المنصات الرقمية والعمل الذاتي في مواقع التواصل يضعان بصمتيهما في طريق الدراما التقليدية.. والذكاء الاصطناعي يطرح تحديات جديدة على الصناعة

عزوف كبير من الجمهور عن الدراما العربية ولا يوجد إقبال على ما يقدم الآن

مساءلات للجهات المعنية عن مدى الاهتمام والدعم لتطوير قطاع الدراما

لا يوجد محتوى ولا رسالة في الدراما الحالية مع غياب الحركة النقدية.

. والقائمون عليها غير متخصصين وتوجههم ربحي

تعكس الدراما بأسلوبها الفني جوانب حياة الإنسان وثقافته، وتشهد الدراما في العالم العربي في الوقت الراهن تحولات وتحديات كبيرة تؤثر على جودة الإنتاج واستمرارية الصناعة، فقد تراجعت الدراما العربية بشكل ملحوظ مما أثر على جودة الأعمال المنتجة، وعلى الرغم مما تمتلكه سلطنة عمان من جمالية تعبق بالتراث والحداثة، يواجه صانعو الدراما تحديات تتعلق بالتمويل والاستثمار، حتى مع توفر المواهب والكفاءات. ومع المنافسة الشديدة من الأعمال الدرامية الأجنبية من ناحية، والتكنولوجيا الحديثة والمنصات الرقمية من ناحية أخرى، أدى ذلك إلى تحولات وتطورات متسارعة، تتطلب وعيا وجهدا مضاعفا لمواكبة هذا التطور المستمر، والتحديات التي تواجهها صناعة الدراما.

«عُمان» تسلط الضوء في هذا التحقيق على واقع الدراما في عالمنا العربي، لاستكشاف أسباب تراجعها وفهم التحديات التي تواجهها، وبحث الحلول المناسبة لدعمها وتعزيزها..

يعود الممثل والمخرج وخبير الدراما حسن أبو شعيرة بذاكرته إلى تسعينيات القرن الماضي، خلال وجوده في سلطنة عمان حيث يستذكر أنه كان يقوم بتقديم مسلسلين عمانيين سنويا.

ويشير أبو شعيرة إلى أن الكثير من الدول العربية لا تعرف دور الدراما في صناعة الإنسان والمجتمع، مبينا أن للدراما دورا فاعلا وحقيقيا، في صناعة المجتمع وصناعة الإنسان، وتوجيه المجتمع وتوجيه الإنسان، وتقديم كل ما ينفع ويفيد المجتمع، فالدراما موضوع مهم وحيوي، وإذا ما تم التعامل معها بشكل صحيح فهي أحد أساليب الترويج لسلطنة عمان، سياسيا، وسياحيا، وجماليا، وثقافيا، وأدبيا، وأنتم لديكم كل مفردات النجاح. لذلك يجب علينا أن نركز على هذا الجانب، وفي سلطنة عمان، أتحدث بصفتي فنانا عربيا عاش فيها، فخورا بوجود طاقات ممتازة وبيئة مهيأة ومسؤولين داعمين. ويناشد أبو شعيرة الكتاب العمانيين، والممثلين العمانيين والمخرجين العمانيين، لاستغلال البيئة العمانية الجميلة والمتنوعة، برا وبحرا وصحراء، وهي من أروع ما يمكن أن يكون.. للمساهمة في انتشار الدراما العمانية.

صناعة ربحية

ويرى حسن أبو شعيرة بأن الدراما العربية عموما، كانت في بداياتها رغم قلة الإمكانيات، ورغم بساطة التقنيات التكنولوجية الفنية التي كانت تستعمل، ولكن كان هناك محتوى للمواضيع التي تقدم، وكان الناس يشاهدون الحكاية ويتابعونها لها بداية ونهاية وكانت تحوي رسالة ولها هدف، ربما كانت عفوية وتلقائية، ولكن كانت هناك رسالة. وأكبر خطر تعاني منه الدراما العربية هو أننا فقدنا المحتوى، ولم تعد هناك رسالة أو موضوع يشبه المواطن العربي، ولم يعد المواطن العربي يرى نفسه في الدراما العربية، بل أصبح يرى نفسه غريبا في هذه الدراما التي أصبحت تركز على «الأكشن» والذبح والسلخ والقتل والمخدرات والصراعات الدموية وتركت المحتوى الأخلاقي، وابتعدنا كثيرا عن المفاهيم والعادات والتقاليد والأخلاق، وهي إحدى وسائل الدراما التي يجب أن تقدم للمشاهد.

