لم يتدخل "حزب الله" بعد في ما يشهده حليفه (حتى إشعار آخر) "التيار الوطني الحر" من خلافات وانشقاقات تهدد وحدته وعلاقاته مع الآخرين وعلى رأسهم "الحزب" نفسه في حد ذاته حيث يقوم بينهما تفاهم مار مخايل منذ عام 2006 على رغم ما مر به  هذا التفاهم من انتكاسات خصوصا في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ فجر الاستحقاق الرئاسي الذي بزغ في إيلول 2022 ولم  تشرق شمس صباحه بعد.

    ومن الطبيعي أن يكون "الحزب" من أبرز المعنيين مباشرة بما يحصل في "التيار" كونهما حليفان خاضا معاً كثيراً من المعارك السياسية المشتركة منذ ما قبل العام 2006 وحتى اليوم في مواجهة خصومهما السياسيين وقد انتصرا في بعضها وخسرا في البعض الآخر قبل ان تدخل العلاقة بينهما في مرحلة من البرودة وتحديدا منذ السنة الاخيرة من ولاية الرئيس ميشال عون التي انتهت في 31 تشرين الاول 2022 وازدادت بعدها برودة لتبلغ حدود القطيعة أو الطلاق نتيجة الخلاف بينهما حول الاستحقاق الرئاسي وخياراتهما المتباعدة في شأنه، بغض النظر عن الأسباب المبررات الاخرى التي قدمها رئيس التيار جبران باسيل لهذا الخلاف ومنها اتهام "الحزب" بالخروج على "مبدأ الشراكة".   لكن الخلاف بين "التيار" و"حزب الله" شكل احيانا سبباً من الأسباب الانقسام الحاصل داخل "التيار" نفسه لان التياريين منقسمين ايضا بين متمسك بالتحالف مع الحزب وبين داع الى الخروج منه. ومع ان "الحزب" لم يتدخل في النقاش الذي كان يدور في داخل التيار وتحديدا بين باسيل وبعض النواب التياريين الذين لا يشاركونه الرأي في كل ما يذهب إليه، فقد بدأ هذا الخلاف والانقسام داخل "التيار" يترجم حاليا بقرارات تتخذها قيادته بإقالة عدد من قيادييه من نواب وغير نواب ودفع البعض من هؤلاء إلى الاستقالة من مثل حالتي النائب ألان عون الذي أُقيل والنائب سيمون أبي رميا الذي استقال طوعاً على ان يلتحق بهما آخرون قريبا كون باسيل ماض في قراراته الاقصائية لكل من يعارض قراراته وتوجهاته الهادفة للاستحواذ كليا على التيار بكل مفاصله وخياراته في ظل وجود الرئيس المؤسس ميشال عون.   أين حزب الله؟   في خضم هذه التطورات "التيارية" يسأل كثيرون: أين حزب الله حليف التيار مما يجري فيه؟ وما هو موقفه منه؟ وهل أن ما يجري يؤثر سلبا على التحالف القائم بينهما والذي يمر في مرحلة صعبة منذ العام 2021 تحديدا، ولكن اي منهما لم يخرج منه؟
يقول أحد النواب المقالين من التيار إن أي تواصل بينهم وبين حزب الله لم يحصل بعد. ولكن مصادر مطلعة على موقف "الحزب" اكدت أنه يعتبر ان ما حصل في التيار أمرا مهما يستدعي التوقف عنده ولكنه لا يمكن للحزب إلا أن يراقبه ويتابعه قبل ان يتخذ منه أي موقف نهائي.   وتضيف "ان الحزب حاذر دوماً التدخل في ما يحصل في داخل التيار لكونه شأنا داخليا. كما ان الحزب لم يلعب يوما على التناقضات بين التياريين على رغم خلافه السياسي الكبير مع قيادة التيار. وإشارت المصادر نفسها الى أن الحزب على علاقة صداقة مع الجميع في قيادة التيار لكنه لم يدرس هذا الملف الخلافي بالتفصيل بعد تمهيدا لإتخاذ أي موقف  منه، وهو ينتظر ما ستؤول إليه الحالة السائدة قبل أن يبني على الشيء مقتضاه الطبيعي.   ذكي وليس حكيماً   وتقول المصادر المطلعة نفسها "أن الحزب يعترف لباسيل أنه ذكي لكنه في الوقت نفسه يرى أن باسيل وعلى رغم من ذكائه ليس حكيما، ولو كان يمتلك الحكمة لكان أوتي خيرا كثيرا تبعا لاحدي الآيات القرآنية. والحكمة معناها هو وضع الشيء في موضعه، ولكن ما يقوم به باسيل داخل التيار وخارجه لا ينم عن أي حكمة، فهو لا يضع الشيء في موضعه الصحيح، فهو لم يختلف إلا مع جميع المؤسسين في التيار منذ أن نشأت الخلافات في داخله وامتدت إلى خارجه وادت الى خروج أو إخراج عدد كبير منهم حتى الآن والحبل على الجرار"..   ويذهب أحد السياسيين الذين كانت له جولات حوارية ونقاشية طويلة مع باسيل الى اختصار ما آل إليه "التيار الوطني الحر" حتى الآن بالقول أنه "انتقل من اللبننة إلى المسحنة فالعوننة فالجبرنة". ويشرح  هذا السياسي ذلك بالقول "أن التيار بدأ عاملا على اساس شعارات الوطنية كبرى تدغدغ  أحلام كثير من اللبنانيين لكنه ما لبث أن تحول إلى الحديث عن "حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس الجمهورية وتعديل الدستور المنبثق من اتفاق الطائف، ثم تحول إلى العوننة بجعل نفسه ملكا لشخص عون،  ثم إلى الجبرنة(نسبة الى جبران باسيل)  حيث صار شغله الشاغل خدمة فريق باسيل ومصالحه الخاصة. ولذلك في اختصار، يقول المصدر، "إن التيار الوطني الحر"بدأ باللبننة وانتهى بالجبرنة" اي بدأ حزبا لبنانيا يضم الجميع وانتهى حزبا يضم او بدأ يضم مؤيدي جبران باسيل فقط"...   وعلى رغم من ذلك  يقول السياسي نفسه "أن حزب الله حرص دوماً على وحدة التيار وشدد عليها  وتمسك بها فلم يتدخل سابقا ولا سيتدخل الآن في هذا الشأن الداخلي ولكنه في الوقت نفسه حريص على عدم القطع مع قيادة التيار وكل النواب والقياديين التي يخرجون أو يُخرجون منه، وحتى لو ادى ذلك الى ولادة اتجاه سياسي ثالث فإنه سيحرص على ألا يكون بعيدا عنه لأن جميع الخارجين من التيار حتى الآن تربطهم بالحزب علاقات متينة وهو يتفهم موقفهم، ولكنه  لا يحرض اي منهم على أي خطوة من شأنها ان تؤجج الخلاف داخل التيار وضد قيادته التي تتخذ هذه الايام قرارات وإجراءات ستتحمل وحدها المسؤولية عن التبعات التي تترتب على التيار وعلاقته مع الافرقاء الآخرين ومنهم حزب الله. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: داخل التیار حزب الله على رغم

