سودانايل:
2024-09-17@16:51:03 GMT

هل المجتمع السوداني صالحا للديمقراطية؟ “2 – 2”

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

ركز المقال السابق: على تقديم تساؤلات عن تجارب الحكم السابقة، و عن الأحزاب، خاصة معرفة أسباب الانقلابات العسكرية، و النظم السياسية التي تأسست عليها ،و مسؤولياتها عن الممارسات الخاطئة و القرارات و القوانين التي صدرت و التغييرات التي أحدثتها، و التي جاءت بنتائج سالبة على المجتمع، و عدم استقراره السياسي و الاجتماعي و الأمني.

. و هي العوامل التي أثرت تأثيرا سالبا على الاقتصاد و النهضة في البلاد.. في هذا المقال ؛أيضا نقدم أسئلة عن المجتمع و ثقافته و تنوعه، هل هي عوامل مساعدة لعملية التحول الديمقراطي؟ و إذا كانت غير مساعدة ما هي المطلوبات و التغييرات التي يجب أن تحدث لكي تجعلها ملائم لعملية التحول الديمقراطي المطلوبة؟ و هل عملية التحول الديمقراطي تتطلب من الشعب السوداني أن يتنازل عن دينه و ثقافته و عاداته و تقاليده لكي يكون مؤهلا لعملية التغيير؟ أم أن هناك ممارسات سالبة بعينها هي التي تحتاج للتغيير لتواكب العملية الديمقراطية؟
في السودان معلوم للجميع؛ أنه بلد متنوع الثقافات، و جاء التنوع بتنوع البيئة التي يعيش فيها الناس، و الأدوات التي يستخدمنها، و انماط العمل الذي يؤدونه، و أيضا التأثير الديني الكبير في المجتمع، هذا التنوع الثقافي يجب التعامل معه بأنه إثراء لحياة الناس و يمثل مصدر أساسي للإلهام و الإبداع ، و يجب أن تكون تأثيراته في عملية التحول الديمقراطي إيجابية و ليست سلبية.. هناك عوامل أخرى تحتاج لنظر في تطورها مثالا؛ مسألة الإدارة الأهلية.. الملاحظ إنها حكرا على عتبات بيوت بعينها، هل الوراثة فيها مفيدة للعملية الديمقراطية؟ أم الأفضل أن تظل الإدارة الأهلية - و لكن أن تأتي قيادتها من خلال انتخابات دورية يترشح من يرى في نفسه الأهلية لأداء واجبها؟ أن التنافس و التنوع في القيادات سوف يصبح دافعا للذي ينتخب أن يجتهد لكي يقدم لمنطقته و المواطنين أفضل من الذي قدمه السابق، و الانتخابات تقلل و تمنع الانحرافات إلي لمصالح الشخصية و البيوتات.. و أيضا تؤثر في العملية الانتخابات التنافسية بين الأحزاب..
القضية الأخرى و الأكثر أهمية الصوفية: تلعب الطرق الصوفية دورا كبيرا و مؤثرا في الحياة السياسية، و خاصة في الانتخابات، و في مناطق الريف و القرى، حيث الكل ينصاع لرأي شيخ الطريقة. و هي لها مضار سالبة لأنها تحد من الوعي السياسي، فالشيخ هو الذي يفكر عن الآخرين و الشيخ يفكر حسب مصالحه و مصالح طريقته، و ليس لمصالح العامة. أن الاعتماد على الشيخ في التفكير، لا يجعل الأفراد بأنفسهم يصلون درجة الوعي الذي يجعلهم يختاروا الشخص الذي يريدون، و أيضا يتعرفون على حقوقهم التي يجب أن ينالوها و ما هي الواجبات التي يجب أن يؤدوها؟ هل الأحزاب السياسية التي تناضل من أجل الديمقراطية استطاعت أن تقدم دراسات عن المعوقات التي تعترض طريق عملية التحول الديمقراطي في البلاد؟ هل الأحزاب استطاعت أن تجيب على الأسئلة لكي تخلق وعيا جديدا عند المواطنين؟