ويضيف بأن العزوف عن متابعة الدراما العربية سببه تغيب المسؤولين عن صناعة الدراما، وليس التغير في الذوق أو الجمهور، فصناع الدراما باتوا تجاريين «بياعين» وتجارا يبحثون عن الربح، ولا ينظرون إلى عقلية وذوق ورسالة المشاهد، ويتجهون إلى مواضيع الإثارة والدماء ونسوا تماما ما يجذب المشاهد العربي.

ويشير أبو شعيرة إلى أننا في العالم العربي لا توجد لدينا حركة نقدية جريئة لترى وتشاهد وتنقد وتقول رأيها وتصوب وتوجه، موضحا أن أي حركة درامية في العالم حين تفقد زاوية النقد السليم والعلمي الصحيح سيكون هناك خطر على الدراما، ونحن في عالمنا العربي فإن الحركة النقدية غائبة، كما أن المخرجين بعضهم جيد والبعض الآخر لا يهتم للرسالة التي يجب أن يقدمها، وأصبح يعتمد على ما يقلد من حركة كاميرا وإضاءة ومؤثرات صوتية وصورية، ونشر المحتوى والرسالة التي يجب أن يقدمها.

ويتابع: رسالتي لغالبية المخرجين العرب، بأن الإخراج ليس فقط تكنيكا وحركة كاميرا وإضاءة وصوتا ومؤثرات، وإنما يجب أن تكون لديك رسالة تقدمها كمخرج، ومسؤول وقائد للعمل، وإلا سيكون سبعون في المائة من عملك غير موجود وكأنك تلعب بالهواء.

مضيفا بأن الممثلين أيضا باتوا متأثرين بما يرونه من أعمال أجنبية خارجية، وصار عدد كبير من ممثلينا يمثلون بأنهم يمثلون، ولا يتعاملون مع التمثيل بالمدرسة الطبيعية التلقائية، وحين يرى المشاهد بأن الممثل يتصنع، سيشعر أن بينه وبين الممثل غربة، في أدائه، وفجوة ولا يعرف ماذا يقدم.

ويعود أبو شعيرة إلى ذكرياته في سلطنة عمان ويستذكر أنه من خلال عمله ساهم في تدريب الكادر العماني، وتقديم بعض القضايا التقنية الفنية، مضيفا: لم أكن أشعر في أي لحظة أنني مغترب، فقد كنت أشعر بأنني في وطني الأردن، وكنت أتصرف بطبيعتي وأعمل مع زملائي وأصدقائي كعائلة واحدة، وكنا نعمل من أجل خدمة الدراما العمانية، والآن وبعد مرور كل هذه السنين أرى بأنها كانت من أجمل لحظات حياتي أنا وأسرتي، الفترة التي عشتها في سلطنة عمان، فهي بلد جميل وشعب عريق وراق ومهذب، والأجواء حلوة وجميلة.

أربعة أعمال سنويا

وأوضحت الممثلة القديرة أمينة عبد الرسول أن الممثلين في الوقت الحالي يمتلكون خيارات متعددة، بالمقابل في زماننا الذي بدأنا فيه في السبعينيات كانت مهنة التمثيل والعمل المسرحي الخيارين الوحيدين، وكان التلفزيون بالأبيض والأسود هو المصدر الرئيسي للترفيه وكان الجمهور ينتظر بشغف الأعمال الكوميدية والدرامية، وتشير إلى أن بداياتها في مجال العمل الدرامي من خلال تجربتها في مسلسل «الشايب خلف» بجزأيه الأول والثاني، حيث كانوا يعملون كفريق واحد متكامل، وكانوا يستفيدون من أخطائهم ويعتبر الممثل نفسه الناقد والمختص والمنتج في الوقت ذاته.

