الانقسام بين طرفي الحرْب لا يخدّم قضية وقفها

نضال عبدالوهاب

أخذ مُعظم السُودانيّن ، بل والقوي السياسِية زماناً طويلاً في ترديّد مقولات مثل هذا الطرف قد أشعل الحرب وذاك لم يُشعلها ولكنها فُرضت عليه ، وغيرها من أشياء لاتُفيّد في تقديري ، فالأهم والثابت لنا أن الحرب قد إشتعلت ودمرت وأبادت وهجرّت ولاتزال هي وخسائرها مُستمرة ، هنالك حقائق حدثت قبل إندلاع الحرب فيما يخص طرفي الحرب من الضروري لكل السُودانيّن وخاصة للقوي السياسِية الإقرار بها ، وهي أن الشعب قد أحدث تغييراً ورفض الإسلاميين والكيزان وهم المتهم الأول عند الأكثرية في مسألة إشعال الحرب هذه ، والحقيقة الثانية أن الشعب السُوداني أيضاً قد رفض حُكم العسكر وإنفراده بالسُلطة ورفض ديكتاتوريته وشموليته ، والحقيقة الثالثة أن طرفي الحرب وبعد أن إنقلبوا علي السُلطة الإنتقالية وقطعوا الطريق نحو الديمُقراطية وتنفيذ إرادة الشعب وتآمروا علي ذلك معاً وبمساعدات إقليمية وخارجية ودعم مُباشر وتأئيد ظهر وحدث الصرّاع فيما بينهم علي الإنفراد بالسُلطة والإستئلاء عليها وإختلفت معايير المصالح بينهما ، ولم يكن أبداً لا الوطن ولا المواطن محل إهتمامهم أو قضيتهم ، ومع السُلطة وقضية الإنفراد بها والإستحواذ كانت ولاتزال موارد البلد هي هدفهم الإقتصادي وتفننوا في سرقتها ونهبها والتعاون في ذلك مع أطراف دولية وإقليمية ظلّ هدفها الإستراتيجي في السُودان هو نهب هذه الموارد والإستفادة منها ، مع تماهي كامل وتنسيق مع عُملاء صنعوهم بأنفسهم وتعاونوا من العسكر والمليشيا وأجهزة الأمن والإستخبارات داخل أروقة طرفي الحرب ، ولم يكن أيضاً للشعب والبلاد أي علاقة بما يتم من كُل هذا النهب المُنظّم من حيث الإستفادة من عوائده ، بل كانت تذهب لجيوب المُتنفذّين في قيادة الجيش والمليشيا وجنرالاتها الفاسديّن ، أي لطرفي الحرب معاً إضافة لشبكة الفاسدين من الإسلاميين والكيزان الذين يتواجدون في طرفي الحرب وداخل أجهزتهم الأمنية والإستخبارية والعسكرية والسياسية.

والحقيقة الأخري التي سبقت إندلاع الحرب مُباشرة ، هي أن الطرفين إستعدوا وحشدوا لها وكان لديهم علماً بأن لحظة إشتعلاها متوقعة في كُل لحظة ، وهذه النقطة تحديداً شهد عليها من كانوا مُحيطين بهما ، من قوي سياسية مُتمثلة في مجموعة الإطارئ أو حركات سلام جوبا ، إضافة لتهئية كُل الشعب السُوداني أن إندلاع الحرب لن يكون مُفاجأة إذا حدث ، للمُقدمات التي سبقته وحرب التصريحات وإحتقان الموقف ووصول الطرفين لطريق مسدود في التفاهم أو تحكيم صوت العقل وعدم جعل المواجهة العسكرية هي الخيار المُناسب.

كُل هذه الحقائق التي ذكرتها تدحض أي حديث عن فرية أن أحد الطرفين هو من أشعل الحرب أو هو المُستفيّد من وراء ذلك ، فالثابت يقيناً أنهما إشتركا في إيصال البلد لهذا الدرك وخلقا معاً كُل تلك المُعاناة ، وتتوزع المسؤلية المُباشرة مابينهم وبين الحركة الأسلامية الشريك الأكبر في كُل ماحدث ، إضافة للداعميّن الخارجيين اللذين لولاهم لما إستمرت الحرب ، ولكن لأن لديهم مصالح مُباشرة لقيامها طمعاً في تحقيق المصلحة عبر إنتصار أحد طرفيها ، أو الوصول لواقع ينقسم فيه السُودان ويتفكك ويتشرد أهله وتسهل بذلك السيطرة علي موارده وثرواته وتحويله لنموذج أقرب للمُستعمرات.

