البناء الخاطئ في بطون ومصبات الاودية .. سبب الكوارث المتكررة في موسم الأمطار
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
الثورة / محمد الروحاني
تابع الجميع عن كثب ما خلفته الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة وما شاهدناه بأعيننا من دمار وخراب للمنازل والممتلكات العامة منها وخاصة في محافظتي الحديدة وبعض مديريات محافظة تعز إلى جانب ما نتج عن هذه السيول من وفيات وإصابات بين المواطنين، وفي حقيقة الأمر أن هذه الكوارث ليست هي الأولى، فقد شهدت هذه المحافظات وخصوصا محافظة الحديدة كوارث مماثلة خلال مواسم الأمطار الماضية.
ومن الملاحظ أن هذه الكوارث غالبا ما تحدث نتيجة الأسباب الجغرافية، وهو ما يؤكده مدير مكتب الزكاة بمحافظة الحديدة محمد هزاع، الذي قال إنه من خلال النزول الميداني إلى المناطق والقرى المتضررة لتقييم الأضرار، اتضح أن معظم الأضرار كانت ناتجة عن الأخطاء في اختيار بناء المواطنين لمساكنهم، حيث تم بناء هذه المساكن في أماكن عبارة عن مصبات وبطون أودية، وهو ما تسبب بهذه الكارثة.. مؤكدا أن هذه الكارثة ستظل قائمة إذا لم يتم وضع حلول جذرية بالنسبة لهذه المساكن.
كما أكد مدير مكتب الزكاة بالحديدة أن الهيئة كانت حاضرة إلى جانب لجان الطوارئ التي تم تشكيلها بتوجيهات رئاسية، حيث تواصلت الهيئة ومنذ اليوم الأول لحدوث الكارثة بالفرق الميدانية ومنها مكاتب الزكاة والسلطة المحلية والشخصيات الاجتماعية للاطلاع على ما يمكن تقديمه للمتضررين في مختلف المديريات المتضررة التي شملها مشروع الاستجابة الطارئة والذي تم من خلاله تقديم مساعدات طارئة للمتضررين من السيول في قرى محافظة الحديدة لقرابة ستة آلاف أسرة بتكلفة إجمالية 66 مليونا و255 ألف ريال.
وأضاف أن المشكلة ستظل قائمة وقد تتكرر الكارثة في المواسم القادمة.. مشيراً إلى انه تم الرفع للسلطة المحلية والجهات ذات العلاقة بالمحافظة بأن يوجدوا حلاً جذرياً بالنسبة للساكنين في بطون وعند مصبات الأودية.
وأكد عدد من أبناء محافظة الحديدة انه بسبب الأمطار الغزيرة سالت أودية لم تجر فيها الماء لعقود.. مشيرين إلى أن هناك قرى كاملة في عدد من مديريات المحافظة مبنية في بطون الأودية، مما يجعل تكرار الكارثة أمراً محتملاً خصوصا مع استمرار هطول الأمطار.
كما أشاروا إلى أن ما يزيد من احتمالية حدوث كارثة قادمة، هو أن معظم المساكن في هذه المناطق مبنية بطرق بسيطة ولا تستطيع الصمود ومقاومة السيول الجارفة.
تواصل جهود حصر وتقييم الأضرار
هذا ومازالت جهود لجان الحصر والتقييم ومعالجة أضرار السيول في محافظة الحديدة متواصلة، حيث أوضح اللواء إبراهيم عبدالله المؤيد -رئيس مصلحة الدفاع المدني- رئيس لجنة الطوارئ ومعالجة أضرار السيول في قرى مديرية زبيد والجراحي؛ أن الفرق الهندسية واللجان الميدانية التابعة لمصلحة الدفاع المدني والسلطة المحلية بمحافظة الحديدة وبمشاركة مندوب المشرف العام للقطاع الجنوبي بالمحافظة، ومكتب الأشغال العامة وهيئة تطوير تهامة، والمنطقة العسكرية الخامسة، قد أنجزت مهامها في كلٍ من قرية القحمة بعزلة بلاد الرقود في مديرية زبيد واستكملت تنفيذ مصدات وحواجز لحماية القرية من السيول، مع مسح وتسوية الطريق لتسهيل مرور السيارات من قرية بيت العجيلي إلى قرية القحمة بطول 2 كيلو متر، وعمل حاجز ومصد للسيول لحماية قرية القحمة بطول 1200 متر، كما تم تنفيذ مصدات وحواجز لحماية قرية التاج من السيول بطول 100 متر.
وأشار اللواء المؤيد، إلى أن الفرق الهندسية بدأت العمل في تنفيذ حواجز ومصدات مائية في قرية بني شروب بعزلة الركب بمديرية الجراحي، كما تواصل الفرق الميدانية نزولها إلى عدد من قرى مديرية زبيد والجراحي لتقييم الأضرار والبدء في أعمال حواجز ومصدات مائية وتسوية الطرق المهدمة جراء سيول الأمطار.
ودعا اللواء إبراهيم المؤيد جميع المواطنين إلى الحيطة والحذر، وعدم المجازفة بالسير في ممرات السيول، والوديان والمصبات المائية والالتزام بتعليمات وإرشادات مصلحة الدفاع المدني.
