بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..

عندما تتحدث عن فن الكوميديا في العراق فلابد التوقف عند مسلسل تحت موس الحلاق كونه يمثل محطة و إنعطافة مهمة في تاريخ الحركة الفنية العراقية لأنه زرع بصمة جديدة في لون من ألوان هذه الفنون وكذلك صنع ظاهرة بغدادية إسمها عبوسي وحجي راضي ، ونقل هذا المسلسل الصورة الجميلة والمعبرة عن بعض الشخصيات البغدادية بشكل كوميدي لحقبة من حقبات ذلك التاريخ الجميل ، وأصبح هذا المسلسل منجز فني كبير لازال النقاد والكتاب يشيرون له بالنجاح الكبير في تلك الفترة التي تفتقر إلى التقنيات الحديثة والدعم المادي والمعنوي ، إن هذا المسلسل نجح بمجموعة من المسببات أولها إن هذا المسلسل حاكى الناس دون مبالغة أو إسفاف ، وتناول الحياة البغدادية اليومية ببساطتها و حميميتها ، ونجحت تلقائية الفنان سليم البصري المثيرة ومشاكسات حمودي الحارثي والديكور البغدادي البسيط المعبر عن الحارة الشعبية والصورة الحقيقية التي نقلها عن ألفة العلاقات الصادقة بين الناس الطيبين في نجاح هذا العمل جماهيريا ، وأضاف خليل الرفاعي ( أبو فارس ) نكهة خاصة بتعليقاته الهزلية ( وكبته الشهيرة ) ولعب الفنان راسم الجميلي ( أبو ضوية ) دورا محوريا وأضافة الفنانة سهام السبتي طاقة متوهجة إستطاعت من خلالها إجادة دور المرأة العراقية الطيبة و كذلك الفنانين سمير القاضي ( دخو ) وعبدالجبار عباس ( أبو نجله ) الذين لعبوا أدوارا وكأنها فصلت لهم دون غيرهم ، حيث أبدعوا الجميع وجعلونا لا نستطيع تماسك أنفسنا من الضحك المتواصل لروعة ما قدموه من فن جميل وصادق دغدغ مشاعرنا وجعلنا نعيش في عالم من الحلم و الفرح والسرور .

مازلنا نتذكر ( نحباني للو ، والبك والي ، والك دكم بصوزه ، وأنا مرنام ، وآه ديكي ) ، وكيف قرأ حجي راضي هذ الرسالة الهندية الشهيرة التي أضحكت أغلب العراقيين وأصبحت حديث الشارع البغدادي خاصة ، من منا ينسى مشاكسة الحجي مع المعلم والذي ذكره بأنه ( أبن بسيمة أم الكركري أو لوزة دخو ) أو تحرشه وهو مخمور على بنت المحلة وكيف أجاد هذا الدور الذي قال في حينها أحد العاملين في المسلسل إن حجي راضي فاق حتى على السكارى في حركاتهم وحتى هذه اللحظة نشكك هل أنه كان سكران أم يمثل ، وقال أحد الفنيين الذين يعملون مع المخرج عمائوئل رسام إن مشاهد التصوير تعاد مرات عديدة بسبب الضحك المتواصل من جميع الفنيين على ما يقوم به حجي راضي وعبوسي وباقي الممثلين من مواقف كوميدية ، وبعد أكثر من نصف قرن على تمثيل هذا العمل ولازال البعض يتندر ببعض مفارقاته ليشيع جوا من الضحك والمرح بين الجالسين .

و سليم البصري لم يكن بصراويا ولكن لطيبته سمي البصري لترديد أهالي البصرة كلمة طيبة البصرة الحلوة ، وهو من مواليد بغداد 1926 محلة الهيتاويين ، أنهى دراسته الأبتدائية في مدرسة العوينة وأكمل دراسته حتى دخل كلية الآداب والعلوم قسم اللغة العربية عام 1950 وتخرج منها سنة 1954وكان أساتذته آنذاك جبرا إبراهيم جبرا وجميل سعيد وعبدالعزيز الدوري الذي كان عميدا للكلية ، وزامله في دراسته كل من عبدالرحمن سعيد ، حياة جميل حافظ ، رؤوف جميل الواعظ و السيدة لطيفة العبيدي التي تزوجها فيما بعد وأنجبت له أربعة اثنان منهما مقيمان في لندن .

