hussainomer183@gmail.com

بقلم/ حسين بَقَيرة - برمنغهام

السبت الموافق 17/08/2024

مليشيا الدعم السريع الإرهابية أدخلت عادات حربية ضارة بعيدة عن أخلاق السودانيين السمحاء في حالات الحرب والسلم. وأسوأ أفعال المليشيا هي خططها لتدمير السودان، حيث استعانت بمرتزقة اختارتهم بدقة متناهية، متوافرين على صفات معينة: أشخاص منحطون مجردون من الأخلاق والقيم الإنسانية، وتم تدريبهم على التعامل بأعلى درجات الوحشية مع الشعب السوداني، بغية إبادته أو تهجيره قسرياً حتى يتسنى لهم الإتيان بالمستوطنين الجدد من عرب الشتات لاحتلال منازل السكان الأصليين عنوة.



كما هو ماثل أمامنا، هذا المخطط الجهنمي قد تمت تجربته في دارفور منذ عام 2003، حيث تم احتلال حواكير من أصحابها الأصليين. الفرق بين ما يحدث الآن وما حدث في الماضي هو أن ما جرى سابقاً كان في الأرياف والقرى النائية، أما في هذه الحرب فقد تم تطبيقه في العاصمة المثلثة وعواصم ولائية ومدن كبيرة أخرى. إنه مشروع آل دقلو لتحقيق مآربهم بإنشاء دولة "العطاوة" كما زعموا في أكثر من تصريح.

إذا جاز لنا تسمية ما يجري من محادثات في جنيف بالمفاوضات، فمن المعروف للجميع أن التفاوض يتم بين أطراف متصارعة. وبالضرورة، يعمل كل طرف على التموضع ميدانياً وضبط قواته لتسجيل نقاط لصالحه. لكن ما يجري على الأرض من أعمال وحشية ومجازر بشرية من قبل مليشيا الدعم السريع يؤكد عكس ذلك، بل يشير إلى فقدان السيطرة، حيث لا يوجد رابط بين قيادة المليشيا ووفدها في جنيف وقواتها على الأرض. كل يغني على ليلاه! وبالتالي، فإن وفد المليشيا يتكون فقط من أفراد يمثلون أنفسهم ومصالحهم الذاتية مع أعوانهم.

ما يؤكد ذلك هو المجازر البشرية التي حدثت متزامنة مع بدء محادثات جنيف. فقد قامت مليشيا الجنجويد بقتل 8 أشخاص، أغلبهم أطفال، يوم الخميس الموافق 15/08/2024 في قرية مجمع قوز الناقة بولاية الجزيرة، وفقاً لبيان لجان مقاومة أبو قوتة. وذكرت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها أن 85 شهيداً من المدنيين العزل قُتلوا بطريقة بشعة على يد مليشيا الدعم السريع الإرهابية في قرية جلقني بولاية سنار. بالإضافة إلى قصف وتدمير الميناء البري بودمدني بولاية الجزيرة وارتكاب المليشيا مجازر جديدة في مناطق متفرقة من السودان. كل هذه الأحداث تشير إلى فقدان الجنجويد وقادتهم السيطرة، حيث أصبح قادتهم ما بين مختفٍ وهالك. لذا، نشاهد الآن الفوضى العارمة التي رسمها قادة المليشيا وأعوانهم من العملاء، بمساعدة دول الشر، يجري تنفيذها على الأرض.

كما أن وفد المليشيا في محادثات جنيف عبارة عن أصحاب مصالح ذاتية لا علاقة لهم بهموم وقضايا الشعب السوداني، فهم معزولون اجتماعياً وسياسياً، وفاقدون البوصلة والتواصل مع قادتهم الهاربين. أما على الأرض، فلم تبق سوى عصابات من المرتزقة الذين يستبيحون دماء الشعب السوداني، فيما تم تدمير الكتلة الصلبة من مليشيا الدعم السريع وقادتهم في دارفور، خاصة في مدينة الفاشر الصامدة التي أصبحت مقبرة للجنجويد، حيث لم يبق سوى بقايا بلا دليل.