إقرأ أيضاً:

انسحاب التيار الصدري.. فرصة للمدنيين أم تعزيز للهيمنة التقليدية؟

30 مارس، 2025

بغداد/المسلة: فاجأ التيار الصدري الأوساط السياسية العراقية بإعلانه استمرار المقاطعة للعملية السياسية وعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وسط حالة من الاستقطاب الحاد وصراع النفوذ بين القوى التقليدية والمستجدين على الساحة.

الانسحاب، الذي برره الصدريون بعدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، فتح الباب أمام تساؤلات عما إذا كان ذلك سيفتح المجال أمام القوى المدنية، أم أنه سيصب في صالح الإطار التنسيقي الذي طالما شكل القوة المضادة للصدر سياسياً.

على منصات التواصل الاجتماعي، علق ناشطون على الانسحاب، معتبرين أنه قد يمنح القوى المدنية فرصة ذهبية للمنافسة الجادة، بعيداً عن سيطرة الأحزاب التقليدية.

أحد المغردين كتب: “غياب الصدريين يزيل أحد أركان الصراع السياسي، لكن هل نحن مستعدون لملء هذا الفراغ؟”. فيما يرى آخرون أن التجارب السابقة تؤكد أن مثل هذه الانسحابات غالباً ما تكون تكتيكية، وقد تعقبها تحولات دراماتيكية في اللحظات الأخيرة.