أحب التمثيل حبا جما في طفولته وعادة ما كان يمارسه بين أهله ، حيث كان يقوم بإرتداء العباءة ووضع أشبه باللحية وإخفاء رأسه ومعالم وجه ويدخل إلى بيتهم ويفاجأ أسرته بهذا الغريب الذي دخل عليهم وعند محاولة والده التوجه إليه يرفع سليم النقاب عن وجه وسط ذهول أهله ، وما على والده إلا أن يلاحقه خارج البيت ويعاقبه عند القبض عليه وسط ضحك وصياح أولاد المحلة .

إن سليم البصري الذي بهر الجماهير بفنه الممتع ويحاكي المتلقي بشيء من الوجدانية ويمتلك الشخصية التلفزيونية المحببة المسالمة للجميع من خلال دوره ( حجي راضي ) إلا أنه رغم نحافة جسمه كان في طفولته شغوفا إلى كل صنوف الرياضة وخاصة الملاكمة والمصارعة ، وأحب لعبة كرة القدم التي كان يلعبها مع أولاد المحلة بكرة عبارة عن كومة قماش متداخلة وكانوا يتبارون بين المحلات المجاورة وهي محلة النهر وشريعة سيد سلطان علي ، وترك هذه اللعبة اثر ضربة ( شوت ) قوية طار أظفره على أثرها ، وذهب إلى الملاكمة وتلاكم مع زميل له في مدرسة العوينة الأبتدائية وكان النزال وديا ولكنه التفت فوجد وجه زميله مكشوفا فسدد إلى فكه لكمة مستقيمة وإذا بزميله يرجع إليه مقلاعا على أضلعه لم ينساه طول حياته ، ومارس السباحة ولكنه هرب منها بسبب التفاف خصلة من شعره بأحد النتوءات البارزة من جسم ( الدوبة ) التي حاول الغطس من تحتها ونجا بأعجوبة من الغرق ، ثم إتجه إلى المصارعة وفي أحد الأيام جاء أحد الغرباء من المحلات الأخرى وتحدى المصارعين في المحلة وكان مفتول العضلات ولم يتحداه أي أحد ولكنه تحداه لإنقاذ ماء وجه المنطقة وزملائه وعند الإقتراب منه لم يجد نفسه إلا معلقا إلى الأعلى وكلما سقط على الأرض يعود المتحدي بمحاولة أخرى ومن شدة الألم تظاهر بالإغماء لينجوا من هذه الضربات الموجعة وعندما لاحظ الفتى إن متحديه بلا حراك تركه وولى هاربا إلى منطقته وبقي سليم البصري نائما عدة أسابيع في البيت يعاني من هذه ( البسطة ) البغدادية .

لقد بدأ سليم البصري بممارسة التمثيل سنة 1942من خلال إحدى فرق التمثيل الذي كان مقرها قرب ساحة الرصافي حيث قدمت هذه الفرقة عدة أعمال منها مسرحية الصحراء ليوسف وهبي ومثل فيها احد الشيوخ الثائرين وتم عرضها في سينما علاء الدين آنذاك ، وإنقطع عن التمثيل بين عام 1944 و1948 وكانت أهم نتاجاته الفنية عندما دخل إلى كلية الآداب وكانت في بداية تأسيسها حيث تم إختياره رئيسا للمسرح الجامعي وقدم الكثير من المسرحيات منها ( سليم البصري في ساحة التدريب ) و ( فنان رغما عنه ) وإشترك مع فريق الكلية الرياضي في الكثير من الفعاليات الرياضية ولكنه كان يخيب زملاءه في كل منافسة و كان آخرها بطولة الكليات بالعاب الساحة والميدان حيث كان يمارس رياضة طفر الموانع ، وعند بدا صافرة البداية وجد حجي راضي نفسه يتدحرج وهو متأبطا أحد الموانع وسط ضجيج وضحك وصفارات الطلاب والمتفرجين .

