تحتفي دولة الإمارات غدا الاثنين بـ "اليوم العالمي للعمل الإنساني"، الذي يصادف الـ 19 من أغسطس من كل عام، في ظل جهودها المتواصلة ودورها المحوري، بتخفيف حدة تداعيات الظروف الصعبة والاستثنائية، التي تمر بها العديد من دول العالم.
وتحظى استجابة الإمارات الفورية لنداءات الاستغاثة الإنسانية حول العالم، باحترام وتقدير بالغين في كافة المحافل والأوساط الدولية، نظرا لما أظهرته تلك الاستجابة من احترافية عالية في التخطيط والتنفيذ، والوصول إلى المنكوبين والمتضررين في شرق العالم وغربه بوقت قياسي، فضلا عن إعلائها للجانب الإنساني أولا وأخيرا، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى.


وتحل المناسبة، في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الإماراتية لمساعدة ضحايا الحروب والنزاعات، والتخفيف من وطأة معاناتهم، وفي مقدمتها عملية "الفارس الشهم 3"، التي قدمت الدولة من خلالها عشرات الآلاف من أطنان المساعدات العاجلة، للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، تضمنت مساعدات غذائية وصحية ومواد إيواء، وغيرها، فيما يواصل كل من المستشفى الميداني الذي أنشأته الإمارات في جنوب القطاع، إضافة إلى المستشفى العائم في ميناء العريش المصري لعلاج المرضى والمصابين، فضلا عن التزام الإمارات بعلاج ألف طفل وألف مريض بالسرطان في مستشفيات الدولة، مع التكفل بكامل نفقاتهم مع مرافقيهم.
وأنشأت الإمارات 6 محطات لتحلية المياه، تنتج 1.2 مليون غالون يوميا من المياه الصالحة للشرب لدعم أكثر من 600 ألف شخص، بالإضافة إلى إنشاء 5 مخابز أوتوماتيكية لتأمين الاحتياجات اليومية لأكثر من 72 ألف شخص.
وأطلقت الدولة حملة «تراحم من أجل غزة»، التي شارك فيها أكثر من 24 ألف متطوع داخل الدولة، قاموا بتحضير 71 ألف سلة من المواد الإغاثة تم تجميعها محليا.
وأكدت الإمارات حرصها على تقديم الدعم للأشقاء السودانيين، والمساهمة بفاعلية في جهود الإغاثة الدولية للداخل السوداني والتخفيف من الأعباء الإنسانية التي يشهدها، حيث تعهدت بتقديم 100 مليون دولار، دعما للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار، وذلك خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان، التي عقدت في أبريل الماضي بالعاصمة الفرنسية "باريس".
وخصصت الإمارات، 70% من تعهدها إلى وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والإغاثية، بما يضمن اتباع نهج شامل لمعالجة الأزمة الإنسانية، والحد من تفاقم المجاعة، عبر تقديم كافة أنواع المساعدات ولا سيما الغذائية والصحية، وحماية النساء والأطفال، وتوفير سبل العيش والمأوى في حالات الطوارئ، ما يؤكد التزام الإمارات بمعالجة مختلف جوانب الأزمة الإنسانية في السودان.
وواصلت الإمارات، خلال العام الجاري، دعمها الإغاثي المستمر للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية، التي تواجه الأوكرانيين نتيجة الأزمة الحالية، حيث أرسلت طائرة تحمل على متنها 55 طنا من المساعدات الإغاثية والطبية في فبراير الماضي، وأخرى في الشهر الذي تلاه على متنها 50 طنا من المواد الغذائية، فيما نجحت جهود الوساطة التي قامت بها بين جمهوريتي روسيا الاتحادية وأوكرانيا، في إنجاز عدة عمليات لتبادل أسرى حرب، الذين وصل عددهم الإجمالي إلى 1558 أسيرا، حتى يوليو الماضي.
