هل المجتمع السوداني صالحا للديمقراطية؟ “2 – 2”
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
ركز المقال السابق: على تقديم تساؤلات عن تجارب الحكم السابقة، و عن الأحزاب، خاصة معرفة أسباب الانقلابات العسكرية، و النظم السياسية التي تأسست عليها ،و مسؤولياتها عن الممارسات الخاطئة و القرارات و القوانين التي صدرت و التغييرات التي أحدثتها، و التي جاءت بنتائج سالبة على المجتمع، و عدم استقراره السياسي و الاجتماعي و الأمني.
في السودان معلوم للجميع؛ أنه بلد متنوع الثقافات، و جاء التنوع بتنوع البيئة التي يعيش فيها الناس، و الأدوات التي يستخدمنها، و انماط العمل الذي يؤدونه، و أيضا التأثير الديني الكبير في المجتمع، هذا التنوع الثقافي يجب التعامل معه بأنه إثراء لحياة الناس و يمثل مصدر أساسي للإلهام و الإبداع ، و يجب أن تكون تأثيراته في عملية التحول الديمقراطي إيجابية و ليست سلبية.. هناك عوامل أخرى تحتاج لنظر في تطورها مثالا؛ مسألة الإدارة الأهلية.. الملاحظ إنها حكرا على عتبات بيوت بعينها، هل الوراثة فيها مفيدة للعملية الديمقراطية؟ أم الأفضل أن تظل الإدارة الأهلية - و لكن أن تأتي قيادتها من خلال انتخابات دورية يترشح من يرى في نفسه الأهلية لأداء واجبها؟ أن التنافس و التنوع في القيادات سوف يصبح دافعا للذي ينتخب أن يجتهد لكي يقدم لمنطقته و المواطنين أفضل من الذي قدمه السابق، و الانتخابات تقلل و تمنع الانحرافات إلي لمصالح الشخصية و البيوتات.. و أيضا تؤثر في العملية الانتخابات التنافسية بين الأحزاب..
القضية الأخرى و الأكثر أهمية الصوفية: تلعب الطرق الصوفية دورا كبيرا و مؤثرا في الحياة السياسية، و خاصة في الانتخابات، و في مناطق الريف و القرى، حيث الكل ينصاع لرأي شيخ الطريقة. و هي لها مضار سالبة لأنها تحد من الوعي السياسي، فالشيخ هو الذي يفكر عن الآخرين و الشيخ يفكر حسب مصالحه و مصالح طريقته، و ليس لمصالح العامة. أن الاعتماد على الشيخ في التفكير، لا يجعل الأفراد بأنفسهم يصلون درجة الوعي الذي يجعلهم يختاروا الشخص الذي يريدون، و أيضا يتعرفون على حقوقهم التي يجب أن ينالوها و ما هي الواجبات التي يجب أن يؤدوها؟ هل الأحزاب السياسية التي تناضل من أجل الديمقراطية استطاعت أن تقدم دراسات عن المعوقات التي تعترض طريق عملية التحول الديمقراطي في البلاد؟ هل الأحزاب استطاعت أن تجيب على الأسئلة لكي تخلق وعيا جديدا عند المواطنين؟
أن أهم مصدر لتغيير الوعي هو التعليم و مناهج التعليم و طرق التريس.. هل الأحزاب قامت بدراسات تبين للمواطنين لماذا تدهور التعليم من أول تغيير في السلم التعليمي و المناهج،؟ الملاحظ ؛أن اعتماد الطلاب على المدرس و الاستاذ أكثر من اعتمادهم على نفسهم في الاجتهاد و البحث عن المعلومة في مصادر متعددة، حتى يتعرفوا أن الحقيقة في العلوم نسبية، و بالتالي يتطلب من كل طالب البحث عن أوجهها المتعددة، و في النهاية يقدم رؤيته و ليست رؤية استاذه، و التصحيح يصبح هل تتبع الطالب الخطوات العلمية الصحيحة..
يقول المفكر الأمريكي فرانسيس فوكاياما ( أن الديمقراطية لا تتحقق في بلد يكون فيه عرقية و آهلية و مجموعاته السكانية متضخمة لدرجة أنهم لا يتشاركون كأمة واحدة أو يقبلون حقوق بعضهم البعض) مثل هذه الإشكالية تمثل عائقا كبيرا في تأسيس مجتمع مدني معافى، لآن المجتمع المدني هو المجتمع القادر علي توسيع دائرة المشاركة الجماهيرية في عمل منظم، بهدف إنتاج الثقافة الديمقراطية، وفقا للقوانين و الوائح و أحترامها، حيث يخلع فيه الجميع جلباب الطائفية و القبلية، و تصبح القدرات الذاتية هي المحفز الأول للاستيعاب في العمل، هذه الثقافة قد تراجعت كثيرا في ظل النظم الشمولية و لكن باقية في ظل الصراع الحزبي الدائر لآن...