لقد إمتاز البصري من خلال تجسيده لأغلب الشخصيات التي طغت عليها الطابع البغدادي بسبب تلقائيته المدهشة وحركاته التي تضيف إلى حديثه الذي لا يخلو من بعض الكلمات الساخرة التي تجعلنا ننبهر أمام هذه الشخصية الكبيرة التي كانت مدرسة بحالها ، كيف ننسى إبداعات حجي راضي في تحت موس الحلاق التي كتبها سنة 1961 ومفارقات عبوسي التي كونوا ثنائيا لا مثيل له على إمتداد تاريخ الحركة الفنية في العراق ، وجسدوا فيها تقاليد المحلة و ( الدربونة ) البغدادية وشخصياتها والعلاقات الحميمة بين أهلها ، وكلنا يتذكر مقالب عبوسي وخاصة عندما جلب ( العرق ) بدلا من ( المسهل ) وشربه حجي راضي وكادت ( اللوزة ) أن تطير وسط توسلات الفنان سمير القاضي ( دخو ) وترنح الحجي وأصبحت عبارة ( اللوزة حجي ) في متناول الجميع .

ويتذكر الذين عايشوا تلك الحقبة من الزمن كيف تفرغ الشوارع من الناس عند عرض حلقة من حلقات هذا المسلسل وكيف كانت الجماهير تحتشد حول أبطال مسلسل تحت موس الحلاق حين يتجولون في شوارع بغداد ، وكيف كان حجي راضي لا يستطيع التجوال لوحده لأنه كان في ذلك الوقت بمصاف شهرة الممثلين المصريين المعروفين ، وكثيرا ما كانت الشرطة تفرق المحتشدين من حوله .

إن حجي راضي الذي كان يعمل موظفا في المصرف الزراعي في مطلع السبعينات من القرن الماضي قدم طلبا لنقله إلى دائرة الإذاعة والتلفزيون ليكون قريبا من الفن ملهمه وحبه الأزلي الذي يسري في شرايينه وهو في ريعان شبابه ، والحجي ليس مجسدا لفن الكوميديا فقط وإنما كان بارعا في الأدوار التي تحتاج إلى المهارات الكبيرة منها دوره ( غفوري ) في مسلسلات ( الذئب وعيون المدينة ) و ( النسر وعيون المدينة ) ( والأحفاد في عيون المدينة ) حيث قدم في هذه الشخصية درسا بليغا لممثلي اليوم الذي تنقصهم أغلب المهارات الحسية والفنية ، لقد مثل هذا الدور أمام ( عبدالقادر بيك ) التي جسدها خليل شوقي والذي مثل شخصية تعاني الكثير من الإسقاطات الإنسانية وكيف كانت شخصية ( غفوري ) تكتوي بنار هذه الشخصية البخيلة التي تدقق بأتفه الأشياء وتتخوف من مؤامرات جلبي بيك ، وكلنا رأينا كيف جسد سليم البصري هذه الشخصية وكيف كنا متعاطفين معه بشكل مذهل وهو دليل على إنه يجيد ويتقمص أغلب الشخصيات الصعبة بالكثير من التلقائية و المهنية العالية .

لقد كان البصري كاتبا مهما في الدراما العراقية بالإضافة إلى ولعه في التمثيل وحبه للرسم والرياضة ، فقد كتب الكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية منها ( كاسب كار ، دائما في قلبي ، ست كراسي ، لا نوافق ، وجهة نظر ، فنان رغما عنه ، مسلسل تحت موس الحلاق ، الشارع الجديد ، حب في بغداد ، وحلقات إلى من يهمه الأمر ، ولعابة الصبر ) وكتب مسرحية إسمها ( لو ) لم يوافق عليها الرقيب كونها تنتقد الواقع التعليمي بمهنية عالية ، وشارك كذلك في تمثيل عدة أفلام في السينما هي ( أوراق الخريف نهاية عام 1963 ) للمخرج حكمت لبيب و ( فائق يتزوج سنة 1984 ) للمخرج الراحل ابراهيم عبدالجليل و ( العربة والحصان ) و ( عمارة )13 للمخرج الراحل صاحب حداد ، ومثل العشرات من الأدوار في التلفزيون منها هواجس الصمت .