لقد صنعت أمريكا هذا الوفد المفاوض ممثلاً لجسم وهمي لا وجود له على أرض الواقع بشكل متماسك، بهدف إعادة ترميمه وإحيائه من العدم. كما تسعى الولايات المتحدة لرفع الحرج عن نفسها بهذه المحاولة اليائسة، وذلك بتعاون مع عملاء (تنسيقية تقدم) لإعطاء المليشيا الشرعية لارتكاب المزيد من المجازر وانهيار الدولة السودانية. ولكن هيهات، فإن إرادة الشعب السوداني وجدت لتبقى قوية، ظاهرة، وحاضرة على الأرض، ومشاركة في المقاومة الشعبية، ملتفة حول جيشها وقواتها المشتركة الباسلة. من المؤكد أن الشعب السوداني أكثر وعياً من مسرحية جنيف التي تحاك ضده. ستنهار هذه المحادثات ما لم يتم تنفيذ ما اتفق عليه من بنود في اتفاقية جدة، خاصة بند الخروج من منازل المواطنين. يبدو أن هناك استحالة لهؤلاء الأفراد العاجزين الذين يمثلون وفد مليشيا الدعم السريع الإرهابية في التواصل مع عصاباتهم بسبب فقدان السيطرة، وبالتالي لا جدوى من هذه المحادثات التي تطيل أمد المعاناة. إن الشعب السوداني، كأحد أبرز الشعوب، لا أحد يستطيع أن يجبره على تدمير دولته تلبية لرغبة العملاء.

بقلم/ حسين بَقَيرة
المملكة المتحدة
السبت الموافق 17/08/2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع الشعب السودانی على الأرض

إقرأ أيضاً:

ما هو موقفي من قوات الدعم السريع؟

أبدأ هنا نشر اقتباسات من كتاباتي المنشورة حول موقفي من قوات "الدعم السريع" ليس ردا على من يبتذلون موقفي المناهض للحرب والمنحاز للسلام ، فهؤلاء لا أمل في ان يفهموا شيئا وبعضهم مأجور، ولكنني أفعل ذلك لأن إجلاء موقف واضح من "قوات الدعم السريع" مهم في سياق بناء التوجه المدني الديمقراطي.
"موقفي المنشور في مقالات سابقة للحرب، هو ان الدولة المدنية الديمقراطية يجب ان يكون فيها جيش قومي ومهني واحد، وفي ظل واقع تعدد الجيوش الذي ورثناه عن نظام الكيزان ، وبحكم انني داعية سلم وسلام، فإنني مع تحقيق هدف الجيش الواحد في سياق مشروع سياسي وطني احد أركانه عملية شاملة للإصلاح الأمني والعسكري تتضمن عملية للدمج والتسريح وفق رؤية وطنية تخاطب الأبعاد السياسية والفنية بواسطة خبراء عسكريين وخبراء في مختلف المجالات ذوي معرفة عميقة بقضايا الانتقال، فالسودان ليس بدعا من الدول التي عانت من الحرب الأهلية الطويلة ومن تعدد الجيوش ومعضلة المليشيات وحققت تجارب انتقال ناجحة.
من المؤكد ان الوصول الى الجيش الواحد سيكون هدفا صعبا، وستعترض طريقه مقاومة للدمج والتسريح او اختلافات في تفاصيله الفنية ومداه الزمني، والطموحات السياسية ستجعل حميدتي يقاوم بشتى السبل تجريده من امتياز الانفراد بجيش عرمرم كهذا، ولكن الطريق امام قوى التحول الديمقراطي لتحقيق هذا الهدف هو محاصرة قيادة الدعم السريع بالضغوط الشعبية للاستجابة لهذا المطلب، وهنا تبرز أهمية وحدة قوى الثورة على اختلافها في اصطفاف مدني ديمقراطي متين عابر للأقاليم والانتماءات الإثنية والثقافية والسياسية وملتحم بالجماهير يضغط باستمرار لانتزاع مطلوبات التحول الديمقراطي، هناك عاملا دوليا ضاغطا في اتجاه مسألة الجيش الواحد وولاية الحكومة المدنية على الموارد الاقتصادية التي يسيطر عليها العسكر.
موضوعيا وواقعيا، لا اعرف طريقا يمكن ان تسلكه قوى الثورة والتحول الديمقراطي سوى استنفاذ كل وسائل الضغط السياسي والنضال السلمي للوصول للجيش الواحد في مدى زمني واقعي يحدده الخبراء والمختصون، لا طريق سوى الصبر والمثابرة على استعادة طبيعة الدولة السودانية كدولة وطنية ذات جيش واحد كما كانت قبل ان يحل عليها طائر الشؤم ممثلا في انقلاب الحركة الاسلاموية، ولابد ان يتم ذلك بالتدريج وبحذر يشبه حذر من يعملون في نزع الألغام!
ثمن اللغم الواحد لا يزيد عن عشرين دولارا ولكن تكلفة نزع اللغم الواحد بصورة آمنة تتراوح بين 1500 الى 2000 دولار!! وبدون دفع التكلفة مع الحذر الشديد والعمل باحترافية ودقة تنفجر الألغام وتقطع البشر أشلاء!!
المسخرة هي ان من زرعوا الألغام يزايدون علينا! ويجعلون معيار الوطنية هو التصفيق لنزع الألغام عشوائيا مهما أدى ذلك لتقطيع اوصال الوطن وتعذيب الأبرياء بالحرب!
“الدمج السريع”
ما يجري الآن هو الاندفاع في خيار دمج الدعم السريع بالقوة أي “الدمج السريع” ، ليس في سياق مشروع وطني ديمقراطي بل في سياق مشروع انقلابي لصالح فلول النظام المسؤول ابتداء عن واقع تعدد الجيوش، والذي يريد إزاحة الدعم السريع من طريقه للتخلص نهائيا من فكرة الإصلاح الأمني والعسكري والاحتفاظ بهيمنته كاااملة غير منقوصة على الجيش والامن والشرطة والحياة السياسية والاقتصادية الى ما شاء الله، اي باختصار إكمال دورة الثورة المضادة، فكيف يجرؤ الكيزان على مطالبة الشعب السوداني بالاصطفاف خلفهم في حرب كهذه! الحرب خيار قبيح وكريه ومر، ومن فرط استحقار الكيزان للشعب السوداني لم يجتهدوا في تغليف هذا الخيار باي خطاب سياسي جديد يدل على مغادرتهم لضلالهم القديم! او اي نبرة اعتذارية عن جرائمهم التي ندفع ثمنها دما نازفا ومذلة وخوفا ورعبا!
سأظل مرابطة في ميداني، ميدان دعاة السلم والحرية والدولة المدنية الديمقراطية، ميدان الوطنية الحقة، هذا الميدان هو رهاني الاستراتيجي وسأعمل ما حييت على تقويته وأضعف الإيمان في ذلك عدم خيانة شرف الكلمة والموقف ايثارا للسلامة.
لن أنفخ في نار حرب تحرق أهلي ووطني واتمناها تتوقف اليوم قبل الغد
لن اتحول الى شاهدة زور وأضفي على هذه الحرب مشروعية وطنية او اخلاقية وأنا أعلم أهدافها ومن يقف وراءها وأعلم ان المنتصر فيها سيدشن استبدادا يستوجب المقاومة وسنقاومه لو بقينا أحياء.
وليس في فمي ماء تجاه اي مؤسسة مدنية او عسكرية، الجيش والدعم السريع انظر إليهما كأمر واقع وكل منهما يشكل عقبة حقيقية في طريق الديمقراطية، كنت اتمنى ان ننجح في زحزحتها سلما، لأن خيار الحرب ليس فقط عقبة في طريق الديمقراطية بل عقبة في طريق الحياة من حيث هي!
نشر بصحيفة التغيير 21 أبريل 2023  

مقالات مشابهة

  • قيادةَ «الدعم السريع» لم تتوقَّع أن تستمر الحرب الخاطفة إلى هذا الحد
  • ما هو موقفي من قوات الدعم السريع؟
  • حمور زيادة: إذا وقعت مدينة الفاشر تحت سيطرة قوات الدعم السريع هذا يعني السيطرة على الإقليم كله
  • البيت الأبيض يدعو قوات الدعم السريع إلى وقف فوري لهجماتها على مدينة الفاشر
  • رئيس عموم النوبة: المليشيا بدأت الحرب من منطقة لقاوة والقس أنجلو يؤكد قومية الجيش السوداني
  • الكتلة الديمقراطية: ندين القصف العشوائي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر
  • مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت
  • جثامين في العراء .. الدعم السريع تمنع دفن 40 قتيل
  • الجيش السوداني يشن قصفا عنيفا على مواقع "الدعم السريع" بالخرطوم
  • الجيش السوداني يشن قصفا عنيفا على مواقع الدعم السريع بالخرطوم