الثورة نت:
2025-01-09@09:38:19 GMT

الأمريكي لا يملك خطة

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

– قد يعتقد كثيرون أن الحديث عن فقدان الأمريكي للخطة نوع من المبالغة والاستخفاف بحجم التخطيط الذي تتميز به الدولة الأقوى في العالم، وسوف يجيب الكثيرون بأن أمريكا دولة السيناريوهات العديدة والخطط البديلة والعقول الصناعية والذكاء الصناعي، لا يمكن وصفها بدولة بلا خطة، لكن من يتابع السياسات الأمريكية والحروب الأمريكية سيتفهّم الاستنتاج بأن أمريكا بلا خطة.


– تملك أمريكا خطة تنفيذية تفصيلية تقنياً للحرب عندما ترسل قواتها للقتال أو ترسل أساطيلها لفرضية مواجهة كما هو الحال الآن، لكن هل تملك أمريكا خطة متكاملة للجواب عن كل الفرضيات التي قد تواجهها القوات أو الأساطيل؟ والجواب هو لا، بدليل ما جرى بعد طوفان الأقصى ومجيء الأساطيل بمهمة منع فتح جبهات الإسناد، ولما فتحت جبهات الإسناد اضطرت أمريكا للدخول باشتباك مع اليمن كانت نتيجته سقوط لصورة الردع الذي تحرص عليه ما منعها من توسيع دائرة المواجهة، وربما تكون هذه المرّة قد قرّرت فعل العكس وتنخرط في تقديم الحماية لكيان الاحتلال من الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية وعندما تفشل في تقديم الحماية المطلوبة لا تملك جواباً عما يجب أن تفعل.
– عندما قرّرت واشنطن منع تطبيق اتفاقات مينسك حول أوكرانيا، ونفذت لها ألمانيا وفرنسا ذلك، ودفعت حكومة كييف لاستفزاز موسكو باستهداف سكان شرق أوكرانيا ذوي الأصول الروسيّة، كانت تريد استدراج روسيا إلى الحرب، وكانت تملك خطة تنفيذيّة تفصيلية تقنياً لكيفية تحويل انخراط روسيا في خوض الحرب على أوكرانيا إلى سبب يبرر فرض حزمة عقوبات قاتلة على الاقتصاد الروسيّ والمصارف الروسيّة، وكانت كل السيناريوات أمامها تقول بأن ذلك سوف يؤدي إلى انهيار العملة والمصارف والاقتصاد، وبالتالي النظام، لكن عندما لم يحدث الانهيار وتمكنت روسيا من احتواء العقوبات وتحويلها من تحدٍّ إلى فرصة، لم يكن لدى واشنطن إلا التعامل مع الحرب يوماً بيوم، لتكتشف في يوم من هذه الأيام أن ليس لديها من الذخائر ما يكفي لتلبية الاحتياجات الأوكرانية لمواصلة الحرب.
– خططت واشنطن جيداً لكيفيّة غزو أفغانستان والعراق، لكنها بعد شهور من غزو العراق بدأت تتحدّث عن مأزق وفشل، واحتاج منها الاعتراف بالفشل في أفغانستان إلى عشرين سنة من الأثمان المالية والبشرية لتقول في نهايتها بلسان رئيسها جو بايدن، لو بقينا عشرين سنة أخرى لن يتغيّر شيء، وهي كذلك دائماً تقنياً تتميز بتخطيط دقيق ومحسوب، لكنها سياسياً محكومة بفرضية التفوق والغرور وادعاء القدرة على الإنجاز، وعندما تصطدم بالعجز والفشل تكابر وتبقى في حال إنكار طالما هي قادرة على دفع الثمن، وتحتاج إلى بلوغ مرحلة العجز عن دفع الثمن وليس فقط العجز عن النجاح حتى تعترف بالفشل.
– في الحرب على سورية كم كان التخطيط ذكياً لإغراء تركيا بالعثمانية الجديدة؟ وكم كان ذكياً التخطيط لإطلاق الربيع العربي وتحويله إلى ربيع يقوده الإخوان المسلمون في عدد من الدول العربية؟ وكم كان التخطيط ذكياً لضمان تدحرج كرة النار نحو سورية؟ وكم كان التخطيط ذكياً لحشد مئة دولة ومئة جهاز مخابرات ومئة فتوى ومئات المليارات من الدولارات ومئات الآلاف من الإرهابيين؟ لكن الخطط لم تضع في حسابها فرضيات الفشل، ونجاح سورية بالصمود ثم باستنهاض حلفائها وانخراطهم في الحرب دفاعاً عنها وعن موقعها الجيوسياسي، وعندما حدث ذلك فشلت الخطة، وأفلتت الطريدة كما قال سكرتير الحرب حمد بن جاسم، لكن واشنطن احتفظت بالمكابرة وبقيت على حال الإنكار، مكتفية بتعطيل فرص الحلول رغم يقينها بلا جدوى الرهان على تغيير الموازين، طالما أنها قادرة على دفع ثمن البقاء، بانتظار أن تصل إلى العجز عن دفع فاتورة البقاء فتعلن سحب يدها، كما فعلت في أفغانستان.
– لا يستطيع المغرومون بأمريكا وعقولها ومخابراتها وذكائها الصناعي إنكار أنها فوجئت كما فوجئ كيان الاحتلال بطوفان الأقصى، رغم أن التحضيرات التنفيذية لخطة إنجازه امتدت لسنتين، وهي لم تتوقع سياسياً أن يحدث شيء يصيب ما وصفه مستشار الأمن القومي لرئيسها جاك سوليفان بتجميد الشرق الأوسط بفضل عبقرية الرئيس جو بايدن للتفرّغ لمواجهة روسيا والصين، كما كتب في مقال شهير كتبه لمجلة فورن افيرز قبل أيام على طوفان الأقصى، ولما جاء الطوفان حاول تصحيح المقال لكن بقيت آثار السذاجة والبعد عن الواقع غير قابلة للإخفاء، وهي كذلك فوجئت بنتائج الحرب في غزة واستمرارها عشرة شهور، وفوجئت بقدرة المقاومة في جبهة لبنان، وبما جرى على جبهة اليمن، وكيف خسرت معركة الردع في البحر الأحمر، وما يمثل على صعيد الاستراتيجيات الأمريكية؟
– تملك أمريكا خطة تنفيذية تفصيلية تقنياً لكيفية إدارتها للمفاوضات التي دعت لانعقادها تحت عنوان اتفاق غزة، وهي تأمل منها الكثير، ليس للتوصل الى حل، بل لتأجيل الردّ المقرّر من إيران وقوى المقاومة على كيان الاحتلال، ولا مانع لدى واشنطن من عقد جلسات يتمّ فيها التفاوض لأجل التفاوض، ولكنها لا تملك خطة للجواب عن سؤال، ماذا لو بقيت حركة حماس تشترط للدخول في المفاوضات إنهاء التفاوض بين واشنطن وتل أبيب على نص اتفاق يعتبر منجزاً بالنسبة لحماس، خصوصاً بما تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي الذي تبنّى خطط الرئيس الأمريكي وفصل بنودها، ويكون على واشنطن أن تختار بين فشل المفاوضات أو الضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهي قد منحته كل أسباب التشدد، سواء بالضوء الأخضر لما قام به من اغتيالات أو بما يشعر به من قوة مع رؤية الحشود الأمريكية الآتية بهدف تقديم الحماية له ولجيشه وكيانه.
غرور القوة أكبر قاتل لذكاء الأقوياء.

رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مع اقتراب موعد تنصيبه.. هل يملك ترامب حلولا حقيقة لقيام دولة فلسطينية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وسط التوترات المتصاعدة في المنطقة، يبرز تساؤل جوهري حول قدرة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق أي تقدم في القضية الفلسطينية، وسط توقعات بأنه ما زال يفتقر إلى رؤية سياسية واضحة يمكن أن تمهد الطريق لحل مستدام رغم التهديدات المتكررة التي أطلقها منذ فوزه في الانتخابات، فبعد فشله في تنفيذ "صفقة القرن" التي طرحها في 2018، والتي لم تقدم سوى تصورات ضبابية حول كيان فلسطيني غير محدد المعالم، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن لترامب أن يحقق أي تغيير حقيقي في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي؟، ومع غياب أي إشارات واضحة من الإدارة الأمريكية الحالية، تبدو آفاق التوصل إلى تسوية سياسية حقيقية بعيدة المنال، خاصة في ظل الاستمرار في إغلاق جميع المسارات التي قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.

هل لدى ترامب أوراق ضغط على إسرائيل؟

وفي هذا الصدد أبدى الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، عدم اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يحمل في جعبته ما يضغط به على الاحتلال الإسرائيلي وسط تهديدات متكررة بدأت بعد فوزه بالانتخابات في ديسمبر، ثم عاد مرة أخرى ليهدد المنطقة والشارع الفلسطيني من جديد، مشيرًا إلى أنه لا يتحدث عن رؤية سياسية حتى الآن رغم ما يثار من ادعاءات بأن ترامب هو "رجل الصفقات".