لقد مرت على حجي راضي الكثير من المواقف المضحكة من بينها إنه عندما كان في القاهرة سنة 1973 مع بعض الفنانين العراقيين الذين زاروا مصر للتعاون الثنائي بينهما في مجال العمل الفني ، وعند زيارة الحجي لأحدى قطاعات الإنتاج المصرية وعند دخوله صادف دخول الممثل محسن سرحان وعندما أراد أحد المرافقين المصريين من تقديمه قاطعه ( أكو واحد ميعرف عماد حمدي ) فرد عليه لا أنا الممثل محسن سرحان فضحك حجي راضي متداركا غلطته ( أي هاي هية كلكم تشابهون ) فقال له محسن سرحان أن عماد حمدي عنده شنب وأنا بدون شنب فرد الحجي وهو يضحك ( أي بس هم تشابهون ) فضحك محسن سرحان وقبل حجي راضي .

وحين تم عرض أحد الأفلام العراقية في فندق الرشيد رأته إحدى الفنانات العراقيات وكان معتادا عندما يراها في دار الإذاعة يقبلها فجاءت للسلام عليه وعندما وصلت إليه قدمت له خدها ليقبلها ولكنه صاح ( أويلي يابة شسويتي ولج مرتي دتباوع علينة ) وذهب راكضا بأتجاه زوجته .

وفي أحد الأيام أراد حمودي الحارثي أن يشاكس سليم البصري فنشر خبرا في إحدى الصحف المحلية بأن عبوسي أسس فرقة مسرحية ومن بين ممثليها حجي راضي وجعل إسمه آخر الأسماء من الاحتياط ، وما إن وصلت الجريدة إلى سليم حتى أخذها وجرى هائجا يبحث عن عبوسي ، وأخذ يصيح في أحد ممرات الإذاعة ( لك عبوسي وين تروح مني ) ، وبعدها عرف الحجي إن هذه خدعة كاذبة عملها عبوسي ليغيظه ، فضحك على أثرها وصاح بين الحاضرين ( أيباه يمكن أتخبل عبوسي ) .

يحكى الكثير من الفنانين الذين لازموا سليم البصري في رحلته الفنية إنه كان رجلا طيبا بسيطا قليل الكلام يحاول إن يزرع البسمة لمن حوله ، يمتاز بروح النكتة وسرعة البديهية ، يجامل الصغير والكبير ويعتد بشخصيته ويقف ندا قويا للظالم في رأيه أو فعله وعندما أصبح مديرا للتلفزيون أخذ يشحذ الهمم للإرتقاء بواقع العمل الفني داخل أروقة مبنى دائرة الإذاعة والتلفزيون ، وصادف الزمن أن ألتقية وكنت في حينها أمثل دورا في تمثيلية سهرة إسمها ( أحزان الظهيرة ) للمخرج سمير حنا وتأليف شاكر الحاج مخلف ومعي لفيف من طلبة أكاديمية و معهد الفنون الجميلة آنذاك منهم ظافر جلود وسعد المسعودي وعبدالعال مأمون و كامران رؤوف ومحمد صبري ، وكنا حينها نتحدث عن الهجرة من العراق وأتذكر إنه كلمنا عن المواطنة ولم أنسى بعض كلماته التي ترن في أذني ولحد هذه اللحظة ( لو تروح بإطراف الدنيا لازم ترجع للوطن ) وكان هذا اللقاء في تموز عام 1978 .

