فنيش: الاساطيل والحشودات لا ترهب المقاومة
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
أحيا "حزب الله" الاحتفال التكريمي ل "الشهيدين السعيدين على طريق القدس" المجاهد ابراهيم جميل العشي "وسيم" والمجاهد فادي محمد شهاب "تيسير" في النادي الحسينيّ لبلدة برعشيت الجنوبية، في حضور الوزير والنائب السابق محمد فنيش إلى جانب جمع من العلماء والفاعليات والشخصيات وعائلة الشهيد وعوائل شهداء، وحشد من الأهالي.
الحفل افتتح بقراءة آيات من الذكر الحكيم وتخللته تلاوة للسيرة الحسينية، فيما ألقى فنيش كلمة الحزب تقدم فيها ب"التهاني والتبريكات" لذوي الشهيدين، معتبراً أن "ما أظهرته المقاومة من مشاهد للمنشأة عماد 4 يهدف بجزء منه إلى طمأنة أهلها ومجتمعها وعوائل شهدائها بأن تضحيات أبنائهم هي التي أوصلتها إلى هذا المستوى من القدرة، ومن أجل مزيد من الثقة بقدراتها وصدقية قيادتها ومشروعها والوفاء لدماء الذين ضحّوا من اجل عزة وطنهم وأمتهم".
ورأى فنيش أن "ما نُشر أثبت أيضاً لمجتمع المقاومة وللصديق وللعدو، أن المقاومة ليست غافلة ولا تضيّع وقتها ولا تأبه لثرثرات بعض المشككين أو المتخاذلين أو المثبطين، بل تصل ليلها بنهارها من اجل اعداد القوة، وأنها استفادت من الطبيعة اللبنانية وتعاملت معها بما يتلاءم مع خوض الصراع مع العدو، واستفادت لتحول هذه الجبال كما هي مظهر جمالي للبنان وجاذب سياحي له، إلى ثقلٍ قويٍ في معادلة الصراع مع العدو".
وتابع: "هي أيضاً رسالة ردع للعدو، ليفهم أن كلامه وتصريحات مسؤوليه وتهديده بالتصعيد لا يخيف قيادة المقاومة ولا يحول دون رد المقاومة على التجاوزات اطلاقاً، وهي رسالة أيضاً للذين حشدوا أساطيلهم بان المقاومة لا تهاب ولا تخشى تهديداً، وعليهم أن يتذكروا أننا في العام 1982 لم نكن نمتلك هذه القدرة، ومع ذلك خرجوا من لبنان يجرون أذيال الخيبة، وقد تحرر البلد بتضحيات المقاومة وإرادتها وسيبقى منيعاً عزيزاً بفعل هذه المقاومة".
وإذ أشار إلى محاولات العدو الاسرائيلي التفلت من قواعد الاشتباك التي رسمتها المقاومة انطلاقاً من تقديرها لمصلحة لبنان ومجتمعه وأمنه وألزمته بها، أكد فنيش أن "التجاوزات التي قام بها سيتم الردّ عليها لينال العقاب الذي يستحقه"، وقال: "المقاومة لا تنطلق من حسابات عشائرية أو ثأرية او غرائزية، إنما قيادة المقاومة كما أثبتت كفاءتها في العديد من المجالات، تدير صراعاً وتشخّص الاهداف وتتابع التطورات، وتقوم بالإجراء الذي يتناسب مع مصلحة المشروع والاهداف، وهذا الامر مرتبط بالتطورات الميدانية كما ذكر سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله".
وأضاف: "بعد حصول تطورات في المواجهة بيننا وبين العدو، وبعد تجاوزه في اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر واستهداف الضاحية الجنوبية، وكذلك اغتيال الشهيد اسماعيل هنية في طهران، وبعد قرار المقاومة في لبنان والجمهورية الاسلامية في ايران الرد على ذلك، جاءت الاساطيل الأمريكية واحتشدت من اجل الدفاع عن أمن هذا الكيان بعد أن كان هو في خدمة الامن الامريكي في السابق، ولكن هذا الحشد لا يرهب المقاومة ولا يثنيها عن مواجهة التجاوزات الصهيونية، وعن الرد على كل تجاوز بما يتلاءم معه".