وجسدت إغاثة المتضررين من الأزمات الطارئة والكوارث الطبيعية التي شهدها العالم خلال العام الجاري، جانبا مشرقا من جوانب العمل الإنساني في دولة الإمارات، التي قدمت 15 مليون دولار، لإغاثة المتضررين من الفيضانات في كينيا، وسيرت مجموعة من الطائرات التي حملت مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية، لنجدة المتضررين من الفيضانات وتداعيات الأمطار الغزيرة التي اجتاحت البرازيل مؤخرا، كما أرسلت في الأول من أغسطس الجاري طائرة محملة بالمساعدات الإغاثية إلى الفلبين، عقب الانهيارات الأرضية والفيضانات التي تسبب بها الإعصار كارينا.
وحقق العمل الإنساني في دولة الإمارات، مجموعة من المكتسبات خلال العام الجاري، تمثل في جملة من القرارات والمبادرات الفارقة، منها صدور المرسوم الاتحادي بشأن تشكيل"مجلس الشؤون الإنسانية الدولية"، الذي يُعنَى بإعداد ومراجعة السياسة العامة للشؤون الإنسانية الدولية، والإشراف العام على منظومة الشؤون الإنسانية الدولية، ومتابعة إعداد وتنفيذ الخطط والمبادرات والمشروعات ذات العلاقة، ووضع تصوُّر مستقبلي للشؤون الإنسانية الدولية وتحديد الأطر العامة لتنفيذه من قِبَل الجهات المختصة، وإعداد الموازنة متوسطة الأجل للشؤون الإنسانية الدولية، وإجراء مراجعة دورية لأولويات التعاون التنموي، واتخاذ القرارات المتعلِّقة بالخطط والمبادرات والمشروعات ذات الصلة بالشؤون الإنسانية الدولية.
وتعزيزا للقيم الإنسانية التي رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، بإطلاق "مبادرة إرث زايد الإنساني"، بقيمة 20 مليار درهم تخصص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم.
وأعلنت الإمارات في إطار المبادرة، عن إطلاق "برنامج مستشفيات الإمارات العالمية" التي تهدف خلال العقد المقبل إلى بناء 10 مستشفيات، مخصصة لتلبية الاحتياجات الصحية المتخصصة للمجتمعات المستفيدة بدعم مالي يبلغ حوالي 550 مليون درهم.
وشهدت الإمارات في فبراير الماضي، إطلاق "مبادرة محمد بن زايد للماء"، لمواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء.
وفي السياق ذاته، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، حملة "وقف الأم"، بهدف تكريم الأمهات في دولة الإمارات، من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم، لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم بشكل مستدام.
وتمثل الإمارات حجر الأساس في المنظومة العالمية للعمل الإنساني، ما ترجم على أرض الواقع باحتلالها لسنوات عدة المركز الأول عالميا، كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياسا إلى دخلها القومي.
ويتميز العمل الإنساني في الإمارات، بأنه عمل مؤسسي، يقوم على النهوض به عشرات من الجهات الرسمية والأهلية والتي سجلت حضورا لافتا على الساحة الدولية خلال السنوات الماضية، ومن أبرزها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية.