وللبصري مواقف صريحة من دخول الغجر والطارئين على الفن العراقي ، فأبتعد عن التمثيل والمشاركة فيه إحتجاجا على ذلك ، وتمت دعوته من خلال الفنان يوسف العاني وعبر جريدة الجمهورية بتاريخ 25 / 12/ 1996 للعودة إلى عمله وشعبه الذي أحبه وآزره ولكنه رد عليه إنني أعيش حاليا في حالة إحباط ولا استطيع أن أتقبل هذا الواقع المزري الذي دخل إليه من لا يضيف إلى تاريخه ولكن سيأخذ منه أشياء كثيرة فقال بالله عليكم ( ماذا ستكون النتيجة لمسرحية بطلتها ملايين أو مليارات ) حتما ستكون النتيجة أن نرمي تاريخنا وماضينا ونضالنا وتعبنا ( بمزابل الملاهي ) .

رحل سليم عبدالكريم البصري حيث وافته المنية في منزله بتاريخ الثامن من أيار 1997 وتم نقله إلى مستشفى النعمان ، تاركا خلفه سيرة حسنة و حب الناس وعشرات الأعمال التي إخترقت القلوب والعقول لتبقى خالدة في أذهان محبيه ولتحاكي تلك الذكريات الجميلة التي عشناها في السبعينات وكيف نتسمر على شاشة التلفاز ونحن نشاهد حجي راضي وصانعه المشاكس عبوسي وكيف كنا نردد أغنية المسلسل التي تقول ( محصن بالله ومحروس يا ستادي ) نعم سنرددها الآن جميعا بألم وحسرة ، لقد رحل إستاد سليم بسلامة قلبه وضميره ووطنيته نعم رحل فنان الشعب الذي إستحق هذا اللقب بجدارة ، ولكن أي رحيل فلم يكن أحد من أهله أو أقاربه أو زملائه قد وقفوا بجواره في مرضه ولا صديق أو بعيد شيعه بإستثناء عبوسي رفيق مسيرته فكان مشهدا يدمي القلوب .

في الختام لابد من ذكر هذه الحقائق إن الراحل لديه خلاف مع زوجته وأولاده بسبب إستمراره في التمثيل ، وقالت زوجته إن زميلاتها يطلقون عليها تسمية مرت حجي راضي وكونه رفض الإنصياع لهذا الأمر إنتهت بالقطيعة وأن كانوا في نفس البيت ، قال عبوسي عند قدوم الجنازة إلى البيت من مستشفى النعمان لم توافق زوجته السيدة لطيفة العبيدي على فتح باب البيت أو الكراج وقالت لي اذهبوا إدفنوه فورا وزجرتها وفتحت الباب وأدخلناه إلى الصالة وعندما طلبت منها شرشف لتغطية جثته أحضرت لي قطعة من القماش ممزقه ومبلله كانت موضوعة في حديقة المنزل فرميت هذه الخرقة جانبا وأحضرت عباءته السوداء التي كانت معلقة بالقرب منه ورميتها عليه ، وعندما سألتها عن إبنتيهما ( آية وآراك ) قالت عند خالتهما في اليرموك وإكتشفت إنهما بأحد الغرف المجاورة وقد قفلت عليهما الباب .

إن حامد يوسف حمادي وزير الثقافة السابق رفض إبقاء جثته حتى الصباح من أجل تشيعه ، كما إن عددا من الفنانين كانوا في بيت الراحل هم : حمودي الحارثي ، الراحل داود القيسي نقيب الفنانين السابق والراحل خليل الرفاعي والراحل رضا الشاطي ومحمد طعمة التميمي ، وهؤلاء لم يمشوا خلف جنازة البصري حيث تواجدوا في بيته ولم يخطوا خطوة واحدة وراءه حتى في سياراتهم ، وذهبوا إلى بيوتهم ، بإستثناء عبوسي الذي قام بنقل جثمان البصري بمفرده إلى حسينية القاهرة ببغداد ولم يكن مع حمودي سوى الرجل الذي قام في تغسيله وتم إرساله إلى النجف لدفنه .

