عندما يتم وضع آلية واضحة ونظام يراعي الواقع ويضع هدف تنمية المجتمع نصب العين، حينها لا يهم من يأتي ليتحمل مسؤولية تنفيذ هذه السياسة، إذ يكفي أن يكون في مستوى المسؤولية ومستوعبا لها، لأنه حينها سيكون محكوما بهذا النظام الذي تترجمه اللوائح التنفيذية، وعلى هذا تنهض الدول عندما يأخذ العمل المؤسسي مساره بشكل طبيعي، بالاستناد بطبيعة الحال إلى منظومة القوانين واللوائح الناظمة لسياسة الدولة سواء على صعيد إنماء البلد أو تكافؤ الفرص أو إخضاع مبدأ التقييم لجملة من المعايير الموضوعية.
والأسبوع الماضي ظهرت حكومة التغيير والبناء أخيراً، وصحيح أن ميلاد الحكومة الجديدة يأتي فيما التحديات تكشر أنيابها أمام أي محاولات أو مساع لصنع تحولات تنموية، إلا أننا اعتدنا وقد عشنا ولا نزال تداعيات سنوات من العدوان والحصار، تحويل الصعوبات إلى فرص، ما يعني أن تحديات واقعنا تفرض انتهاج أساليب إبداعية في الإدارة تتجاوز الثقافة التقليدية في التعامل مع الوظيفة العامة، وتُنهي الحقبة النمطية التي رسَّخت في الذهنية الشعبية صعوبة التغيير إلى ماهو افضل وان استمرار التخلف هو قدر لا مناص منه، ولا يمكن تغييره، لا ببدائل في الأشخاص ولا بالنظام.
وهذه النظرة التشاؤمية لدى الكثير ربما حاصل طبيعي لتراكم عقود من التعايش مع التخلف والقبول دائماً بأن نكون في أسفل القائمة، لكنها مع ذلك لا تتسيّد المشاعر إلا مع توافر أسباب التثبيط، ومع هذه الأسباب يصير النظر إلى استحالة إحداث أي تغيير مسألة موضوعية في ظل انحسار الثقة بتوفر المقومات الداعمة للقيام به.
التحديات بلا شك كثيرة أمام الحكومة إنما تهويلها إلى الحد الذي يعيدنا إلى نفس المربع من القناعة بأن لا أمل في إحداث أي تغيير تنموي مسألة تعبر عن يأس لا يستقيم معه أي طموح بتحقيق أي إنجاز، وعلينا ألا ننسى أن كثيرا من الدول كانت أسوأ حالاً من واقعنا صارت اليوم من دول الصف الأول في التصنيع والتصدير وبالتالي في انعكاس ذلك على مستوى واقع المجتمع، وذلك لأنها حددت احتياجاتها ورسمت برامجها الإنمائية لبلوغ هذه الاحتياجات بناء على نظام استند بدوره على منهج علمي لا يقفز في شروحه على قدراته وإمكاناته لكنه أيضا لا يتساهل ولا يستسلم إلى تعقيدات واقعه هذا، هكذا عملت هذه الدول فكانت النتائج في مستوى الطموح، وصحيح أن الأمر لم يتحقق في يوم وليلة، إنما أيضا الشعور ولو ببوادر التغيير لم يتأخر.
المناط بالحكومة الجديدة هو القيام بالتغيير والبناء بالمفهوم التنموي الذي يعمل على إشراك واستثمار قدرات الأفراد انطلاقا من الإيمان بقدرتهم على النهوض بالمجتمع، والذي يعني أهمية وضع برامج تنمية تراعي متطلبات التغيير والبناء فلا يكون الأمر مجرد دراسات وبحوث ومؤتمرات، والعمل خارج الاحتياجات لمجرد التسويق الإعلامي.
ويبقى دائما المستوى المعيشي لأفراد المجتمع هو مقياس نجاح أي توجهات للتنمية، على أن ذلك لا يعني وحسب الاستقرار المعيشي لجهة توفير حاجات الأسرة من مأكل ومشرب وإنما أيضا تسهيل الخدمات، فلا تكون المُعاملات هموماً إضافية على كاهل المواطن بسبب تكلس هذه الخدمات في متطلبات الروتين المؤرقة، فضلا عن تحلل البعض من الشعور بالمسؤولية وإخضاع التزامه لمستوى المزاج الذي يعيشه عند تنفيذه مهام وظيفته.
ربما أهم مشكلات مجتمعاتنا العربية والتي سهّلت على الخارج استقطاب البعض هو الضعف والعجز عن الاستفادة على النحو الأمثل من الموارد المحلية (البشرية والمادية)، وقبل ذلك العجز عن معرفة نقاط القوة، لتبقى العملية التنموية تدور في دائرة مغلقة محصورة الهدف الذي بالكاد ينحصر في توفير الغذاء، فلا هي التي تستفيد من مواردها ولا هي القادرة على توسيع مصادر الدخل، وبالتالي، زرع مشاعر اليأس والإحباط لدى المواطنين من إمكانية إحداث أي تحولات على صعيد المعيشة أو التغيير والبناء.