أن أهم مصدر لتغيير الوعي هو التعليم و مناهج التعليم و طرق التريس.. هل الأحزاب قامت بدراسات تبين للمواطنين لماذا تدهور التعليم من أول تغيير في السلم التعليمي و المناهج،؟ الملاحظ ؛أن اعتماد الطلاب على المدرس و الاستاذ أكثر من اعتمادهم على نفسهم في الاجتهاد و البحث عن المعلومة في مصادر متعددة، حتى يتعرفوا أن الحقيقة في العلوم نسبية، و بالتالي يتطلب من كل طالب البحث عن أوجهها المتعددة، و في النهاية يقدم رؤيته و ليست رؤية استاذه، و التصحيح يصبح هل تتبع الطالب الخطوات العلمية الصحيحة..
يقول المفكر الأمريكي فرانسيس فوكاياما ( أن الديمقراطية لا تتحقق في بلد يكون فيه عرقية و آهلية و مجموعاته السكانية متضخمة لدرجة أنهم لا يتشاركون كأمة واحدة أو يقبلون حقوق بعضهم البعض) مثل هذه الإشكالية تمثل عائقا كبيرا في تأسيس مجتمع مدني معافى، لآن المجتمع المدني هو المجتمع القادر علي توسيع دائرة المشاركة الجماهيرية في عمل منظم، بهدف إنتاج الثقافة الديمقراطية، وفقا للقوانين و الوائح و أحترامها، حيث يخلع فيه الجميع جلباب الطائفية و القبلية، و تصبح القدرات الذاتية هي المحفز الأول للاستيعاب في العمل، هذه الثقافة قد تراجعت كثيرا في ظل النظم الشمولية و لكن باقية في ظل الصراع الحزبي الدائر لآن...
أن الأحزاب السودانية رغم أن الناس ينعتونها ب " الطائفية و الأسرية و الرجعية و التقدمية و اليمينية و اليسارية و غيرها من النعوت المتعددة، لكنها في أدارتها التنظيمية و ممارسة عضائها جميعها تتبنى طريقة واحدا لا فرق بينها" كل الأحزاب مهما تعدد بنيانها التنظيمي، هناك شخص واحدة على قمتها، هو الذي يدير دفتها حتى يدركه الموت، حتى يأتي أخر و يسير في ذات الطريق.. هؤلاء القادة يوقفون ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب و يريدونها في الحكم، و من أين تأتي القناعة للناس عندما تكون في الحكم سوف تكون ديمقراطيا..
لا اعتقد أن هناك من يقبل أحتكارية السلطة و النظام الشمولي، و لابد من الوصول لتوافقات وطنية بالحوار بهدف القبول بالتبادل السلمي للسلطة من خلال صناديق الانتخابات.. و أن الديمقراطية تحتاج لدورات لكي يقوى عودها في المجتمع، و تحتاج إلي إنتاج ثقافي عبر القوانين و اللوائح و الممارسة، و تحتاج إلي إشراك أكبر قطاع من المجتمع، من خلال انتخابات لجان الأحياء مرورا بالمحليات و الولايات حتى الانتخابات العامة، و انتخابات منظمات المجتمع المدني و النقابات بهدف ترسيخ الثقافة الديمقراطية... و إصدار أهم قانون للأحزاب أن لا يشارك العضو في قيادة الحزب أكثر من دورتين و لا تزيد الدورة عن أربعة سنوات.. أن الوعي الجديد هو الذي يخلق واقعا جديدا في أي مجتمع. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com
/////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی یجب أن