ما يهم الآن هو ليس الإنقسام علي طرفي الحرب ، فكلاهما مُجرم ، وكلاهما أسهم في هذه الحرب وفي كُل هذا الدمار والخراب والموت والتشريد والفظائع و كُل الخسائر التي حدثت ، ولا يصح أن تنطلي علي شعبنا وكل قواه السياسِية أن أحد طرفيها أياً كان هو المظلوم أو المُعتدي عليه كما ظلا يُروجان منذ اليوم الأول للحرب وحتي اللحظة ، أو أنهما حريصان علي البلاد وشعبها ومستقبلها ، أو أنهم يُدافعون عن الأرض أو العرض أو شرف البلاد ، فكل هذا محض كذب ومُزائدات يستخدمها الطرفان وآلتهما الدعائية ومن يرتبطون معهما بالمصالح.

ولأن الحرب أصبح ضررها يتمدد خارج حدود بلادنا ، وما أفرزته من واقع وسناريوهات أكثر مما تصوره بعض مُشعليها وداعميهم ، ولمحاولات الإستفادة من إيقافها ولكن وفق طريق يضمن مصالح من دعموها ودعموا طرفيها تحركوا الآن بجدية أكبر لإيقافها ، مع محاولات مُستمرة للحركة الإسلامية والمُتنفذّين من الكيزان لإستمرارها لتأكيد سُلطتهم التي يُحاولون إستعادتها مُجدداً بفقه الأمر الواقع الحالي ، أو ضمّان تواجدهم سياسياً وفي السُلطة أو أي عمليات سياسِية ترتبط بها لاحقاً ، وبالنسبة للمليشيا أيضاً تأكيد إفلاتهم من العقاب والمُحاسبة وخلق شرعية لهم ومُستقبل سياسي وإقتصادي وعسكري ، وللطرفين أهميّة إستمرار نهبهم وفسادهم وحمايته ، ومواصلة إرتباطهم بمصالح الدوائر الخارجية التي دعمتهم ودعمّت الحرب وساهمت في إستمرارها.

يبقي أخيراً التأكيد علي أن خطوة وقف الحرب هي الأهمّ بعيداً عن سؤال من أشعلها ، وأن أيضاً أي محاولة للإصطفاف مع طرف منهما أو إكسابه الشرعيّة أو الدفاع عنه يُمثل إستمرار للحرب نفسها أو إستمرار لحالة الإضرار بمصالح السُودانيّن في إعادة إنتاج طرفيها مُجدداً وفرضه علي الشعب السُوداني وتمكيّن بطشهم وفسادهم.

والشئ المُهم الآن الإلتفاف حوله من كُل السُودانيّن والقوي السياسِية هو رفض الطرفين معاً ، ورفض أي شرعية للحرب أو إستمرارها ، ورفض أي أدوار مُستقبلية لهما في الحُكم وإعادة إنتاج الأزمة أو الحرب مُجدداً.

علي كُل القوي السياسِية والفاعِلين السياسِين دعم وقف الحرب ودعم عمليات التفاوض لوقفها وضمان إغاثة السُودانين وتأمين عودتهم وأستقرارهم ، وفي ذات الوقت القوف بصلابة وإرسال رسائل مُباشرة لمن هم خلف المفاوضات ومُيسيرها وللمجتمع الدولي ولطرفي الحرب أنفسهم ، بالرفض الكامل لأي أدوار مُستقبلية لهما في الحُكم والسُلطة في السُودان مع مُحاسبة كُل من ثبُت إجرامه في هذه الحرب.

 

الوسومالجيش الدعم السريع حرب السودان مفاوضات جنيف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع حرب السودان مفاوضات جنيف

إقرأ أيضاً:

في العام الثالث للحرب.. من ركام الالم خرجت الانتصارات

تدخل الحرب في السودان اليوم ١٥ابريل ٢٠٢٥م عامها الثالث . عندما استيقظ السودانيون في يوم السبت ١٥ ابريل ٢٠٢٣م علي صوت الرصاص وكانوا يقولون السبت اخضر ولكن مليشيا الجنجويد بقيادة محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة أحالت ذلك اليوم الي اللون الاحمر و سالت دماء المواطنين الابرياء والمسافرين في مطار الخرطوم وتم أسر ضباط الجيش من منازلهم وقتلت نيران المليشيا المارة والطلاب وتقطعت بالمواطنين السبل منذ اللحظات الاولي للحرب وحل العنف والقتل محل السلام والطمأنينة العامة في(( عازة )) ارض الآباء والأجداد .
٢-
بدأت الحرب بمحاولة انقلابية فاشلة قامت بها قوات الدعم السريع بهدف استلام السلطة في الخرطوم وشنت المليشيا المتمردة هجمات مركزة علي القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في مقر إقامته ببيت الضيافة المجاور لمنزل نائبه حميدتي قائد قوات الدعم السريع المتمردة .
جاءت تعليمات قائد الانقلاب العسكري التي أصدرها لقواته المتمركزة حول مقر البرهان منذ أن يتم تسليم رئيس مجلس السيادة القائد العام لقائدهم حميدتي حيا او ميتا .
٣-
أفسدت القوات المسلحة المحاولة الانقلابية وقدم الحرس الرئاسي بالقوات المسلحة أكثر من خمسة وثلاثين شهيدا في زمن وجيز فداءا للوطن وحماية لرأس الدولة وقائد الجيش السوداني وانقاذا للبلاد وجيشها .
٤-
اشتعلت الحرب بعد فشل المحاولة الانقلابية بالانتقال للخطة(( ب)) وهي خطة عسكرية وسياسية وإعلامية ظهر فيها خطاب اعلامي وسياسي وخرجت الغرف الإعلامية لمليشيا الدعم السريع لكي تتنصل عن الانقلاب العسكري بالحديث
عن الفلول والكيزان و مزاعم الطلقة الاولي ودخلت المدينة الرياضية في معادلة الحرب كاول مؤسسة مدنية رياضية يتم استخدامها من جانب المليشيا قاعدة انطلاق للهجوم علي القوات المسلحة .
٥-
كان التحضير السياسي والإعلامي للحرب باكرا من خلال تصريحات لقوي الحرية والتغيير التي تريد فرض الاتفاق الاطاري أمام رفض ابناء الشعب السوداني للاطاري الذي يرمي لتفكيك القوات المسلحة واسقاط الدولة السودانية بعد أن سمع العالم عبر وسائط الإعلام قادة الأحزاب السياسية والناشطون في الحرية والتغيير بأن البديل للاطاري هو الحرب .
٦-
وقعت واقعة الحرب التي جاءت خيارا بديلا لاستلام السلطة ولكن بتداعيات واثار مدمرة و سيطرت مليشيا التمرد علي العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وولايات دارفور ونزح أكثر من ١٦ مليون إنسان داخل السودان وخارجه .
٧-
في هذا اليوم والأمة السودانية تستعيد بالاسي ومر الذكريات انطلاقة الحرب في وطن عزيز موفور الكرامة تجتمع في العاصمة البريطانية عشرون دولة من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة التي اشعلت الحرب في السودان وهي تمد قوات الدعم السريع المتمردة بالسلاح لقتل السودانين .
٨-
بريطانيا التي تستضيف هذا المؤتمر حول السودان لديها مواقف عدائية ضد السودان وقد شكلت حماية لحليفتها دولة الإمارات العربية المتحدة و عرقلت اعتماد شكوي السودان ضد أبو ظبي لكونها حاملة القلم في مجلس الامن الدولي .
٩-؛
ظهر في مؤتمر لندن المنعقد اليوم تبادل الأدوار بين العواصم الأوروبية فقد نظمت فرنسا في العام الماضي لقاء باريس لدعم السودان وتقرر جمع ٢ مليار يورو من الدول الأعضاء وقد استمع العالم لوزير خارجية فرنسا في لقاء اليوم بلندن وهو يحث الدول علي الوفاء بالتزاماتها في مؤتمر باريس مما يدل علي تقاعس المانحين عن دفع المال لإغاثة الشعب السوداني الأمر الذي لم يحدث إلي يومنا هذا من قبل هذه الدول .
١٠-
اما بريطانيا التي اسقط الفيتو الروسي مشروعها الاستعماري حول السودان تريد الالتفاف علي قرار مجلس الأمن القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي للسودان واحترام سيادته باجتماع جديد يساوي بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع الإرهابية وإعادة عقارب الساعة إلي الوراء الي مربع حرب الجنرالين و الحكم المدني و طرفي الصراع وهي شنشنة معروفة تتردد في أروقة الاتحاد الافريقي والايقاد ودولة كينيا علي لسان وزير خارجيتها الذي تحدث للجزيرة مباشر بهذه اللغة المجافية لحقيقة ما يجري في السودان .
