هذا ما يعنيه تطويع 1500 عنصر لصالح الجيش
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
فيما تشهد الساحة اللبنانية عجقة موفدين يحاولون بكل ما لديهم من إمكانات تجنيب لبنان تجرّع الكأس المرّة، اتخذت الحكومة قرارًا جريئًا بتطويع 1500 عنصر لصالح الجيش. قد يكون هذا الخبر في الأيام غير تلك التي يعيشها لبنان اليوم خبرًا عاديًا تفرضه الظروف الطبيعية لتطور الحياة العامة ومواكبتها. أمّا أن يأتي هذا القرار في هذه الظروف المصيرية فهو خبر غير عادي واستثنائي في أوقات استثنائية تتطلب قدرًا عاليًا من المسؤولية في تمكين لبنان من تحمّل ما لا يقوى عليه من دون مساعدة الآخرين له، الذين يسعون بكل قوة إلى حمايته من الأخطار، التي يمكن أن تواجهه في حال تطورت الأمور إلى ما لا تُحمد عقباها.
وعلى رغم الظروف المالية الصعبة للخزينة اللبنانية كان لا بدّ من تطويع هذا العدد لينضموا إلى المؤسسة العسكرية. وهذا القرار يعني بالمفهوم الوطني أن الحكومة بكل مكوناتها وحتى بالمكونات السياسية غير الممثلة فيها تتطلع إلى الدور المؤهلة لأن تؤديه المؤسسة العسكرية الأم، بمؤازرة سائر القوى العسكرية، على الحدود الجنوبية تطبيقًا للقرار الدولي الرقم 1701، بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية، التي سيجدّد لها طبيعيًا. وهذا القرار يعني أن الجيش بتركيبته الوطنية الصافية هو وحده القادر على أن ينشر الاطمئنان حيثما يحّل، وهو الوحيد المقبول من الداخل والخارج، لأنه يتصرّف على الأرض بوحدة معايير، وهو على مسافة واحدة من الجميع. هذا هو دوره. وهذا ما يقوم به من خلال المهمات التي ينفذها سواء في الداخل، حيث يفرض الأمن بحزم وحسم، أو على الحدود الشمالية والشرقية، حيث يشكّل زنار أمان واستقرار بقدر ما تسمح له الطبيعة الجغرافية على طول الحدود، التي تمتد لكيلومترات. فالجيش هو حامي الحمى ولا أحد سواه مؤهّل ليقوم بهذا الدور. هو الوحيد الذي يمكنه أن يكون عامل استقرار وضمانة للمستقبل، وهو مقبول من جميع اللبنانيين من دون استثناء. أمّا ما عداه فلا إجماعًا لبنانيًا على ما انتدب نفسه له على رغم اعتراف الجميع بما يتكبده من خسائر في الأرواح، وما يحّل بأهل الجنوب من خسائر مادية. ويقول شهود عيان من القرى المعرّضة للقصف الإسرائيلي المركّز واليومي إن القرى المنتشرة على طول الحدود وبعمق ما يقارب الخمسة كيلومترات عرضًا قد أصبحت أثرًا بعد عين بعدما تحوّلت منازلها إلى أطلال، وبعدما أحرقت حقولها وبساتينها وأحراجها. فتطويع 1500 عنصر لصالح الجيش، وهي خطوة أولى ستتبعها خطوات مماثلة أخرى، تعني بالنسبة إلى المتفائلين أن الحّل آت لا محال، وإن تأخرّ بعض الشيء. ومع عودة الاستقرار إلى الجنوب المعذّب سيُعاد بناء ما تهدّم، وستعود الحياة تدّب من جديد في شرايين الوطن الجنوبي. فالحرب لن تدوم إلى الأبد. والفضل بذلك يعود أولًا إلى الجهود الديبلوماسية التي بُذلت على أكثر من صعيد من خلال السلسلة المتكاملة حلقاتها من الاتصالات، التي أجراها ويجريها في كل لحظة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يتحمّل مع وزراء حكومته مسؤولية تاريخية في ظرف تاريخي ومصيري من عمر