وتابعت أمينة عبدالرسول أن العمل كان يكتب بدقة واحترافية نظرا لقلة الكتّاب، وكانوا يقدمون الأعمال بطريقة تخص شخصيات محددة، حيث كان المخرج والكاتب يعرفان قدرات الفنانين ويكتبان تلك الأدوار خصيصا لهم، مما يمنح الفنان حرية أكبر في تقديم الدور. مشيرة إلى أن النجاحات كانت تتلاحق نتيجة لهذه الاهتمامات الفنية، وتبرز دور الحوار في المشاهد الدرامية بدل الارتجال، حيث كان هناك تعاون وتنسيق بين الممثلين لإعداد وتنفيذ المشاهد بشكل دقيق، وكانت هناك فرصة لإجراء بعض التعديلات أو الإضافات الضرورية قبل بدء التصوير، بحضور المخرج وباقي أعضاء الطاقم، وتوضح أمينة عبد الرسول أن نجاحات الأعمال كانت كبيرة نظرا لعدم توفر قنوات أخرى للترفيه في ذلك الوقت، ولم يكن الجمهور وحده من يترقب العمل وإنما كان الفنانون أنفسهم يتوقون بشدة لمتابعة أدوارهم ومراجعة أدائهم، وكانت لديهم رغبة حقيقية في الاطلاع على أدائهم وملاحظة ما قدموا، ولم يكن الانتهاء من عمل معين نهاية المطاف بالنسبة لهم، بل كانوا يرغبون في مراجعة أدائهم والاستفادة من تجاربهم ليتمكنوا من التطور، وتجنب نقاط الضعف في الأعمال القادمة، مبينة أن الجيل السابق كان يتمتع بالموهبة والتفاني، وكانوا يعملون بروح تجمعهم تضعهم في حالة تركيز تام عند العمل في الاستوديو أو موقع التصوير. وكانوا يضعون كل انشغالاتهم وتفكيرهم جانبا، ويتركون كل شيء خارج نطاق العمل، ليعملوا بتفاهم وتوافق بين المخرج والكاتب والفنان وطاقم العمل، مما ساهم في جعل العمل أكثر تميزًا، منوهة أنهم في بداياتهم، كانوا ينتجون أربعة أعمال في سنة واحدة، مما كان يعطيهم الفرصة للتكرار والتطوير.

الدعم المادي واللوجيستي

ويشير المخرج محمد الكندي إلى أن المفهوم الكلاسيكي لصناعة الأفلام معروف بمكوناته التي تتضمن الكاميرا والصوت ولكن أسلوب العرض يختلف بحسب تقنية التصوير، وخاصة للتقنية الدرامية والتصوير التلفزيوني، ولكن مع تطور الأجهزة والتقنيات والفكر، أصبح العالم يتجدد، ولم يعد المفهوم العام للجمهور نفسه الذي كنا نشاهده ودرسناه بالشكل الكلاسيكي، مبينا أن المحتوى بات بصريا بتقنيات مختلفة، وأصبح الاستغناء عن الكاميرا ممكنا إلا في أوقات قليلة، بحيث تتم معالجة المحتوى البصري داخل الفيلم عن طريق آليات إلكترونية، بغض الطرف عن أسماء التقنية الإلكترونية، أو تصوير المحتوى جميعه خارجيا وواقعيا.

ويرى الكندي بأن التحديات التي كانت تواجه العاملين في الدراما تلاشت بوجود التقنيات الحديثة، موضحا: كنا في الماضي نحتاج إلى تقنيين بالمئات، فكنا نحتاج إلى من يحمل الكاميرا، والعدسة، و«الترايبود»، ومن يحمل الإضاءة والصوت، والأسلاك، فالكاميرا وحدها تحتاج إلى أكثر من عشرة أشخاص لحملها وحمل معداتها، والصوت أيضا يحتاج إلى معدات، وكذلك الإضاءة، وهنا نتكلم عن الأساسيات، ولا ننسى الديكور والتكوين والأمور الأخرى والمساعدين، والتفريغ والكتابة و«الراكور» الذي أصبح الآن إلكترونيا. وبالعكس فأنا أرى بأن الممكنات، أفضل مما كانت عليه في السابق، ولو أن فيها جانبا فكريا أقويا، وتحتاج إلى أناس متخصصين في الجانب الإلكتروني.