أخبار ذات صلة أقل درجة حرارة سجلت على الدولة شخبوط بن نهيان يلتقي وزير خارجية إثيوبيا المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المساعدات الإماراتية الإمارات اليوم العالمي للعمل الإنساني الإنسانیة الدولیة فی دولة الإمارات محمد بن

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا

بقلم : أحمد عصيد

يوم 15 مارس هو اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، قررته الأمم المتحدة من أجل مواجهة كراهية الإسلام عبر العالم، وهذا أمر إيجابي لأن كراهية الأديان والمعتقدات الدينية ليست  موقفا نبيلا أو إنسانيا، لكن بالمقابل، على المسلمين أكثر من غيرهم أن يعملوا على تغيير صورة الإسلام في العالم، ليس من خلال تفسير نصوصه وأركانه ومضامينه، فهذا عمل لا جدوى منه إذا لم يغير المسلمون سلوكاتهم التي هي أبعد ما تكون عن النموذج الإيجابي، فالآخر – الذي ارتكب بدوره أخطاء كثيرة وخاصة بعزل الجالية المسلمة في أحياء هامشية  – لا يفهم الإسلام إلا من خلال سلوك أهله، وليس ملزما بالتعرف على النصوص والمرجعيات، فقد سأل أحد ملوك الصين القديمة الحكيم كونفوشيوس كيف يتحقق العدل ؟ فكان جوابه: “بطريقة بسيطة جدا، أن تكون عادلا أيها الملك”. فالصورة الإيجابية عن الإسلام ينبغي أن يصنعها المسلمون أنفسهم سواء من خلال إصلاح أنظمتهم السياسية الاستبدادية ومجتمعاتهم التي ما زالت تكرس التمييز والقهر باسم الدين، أو من خلال تقويم سلوكاتهم في بلدان الغير، والتي يتم تبريرها – ويا للأسف – باعتماد نصوص دينية. ولا داعي هنا لسرد النماذج الصاعقة والأمثلة الكثيرة جدا، والتي للأسف تمثل المصدر الرئيسي المغذي لليمين المتطرف المتصاعد بشكل مخيف. لكن تصحيح سلوك المسلمين ستواجهه عقبة كبيرة جدا، وهو أن ذلك التصحيح لابد أن يمر عبر تصحيح فهمهم وتفسيرهم هم أنفسهم للدين الإسلامي، لأنهم إذا كانوا يعتقدون بأنهم بسلوكاتهم الخاطئة  يجسدون “الدين الإسلامي الصحيح”، فمن المستحيل أن يغيروا ما بأنفسهم، وأعتقد أن منطلق هذا التغيير هو تجاوز الفقه الإسلامي التراثي الذي يوقعهم في تصادم يومي مع بعضهم البعض ومع بقية العالم، وإبداع فقه اجتهادي جديد ملائم لعصرنا، كما سيكون عليهم أن يحرروا الإسلام من “الإسلام السياسي” الذي نجح في تسريع وتيرة تشويه سمعة الإسلام عبر العالم، وجعله مصدر خوف حتى داخل البلدان الإسلامية نفسها. لاشك أن هناك أيضا عوامل تاريخية ممهدة للإسلاموفوبيا حيث يعود الأساس الأول لظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين إلى سبب تاريخي هو الحروب الصليبية التي مثلت لقاء تصادميا دمويا بين الإسلام والغرب، لم ينته بنهاية الحروب بل استمر من خلال التمثلات التي غذتها الإنتاجات المكتوبة والشفوية لقرون طويلة. وتعود الظاهرة أيضا إلى المرحلة الكولونيالية التي كرست أشكالا من التعامل بين الإنسان الغربي الأبيض وباقي سكان المعمور، قوامها نوع من التعالي والمركزية الغربية، وقد لعب الإسلام دور اللحام الإيديولوجي بين مكونات المجتمعات الإسلامية في مواجهة الاحتلال وتأطير المقاومة والحركات الوطنية. هذه العوامل حكمت نظرة الإنسان الغربي للجاليات المسلمة بعد المرحلة الاستعمارية، فأظهر نوعا من التعاملات العنصرية لم يكن الجيل الأول من المهاجرين يشعر بها، حيث كان يعطي الأولوية لعلاقته بالدولة وللمكتسبات المادية والخدمات الاجتماعية، على العلاقة بالأفراد. ويفسر هذا الإعجاب الشديد الذي كان يعبر عنه أفراد هذا الجيل بالدول الغربية ومؤسساتها مقارنة بواقع بلدانهم المتردي، كما كانت أزمة الهوية الناتجة