إقرأ أيضاً:

مديات تقاطع المجتمع المدني المُفترض في تدعيم المدنية “رؤية أنثروبولوجية”

سبتمبر 15, 2024آخر تحديث: سبتمبر 15, 2024

د. مها أسعد

تحول المجتمع المدني إلى مفهوم مُتقاطع مع المدنية، حيث أنه عزز قُدرتنا على النظر إلى ما وراء بعد المجتمع المدني المفترض والذي يكون أقرب إلى الوهم في تدعيمهُ للمدنية، لذلك نحتاج إلى تضمين عوامل المسار المُنحرف لهيمنة الغرب المُتزايدة وما أنطوى عليها من نزاع، والتي قد فسرت ذروة الكولونيالية على إنها “رسالة تحضّر”، على الرغم من أن العملية استنساخ للأصل، فإننا ينبغي أن نكون على وعي بأن نشأة المدنية الغربية الحديثة هي في المقام الأول مُحصلة التطورات المحددة في أوروبا الغربية الشمالية، وهو ما يتصادف والصعود المتزامن أساساً مع بداية المشروع الرأسمالي؛ فبينما تمتع النظام بصدارة مؤكدة في استهلال العملية التاريخية، تشكلت بأثنائها مجتمعات تجارية وصناعية، ولا سيما في إسكتلندا وإنكلترا، وما ينطبق على تلك الثقافة يجب أن لا ينطبق على المناطق الذي فرض الغرب نفوذهُ وهيمنتهُ عليها مع السيطرة والتوسع، والمُتمثلة في الكثير من دول الشرق حيث اختلاف  العادات والتقاليد والقيم والمعايير التي تزنها وتحدد السلوك والتفاعل المُتوافق معها، لأن نوع التدرج الحضري لمجتمع صناعي مثل أمريكا والغرب يمثل مطلب غزير النمو للاماكن الحضرية القائمة على الخدمات الصناعية والتجارية، أما لفهم المدن في السياقات غير الصناعية المُعتمدة على الزراعة والرعي مثلاً سوف يولد ذلك نوع أخر من التدرج الحضري الذي يجب ان يسحب هذه المدن ذات الرتبة الواحدة ليست على أساس وسائط نقلها او اتصالاتها العقدية، لكن على رتبتها في شبكة الأهمية الطقوسية الحضرية او من ناحية وظائفها ونوع اقتصادها.

تعكس المدينة مجتمع الدولة على الأغلب وبشكل جوهري فما زالت هناك طريقة أخرى ذات علاقة بالطبقية الاجتماعية مثلما ان رتبة الملك أعلى من النبلاء وفي دورهم النبلاء أعلى من الفلاحين وهكذا يستمر التفاوت من المدن الى الأمم كمثال حصري للفروع الحكومية، كذلك الحال بالنسبة إلى المدن والأماكن الريفية المُتدرجة كمستوطنات حضرية، وكيف أن التأملات فيما يقصد بالمدنية تجاوزت بوضوح ما كان في الماضي من تشديد كلاسيكي على القانون الطبيعي وأفكار الحكم الرشيد، وباتت تنسف القيم الأصيلة في دول الشرق والتي أراد الغرب ان ينسفها بالطبع من خلال مُنظماتهم المُنتشرة بكُل مكان مما احدث الصراع داخل المُجتمع  بين الأصيل والدخيل وبالتالي التشتت، حيث أنها دعمت ذلك من خلال تركيزها على تحديات العالم الجديد للمشروع الرأسمالي، ومن الأهمية هنا أن نفكر ملياً في أن تلك التأملات حدثت من داخل مواقع تُنتمي إلى الأجزاء التي هي أسرع تطوراً من أوروبا، التي كانت تزداد التزاماً بالمغامرات الكولونيالية المتسعة من دون توقف، وقد تكون هذه السرعة في التحولات غير مسبوقة والاهتمام بدور الشخصيات المغامرة المبادرة بالمشاريع (entrepreneurial characters)، خلقت رؤية اختزالية لبعد الرباط الاجتماعي المدني بوصفه قائماً على محور الفعالية الفردية، كانت الفكرة الأخرى غير الواقعية لاستقلالية الثقة وما يرتبط بها من خطايا أخلاقية وبشكل خاص اختزالية، كما لو كانت لا تفعل شيئاً سوى الاستجابة لدفع المصالح وسحب العواطف المحددة لموشور الذات المشاريعية المغامرة.