أن الأحزاب السودانية رغم أن الناس ينعتونها ب " الطائفية و الأسرية و الرجعية و التقدمية و اليمينية و اليسارية و غيرها من النعوت المتعددة، لكنها في أدارتها التنظيمية و ممارسة عضائها جميعها تتبنى طريقة واحدا لا فرق بينها" كل الأحزاب مهما تعدد بنيانها التنظيمي، هناك شخص واحدة على قمتها، هو الذي يدير دفتها حتى يدركه الموت، حتى يأتي أخر و يسير في ذات الطريق.. هؤلاء القادة يوقفون ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب و يريدونها في الحكم، و من أين تأتي القناعة للناس عندما تكون في الحكم سوف تكون ديمقراطيا..
لا اعتقد أن هناك من يقبل أحتكارية السلطة و النظام الشمولي، و لابد من الوصول لتوافقات وطنية بالحوار بهدف القبول بالتبادل السلمي للسلطة من خلال صناديق الانتخابات.. و أن الديمقراطية تحتاج لدورات لكي يقوى عودها في المجتمع، و تحتاج إلي إنتاج ثقافي عبر القوانين و اللوائح و الممارسة، و تحتاج إلي إشراك أكبر قطاع من المجتمع، من خلال انتخابات لجان الأحياء مرورا بالمحليات و الولايات حتى الانتخابات العامة، و انتخابات منظمات المجتمع المدني و النقابات بهدف ترسيخ الثقافة الديمقراطية... و إصدار أهم قانون للأحزاب أن لا يشارك العضو في قيادة الحزب أكثر من دورتين و لا تزيد الدورة عن أربعة سنوات.. أن الوعي الجديد هو الذي يخلق واقعا جديدا في أي مجتمع. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
/////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی یجب أن
إقرأ أيضاً:
اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
أيها السادة في كل مكان، أيها العالم الحر وبني الإنسان، يا أصحاب الضمائر الحية والنفوس الأبية، ويا #دعاة_الحرية و #حقوق_الإنسان، أيها المنادون بالكرامة و #العدل و #المساواة، أيها المتحضرون المتمدنون، الحداثيون العصريون، يا من تدعون أنكم بشراً وترفضون بينكم شرعة الغاب وحياة الضواري والوحوش البرية، يا أصحاب القلوب الرحيمة والأحاسيس المرهفة، أيها الرقيقون العاطفيون، البكاؤون اللطيفون، ألا ترون ما يجري حولكم وما يدور في محيطكم، ألكم آذانٌ تسمعون بها، وعيونٌ ترون بها، وقلوب تعون بها، أم على قلوبٍ أقفالها، وقد طمست عيونكم وختم على قلوبكم وصمت آذانكم، فلم تعودوا ترون وتسمعون، وتشعرون وتعقلون.
إن غزة تدمر وأهلها يقتلون، وشعبها يباد، والحياة فيها تعدم، والأمل فيها يموت، ولا شيء فيها أصبح صالحاً للحياة أو ينفع للبقاء، إنهم يقتلون من قتلوا، وينبشون قبور من دفنوا، ويعيدون زهق الأرواح التي خنقوا والنفوس التي أفنوا، ويفجرون الأرض تحت أقدامهم، ويشعلون النار فيهم ومن حولهم، يقصفونهم بأعتى الصواريخ وأكثرها فتكاً فتتطاير في السماء أجسادهم وتتفرق على الأرض أشلاؤهم، ويدفنون أحياءهم تحت الأرض، ويهيلون عليهم الرمال بجرافاتهم ويحكمون عليهم بالموت خنقاً، والعالم يرى ويسمع، لكنه يصمت ويسكت، ولا يحرك ساكناً ولا يستنكر سياسةً أو يشجب عملاً.
مقالات ذات صلة نور على نور 2025/04/06الأنفاس في غزة باتت معدودة ومحدودة، وهي تخنق وتزهق، ويقتل من بقي فيها يقف على قدميه ويتنفس، وباتت أعداد أهلها تقل وأسماؤهم من سجلاتها المدنية تشطب، إنهم لا يريدون لنا الحياة، ولا يتمنون لنا البقاء، وهم عملاً بتوراتهم يعملون السيف فينا ويثخنون فينا ويقتلوننا، ويحرقون أرضنا ويقتلون أطفالنا، ولا يستثنون من آلة القتل حيواناتنا، ويعدون بحثاً عن أحياء بيننا أو ممن نجا من قصفهم فيغيرون عليهم من جديد، أملاً في قتل من بقي، والإجهاز على من أصيب من قبل وجرح.