١١-
الشعب السوداني لن ينسي كلمات القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في أول يوم للحرب بقوله : يجب أن نأخذ العبرة والاعتبار من هذه الحرب .وقد تعلم اهل السودان الكثير من الدروس من هذه الحرب الطاحنة وهي حرب وجودية استئصالية يشنها المجرمون الاوباش ضد الإنسان السوداني في كل مكان وقد أيقن الشعب السوداني أن الخيار الوحيد امامه هو المقاومة وأن يحمل السلاح دفاعا عن نفسه .وقد فعل وصارت اعداد المتطوعين أكثر من السلاح نفسه .
١٢-
الحرب في خواتيمها أو نهايتها بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات المسلحة وجهاز الامن الوطني والمخابرات وقوات الشرطة والمستنفرين والمقاومة الشعبية والقوات المشتركة في سنار وجبل موية ومدني والخرطوم وام روابة والرهد وتواترت الأنباء بأن متحرك الصياد ينفتح عبر متحركاته في غرب كردفان وجنوبها ودارفور .
١٣-
في هذه الأيام تهاجم مليشيا التمرد ومن معها من الحركات المسلحة بقيادة الطاهر حجر وسليمان صندل معسكر زمزم وابو شوك للنازحين وقامت بتدمير المعسكر وقتل الطواقم الطبية العاملة وسقط المواطنون العزل شهداء واستشهدت الطبيبة بالمعسكر هنادي ماسوفا علي شبابها من كل الإنسانية وتم ارتكاب الإبادة الجماعية في زمزم و الفاشر علي قرار ما تم في الجنينة من إبادة لقبيلة المساليت .
١٤-
خرج اليوم ابناء السودان المتواجدون في دول الاتحاد الأوربي في مسيرات هادرة ضد اجتماع لندن الذي تشارك فيه دولة الإمارات العربية المتحدة وكانوا يهللون ويكبرون ويهتفون بشعار جيش واحد شعب واحد كل القوة الفاشر جوة وكل القوة زمزم جوة وهتفت الجموع ضد الامارات ورئيسها محمد ابن زايد وداست علي صوره فهو الآن تحت جزمة السودانيين الغاضبين وكلهم حزن وألم علي ما حدث في معسكرات النازحين بدارفور وقري الجموعية والنيل الابيض .
١٥-
في عقابيل الحرب ونهاية التمرد ونهاية الزمن الموجع تستهدف مليشيا التمرد بالمسيرات الاستراتيجية القادمة من دولة تشاد المعادية للسودان محطات الكهرباء في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل والهدف هو تعريض ابناء الشعب السوداني للجوع والعطش والمعاناة وتدمير الحياة .
١٦-
في هذه الأثناء تستعد القوات المسلحة للاجهاز علي مليشيا التمرد في كل مكان وموقع انطلاقا من أرض السودان كما قال القائد مني اركو مناوي لقناة الحدث اليوم وهو غاضب وموجع بما يحدث للسودانيين من جراء المليشيا المنتهكة وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .
١٧-
في نهاية العام الثاني للحرب ودخولها العام الثالث يجدد الشعب السوداني عبر مسيراته واستنفاره ومقاومته الشعبية المسلحة وشرطته الموحدة عهده مع القائد العام علي الجهاد والمقاومة والانتصار علي مليشيا التمرد وتدميرها وان لا مفاوضات ولا جلوس مع المليشيا ولا خيار أمام هذه المليشيا الا الاستسلام ووضع السلاح أرضا والاستسلام لقيادة الجيش .
في الختام
نصر من الله وفتح قريب
جيش واحد شعب واحد

د.حسن محمد صالح

الثلاثاء ١٥ ابريل ٢٠٢٥م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حماس: اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني لا يُعبر عن الإجماع الوطني
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟
  • نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الانقسام داخل حكومة نتنياهو يهدد استقرار إسرائيل
  • حروب خاسرة
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني
  • اللواء طارق نصير من بغداد: القضية الفلسطينية قضية مصر الأولى والعرب
  • يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
  • في العام الثالث للحرب.. من ركام الالم خرجت الانتصارات