عقد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، مؤتمرًا صحفيًّا تحضيريًّا في ضوء الاستعداد للمؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف الذي سيعقد في الفترة من (25 - 26) أغسطس 2024م  تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس الجمهورية (حفظه الله)، بعنوان: "دور المرأة في بناء الوعي"، بفندق جراند نايل تاور بالقاهرة، وذلك بحضور أعضاء لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعدد من قيادات وزارة الأوقاف، ولفيف من السادة الصحفيين والإعلاميين والمثقفين.

الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يستقبل وزير الأوقاف بولاية بهانج الماليزية  وزير الأوقاف يستقبل الفنان كريم الحسيني

ورحَّب الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف بالحضور جميعًا ترحيبًا حارًّا، معربًا عن سعادته البالغة بتشريف الجميع لهذا المؤتمر الصحفي التحضيري للمؤتمر الدولي الخامس والثلاثين.

وأعلن وزير الأوقاف عن انطلاق المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين بعنوان: "دور المرأة في بناء الوعي" برعاية كريمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس الجمهورية (حفظه الله)، يوم الأحد 9 صفر 1446هـ الموافق 25 أغسطس 2024م، وهو المؤتمر الأول للواعظات، وبحضورٍ دوليٍّ كبير من العلماء من مختلف أنحاء الدنيا، حيث نسعد جميعًا نحن أبناء مصر بتشريف ضيوف مصر الكرام ضيوفًا كرامًا وأشقاء أعزاء في وطنهم الثاني مصر، وفي هذا البلد الذي نبتت فيه معاني الشهامة والكرم والعلم والحضارة والعراقة.

وأضاف وزير الأوقاف أن هذا المؤتمر ينطلق من رؤية وزارة الأوقاف والتي أعلنا عنها مرارًا في محافل ومنتديات ومواقف مختلفة، حيث تشرفت منذ أن تقلدت أمانة وزارة الأوقاف ومنذ أن تشرفت بحلف اليمين أمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي (حفظه الله) أعلنت فورًا أننا ننطلق في عمل وزارة الأوقاف لتنفيذ رؤية الدولة المصرية وتوجيه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي من رؤية تقوم على أربعة محاور، وأن المحاور الأربعة هي تنفيذٌ إجرائيٌّ عمليٌّ للشعار الكبير الذي نسعى له جميعًا؛ والذي هو تجديد الخطاب الديني.

والمحور الأول هو: إطفاء نيران الفكر التكفيري المتطرف؛ والذي نستنفر فيه كل طاقات وزارة الأوقاف برموزها ورجالها وأئمتها وخطبائها النبلاء الكرام، حيث نستنفر فيه طاقات الجميع لاستكمال المواجهة الجسورة والجريئة والجادة لكل منطلقات الفكر المتطرف وأبجدياته وأدبياته واستدلالاته المغلوطة ومغالطاته في فهم الشريعة، بل عدوانه على الشرع الشريف ومقاصده، و نقطع شوطًا كبيرًا جدًا وبأقصى سرعة في استكمال مواجهتنا لفكر التطرف وفي عملٍ ميدانيٍّ على أرض الواقع في كافة منابرنا ومساجدنا، وكذلك في عملٍ إلكترونيٍّ يجري التحضير له ويحظى بالقبول ويسعد المصريين جميعًا حين يأتي وقت الإعلان عنه.

وأشار إلى أن المحور الثاني هو : إطفاء نيران التطرف اللاديني المضاد والذي نواجه فيه الإلحاد، والإدمان، والانتحار، والتنمر، والتحرش، وارتفاع معدلات الطلاق، وحرمان المرأة من الميراث، وصور العنف الأسري، وكافة مظاهر التراجع القيمي والسلوكي والأخلاقي، وأن المحور الثالث هو : محور بناء الإنسان، والذي نريد فيه ترميم وتشييد وبناء الأعمدة الكبرى والمرتكزات العليا التي بنيت عليها شخصية الإنسان المصري عبر التاريخ، فنحن نريد لمنابرنا ولخطابنا الديني أن ينطلق انطلاقًا سريعًا جدًّا لإعادة بناء الإنسان الصانع للحضارة، المتدين تدينًا يصنع الحضارة، القوي الواسع الأفق، المحب للعمران، القائد والرائد الذي يقدم الخير للإنسانية، الشغوف بالعلم، المعتدل الوسطي المتوازن، والمشاركة مع مؤسسات الدولة في كل تلك المحاور، ونأمل أن ننطلق من أجل تشييد هذا المحور المهم الذي هو بناء الانسان.