أيها الناس …. عرباً ومسلمين، مسيحيين وبوذيين، مؤمنين ووثنيين، ألا من ناصرٍ ينصرنا، ألا من حرٍ يكرُ معنا، ألا من غيورٍ يغضب لنا، ألا من أصواتٍ ترتفع لأجلنا، وتصرخ في وجه إسرائيل وأمريكا معنا، ألا ترون أن إسرائيل تجرم وتبالغ في إجرامها، وتنهك كل القوانين وتخرق كل الأعراف ولا تخاف من بطش أو ردعٍ، فالولايات المتحدة الأمريكية، راعية الظلم والإرهاب في العالم، تقف معها وتؤيدها، وتنصرها وتناصرها، وتمدها بالسلاح والعتاد، وتدافع عنها بالقوة وتقاتل معها بالحديد والنار.
أيها العرب أين عروبتكم وأين نخوتكم، أين قيمكم وأين هي أصالتكم، أينكم من ضادٍ مع فلسطين تجمعكم، ولسانٍ يوحدكم، وأينكم من أرضٍ بهم تقلكم وسماءٍ تظلكم، ألا تغضبون لما يتعرض له أهلكم في قطاع غزة خاصةً وفي فلسطين عامةً، ألا ترفعون الصوت عالياً ليحترمكم العالم ويحسب حسابكم، ألا ترون أنكم تفقدون احترامكم وتخسرون مكانتكم، ولا يبقى من يقدركم ويحفظ مقامكم، فإن من يهون يسهل الهوان عليه، ومن يعز نفسه ويكرم أهله يصعب على غيره أن يذله وعلى عدوٍ أن يهينه.
أيها المسلمون أين هي عقيدتكم مما يجري لنا ويلحق بنا، ألا تقرأون كتاب ربكم وتعقلون قرآنكم الذي يقول بأنكم رحماء بينكم، وأشداء على عدوكم، أما سمعتم قول رسولكم الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنه إذا أصيب منكم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فأين أنتم أيها المسلمون مما نتعرض له في غزة وفلسطين من مذابح ومجازر وحروب إبادة، ألا تعلمون أن التاريخ لن يرحمكم ولن ينساكم، وأنه سيكون سبةً في جبينكم وعاراً يلاحقكم ويلوث صفائحكم، وأن اللعنة التي لاحقت ملوك الطوائف ستلاحقهم، وما أصابهم سيصيبكم.
أيها العالم المشغول بحروب التجارة وقوانين الاقتصاد ورسوم ترامب الجمركية، ألا ترون الدماء التي تسفك، والأرواح البريئة التي تزهق، والأطفال الذين يقتلون، والنساء التي تحرق، والأجساد التي تتطاير، ألا تسمعون عن الحصار المفروض على ملايين الفلسطينيين في قطاع غزة، وعن جوعهم وعطشهم، وفقرهم وعوزهم، ومرضهم وشكواهم، ومعاناتهم وألمهم، ألا تسمعون بغزة وما يجري بها ولها، وما أصاب أهلها ولحق بسكانها، ألا ترون مشاهد الأرض المحروقة، والبيوت المدمرة، والشوارع المحروثة، والكلاب الضالة التي تنهش أجساد الشهداء، وتخرج من جوف الأرض بقايا أجسامهم.
أيها البشر إن كنتم بشراً ألا تثورون للعدل، ألا تنتفضون للقيم الإنسانية والمعاني السماوية، فهذه إسرائيل تقتل بصمتكم، وتقتلنا بعجزكم، وتبيدنا بأسلحتكم، وتتبجح بتأييدكم، وهي ماضية في جرائمها، ومستمرة في عدوانها، ولا تخشى من عقاب، ولا تقلق من سؤال، فهل تتركونها تمضي في جريمتها التي لا مثيل لها في التاريخ، ولا ما يشبهها في البلاد، ألا تنتصرون لضعفنا، وتهبون لنجدتنا، وتعترضون على قتلنا، وتقفون في وجه عدونا، وتصدون آلته العسكرية، الأمريكية والأوروبية، وتمنعونه من قتل الأبرياء وإبادة الشعب، وترفضون سياساته وأمريكا الداعية إلى طردهم وإخراجهم من أرضهم، وحرمانهم من حقوقهم في وطنهم وبلادهم.
بيروت في 6/4/2025
moustafa.leddawi@gmail.com