عن حالة الاغتراب متحكما فيها عبر الحفاظ على علاقة وطيدة بالجذور وبالوطن الأصلي وبالتقاليد والعادات الأصلية. هذه الروابط التي كانت تلعب دور التوازن النفسي سرعان ما شرعت في التلاشي والذوبان مع الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، وذلك بسبب ضعف العلاقة بالوطن الأصلي، وظهور عامل جديد هو تنظيمات الإسلام السياسي السلفية منها والإخوانية  العالمية المتشددة التي تمتلك شبكات تمويل هائلة، والتي نجحت في استقطاب نسب كبيرة من أعضاء الجالية، حيث أصبحت تلعب دور العزاء النفسي والتعويض عن حالة الاغتراب وفقدان المرجعية بالنسبة لأعضاء الجالية الذين عانوا من ضعف الاندماج، وساهم في ذلك بشكل كبير تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد البطالة مما دفع بالعديد من الشباب نحو المساجد التي يؤطرها أئمة بعضهم لا يكتفي بإمامة الصلاة والوعظ والإرشاد الديني بل يركزون على تكريس الخصوصية بمعناها المغلق، ونشر ثقافة الممانعة ضد قيم حقوق الإنسان على الخصوص، وضرب ثقافة التعايش في الصميم إلى حد يصل إلى درجة زرع مشاعر النفور والكراهية للمواطنين غير المسلمين، مما يظهر في سلوك أبناء الجالية بشكل عنيف. وقد كان لأوضاع تهميش الجالية المسلمة، واستعمال القضية الفلسطينية وأخطاء السياسة الخارجية الأمريكية بشكل كثيف دور كبير في تيسير عملية التأطير المنحرف هذه. و زاد من تأزم هذا الوضع بشكل كبير انتشار ظاهرة الإرهاب المسلح وظهور القاعدة وفروعها، مما جعل الإسلام مرتبطا في وجدان الإنسان الغربي بالعنف والدم، خاصة بعد أن تكاثرت الحوادث والوقائع الدموية التي أبطالها إسلاميون وسلفيون في كل من مالي والجزائر وليبيا وتونس ومصر والعراق واليمن والصومال وكينيا ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان. من جانب آخر كان لتخلف الدول الإسلامية وفشلها في بناء ديمقراطيات ناجحة، وفي تنمية مجتمعاتها، وإفراطها في استعمال الدين في اضطهاد أبنائها وخاصة من النساء  وعرقلة تطور بلدانها، تأثير كبير في ترسيخ فكرة ارتباط الإسلام بالاستبداد والقهر والظلم لدى الغربيين. من الخطأ إذن البحث عن حلول لـ”الإسلاموفوبيا” فقط عبر السعي إلى إقناع الغربيين بتغيير نظرتهم إلى الإسلام والمسلمين اعتمادا على بعض النصوص، ذلك أن هذه النظرة لا يمكن أن تتغير بدون أن يغير المسلمون سلوكاتهم واقعيا، سواء في بلدانهم أو في بلدان المهجر. ذلك أنّ الحقيقة التي ينبغي أن تظلّ نصب أعيننا هي أن الغرب لن يفهم أبدا الإسلام إلا من خلال ما يفعله المسلمون، سواء بأنفسهم وببعضهم البعض أو بغيرهم

مقالات مشابهة

  • الإمارات تحيي «يوم زايد للعمل الإنساني» غداً
  • وزارة الإعلام : نؤكّد أنّ هذا الاعتداء يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية الصحفيين خلال أداء مهامهم، وندعو الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة الجناة
  • في اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام.. دعوات للتسامح في مواجهة تصاعد الإسلاموفوبيا
  • اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام.. دعوات للتسامح في مواجهة تصاعد الإسلاموفوبيا
  • انطلاق ملتقى زايد الإنساني في دورته الـ 25
  • «الداخلية» تحتفي بيوم الطفل الإماراتي في القرية العالمية
  • اين سوريا اليوم من النموذج الإنساني لنيلسون مانديلا و الترفع عن الثأر
  • السنغالي أليو سيسيه يتعهد بإعادة منتخب ليبيا للساحة الدولية
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا: وزير الأوقاف يؤكد نداء التعارف والتكامل الإنساني