التحديات كبيرة أمام حكومتنا الجديدة، لكنها ليست مستحيلة إذا ما حرصنا على توفير بيئة العمل المناسبة لها والتي تعني عدم التثبيط وتهيئة القواتين والتشريعات المطلوبة، ووضع الآليات الناظمة لعملها.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سلوى محمد علي لـ«الوفد»: «سلمى» يعكس الواقع السوري ويعزز الأمل في التغيير
سلوى محمد علي أعربت عن إعجابها الكبير بفيلم "سلمى" الذي عُرض في إطار مسابقة "آفاق السينما العربية" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، واعتبرته إضافة مميزة للسينما السورية، حيث وصفته بأنه يعكس الواقع الاجتماعي والسياسي المؤلم الذي يعيشه السوريون.
وأكدت سلوى محمد علي خلال تصرحاتها لـ «بوابة الوفد الإلكترونية» أن الفيلم يتناول قضايا حساسة ومعاصرة مثل الفساد، وعمالة الأطفال، والتهريب، وهي قضايا تمس حياتهم اليومية، وقالت إن الفيلم لا يقتصر على تسليط الضوء على هذه القضايا بل يعكس أيضًا روح الأمل والمثابرة، من خلال شخصية سلمى التي تجسد الصمود والإصرار على التغيير في مجتمع مليء بالتحديات.
سلوى محمد عليكما أشادت سلوى محمد علي بالأداء المتميز لكل من سلاف فواخرجي وباسم ياخور، اللذين لعبا دورين رئيسيين في الفيلم، مشيرة إلى أن أداءهما كان مميزًا وواقعيًا في تقديم الشخصيات التي يجسدانها.
وقالت إن سلاف فواخرجي وباسم ياخور برعا في تقديم شخصياتهم بكل صدق وعمق، وأضافت أن مشاركتهم في هذا العمل بدون أجر يعكس حبهم الكبير للسينما السورية ورغبتهم في المساهمة في تسليط الضوء على القضايا الهامة.
أكدت سلوى محمد علي أيضًا أن فيلم "سلمى" ليس فقط فرصة للتعبير عن الواقع المرير، بل هو أيضًا دعوة للأمل والتغيير، إذ تجسد شخصية سلمى نموذجًا للصبر والإرادة في مواجهة التحديات، وشددت على أن هذه النوعية من الأفلام ضرورية جدًا في هذه الفترة لزيادة الوعي الاجتماعي وتعميق الفهم لدى الجمهور حول القضايا التي تؤثر على المجتمع.
يشارك في فيلم "سلمى" إلى جانب الفنانة سلاف فواخرجي، الفنان باسم ياخور، الذي يظهر في دور مميز، والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد، حسين عباس، بالإضافة إلى مجموعة من النجوم الشباب، منهم شيراز لوبيه وحسن كحلوس، ورد عجيب، مجد فضة، نسرين فندي، مغيث صقر، واللافت للنظر هو أن فواخرجي وياخور لم يتقاضيا أجرًا مقابل مشاركتهم في الفيلم، مما يعكس شغفهم الكبير بالقضية التي يتناولها العمل ورغبتهم في دعم السينما السورية في هذه المرحلة الصعبة.
ورد عجيب لـ«الوفد»: سلاف فواخرجي قدمت أداءً استثنائيًا في «سلمى» قصة فيلم سلمىتدور أحداث فيلم "سلمى" في خلفية مأساوية مستوحاة من الزلزال الذي ضرب المنطقة وأودى بحياة العديد من الأبرياء، ويعكس من خلاله العديد من القضايا الاجتماعية الهامة التي يعاني منها الواقع السوري، يتناول الفيلم مواضيع مثل الفساد، والبيروقراطية، وعمالة الأطفال، والتهريب، من خلال قصة سلمى، وهي شخصية تواجه هذه المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، في محاولة لمجابهة الواقع المظلم الذي يحيط بها.
أبطال فيلم سلمىوفي إطار القصة، تبرز سلمى كشخصية شجاعة ومثابرة، ترفض الاستسلام للضغوط الاجتماعية والسياسية التي تتعرض لها، وتبدأ في اتخاذ خطوات جريئة لمواجهة الظلم والفساد في مجتمعها، وبالرغم من القسوة التي تسود الواقع، فإن سلمى تصبح رمزًا للأمل في التغيير، وتسعى إلى تقديم نموذج للإصلاح والتغيير في مواجهة الظروف المعيشية الصعبة.
ورد عجيب لـ«الوفد»: سلاف فواخرجي قدمت أداءً استثنائيًا في «سلمى»