كل المدن تجمع كل من الكثافة التنظيمية الحضرية والأيديولوجية في افتراقهم من المجتمع الأكبر، هذا الافتراق الذي في نفس الوقت يقع تحت الأدوار الثقافية الحضرية أو التكيف الخارجي الذي يربط المدينة بالمجتمع الرسمي، حتى الأماكن الحضرية الصناعية حيث المدينة كشبكة وظيفية وكثافة سكانية أكثر وضوحاً والصروح الرسمية والسياسية، فإن النشاطات تؤشر للمدينة أيديولوجيا حيثُ الطريق إلى رؤية أكثر رصانة حول المدنية تتطلب خطوة أولية، والتي تتمثل في جهد إظهار فكرة المدنية التي تعمل على التعافي من كشط الطبقة الخارجية الوهمية التي تزيد من عبء الفكرة الغربية الحديثة عن المجتمع المدني، فبينما تتمثل إحدى مشكلات المجتمع المدني الواضحة في صفته المُتركزة على أوروبا، تكون المُشكلة الأخرى والأقل وضوحاً، أنهُ لا يكشف المدى الكامل للأثر العالمي للمركزية الأوروبية والطريقة التي تأسست بها على شاكلة مُعينة وغير بها أشكال الهيمنة المبكرة للترابط العالمي، وبمجرد إنجاز هذه الخطوة الأولية لا يمكننا البدء في رؤية المدنية كمحصلة للتاريخ الحديث المُحدد للغرب أو بعض الأجزاء منه فحسب، بل أيضاً لعلاقاته مع باقي التاريخ الكولونيالي وما بعد الكولونيالي، بل وكذلك إلى حد كبير ما قبل الكولونيالي في المقام الأول، وفي الغالب مع العالم ذي الأغلبية المسلمة أو المعمورة الإسلامية، بمعنى أخر إن تقاطع المدنية مقابل حصرية المجتمع المدني المتخفية بصورة سيئة تستقر في الإقرار بخاصية المدنية التاريخية التي تشبه العملية، بوصفها محصلة عملية تحضر مستمرة متأصلة عالمياً تعرضت لمنعطفات مفاجئة ومُتكررة، وتحولات لإحداث تغيرات في اتجاه مسار التاريخ الإنساني، ويستتبع هذه الرؤية أنه مع صعود الحداثة الغربية وما تلاها من طفرة في مختلف أشكال الحداثة على المُستويين العالمي والمحلي، والتي لم يعد من الممكن للمدنية أن تصير مجرد مُحصلة عملية تحضر، بل أصبحت معتمدة على بناء الغرب الكولونيالي لنفسه وهيمنته عبر القفزة من هويته الثقافية المدنية في أعماق الآخر المستعمر، ومن ثم وبعيداً عنا، فالأمر هو تمني بناء مدنية ذات جوهر حقيقي غير إشكالي ومن ثم عالمي حقيقي للمجتمع المدني، ولإعادة صياغة ما قُلنا فإن مواجهة الغرب مع عملية التحضر طويلة المدى للأمة الإسلامية خصوصاً وللشرق عموماً قد خلقت الجديدة في مُنظماتهم الاجتماعية الداخلية والتي تُركز على السُكان والوظائف الأيديولوجية الرسمية ومراكز السمعة او الهيبة، حيثُ إنها تأخذ شكلاً مكانياً في الصروح المعقدة والدرع الدفاعي للمدن ضد الهجوم الخارجي والذي نادراً ما كان موجوداً من قبل، حيث إن الاستحداث يكون بحسب الحاجات المُستجدة، فضلاً عن التعريف الأيديولوجي لحدود المجتمع الحضري والعلاقة بالشركات والادوار الثقافية والانواع الحضرية الرئيسية اذا كانت المجتمعات الرسمية هي الأماكن الاجتماعية والثقافية التي فيها تطورت المدن إذ أنهم يُشكلون البيئة الأساسية للأماكن الحضرية.

ثم ان هناك مُسلمة منطقية تقول: بأن الأنواع المُختلفة للدول سيكون عندها أنواع متميزة من المدن والتي بدورها ستؤثر على العلاقات الخارجية بشكل كبير وهكذا على الأدوار الثقافية المحلية للمدن ضمن المؤسسات السياسية والاقتصادية للمجتمع الأكبر، حيث مدى استيعاب سياقهم الاجتماعي الحضاري لإعطاء فكرة عن خط امتدادهم وكيفية التعامل معهم من جهة، وتجنبهم بالحفاظ على القيم الأصيلة للمجتمع من جهة أخرى .

مقالات مشابهة

  • تشكيل حزب جديد برئاسة مستشار السوداني لشؤون المحافظات المحررة
  • ما هو ترتيب الجواز السوداني في قائمة الـ “10” الأضعف عربياً؟
  • إيران تفاجئ العالم وتكشف معلومات جديدة عن الصاروخ اليمني الذي استهدف “تل أبيب”
  • في اليوم العالمي للديمقراطية.. الشباب السوداني بين أحلام «ديسمبر» وكوابيس حرب الجنرالات
  • الكتلة الديمقراطية: ندين القصف العشوائي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر
  • الكشف عن أسباب وفاة عازف “الكمان” السوداني المعروف “حذيفة” بمدينة الدمازين
  • طبيب سوداني يروي قصة مبادرة “إيواء وغذاء” التي تدعم الآلاف
  • عاجل.. الموت يغيب عازف “الكمان” السوداني المعروف “حذيفة”
  • مديات تقاطع المجتمع المدني المُفترض في تدعيم المدنية “رؤية أنثروبولوجية”
  • “المخدرات تهديد للسلم الأهلي، آفة تستوجب التدخل السريع”