وأضاف وزير الأوقاف أن المحور الرابع هو : صناعة الحضارة، والذي نريد أن نفرغ سريعًا من إجراءات مواجهة الإرهاب ومن إطفاء نيران التطرف اللاديني المضاد حتى نجري بأقصى سرعة إلى تحقيق المقصود الأعظم للشريعة والذي هو صناعة الحضارة، لنبين كيف كان تاريخ علماء المسلمين حافلًا بالإسهام والاكتشاف والإبداع في العلوم، والاختراع في علوم الفلك وفي الطب وفي التشريح وفي بناء المؤسسات، كيف يمكن أن نعيد تشغيل هذه المنهجية والتفكير التي تجعل الإنسان يتدين، يقرأ القرآن الكريم فيخرج منه وقد أبدع في العلم والمعرفة  وصنع الحضارة.

وأكد وزير الأوقاف أن المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين يأتي تحقيقًا للمحور الثالث الذي هو "بناء الإنسان" من خلال الحديث عن دور المرأة في بناء الوعي، ليكون هذا المؤتمر رسالة تقدير وإجلال واحترام لكل سيدة وفتاة كريمة على أرض مصر، وليكون أيضا تكريمًا وإجلالًا وحفاوة بكل سيدة في العالم بأسره وفي الإنسانية كلها، رسالة تقدير نقدمها ونعلنها في الدنيا للمرأة التي هي الأم والأخت والتي هي الدافعة إلى العمل والسعي، والتي هي الصانعة للأجيال، والتي هي الصانعة للبطولة، والتي هي الصانعة للشخصية الناجحة.

ووجه وزير الأوقاف رسالة إجلال واحترام وتقدير إلى كل سيدة وفتاة كريمة على أرض مصر من خلال هذا المؤتمر الذي يأتي بكافه فعالياته وجلساته ليسلط الضوء على أبعاد وجوانب من إبداع المرأة ومن صور تمكينها للدولة المصرية، ومن إبداع المرأة عبر التاريخ،  وما يمكن أن نقدمه للمرأة حتى تزداد خدمة لوطنها.

كما وجه وزير الأوقاف رسالة للواعظات اللاتي انطلق المؤتمر باسمهن أن هذا المؤتمر تكريم لهن أولًا ولكل سيدة مصرية، ثانيًا: أن تنطلق الواعظات في طول مصر وعرضها محملات بالنور والخير والهدى والعلم والحكمة والبصيرة والسداد، وبكل قيم وأخلاق النبوة، مؤكدًا دعمه لكل الواعظات، متمنيًا لهن التوفيق في رسالتهن الكريمة التي هي جزء أصيل وعظيم من رسالة وزارة الأوقاف في وجدان الشعب المصري.

وأكد الدكتور محمد عزت أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية خلال كلمته بالمؤتمر التحضيري أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعد أحد النوافذ التي تطل بها مصر على العالم لنشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير، والتعريف بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقًا بين شعوب العالم، وتوثيق الروابط وتحقيق التعاون، والتنسيق مع الهيئات والمؤسسات والقيادات الدينية في مختلف أنحاء العالم، والرد على ما يثار ضد الإسلام من شبهات من خلال لجانه العلمية التي تضم في عضويتها كبار العلماء من الأزهر الشريف والجامعات المصرية ممن لهم قدم راسخة في العلم.

وأشار أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن مؤتمر المجلس الخامس والثلاثين يأتي انطلاقًا من قضايا المواطنة والسلام المجتمعي، وفي ضوء رؤية الدولة المصرية لأهمية التمكين للمرأة نظرًا لأهمية دورها في العمل الدعوي، وتسليطًا للضوء على دورهن وجهودهن في مجال الدعوة بوجه خاص، وفي مجالات الحياة وميادين العمل بوجه عام.

وأضاف الأمين العام بأن هذا المؤتمر غير تقليدي، يسلط الضوء على دور المرأة في بناء الوعي، وهو المؤتمر الدولي الأول للواعظات، بعنوان: "دور المرأة في بناء الوعي" ويعقد في الفترة من 25 - 26 أغسطس 2024م، بمشاركة نحو ستين دولة، وأكثر من مائة شخصية ما بين وزراء ومفتين وممثلي الهيئات والمجالس والمؤسسات الإسلامية بدول العالم وشخصيات عامة.

