الهجرة النبوية بين الترتيب والمفاجآت «3»
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
إخوة الإيمان.. أستكمل معكم مسيرتنا مع المفاجآت التي تعاقبت خلف كل تدبير محكم من تدابير الهجرة المباركة، والحقيقة أن قريشًا لم تترك أبدًا فكرة ولا خطة إلا وقامت بها، حتى أننا لو عددنا المفاجآت التي قاموا بها لإعاقة الهجرة وإفشالها، لعددنا الكثير والكثير، وأعرج على بعضٍ منها مما يثبت أن الهجرة المباركة لولا تأييد الله تعالى لها، ومساندته بخوارق العادة، كمعجزتي خروج النبي (صلى الله عليه وسلم) من بين ظهرانيهم وهم لا يرونه أعمى الله أعينهم، ومعجزة الغار الذي أوصلهم تقصي الأثر إليه ولكن الله أعماهم ثانية فلم يروا النبي ولا صاحبه، وكذلك أيضًا إحكام الخطة التي وضعها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي لا شك خطة نبي بعقلية خاصة وحكمة بالغة، وكذلك أيضًا بصدق وتفانٍ كل من شارك في إتمام الهجرة على أكمل وجه، وقيام كل واحد منهم بدروه على أفضل أداء وأحسن وجه وأتقف عمل، والجدير بالذكر أن (الذين اختارهم الرسول ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ لتنفيذ مخطط الهجرة كان جميعهم من الشباب، وليس فيهم إلا كهل واحد هو أو بكر ـ رضي الله عنه ـ وإن كان قد قدم أولاده الثلاثة: ليشاركوا في هذا الشرف العظيم، فعبد الله بن أبي بكر ـ كما وصفته عائشة ـ رضي الله عنهما ـ وهو غلام شاب ثقف لقن، وهو الذي حمل مسؤولية نقل الأخبار لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه كل يوم، بعد أن يختلط بقريش طيلة النهار، ويعود بها ليلًا بعيدًا عن أعين الرقباء، وفي قلب الخطر المحدق) (فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان، ص: 346).
ومن أخطر المفاجآت ـ كما ذكرت آنفًا ـ وصول قريش إلى الغار، فـ(ذاك عامر بن فهيرة، الذي كان يحمل مسؤولية رعي الغنم، وإعفاء أثر عبد الله بن أبي بكر لإخفاء الأثر ولكن الكفار على الرغم من ذلك استطاعوا أن يكتشفوا مكانهم، ثم يمضي في ركاب المصطفى وركاب أبي بكر يخدمهما في الطريق، كان في عرامة الشباب وفتوته) (فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان، ص: 347). وصلوا إلى الغار فعلًا وكانوا قاب قوسين أو أدنى من الرسول وصاحبه، لولا عناية السميع القريب ـ جلَّ في علاه ـ بل مما يدلل على تلك المفاجآت الغاشمة التي تدل على جنون قريش وأنهم ما وجدوا طريق ليناولوا من رسول الله إلا سلكوه، ما فعله أبو جهل ـ لعنه الله ـ بأسماء بنت أبي بكر، جاء في (فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان، ص: 347) أن (أسماء ـ رضي الله عنها ـ وهي أصغر من عبد الله بن أبي بكر، ولا تزال في ميعة الصبا، تشارك في الأحداث بكل ما أوتيت من نباهة وذكاء، فتضع نطاقها وكاء للطعام والشراب، وتسارع في حل مشكلة المال المحمول مع جدها فتخترع قصة الحجارة حتى تسكن الشيخ وتهدئ من روعه. وهي تعلم أن أباها قد حمل المال كله وتركهم لله ورسوله. ويصفعها الخبيث أبو جهل على وجهها فيطير قرطها من أذنها، وهي مصرة على قولها: والله لا أدري أين ذهب أبي)، هذا البطش غير المعهود بطفلة وهي أنثى في نفس الوقت تدل على مدى الجنون الذي وصل إليه كفار قريش، ووصولهم إلى غاية عجزهم.. إلى غير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره، وستظل الهجرة المباركة نتعلم منها الكثير.. والله أعلم.
محمود عدلي الشريف ✽
✽ ma.alsharif78@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الهجرة الدولية: العثور على جثث 15 مهاجراً قبالة اليمن بعد غرق قاربين
أعلنت متحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الأحد، العثور على جثث 15 مهاجراً من القرن الإفريقي قبالة سواحل اليمن، وذلك بعد ثلاثة أيام من غرق قاربين كانا يُقلان 180 شخصاً خلال محاولتهم عبور المنطقة.
جاء ذلك في تصريح خاص لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نقلته مونيكا شيرياك، المتحدثة الرسمية للمنظمة، التي أوضحت أن الجثث عُثر عليها في مواقع متفرقة قبالة السواحل اليمنية، وأن الضحايا هم جزء من مجموعة الـ180 مهاجراً الذين أُعلن عن فقدانهم يوم الخميس الماضي إثر غرق القاربين.
وأشارت شيرياك إلى أن بعض الجثث يُعتقد أنها انجرفت بفعل الرياح القوية التي لا تزال تؤثر على المنطقة، بينما لا يزال مصير الأفراد المتبقين مجهولاً حتى الآن.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد أعلنت يوم الجمعة عن انقلاب القاربين قبالة سواحل مديرية ذو باب في محافظة تعز اليمنية، وذلك وسط ظروف جوية قاسية تُعد الأسوأ منذ سنوات.
وبحسب البيان الصادر عن المنظمة، كان على متن القاربين 124 رجلاً و57 امرأة على الأقل، بالإضافة إلى طاقمين يمنيين تم إنقاذهما بعد الحادثة.
وتُشير البيانات إلى أن طريق الهجرة البحري بين دول القرن الإفريقي واليمن قد تسبب بمصرع 558 شخصاً منذ بداية عام 2024، مما يسلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة القادمون من إثيوبيا والصومال، الذين يلجؤون إلى هذه المسارات البحرية عبر مهربين بهدف الوصول إلى اليمن كبوابة للدخول إلى دول الخليج بحثاً عن فرص معيشية أفضل.