وفي اليوم السابع لوفاته كانت هناك ندوة تأبينية مخصصة من تلفزيون العراق للحديث عن الراحل وعلى الهواء مباشرة ، دعي إليها أربعة من الفنانين والكتاب الكبار ، ولكن لم يلبي الدعوة سوى حمودي الحارثي ، وإنتظرت المذيعة إقبال حامد قدومهم لكنهم لم يحظروا فتحدث الحارثي لوحده عن سيرة الفقيد ولمدة 35 دقيقية ، فوضع النقاط على الحروف بحق هؤلاء الفنانين وحق المسؤولين في وزارة الثقافة آنذاك وعاتبهم ( بنزاكة ) لعدم وفائهم لهذا الفنان الكبير .

هكذا يموت المبدعين غرباء وهم في بلدهم فكيف يموتون وهم غرباء خارج وطنهم ؟ !! . واليوم توفى الفنان القدير حمودي الحارثي السبت 17 آب 2024 في الغربة .
Fialhmdany19572021@gmail.com

فراس الغضبان الحمداني

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات حمودی الحارثی هذا المسلسل هذه الشخصیة محسن سرحان الکثیر من من خلال ما کان

إقرأ أيضاً:

رحلة الموت من أجل بطارية شحن في غزة

تحت القصف والحصار، يبدع غزيون في تطوير أنظمة لمساعدة النازحين على الصمود، تشمل في ما تشمل شحن الهواتف النقالة التي باتت الحاجة إليها لا تقل عن الحاجة إلى الطعام والشراب.

وفي تقرير بعنوان "عبد الله ورحلة شراء بطاريات تنقذ الناس في غزة"، كتب صحيفة إلباييس الإسبانية قصة الشاب عبد الله الجزار الذي برز كأحد أبرز مصممي أنظمة خاصة بشحن الهواتف النقالة في قطاع غزة.

الحركة أمام خيمة عبد الله (24 عاما) في المواصي في خان يونس جنوبي غزة لا تكاد تتوقف، إذ يتردد العشرات لشحن هواتفهم النقالة مجانا من مآخذ وضعها أمام تصرفهم على طاولة خشبية بسيطة عند مدخل خيمة عائلته.

تحدثت الصحيفة الإسبانية إلى عبد الله هاتفيا في عملية وصفتها بالمعقدة بسبب أعطال الإنترنت، أو لعدم توفر هاتفه على بطارية مشحونة، ناهيك عن القصف الذي تعرضت له المواصي في الأيام الأخيرة، والذي اختفى بسببه عبد الله 24 ساعة.

تشبه إلباييس المكان بكشك اتصالات ميداني، ويقول عبد الله إنه يستطيع بالعادة شحن 70 هاتفا في اليوم.

"الحرب علمتني"

لم يهيأ عبد الله لكل هذا، فقد درس الأدب الإنجليزي في جامعة الأزهر التي تحولت إلى كوم من الركام "لكن الحرب علمتني أشياء كثيرة".

يعلو الخيمة لوحان شمسيان اشتراهما بسعر جيد من صديق استطاع المغادرة إلى مصر قبل أشهر، ويعملان على التقاط الطاقة الشمسية التي ينقلها محول ويخزنها في بطاريتي الشحن.

صمم عبد الله النظام بالتعاون مع والده وابن أخيه المهندس.

تساعد البطاريتان أيضا في تشغيل محرك لضخ الماء لأغراض الطبخ والاستحمام.

الحاجة إلى هاتف نقال في غزة لا تعادلها إلا الحاجة إلى الطعام والشراب، فهو وسيلة النازحين لمعرفة ما يجري في الشمال والجنوب وإبلاغ الأهل بأخبارهم، ولمعرفة أماكن توزيع المعونة.

لكن ماذا لو تعطلت قطعة من النظام؟

استُهلكت البطاريتان، ولم يعد النظام الذي صممه عبد الله يستطيع شحن أكثر من 5 هواتف يوميا.