وعن تراجع الدراما يقول إننا بحاجة إلى المزيد من الدعم لاحتواء الجانب الفني عموما في سلطنة عمان، سواء أكان ماديا أم لوجستيا، ناهيك عن الدعم الخدمي، والدعم المعلوماتي، وكافة المجالات، بيد أن الشباب حاضرون ويعملون في مجال السوشيال ميديا محققين نجاحا باهرا، فأصبحت الفرص متاحة بالنسبة للشباب للانطلاق إلى جوانب أبعد عن التلفزيون، ويبقى ما يتعلق بالتلفزيون والدراما والسينما الذي يتفرع إلى العديد من التوصيفات، كالتجاري والتنموي والترويجي، وهناك الكثير أيضا، وبتنا نجد الدراما في السوشيال ميديا والمنصات العالمية، ونرجو من التلفزيون أن يهتم بهذه المواهب، منوها أنها لمن يرونها إيجابية فهي تمنح الفرصة للشباب وللسوشيال ميديا والمنصات بأن تقوم بهذا الواجب، ولكن التساؤل المهم الذي يطرح نفسه، كيف للسوشيال ميديا أن تقوم بهذا الجانب من غير توجيه ومن غير أفكار ومن غير قيادة؟؟؟

ويبين الكندي أن تجارب المنصات مثرية، ولكنها في بيئتنا محفوفة بالتحديات، ويقول: نظريا المسألة سهلة، ولكن ذلك يحتاج إلى أموال، والهواة لا يستطيعون فتح قناة، وحتى المحتوى الذي يقدمونه هل يمكن أن نقارنه بمستوى المحتوى الذي تقدمه منصات أخرى مدعومة، لأن معظم من يعمل في السوشيال ميديا لا توجد لديهم خلفية أكاديمية في مجال الدراما والسينما وصناعة الأفلام، ولو نظرنا للتجربة الخليجية، نجد بأن السوق الكويتي على سبيل المثال ضعيف داخل الكويت قوي خارجها، لأن مسلسلاتهم أصبحت لها بصمتها وجمهورها في كل مكان حتى على مستوى الوطن العربي، لأسباب عدة أبرزها الخروج عن المألوف، ونموذج آخر هو السوق السعودي الذي يملك قوة شرائية، ناهيك عن أن معظم الإنتاج الكويتي والسعودي هو إنتاج منفذ من قبل الحكومة وليس إنتاجا خاصا. وخلاصة ذلك أنني كمنتج حين أتوجه إليهم فأنا لم أشارك لكي أدفع، وقلما نجد لديهم مستثمرا ينتج مسلسلا وينتظر العائد، لأن العائد لن يغطي التكاليف، لذلك فإن من يقدم الفكرة سيجد قناة تعمل على تمويله، ولكن في سلطنة عمان لا توجد لدينا قوة شرائية، ولا مشاهدين أو متابعين، وإذا أراد المنتج أن يسوّق إلى الخارج، فماذا سيقدم؟؟ هل يعقل أن يلغي الهوية العمانية من المسلسلات؟!

مؤكدا بأن سمة الإنسان العماني محافظ، ومهما ذهب واغترب، سيبقى نفسه، ولا يريد أن يسيء إلى حياته أو حياة الآخرين.

ويتابع الكندي: عندما كنا في بدايات التلفزيون العماني، ولم تكن هناك قنوات تلفزيونية، وكان التلفزيون العماني يبث المسلسلات العمانية، التي كان لها صيت وقبول كبير جدا، وكان الناس لا يتابعون المسلسلات الأخرى التي تعرضها الساحة لأنها قد تتجرد من بعض الأخلاقيات، ولكن التلفزيون العماني كان محافظا وله طابعه الخاص، وما يزال المحتوى العماني في المسلسلات الأرقى نظرا لطبيعة التوجه الفطري للإنسان العماني.