وأكد الدكتور محمد عزت أن المؤتمر يناقش ستة محاور على مدار يومين من خلال عدد من الجلسات، حيث يناقش المؤتمر دور المرأة في بناء الوعي الديني، وبناء الوعي الثقافي، ودور المرأة في خدمة المجتمع، ودور المرأة في بناء الأسرة وتنشئة الطفل، ودور المرأة في تعزيز قيم التسامح والتعايش وصنع وبناء السلام، كما يستعرض المؤتمر التجربة المصرية في تمكين المرأة.

وأشار إلى أن رسالة المؤتمر تؤكد أن مشاركة المرأة في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية تجعل عالمنا الذي نعيش فيه أكثر عدلًا وسلامًا وأمانًا، وأن رؤية المؤتمر تؤكد أن مهمتنا جميعًا هي عمارة الكون، ومسئوليتنا الأساسية للوصول للحضارة التي ننشدها جميعًا، وذلك لن يتحقق إلا بمساهمة المرأة الواعية المتعلمة المثقفة لبناء حضارة للإنسانية جميعًا.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري دور المرأة بناء الوعي التطرف المجلس الأعلى للشئون الإسلامیة الرئیس عبد الفتاح السیسی دور المرأة فی بناء الوعی الدولی الخامس والثلاثین وزارة الأوقاف وزیر الأوقاف هذا المؤتمر والتی هی من خلال التی هی الذی هو جمیع ا

إقرأ أيضاً:

تجمع المهنيين: هل هو حفيد لمؤتمر الخريجين؟

عبد الله علي إبراهيم

(في مناسبة محاضرتي التي سأقدمها اليوم لشباب من الباحثين عن الحركة الوطنية)
كنت نسبت تجمع المهنيين الذي من وراء الحراك الماثل إلى كيانات نقابية ومهنية طبق الأصل سبقته في ثورة أكتوبر 1964 (جبهة الهيئات) وثورة إبريل 1985 (التجمع النقابي). واقترح عليّ أحد أصدقاء صفحتي على الفيسبوك أن اعتبر مؤتمر الخريجين (1938) باكورة هذه الكيانات. ولم "تقع" لي التزكية وقتها. ثم بدت لي وجاهة النسبة بعد إطلاع كثيف نوعاً ما على أدب الفترة: عرفات محمد عبد الله في كتابه "قل هذا سبيلي" وأحمد خير في "كفاح جيل". ووجدت منصور خالد أقربنا إلى استصحاب خبرة المؤتمر وأولنا في شاغلنا السياسي المعاصر في كتابه "حوار مع الصفوة". فخلص فيه إلى ضرورة أن نقع على مخرج سياسي مختلف استناداً لتجربة مؤتمر الخريجين (1938). فهو عنده القدوة من جهة أنه "فكرة تجمع في إطار جبهة أو مؤتمر أو تكتل ذي مبادئ محددة لأمد معقول ولنقل عشر أو سبع سنوات، مبادئ تعالج الوضع الاقتصادي والهيكل السياسي والحريات الأساسية والسياسة الخارجية". وقال إن استرداد هذه القدوة من الثلاثينات ليس عسيراً بالنظر إلى تجربة ميثاق ثورة أكتوبر بالرغم مما خلفته من سوء ظن وفقدان ثقة. ولم يعد منصور إلى فكرة قدوة مؤتمر الخريجين مرة ثانية.
كنت نسبت تجمع المهنيين الذي من وراء الحراك الماثل إلى كيانات نقابية ومهنية طبق الأصل سبقته في ثورة أكتوبر 1964 (جبهة الهيئات) وثورة إبريل 1985 (التجمع النقابي). كان المؤتمر جمعية ضمت الخريجين محدودي العدد بالطبع في زمانه ومن كافة التخصصات بمثابة نقابة ترعى شأنهم في ملابسات الاتفاقية الإنجليزية المصرية في 1936 التي أرادت الإحسان لصفوة السودانيين في خدمة الدولة. وهكذا فهمه الإنجليز، بل وجماعات مرموقة فيه. وهو نقابة في معنى خالف فيه طلائع تنظيم الأفندية السرية السياسة مثل لاتحاد السوداني (1921) التي برز منها خليل فرح واللواء الأبيض (1924). كان المؤتمر جمعية ضمت الخريجين محدودي العدد بالطبع في زمانه ومن كافة التخصصات بمثابة نقابة ترعى شأنهم في ملابسات الاتفاقية الإنجليزية المصرية في 1936 التي أرادت الإحسان لصفوة السودانيين في خدمة الدولة. وهكذا فهمه الإنجليز، بل وجماعات مرموقة فيه. وهو نقابة، ولكنها تشترك جميعاً في أنها منابر لطبقة حضرية جديدة على البلاد حصلت على مكانها بالكسب الحضري لا الإرث كما في طبقة الزعامة الطائفية والعشائرية الريفية. وما قَدمت هذه الطبقة إلى الوجود حتى عشمت في نزع قيادة السودانيين من طبقة الإرث التقليدية. ومن المؤسف أن ساء فهم صراعهما في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين خلال جدل الهوية في العقود الثلاثة الماضية. فحمل مناصرو الهوية الأفريقية استهجان أولئك الزعماء أن يقود البلاد رجل ظنين الأصل مثل علي عبد اللطيف محملاً عرقياً وهو محمل طبقي تلبس العرقية للمواتاة. فأكثر طبقة الأفندية كانت من أصول أولئك الزعماء أنفسهم.
متى قرأت كتاب هاورلد ماكمايكل "السودان الإنجليزي" (1934) بان لك أن المؤتمر كان في نظر المستعمرين تعبيرا عن طبقة حضرية مستجدة على النقيض من جمهرة السودانيين الذين زعمت قيادتهم. وكان كتاب ماكمايكل موضوع نظر دقيق من كل من عرفات في مجلة "الفجر" ومحمد أحمد المحجوب ومحمد عبد الحليم في "موت دنيا". ولهم ردود قيمة على مطاعنه في طبقتهم.
توقف ماكمايكل عند أصل الخريجين وغربتهم عن جمهرة الأهالي. فقال إن التعليم الذي جاء الإنجليز به كانت له نتائجه المضادة. نشأ به جيل جديد في المدينة كَلِف بشراء الملابس الأوربية الرخيصة، والجلوس في القهوة والتحدث في السياسة التي يرضعونها من شطر مصر وصحافتها التي جرأتهم على بريطانيا. وفشا بالنتيجة روح الشعور القومي فأمد القوميين بثقة في النفس بالنهوض بأعباء الحكم الذاتي ثقة لم يقم الدليل عليها آنذاك. فهي روح لا تقيم وزناً كبيراً للتجارب في حكم الأهالي، وتأمين الأمن والسلامة لهم. وهو ما قامت به بريطانيا الحامية القوية. وزاد بأن تلك الروح لا تحسب حساباً كبيراً لمصالح الأهالي ولا رغباتهم. ووصف أولئك الأهالي بأنهم قانعون بترك الأمور تجري مجراها. ويسيرون في وجوه حياتهم العادية دون أن تزعجهم أعاصير الجو السياسي. فظلت وتيرة حياتهم كما هي إلا من شعور بالأمن بفضل بريطانيا بعد ترويع المهدية لهم. فالواحد من الأهالي يزرع ويرعى، ويأتي بماشيته الأسواق، ويبعث بأولاده للمدارس، وتسمع شكاته إذا حاق به ظلم.