وقال: "فشل ترامب في تحقيق ما يسمى بـ «صفقة القرن» التي طرحها وغادر دون تنفيذها بشكل كبير جدًا في عام 2018 حيث كان يتحدث عن كيان فلسطيني غير واضح المعالم وقال خينئذ «إذا أردتم أن تسموها دولة فسموها»، وكان يتحدث عن كيان تتسع رقعته الجغرافية في غزة في حين تتقلص من ناحية أخرى في الضفة الغربية وتتقسم إلى مدن منفصلة عن بعضها البعض"، مستكملًا: "إن كان ترامب أتى إلى فترته الرئاسية الجديدة بهذه الرؤية فأعتقد أنه لا يحمل في جعبته الجديد وسيفشل كما انتهت ولايته الأولى بالفشل أيضًا في تحقيق مشروعه".

سلام بلا دولة فلسطينية.. هل يكرر ترامب أخطاء الماضي؟

وتابع الرقب: "ترامب كما هو معروف يريد أن يكمل ما يطلق عليه "صفقة القرن" أو "السلام الإبراهيمي"، وهو ما لن يتمكن من رؤية النور إلا بقيام دولة فلسطينية أو على الأقل مسارات واضحة لذلك"، وتساءل: "هل اليمين الحاكم في تل أبيب يقبل بالدول الفلسطينية؟ وهل هو مقتنع بفتح مسارات سياسية تفضي إلى حل سياسي بشأن قيام دولة فلسطينية؟"، مجيبًا: "لا أعتقد أن هذا وارد في ظل وجود اليمين الإسرائيلي بشكل كبير جدًا داخل كيان الاحتلال، ورغم كل ذلك سننتظر ما سيحمل ترامب في جعبته".

وأردف: "على المستوى الشخصي أعتقد أن ترامب سيدخل البيت الأبيض ويخرج منه دون أن يحقق شيئًا في هذا الأمر وسيفشل أمام إصرار اليمين الإسرائيلي، حيث ستنتهي فترة نتنياهو القانونية هو وحكومته الحالية في فبراير عام 2026، متسائًلا: "هل سينتظر ترامب عامين كاملين ليغير المشهد بعد غياب نتنياهو واليمين المتطرف عن الحكم داخل الكيان المحتل أم أنه سيمارس ضغطًا على الشعوب والقيادات العربية في المنطقة ليحقق مبتغاه؟"، وأجاب: "أعتقد أنه لا العرب ولا المسلمون ولا الفلسطينيون أنفسهم، سيقبلون بالإملاءات التي لا تُفضي بعد كل هذه التضحيات وعمليات القتل الممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، إلى نتيجة ملموسة على الأرض".

وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، على ضرورة أن ينطلق أي سلام أو تسوية، من منطلق واحد وهو قيام دولة فلسطينية، متوقعًا أن تختلف الأمور، إذا اقتنع الأمريكيون وتحديدًا ترامب بذلك، متوقعًا أن محاولات ترامب ستكون بلا جدوى وستبوء بالفشل، إذا سارت الأمور على غير ذلك.

قرارات دولية لا «فيتو» أمريكي

وأكد أن قيام دولة فلسطينية مرهون بإصدار قرارات دولية، وألا يتهرب الأمريكان ويستخدموا الفيتو لعرقلة الحصول على الحق في إعلان دولة فلسطينية على حدود الرابع من يوليو عام 1967 وأن يعترف المجتمع الدولي بالحق في هذه الدولة.

واختتم الدكتور أيمن الرقب: "الأمور صعبة على الأمريكان، وترامب تحديدًا إذا أراد أن يكون له تأثير في المشهد السياسي عليه أن يقتنع بقيام الدولة الفلسطينية ويدفع باتجاه مسارات واضحة في هذا الشأن، وما دون ذلك أعتقد أنه سيكون بلا جدوى".

 

مقالات مشابهة

  • نائبة الرئيس الأمريكي تؤكد التزام واشنطن الراسخ تجاه الناتو
  • بعد تعامل واشنطن الناعم مع الحوثيين .. معهد كوينسي الأمريكي يكشف عن خطط ترامب العسكرية لمواجهة اخفاقات بايدن في اليمن
  • وصول جثمان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إلى واشنطن
  • واشنطن بوست: العالم الذي ينتظر ترامب يختلف عن ما كان قبل 4 سنوات
  • مع اقتراب موعد تنصيبه.. هل يملك ترامب حلولا حقيقة لقيام دولة فلسطينية؟
  • ضغوط واشنطن.. لماذا توجه أمريكا اتهامات للصين بدعم الحوثيين؟
  • عاجل.. أمريكا تفرض عقوبات على حميدتي
  • أمريكا تقر بهزيمتها وفشل تحالف ما يسمى (حارس الازدهار )
  • أمريكا تتهم روسيا بتمويل طرفي الحرب في السودان
  • واشنطن بوست: ترامب قادم لكن إلى عالم أكثر فوضى