمت البدعة هذه"] اهـ؛ كما نقله الإمام البيهقي عنه في "مناقب الشافعي" (1/ 469، ط. مكتبة دار التراث).

وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كلُّ ما أبدع منهيًّا، بل المنهي بدعة تضاد سنةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع مع بقاء علَّته] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ذلك: فتعليق الزينة والفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح من حيث الأصل، بل قد يكون مندوبًا متى تعلَّقت به نية صالحة، إلَّا أن يتعلق بتعليقها أمر محرَّم، كأن يكون بها إسراف أو خيلاء أو إضرار واعتداء على حق الغير، ولا يستقيم وصف هذ الفعل بالبدعة لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله؛ إذ ترك الفعل لا يستلزم منه عدم الجواز.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: تعليق زينة وفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح
  • ثلاثون عاما لِيَقَترب من وَهَجٍ عبقريته! "2"
  • شوقي علام: الحركة النقدية مستمرة داخل المدارس الفقهية المختلفة
  • شوقي علام: استمرار الحركة النقدية في المدارس الفقهية المختلفة
  • كهاتين في الجنة
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • بث مباشر.. نقل شعائر صلاة جمعة النصف من شعبان من الحرمين الشريفين
  • رمضان 2025.. الأوقاف تعلن أسماء أئمة صلاة التراويح بمسجد الحسين
  • هل يجوز صيام النصف من شعبان اليوم الجمعة فقط؟
  • إمام مسجد عمرو بن العاص: شعبان شهر ترضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا السبب