وتشهد اليمن أمطاراً غزيرة وسيولاً جارفة نتج عنها الكثير من الأضرار وتهدم للمنازل في عدد من المحافظات ومنها محافظات الحديدة وإب وحضرموت وتعز.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: محافظة الحدیدة عدد من
إقرأ أيضاً:
ما أسباب وتداعيات محاولات الانقلاب المتكررة في بوركينافاسو؟
جاءت محاولة الانقلاب الجديدة في بوركينافاسو، لتثير التساؤلات من جديد حول أسباب تعدد هذه المحاولات في فترة وجيزة والتداعيات المتوقعة في البلاد، بعدما وصف المجلس العسكري الحاكم المحاولة الانقلابية بأنها "مؤامرة كبرى قيد الإعداد وتهدف إلى نشر فوضى شاملة".
وقال وزير الأمن في الحكومة الانتقالية محمدو سانا في بيان عبر التلفزيون الرسمي: "العمل الدقيق الذي قامت به أجهزة الاستخبارات، كشف عن مؤامرة كبرى يجري الإعداد لها ضد البلاد والهدف منها هو زرع الفوضى الشاملة".
وأشار إلى أن العقول المدبرة للمحاولة الانقلابية توجد خارج البلاد، خصوصا في ساحل العاج" مضيفا أن هذه المحاولة الانقلابية كانت ستؤدي وفقا لخطة من سماه "الإرهابيين" إلى هجوم على رئاسة بوركينا فاسو، من قبل مجموعة من الجنود جندهم أعداء الأمة".
وعلى ضوء ذلك، شن المجلس العسكري الحاكم حملة اعتقالات طالت عددا من الضباط، فيما أقال آخرين، بتهمة أنهم على صلة بمخططي المحاولة الانقلابية الفاشلة.
ومن بين الضباط الكبار الذين تم اعتقالهم إثر محاولة الانقلاب، القائد السابق للقضاء العسكري العقيد فريديريك ويدراغو، الذي كان يحقق مع قيادات عسكرية متهمة بمحاولة الإطاحة بالنظام في عام 2023.
كما اعتقل أيضا النقيب إليزيه تاسيمبيدو قائد مجموعة المنطقة العسكرية الشمالية، حيث كان موجودا في العاصمة واغادوغو لحضور اجتماع أمني رفيع.
ووفق تقارير إعلامية فإنه ومنذ وصول إبراهيم تراوري إلى السلطة، زادت في بوركينافاسو عمليات الاعتقالات وبخاصة بحقّ مدنيّين يُعتبرون مناهضين للمجلس العسكري وجنود يتّهمهم النظام بالتآمر ضدّه.
محاولات انقلابية متعددة
ومنذ وصول النقيب إبراهيم تراوري إلى السلطة، إثر انقلاب عسكري في سبتمبر 2022، أعلن نظامه في مناسبات عدة عن إحباط محاولات انقلابية تستهدف الإطاحة به.
فقد عرفت البلاد منذ العام 2022 خمس محاولات انقلابية من بينها ثلاث محاولات انقلابية في العام 2024 حيث تعتبر بوركينافاسو من الدول الأفريقية الأكثر عرضة للانقلابات العسكرية نظرا لتنافس كبار الضباط في الوصول إلى السلطة عبر الانقلابات.
وفي هذا الإطار يرى عدد من المتابعين وخبراء الشأن الأفريقي أن كثرة المحاولات الانقلابية في هذا البلد الغرب افريقي باتت لافتة للانتباه، خصوصا أن مثل هذه المحاولات الانقلابية لم تحصل في مالي ولا في النيجر المجاورتين واللتين يحكمهما قادة عسكريون وصلوا السلطة بشكل مشابه لما حصل في بوركينافاسو.
ويرى الخبير المختص في الشأن الأفريقي، محفوظ ولد السالك، أن تكرار المحاولات الانقلابية في بوركينافاسو "يثير أسئلة حقيقية بشأن استهداف نظام تراوري دون غيره، وبشأن فشل جميع المحاولات كذلك".
وأضح ولد السالك في تصريح لـ"عربي21" أن هذا الأمر سبق أن شكك فيه السياسي المالي عيسى كاو نجيم في نوفمبر 2024، وتم اعتقاله بشكوى من سلطات بوركينا فاسو.
انقسامات بالمؤسسة العسكرية
وقال ولد السالك إن تكرار المحاولات الانقلابية وتمكن المجلس العسكري في الوقت نفسه من إحباطها بات يشي بأن المؤسسة العسكرية في بوركينا فاسو ربما تشهد انقسامات وخلافات بشأن استمرار تراوري في السلطة.
ورأى أن هناك أسبابا عديدة قد تكون وراء المحاولات الانقلابية، أولها "تمسك تراوري بالبقاء في السلطة، بعد أن وعد بأنه سيمكث فقط أشهرا قليلة، وهذا قد يكون مثار إزعاج لأصحاب الرتب العليا في الجيش، فبعد أن أمضى أزيد من عامين رئيسا تم تمديد رئاسته لخمس سنوات كذلك".