ولكن القنوات المتنوعة والحرب الإعلامية على القنوات الحكومية أخذت مكان الإعلام الحكومي، والسياسي، وفتحوا القنوات الفنية وطغت صناعة المسلسلات التي تحمل الأفكار الدخيلة فازدادت المتابعات، وعندما أقول أفكارا دخيلة أعني بأن المسلسلات أخذت منحى آخر، غرائزية أكثر من أنها تقدم فكرا تنويريا بالنسبة للقضايا الاجتماعية، وسنجد القضايا الاجتماعية التي تناقشها المسلسلات هي نفسها، ولكن بشخوص مختلفة وأناس مختلفين وأماكن مختلفة بنفس القضايا، ولا يوجد تحرر فكري بالنسبة للقضية، وإنما هناك تحرر فكري لبعض التناول في طرح القضايا الاجتماعية، ولكي نستثمر في جانب الدراما لا بد من إعادة بناء البنية الأساسية في إنتاج الأعمال الفنية.

منتجون يطالبون بالتقليد!

وتشير مريم الغامدي ممثلة ومنتجة سعودية بأن التأثيرات الناتجة عن المنافسة بين الأعمال الدرامية الأجنبية والإقليمية لها تأثيرات واضحة، ومنها السلبي أكثر من الإيجابي، وخاصة على الشباب من الجنسين سواء في تقليد نجوم الأعمال الأجنبية في الملابس والتصرفات والأفكار، وربما في ‏ضعف الوازع الديني أحيانا، موضحة أن المشكلة تكمن في أن بعض المسؤولين في الأعمال الدرامية يطالبون المنتجين بأن تكون أعمالهم على غرار الأعمال الأجنبية، كما يطالبون باتباع آليات العمل لتكون الدراما المحلية نسخة من الدراما الأجنبية، و‏أصبحنا نقلدهم!

وتبين الغامدي أننا بتنا نقلد المحتوى الغربي حتى بالموسيقى التي أصبحت تصاحب أعمالنا العربية والخليجية، مع أن المفروض أن يكون لأعمالنا طابعها المحلي الخاص النابع من أرضنا وتراثنا الجميل مع الارتقاء بها وتطويرها تقنيا.

تنوع مثر

ويشير المخرج الدكتور حميد العامري إلى أن الدراما العمانية تعكس الاهتمام بالحركة الثقافية المحلية في سلطنة عمان، فالحراك الثقافي والاجتماعي يجسد نفسه أيضا في مجال الدراما. ومن الجوانب الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في تطوير الدراما العمانية وجعلها جذابة ومثيرة للاهتمام التنوع المحلي في البلاد، بما في ذلك العادات والتقاليد والمواقع التاريخية، ويمكن لهذا التنوع أن يسهم في إثراء القصص وإضفاء جمالية على السيناريو. ومع ذلك، يبقى التحدي في تطوير الدراما العمانية بحيث تلقى الاهتمام والإعجاب من الجمهور، فالدراما العمانية تواجه تحديات مماثلة تماما لتلك التي تواجهها السينما، حيث يبدأ الشباب العماني الطموح في البحث عن الإنتاج وتطوير مهارات الكتابة من خلال كتابة السيناريو. ورغم وجود الإرادة، إلا أن انعدام الدعم المالي والهيكلي يعوقهم عن تحقيق أهدافهم، والتحول من ممارسة الدراما كهواية إلى مهنة تتطلب توفير ورش العمل والتدريب في مجالات الدراما المختلفة والتمثيل، ورغم أن الدراما العمانية تحمل روحا عميقة وإنسانية في قصصها، إلا أنها تحتاج إلى توثيق وتقييم أفضل لتعزيز جودتها، ويجب على منتجي الدراما العمانية الاستفادة من النقد والمناقشات لتطوير أعمالهم وتحسين تأثيرها على المجتمع، ومن خلال تعزيز التوثيق والقراءات للتجارب العالمية، يمكن للدراما العمانية أن تتقدم وتكون عاملا مسهما في النهوض بالجانب الثقافي والاجتماعي في البلاد.تطوير الإنتاج العربي الدرامي