الوطن. فما تبّلغه رئيس الحكومة من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، وما سمعه من وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه، ومن وزير خارجية مصر الدكتور بدر عبد العاطي، وما نقله إليه الموفدون الدوليون، يصّب في خانة تطبيق القرار 1701. وهذا التطبيق غير ممكن إذا لم يكن الجيش جاهزًا، عدّة وعديدًا مع قوات "اليونيفيل، لكي يقوم بالدور المطلوب منه في منطقة حسّاسة ولها ظروفها الاستثنائية، والتي يفرض التعامل معها الكثير من الحكمة والوعي، من دون أن يعني ذلك التخّلي عن الحزم والحسم ومنطق القوة حين يكون ذلك ضروريًا.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لبنان محيّد بإنتظار التحولات السورية
من الواضح ان الحكم الجديد في سوريا يسعى لتكريس نظامه الجديد ويعمل على التعامل بمنطق الدولة لا بمنطق الثورة او التمرد، وهذا واضح بشكل كبير بالرغم من التجاوزات التي تحصل في الداخل السوري، اذ ان النظام الجديد يرغب بالحصول على الاعتراف الدولي ويعمل على القطع النهائي مع المرحلة السابقة، وهذا ما تثبته تصريحات أحمد الشرع المتكررة.
حتى ان العداء مع "حزب الله" يتم تهذيبه، ليتجاوز فكرة الصروح الدينية والمقامات وليكون معزولاً عن لبنان، اي ان العلاقة مع لبنان ليست مرتبطة بالعداء مع الحزب، وسوريا الجديدة ليست في وارد اي خلاف او حرب او معارك حدودية مع لبنان ولا مع العراق، وعليه فإنه على المدى القصير يبدو ان العلاقة قد تعود الى طبيعتها بين سوريا ولبنان والحدود ستفتح وقد يكون المكون الشيعي احد اكثر المتجهين الى الشام لاعتبارات دينية من دون اي عوائق وهذا نا تعمل عليه الدولة الجديدة التي تحتاج الى السياحة الدينية كجزء من مسار اعادة تعويم الاقتصاد.
على المقلب الاخر، وبالرغم من الخروقات الكبيرة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي يبدو القرار حاسماً، بعكس كل ما يتم تسريبه، بأن تتوقف الاعتداءات بعد انتهاء الايام الستين، وهذا ما سيساعد عليه اداء الحزب المنضبط اولاً وانتخاب رئيس جديد ثانياً، وعليه فإن الاستقرار في لبنان سيكون انعكاساً لقرار اميركي عميق بضرورة الذهاب نحو استقرار شامل في الشرق الاوسط اقله لعقدين من الزمن.
ترى المصادر ان هذا القرار يتوقف ايضا على الواقع السوري، فالفوضى في سوريا ستؤثر حتما على لبنان وان كان تأثيرها في ظل القرار الدولي الحالي لن يكون كبيرا، لكن الاهم هو موقف دول الخليج مما حصل في دمشق، فاذا قررت السعودية والامارات عدم ترك الامور لتركيا فهذا يعني اولاً استثمارا سياسيا وماليا كبيرا في لبنان لضمان عدم تسرب الحيثية السنية بإتجاهات تركية سورية.
وثانيا سيجد الخليج نفسه متحالفا بشكل تلقائي مع ايران والعراق من اجل الحد من قدرة تركيا على الاستثمار الدائم والمستدام في الساحة السورية، وكل ذلك سيؤدي وسيصب في مصلحة لبنان واستقراره السياسي والامني الذي سيدوم لفترة طويلة من الزمن خصوصا اذا استمرت السياسة الاميركية على اولوياتها الحالية وذهب الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب نحو اعادة تحجيم الدور التركي كما فعل في ولايته الاولى. المصدر: خاص "لبنان 24"