ورأى أن "المسعى الأميركي -الهادف حسب تعبيرهم إلى ضبط حالة التوتر ومنع تدهور الامور باتجاه صراع حرب أبعد من مواجهة في جنوب لبنان وفي غزة- لا يعبر إطلاقاً عن حرصهم على عدم التصعيد، إنما هو من اجل انقاذ الكيان الصهيوني من شرور نفسه، وهو مسعى لن يخرجه عن انحيازه لمصلحة العدو الصهيوني، فمن يحرص على ايقاف التصعيد او منع تطور المواجهة، عليه أن ينهي هذه الحرب الاجرامية، ويوقف دعمه للكيان الصهيوني الذي يرتكب المجازر يومياً".
وتوجه في ختام كلمته ل"بعض الذين أزعجهم أن تعلن المقاومة وتظهر بعض قدراتها"، معتبراً أن "هؤلاء لم يغادروا بعد ما كانوا عليه من مدرسة لم تجر على لبنان إلا الضرر، فما نعانيه في لبنان اليوم وما كان سبباً في بروز هذه المقاومة هي ثقافتهم ومدرستهم التي استنجدت بالعدو الاسرائيلي ليأتِي إلى لبنان، وأنهم لن يكونوا مسرورين من ابراز المقاومة لقوتها بل وإن البعض منهم ربما يكون حزيناً وقلقاً أكثر من العدو نفسه، لأن رهاناتهم في هذه الحرب كانت ان يتمكن العدو من تحقيق اوهامهم".
وألقيت كلمات باسم عائلتي الشهيدين، ادت على مواصلة طريق المقاومة حتى زوال هذا الكيان الغاصب، معاهدة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على حفظ أمانة الشهداء ووصاياهم، ومواصلة الطريق الذي ارتقوا في سبيله.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من اجل
إقرأ أيضاً:
لا سلاح يُسلّم.. والمُحتلّ لا يؤتمن
المقاومة لا تركع، ولن تساوم، ولن تضع سلاحها مهما اشتدت المحن، ومهما تعاظمت التضحيات، لأن من حمل روحه على كفه، ومن ودّع أهله ذات فجر دون أن يدري إن كان سيعود، لا يمكن أن يخضع في منتصف الطريق، ولا يمكن أن يبادل سلاحه بسلامٍ زائفٍ أو أمانٍ ملوّث بالذل. ما يجري في غزة ليس معركة فقط، بل امتحان للأمة بأسرها، اختبارٌ لضمير العالم، ومواجهة بين الحق المجروح والباطل المدجج بالسلاح والإجرام. ولكننا نؤمن، إيمانًا لا يتزعزع، أن وعد الله حق، وأن المظلوم المنتصر حتمًا، ولو بعد حين. قال الله تعالى: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”
من يطلب من المقاومة أن تسلّم سلاحها الآن، في لحظة يُذبح فيها الأطفال، وتُبتر فيها أطراف الأمهات، وتُقصف فيها البيوت فوق ساكنيها، إنما هو إما خائن باع آخر ما تبقّى من نخوة، أو أحمق لم يفقه شيئًا من دروس التاريخ. هل يُعقل أن يُطلب من المقاوم أن يُلقي سلاحه مقابل أن يتوقف عدوه عن قتله؟ أي منطق هذا؟ وأي جنون؟ إن منطق الذل لا نعرفه، ومنهج الركوع لا نؤمن به، نحن أمة كُتب عليها الجهاد منذ أن وُجد الباطل، ولسنا طلاب كراسي ولا باعة كرامة، بل نحن طلاب حق، نحمل السلاح لا لنموت فقط، بل لنحيا أعزاء، ولتُكمل الأجيال القادمة الطريق. قال الله سبحانه: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ”
إن غزة اليوم لا تطلب منّا البكاء، ولا تشتكي، ولا تتوسّل، بل تصرخ فينا أن نثبت، أن نكون أوفياء للدماء التي سالت، أن نكون كما وعدنا أنفسنا وأبناءنا أن نكون: أحرارًا لا نساوم، جنودًا لا نخذل، رجالًا لا نبيع القضية في سوق الذل والمصالح. في كل طفل يُستخرج من تحت الركام، في كل أمٍّ تحتضن قطعةً من جسد ابنها، في كل مقاوم يقف في نفقٍ مظلم يترقب ساعة الاشتباك، هناك رسالة واحدة: لن نُهزم… ولن ننكسر… ولن نستسلم.