من جانبه يرى المخرج السينمائي ورئيس تحرير مجلة سومر نزار شهيد الفدعم أن أفضل الممارسات العالمية التي يمكن تطبيقها لدعم وتحسين الدراما تتلخص بتوفير منصة للأفكار المبتكرة وتوظيف الطاقات العربية فيها من أجل تقديم دراما معبرة عن القضايا العربية والإنسانية برؤيا عميقة وشمولية تلبي احتياجات المشاهد العربي المتنوعة في الكوميدي والاجتماعي والتاريخي والاستعراضي والمغامرات والتشويق وموضوعات العوالم الفضائية المستقبلية، وبناء مدن للإنتاج الإعلامي تتوفر فيها كل مستلزمات العمل الفني ومواكبة التطور التقني من خلال تواصلها مع أحدث الإنتاجات العالمية، واستقطاب الخبرات العالمية في الإنتاج والتصوير والإخراج والتمثيل وتقنيات التصوير والمونتاج والجرافيك وزج الفنيين الشباب معهم في العمل بطريقة التعشيق، مع وضع خطط ثلاثية وخماسية لتطوير الإنتاج العربي الدرامي والارتقاء به للعالمية، والعمل على استغلال الجغرافيا العربية وتنوعها من جبال وسهول وصحارى وأنهار وبحار وسواحل ومدن حديثة وتاريخية كمواقع تصوير جذابة وساحرة. بالإضافة إلى العمل على الاستعانة بشركات توزيع عالمية لغرض مناقشة سبل توزيع الأعمال العربي الدرامية وتحديد الموضوعات والأفكار التي يمكن تقديمها وتجد قبولا عند المشاهد العالمي دون الإخلال بالهوية العربية والهوية الوطنية الخاصة بكل بلد عربي، والعمل على إنشاء شركة عربية برؤوس أموال عربية للإنتاج والتسويق ودعمها من قبل الحكومات العربية. ويشير الفدعم إلى أن اختلاف الأذواق حاصل منذ زمان عند رواد صناعة الأفلام لأن الدراما وموضوعاتها تغيرت بحكم التطور التكنولوجي السريع والرهيب وشملت حتى موضوعات أصبحت تعتمد على الخيال الكبير الذي كان من الصعب تنفيذه لقلة الإمكانيات الفنية والتقنية والإنتاجية، مضيفا أن التطور التكنولوجي للسينما على سبيل المثال أتاح للسينمائيين تقديم أفلام تدور في أجواء ومواقع تصوير لا يمكن تخيلها إلا في الأحلام ومن المتوقع أن يستمر الإنتاج الافتراضي في إحداث ثورة في صناعة الأفلام، مما يمنح صانعي الأفلام مزيدا من المرونة والحرية الإبداعية والتحكم في إنتاجاتهم، ومع استمرار تقدم التكنولوجيا، سيصبح الإنتاج الافتراضي أكثر انتشارا « في الصناعة، مما يؤدي إلى عصر جديد ومبتكر من صناعة الأفلام.

ويجب أن نعلم أن نسبة أكثر من 70 بالمائة من رواد السينما هم من الشباب لذلك فإننا لابد أن نجد انعكاسا لحياتهم ومشاكلهم وطموحاتهم وأفكارهم وموضوعاتهم المحببة في الدراما، والسينما اليوم تطورت واستجابت للتكنولوجيا الجديدة من خلال توظيف هذه التكنولوجيا بالموضوعات التي لم تستطع طرحها قبل سنوات، كالخوارق والكوارث وأبطال مارفل ومجلات الكومكس الذين صاروا أبطال الدراما ونجومها، ورغم محاولة المنصات التفوق على السينما والدراما لكن يبقى طقس الذهاب إلى السينما هو الأثير عند الشباب والعوائل وتظل تقنية الشاشة الكبيرة والمؤثرات البصرية والصوتية المدهشة والحية لا تستطيع توفيرها المنصات الرقمية، إضافة إلى أن الذهاب إلى السينما يعد طقسا اجتماعيا وتحولت دور العرض إلى أمكنة للرفاهية من حيث مقاعد الجلوس المميزة والمشاهدة وسط الظلام والتركيز على الشاشة ما يخلق جوا نفسيا لا يمكن للمنصات الرقمية أن تنافسه ورغم انتعاش المنصات الرقمية خلال أزمة كورنا، ومقارنة بالدراما الآن فقد بدأت السينما تستعيد عافيتها وحضورها بأفلام ضخمة وكبيرة.