القوى المدنية تحاول بالفعل استغلال هذا الفراغ، فشخصيات بارزة من المستقلين وناشطي الحراك الاحتجاجي بدأوا بطرح أنفسهم كبديل حقيقي، مستفيدين من تراجع ثقة الشارع في الأحزاب التقليدية. لكن يبقى السؤال الأهم: هل يملكون الأدوات الكافية لمنافسة الأحزاب الممسكة بزمام السلطة، والتي تمتلك المال والسلاح والقاعدة الجماهيرية المنظمة؟

في المقابل، يبدو أن الإطار التنسيقي، الخصم الأبرز للتيار الصدري، هو المرشح الأكبر للاستفادة من الانسحاب. فبغياب التيار، سيكون من السهل عليه تعزيز نفوذه السياسي وحصد عدد أكبر من المقاعد البرلمانية.

تحليلات تؤكد أنه يستعد بقوة لاستثمار هذه اللحظة، فيما تشير تحليلات اخرى إلى أن انسحاب الصدريين قد يكون مقدمة لإعادة ترتيب التحالفات داخل البيت الشيعي، خاصة مع وجود قنوات اتصال غير معلنة بين بعض أطراف التيار والإطار.

الانتخابات المقبلة تبدو مفتوحة على جميع الاحتمالات. فإما أن نشهد اختراقاً للقوى المدنية واستفادة من الانسحاب الصدري، وإما أن يكون غياب التيار مجرد عامل إضافي لتعزيز هيمنة القوى التقليدية على المشهد السياسي.

والقوى المدنية في العراق لا تزال تواجه تحديات كبرى في فرض نفسها كفاعل أساسي في المشهد السياسي، لكنها رغم ذلك استطاعت تحقيق اختراقات مهمة خلال السنوات الماضية، خاصة بعد احتجاجات تشرين 2019 التي زعزعت معادلات السلطة التقليدية. لكن ما زال تأثيرها محدوداً أمام الأحزاب التقليدية المدعومة من شبكات نفوذ سياسية ومالية وأمنية قوية.

وفي الانتخابات الأخيرة، تمكنت القوى المدنية، المتمثلة بالمستقلين وبعض الأحزاب المنبثقة عن الحراك الشعبي، من تحقيق نتائج لافتة، لكنها لم تكن كافية لتغيير التوازنات. فبينما دخل المستقلون البرلمان بعدد مقاعد متواضع، لم ينجحوا في تشكيل جبهة موحدة قادرة على فرض أجندة إصلاحية قوية. أغلبهم انقسموا بين تحالفات متباينة، مما أضعف تأثيرهم في عملية صنع القرار.

وقد يمنح انسحاب التيار الصدري من الانتخابات المقبلة، المدنيين فرصة ذهبية لتعزيز حضورهم، لكن التحدي الأكبر يكمن في قدرتهم على استغلال هذا الفراغ بفعالية فيما الأحزاب التقليدية، وخصوصاً قوى الإطار التنسيقي، تمتلك خبرة تنظيمية وموارد مالية تجعلها أكثر قدرة على ملء الفراغ الذي يتركه التيار الصدري، ما لم تتمكن القوى المدنية من التحرك بذكاء لإقناع الناخبين بأنها البديل الحقيقي.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الحبس سنة عقوبة سرقة التيار الكهربائي لإقامة الأفراح في عيد الفطر المبارك
  • حزب الله يتحضّر: نريدُ جنبلاط
  • انسحاب التيار الصدري.. فرصة للمدنيين أم تعزيز للهيمنة التقليدية؟
  • باسيل مهنئا في عيد الفطر: خلاصنا بتفاهمنا وباحترام التوازنات
  • باسيل: اللبنانيون يتخوفون وكل شخص يشعر بأزمة وجود
  • فضيحة مدوية.. تسريب خطة التعامل مع وفاة بايدن أثناء ولايته
  • عن سلاح الحزب.. تصريح أميركي جديد
  • التايم: حزب الله يعمّق عزلة لبنان ويفاقم أزماته بتدخلاته الخارجية
  • حزب الله ينفي "أي علاقة" له بإطلاق صاروخين على إسرائيل
  • حزب الله ينفي "أي علاقة" له بإطلاق صاروخين على إسرائيل