نحن في اليمن، بكل أطيافنا وقوانا الحيّة، نقف إلى جانب فلسطين ومقاومتها، لا نُساوم في ذلك، ولا نطلب مقابلاً، لأن فلسطين ليست قضية سياسية عابرة، بل هي بوصلتنا الإيمانية، قضيتنا الوجودية، رمز كرامتنا ومعنى صمودنا. ونعلم أن الله معنا، كما كان مع من سبقنا من المجاهدين: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ”
أمريكا اليوم، ومعها كيان الاحتلال ومن خلفهم بعض الأنظمة العربية المتواطئة، يظنون أنهم قادرون على كسر إرادة المقاومة عبر الحصار والتجويع والتدمير والابتزاز السياسي. ويظنون أن التلويح بوقف القتل مقابل نزع السلاح سيُرهب المقاومين، لكنهم لا يعرفون من يواجهون. إنهم يواجهون رجالًا لم يعودوا يرون في الحياة قيمةً إن كانت دون كرامة، ولم يعودوا يرون في البندقية عبئًا بل شرفًا، ولم يعودوا يقاتلون من أجل أنفسهم فقط، بل من أجل كل حرٍّ على هذه الأرض.
إن دماء الشهداء التي نزفت في غزة، والتي سالت في جنين ونابلس والضفة وكل شبر من فلسطين، لن تذهب سُدى. إنّ أرواحهم تصرخ في وجه العالم الصامت، وتلعن كل من باع، وكل من سكت، وكل من تخلّى. هؤلاء الشهداء هم الشهود على المرحلة، هم من يكتبون بدمهم صفحة الخلاص، وهم الذين يعلّموننا أن الحياة لا تُقاس بعدد السنين، بل بعزّة الموقف. قال الله تعالى: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”
وليعلم الجميع، أن غزة اليوم ليست وحدها، وأن المقاومة ليست جسدًا معزولًا، بل هي نبضٌ حيٌّ يسري في شرايين الأمة، وأن اليمن، وكل محور المقاومة، من لبنان إلى العراق إلى إيران إلى سوريا وكل الشرفاء في العالم، يقفون كالسد المنيع في وجه مشاريع الهيمنة والإذلال. هذه معركة واحدة، جبهة واحدة، وإن اختلفت الجغرافيا، لأن المعركة هي معركة هوية ووجود، لا مجرد حدود.
فليصمت المطبعون، وليرتجف الخائفون، ولينظر المتآمرون إلى عاقبة خيانتهم، فالتاريخ لا يرحم، والله لا يغفل، والحق لا يموت. نحن مع المقاومة، نحن مع غزة، نحن مع كل من يقف في وجه الطغاة، ولن نتراجع عن هذا الموقف مهما كلفنا، لأننا نؤمن أن هذه المعركة ليست فقط لأجل فلسطين، بل لأجلنا جميعًا، لأجل أن يظل في هذا العالم متّسعٌ للحرية، وكرامةٌ للبشر، وصوتٌ للحق.
وسيبقى سلاح المقاومة مرفوعًا، ما دام هناك محتل، وما دام هناك شهيد ينتظر، وأسير يتألم، وأرض مغتصبة، وحق مهدور.