غياب التدريب الأكاديمي

وعن المواهب العمانية يوضح محمد الكندي أن الموهوبين موجودون ليفرغوا طاقاتهم في السوشيال ميديا، ولكن هل يجوز أن نرمي الكرة في مرمى الشباب ليستقلوا بأنفسهم؟

مشيرا إلى أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه هؤلاء الشباب الموهوبين، وأهمها الاستعانة بخبرات عالمية متخصصة في عالم غير عالمنا الواقعي، ليأتوا بأفكار خارجية لا يمكن تطبيقها في سلطنة عمان، لأنها لا تتماشى مع الهوية العمانية، لذلك فهي غير قابلة للتنفيذ، وإن نفذت ستكون في مجال معين وخصوصية معينة ضيقة جدا جدا، لا تساعد الشاب العماني أن ينخرط بها، كما أن هناك من الخذلان ما لامس الدراما المحلية ومنها إغلاق الجامعة للمسرح وغياب تخصص المواد التلفزيونية، ولم يعد هناك تعليم، ولا توجد لدينا معاهد متخصصة، ولا كليات، ولا يمكن أن نتجاهل وجود بعض الأنشطة في كلية التصميم العلمي المختصة بالجرافيكس وكلية البيان المختصة في الصحافة العامة، ولكنها لا تخرج لك المتخصصين، كما أن الكليات التطبيقية قائمة بدور في كثير من الأحيان من خلال الفعاليات والأنشطة في الجماعات، إلا أنها غير تخصصية ولا تمنح خبرة أو شهادة، ولا تتعدى كونها جماعات للأنشطة!

ولو عدنا لأيامنا، فقد اشتغلنا عمليا مع مخرجين في الدراما والبرامج التسجيلية أو المباشرة أو نقل المباريات والمناسبات الحية كلها دخلنا بها عمليا، ثم اتجهنا للدراسة لأن شغفنا كان في هذا الجانب، وتلك الخبرات الحية لم تعد موجودة وأصبح للممثلين محاولة الاجتهاد والنهوض بأنفسهم.

ويجب تدريب الكادر وتهيئته وتوظيف المتخصصين، موضحا، انتعشت الدراما المحلية في التسعينيات، ولكن حين انتقل الإنتاج إلى شركات الإنتاج تدنى مستوى الدراما المحلية لأنها وقعت تحت أيدي أشخاص غير متخصصين تبحث عن الربح، وبعد أن عادت لحضن وزارة الإعلام فقدت الكثير من كوادرها ولم تعد كالسابق. فالنقطة التي نحتاجها هي أهل الاختصاص.