وأوضح ولد السالك أن العامل الثاني ربما يكون هو "كثرة خلق العداوات الإقليمية والدولية، الأمر الذي يكثر فرص عدم الاستقرار السياسي، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من عدم استقرار أمني منذ 10 سنوات، وهذا يجعل الرئيس الشاب الذي لا تجربة لديه في الحكم ولا في السياسة، يجد صعوبة في مسايرة وقع الأزمات خصوصا وأن رؤى وتصورات البناء لديه محصورة فقط في القطيعة مع الغرب، والعزف على وتر المظلومية من طرف الاستعمار السابق".
هل من دور للقوى الإقليمية والدولية؟
بالرغم من التوتر الحاصل في علاقات بلدان كونفدرالية الساحل بما فيها بوركينافاسو، مع بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والغرب خصوصا فرنسا، إلا متابعين يستبعدون أن يكون هناك دعم مباشر للمحاولات الانقلابية ببوركينافاسو، فيما يرى البعض أنه لا يمكن فصل ما حدث عن الصراع الإقليمي والدولي الحاصل.
وفي هذا السياق استبعد الخبير في الشؤون الأفريقية محفوظ ولد السالك، في حديث لـ"عربي21" أن تكون هناك قوى إقليمية وراء مسعى الإطاحة بتراوري.
ولفت إلى أن السياق الإقليمي العام يتسم بالانفراج والتصالح مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، "إذ أنه لأول مرة منذ انسحاب البلدان الثلاثة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، تحتضن أكرا قمة تجمع بين بلدان سيدياو (إيكواس) وتحالف الساحل الذي يضم الدول الثلاث، من أجل خفض التوتر وبحث فرص التعاون".
وأضاف: "كل ما في الأمر بالنسبة لي أن حدود بوركينافاسو مع كوت ديفوار(ساحل العاج) ليست مستقرة أمنيا، وبالرغم من أن موقف البلاد لم يتصالح بعد مع الانقلابات العسكرية إلا أنه لم يعد بذلك التشدد والصرامة، وبالتالي لا أعتقد أن ثمة دعم للمحاولات الانقلابية هذه".
في المقابل يرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي، الولي سيدي سيدي هيبه، أنه لا يمكن فصل هذه المحاولة الانقلابية عن الصراع الإقليمي والدولي في منطقة الساحل الافريقي.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "منطقة الساحل بشكل عام تعيش حالة استثنائية وتعتبر منطقة صراع دولي وإقليمي، وبالتالي لا يمكن فهم تكرر المحاولات الانقلابية في بوركينافاسو خارج السياق الحالي في الساحل وهو سياق صراع الهيمنة الروسي الغربي".
واعتبر أن بوركينافاسو، ستكون على موعد مع محاولات انقلابية أخرى ما دامت الظروف الحالية قائمة، مضيفا أن روسيا بدأت تكسب نفوذا في المنطقة على حساب فرنسا والأوروبيين.
وفي الوقت الذي يعرف فيه نفوذ فرنسا في الساحل الأفريقي ما يشبه انتكاسة، استغلت روسيا الوضع من خلال حضور عسكري واقتصادي لافت.
تداعيات متوقعة
ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن هذه المحاولة الانقلابية ستكون لها تداعيات من بينها "استغلال الجماعات المسلحة لهذه الأوضاع وتكثيف هجماتها ضد الجيش والمدنيين.
وأشار ولد السالك إلى أن أجواء عدم الاستقرار السياسي ومحاولات الإطاحة بالأنظمة الحاكمة، تؤثر على البلدان التي تشهدها وعلى المنطقة بشكل عام.
ولفت إلى أنه على الصعيد الداخلي "تستغل الجماعات المسلحة الفرصة لتعزيز حضورها والسعي للسيطرة على المزيد من المناطق، وتكثيف الهجمات ضد الجيش والمدنيين، بحيث تشكل عامل ضغط مساعدا على التجييش الداخلي ضد النظام، وإظهار أنه غير قادر على مواجهة التحديات المحدقة بالبلاد".
وأضاف أنه على الصعيد الإقليمي "قد يدفع الأمر بعسكريين آخرين لتنفيذ محاولات أخرى ضد أنظمة سياسية مدنية، كما سبق أن حصل في السنوات الماضية ببعض دول القارة، فضلا عن توتير العلاقات بين الدول جراء تبادل الاتهامات".
وشهدت القارة الأفريقية منذ العام 2012 نحو 46 انقلابا أو محاولة انقلابية على السلطة، وذلك بمعدل 4 انقلابات أو محاولة انقلابية في العام تقريبا، فيما تشير بعض الإحصاءات على أن الانقلابات في أفريقيا شكلت ما يقرب من 36% من جميع الانقلابات على مستوى العالم، وغالبية هذه الانقلابات في بلدان منطقة غرب افريقيا التي تضم، بوركينافاسو ومالي والنيجر، وبنين، والرأس الأخضر وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وساحل العاج وليبيريا ونيجيريا وموريتانيا والسنغال وسيراليون وتوغو.