ووقفت الإدارة البريطانية بالمرصاد لهذا الكيان الحضري، مؤتمر الخريجين، الذي خرج من اليد. فكانت صرحت به في 1938 لكسب الخريجين بعد جفوتها لهم في أعقاب ثورة 1924 التي بدت لهم كجحود ممن علمهم الرماية فلما اشتد ساعده رماه. وأجبرها على ذلك منافستها لمصر. فخشيت إن لم تأذن للأفندية بمساحة للحركة تبعوا مصر زرافات ووحدانا. وتأخر صدام الإنجليز مع المؤتمر حتى 1942 عام تقديم مذكرته التي دعت إلى الحكم الذاتي المتدرج بإشراف بريطانيا ومصر. وهي المذكرة التي رفضها دوقلاس نيوبولد، السكرتير الإداري للحاكم العام، لأنها خارج اختصاص مؤتمر الخريجين "النقابي".
وكانت المذكرة ثمرة ظرف الحرب العالمية الثانية التي خدم المؤتمر فيها جهود الحكومة في الحرب منتظراً الجزاء. علاوة على أمل الحكم الذاتي الذي مناه "عهد الأطلنطي" (1941)، الذي صدر عن الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت ورئيس وزراء بريطانيا ونستون شيرشل، للشعوب المستعمرة متى انتصر الحلفاء على طغاة المحور النازيين. وتولت المذكرة لجنة المؤتمر المنتخبة في 1942 التي اتسمت بهمة كبيرة في العمل السياسي والتنظيمي والاصلاحي حتى وصفها أحمد خير المحامي ك"حكومة شعبية". فبجانب مطلبها للحكم الذاتي في المذكرة عارضت إرسال وحدات سودانية إلى ليبيا بدون إذن السودانيين. وفتحت المدراس، ورصدت جوائز للطلاب المتفوقين، ونظمت مباريات للمدارس الأهلية التي أنشأها المؤتمر، وكونت شركة مع بعض الرأسماليين. فرفعت سمعة المؤتمر حتى ارتفعت عضويته من 1400 قبل 1942 إلى 5820.
وارتعدت فرائص الاستعمار من المؤتمر الذي صار أمل الأمة. وهدته الحيلة لتكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان في 1943 كبؤرة تضم أهل الولاء الطويل له في القوى التقليدية في الطوائف وزعماء العشائر، فوضع بيدهم المجلس أداة لجذب السودانيين بعيداً عن المؤتمر. وقاطع المؤتمر ذلك المجلس وقرر فصل كل عضو فيه يقترب منه. وقال أحمد خير في "كفاح جيل" إن المجلس خرج على حال من "هزال الشخصية". فلم يجد ما يناقشه سوى تحريم الخفاض الفرعوني وتعاطي الخمور. وسخر أحمد خير من قرار حظر الخفاض بواسطة جماعة يعلم كل واحد منهم إنه لا قبل له بوقفه في خاصة أهله. واستنقذ الإنجليز أنفسهم من وكسة المجلس الاستشاري بخطة لمجلس آخر أكثر فاعلية هو الجمعية التشريعية (1948). ودفع الإنجليز إليه رغيتهم في احتواء تحركات جماهيرية بين المزارعين (إضراب 1946) وبدء الحركة النقابية في السكة الحدية في 1947. وخشي الإنجليز أن تكون هذه التحركات رصيداً للمؤتمر. وكان للمؤتمر بالفعل جسراً قوياً للحركتين في حين كان هو نفسه في سكرات الموت بعد استيلاء الأشقاء على لجنته التنفيذية في 1946 استيلاء جعله واجهة لهم.
وجدت نفسي بعد وقوفي على تاريخ المؤتمر الذي بين يديّ القارئ أرجح أن يكون المؤتمر هو تجمعنا الأول للمهنيين سبق جبهة الهيئات (1964) والتجمع النقابي (1985). فهو النقابة الأولى علماً بأن النقابة طارئة وهي ماعون تنظيم قوى المدينة الحديثة. فهي وسيلة المدينة وقواها المأجورة في الدواوين والمصانع للتعبير عن مصالحها في الأجور وما اتصل بها. وكثيراً ما ساقها هذا في طريق الثورة للتغيير من قوى "النظام القديم" الذي لم يتصالح بعد مع المدنية كحقيقة ديمغرافية واقتصادية واجتماعية وسياسية وجمالية. فهو ما يزال يراها بعيون ماكمايكل كخميرة عكننة معتزلة الأهالي الذين هم في ناحية وهي في ناحية

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • تجمع المهنيين: هل هو حفيد لمؤتمر الخريجين؟
  • عاجل - السفير اللبناني يشكر مصر بقيادة الرئيس السيسي على وقوفها إلى جانب بلاده
  • السفير اللبناني يشكر مصر بقيادة الرئيس السيسي على وقوفها إلى جانب بلاده
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي يواجه الشائعات بحكمة ويواصل بناء مصر الحديثة.. فيديو
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي يواجه الشائعات بحكمة ويواصل بناء مصر الحديثة
  • وزير الخارجية ينقل رسالة من الرئيس السيسي إلى نظيره الكونغولى
  • وزير الخارجية ينقل رسالة من الرئيس السيسي إلى نظيره الكونغولي
  • وزير الرياضة يشيد بالدعم الذي يقدمه الرئيس السيسي للرياضة والرياضيين والشباب
  • عاجل - الرئيس السيسي: الأحداث المتلاحقة بالمنطقة تفرض علينا بناء قدرات القوى الشاملة
  • قومي المرأة يشكر الداخلية لفتح مستشفياتها للكشف بالمجان على النساء