أما التحدي الأكبر للمنتجين العمانيين فهو التمويل، ونحن نطالب بتخصيص ميزانية تستحقها الدراما المحلية. أما عن الرقابة وتأثيرها على الدراما المحلية فيوضح بقوله: كنت عضوا في لجنة مراجعة النصوص التابعة لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومن وجهة نظري حول مراجعة النصوص وآلية الحد من الكثير من القضايا، لا يوجد لدينا ذلك الخروج عن النص، لأننا كمجتمع لدينا الرقابة الذاتية قبل الرقابة الموضوعية التي تطرح، والإنسان العماني رقيب لنفسه، لأننا نشأنا وتربينا وترعرعنا على أخلاقيات معينة لا نخرج عنها، برغم وجود قضايا شائكة، ولكنها تعالج بطريقة غير مسيئة، ويستطيع الكاتب أن يطرحها بطريقة ما مغايرة. والرقابة لدينا في الوضع الراهن فضفاضة. وهي موجودة في كل مكان حتى في هوليوود وبوليوود، مع صناع السينما وصناع الدراما والبقية جميعهم لديهم رقابة، ومفهوم الرقابة إعلاميا، كمثال لو كانت هناك قناة عالمية تصدر الأفكار، فأي فكر يأتي على عكس هواها وضده فستلغيه. والفكرة ليست في كلمة رقابة وإنما في تصحيح المفاهيم الموجودة عندك، وعمّ تريد أنت أن تقدم. مؤكدا أننا في سلطنة عمان لا نريد أن نتناول قضايا تمس الدين والعرق والعنصرية، وأي شيء يسيء لبلدي لا أريده إن أجّج أو مسّ مساسا مباشرا بموضوع مّا سواء قبليا، أو عنصريا، أو دينيا، أوالتعرض للذات الإلهية أو الذات السلطانية، فهو لا يؤثر في جودة العمل الفني، ولكن من جانب المعالجة الصحيحة المفترضة للموضوع، فحتى وإن طرحت قضية شائكة عنصرية ولكن نتائجها لدحض فكرة العنصرية، فهي أمر جيد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدراما العربیة المنصات الرقمیة السوشیال میدیا صناعة الأفلام التحدیات التی فی سلطنة عمان الدراما فی فی الدراما أن الدراما الکثیر من أبو شعیرة لا یوجد من خلال لا توجد فی مجال أکثر من لا یمکن یجب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

7 مشاريع ترفيهية ورياضية وسكنية جديدة بالدمام .. صور

الدمام

شهد معرض سيتي سكيب العالمي الذي اختتم فعالياته الأسبوع الماضي في الرياض، مشاريع جديدة في الدمام تصل قيمتها إلى 4 مليار ريال.

وشملت المشاريع مشروع الواجهة بزنس بارك للشركة الوطنية للإسكان في ضاحية الواجهة سيضم مركز تسوق ومكاتب وفندق ومنشئات رياضية و وحدات سكنية، ومشروع تجاري ترفيهي متعدد الاستخدامات بقيمة مليار ريال لتحالف مشترك يجمع شركات الضويان وسعيد رداد و تزايد العقارية.

وشملت المشاريع أيضا مشروع الدمام لوجستيك بارك باستثمارات تبلغ نصف مليار ريال، ومشروع “جدن ديستريكت” السكني في حي عدل، ومدينة الشرق الصناعية باستثمارات 350 مليون ريال .

كما شهد المعرض اتفاقية بقيمة 100 مليون ريال مع شركة عدل لتطوير الواجهة البحرية بمخطط الديرة وحدائق ومرافق متنوعة، فضلا عن تحالف مشترك يجمع مجد للأستثمار و وشركة عقارات السيف البحرينية لتطوير مشروع متعدد الاستخدامات بقيمة نصف مليار ريال .

 

مقالات مشابهة

  • رحيل الإعلامي الكبير أحمد حسني بعد مسيرة حافلة في الإذاعة العربية
  • عاجل| وزير البترول: شركات النفط والغاز العالمية أظهرت التزامًا كبيرًا بمشروعاتها فى مصر رغم التحديات
  • وزارة الرياضة: يجب تمكين الشباب ليكونوا جزءا فاعلا في مواجهة التحديات المناخية
  • إجبار اللاجئين في ألمانيا على العمل.. ما العوامل التي تؤثر في تنفيذ القانون؟
  • وزيرة التنمية المحلية تعرض أمام النواب أولويات العمل لمواجهة التحديات التي تواجه المحليات
  • مناقشة التحديات التي يواجهها الليبيون المقيمون في تركيا
  • 7 مشاريع ترفيهية ورياضية وسكنية جديدة بالدمام .. صور
  • حملة لتنظيف الواجهة البحرية بجعلان بني بوعلي
  • ما حكم العمل في مكان يبيع خمور؟.. أمين الفتوى: يجوز ولكن بشرط (فيديو)
  • سامر المصري ينتقد ولاد بديعة وتاج..ويصف أبو شهاب بـالأيقونة