المساعدات لا تدخل غزة إلا بالتقطير، وهي تستثني في كل الحالات البطاريات التي لا ينظر إليها على أنها سلعة أساسية، وكل ما توفر منها يعود إلى ما قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

يعرف عبد الله تاجرا يبيع البطاريات في سوق قريب في رفح -مسقط رأسه-، لكن تدبر المال أمر معقد للغاية، فسعر البطاريات قفز من 55 دولارا قبل الحرب إلى 550، ويخشى محمد ألا يسعفه الوقت لتدبر المال ويضطر التاجر إلى بيع البطاريتين، أو أن يصدر أمر إجلاء جديد قبل أن يتمكن من شرائهما.

نداء مستعجل

لم يغادر عبد الله غزة أبدا، لكنه ظل يتواصل مع منظمات وصحفيين أجانب بفضل عمله مستشارا ومترجما، وقد استغل شبكة معارفه لنشر رسالة شديدة الاستعجال طلب فيها المساعدة في جمع 1110 دولارات لشراء بطاريتين، إضافة إلى 110 دولارات عمولة الوسطاء الذين سيسلمونه المبلغ نقدا بعدما يتلقاه قريب لهم في حساب أجنبي.

استطاع عشرة أشخاص يعيشون في أوروبا جمع المبلغ ثم تحويله إلى حساب صديق لعبد الله في ألمانيا أخطر هو الآخر أبويه اللذين لم يستطيعا مغادرة القطاع، ويملكان المبلغ نقدا.

يقول عبد الله لإلباييس "سيساعد هذا المال كثيرا من الناس".

لكن عبد الله لم يستطع مع ذلك شراء البطاريتين الثلاثاء الماضي كما خطط للأمر، فقد قصفت إسرائيل المواصي بعنف، واستشهد على الأقل 20 شخصا، وقضى عبد الله سواد يومه في إسعاف الضحايا.

حسب الأمم المتحدة يتكدس في المواصي بين 30 و34 ألف شخص في الكيلومتر المربع الواحد مقارنة بـ 1200 قبل الحرب. وفاقم من أزمة الاكتظاظ قرارات إسرائيسل بتقليص ما تزعم أنه "منطقة إنسانية" إلى 40 كيلومترا مربعا.

عندما استطاع عبد الله أن يقصد السوق أخيرا، لم تتح له إلا بطارية واحدة، بينما يحتاج تشغيل النظام إلى اثنتين.

طلب التاجر نحو 890 دولارا نظير البطارية، وقد اختار عبد الله مع ذلك شراءها.

يقول لإلباييس "محظوظون بالحصول عليها. سنشتري لاحقا بطارية أخرى مستعملة وفي حالة جيدة، وندفع سعرا أقل بكثير".

ترياق الجنون

ابتداعُ ما يسهل على الناس حياتهم (أو بؤسهم؟) في غزة وصفةُ عبد الله لمقاومة الكآبة والجنون.

استطاع المساعدة في تشغيل أفران وسخانات ماء متهالكة، ويعمل حاليا على تطوير نظام لضخ الماء من بئر قريب وتهيئة حفر صحية، "لنحيا بقليل من الكرامة التي تليق بنا كبشر".

مايو/أيار الماضي كان آخر عهده بالبيوت، فقد انتهى به الأمر بعدها نازحا للمرة الرابعة، لكن في خيمة ميدانية يتقاسمها مع عشرة من أقاربه، كلفته بضعة مئات الدولارات.

يأمل عبد الله أن تكون المواصي آخر محطات النزوح، لكن الحرب لا تتوقف، وهو لا يدري كم ستستمر رحلة النزوح الرابعة هذه.

مقالات مشابهة

  • أميرة سليم: كسبت التحدي بأغنية «بنحب المصرية» في اللون الشعبي
  • أنشيلوتي: أتوقع مباراة ممتعة بين ريال مدريد وشتوتجارت
  • أميرة سليم: أغنية "بنحب المصرية" تحية إجلال للمرأة
  • محافظ أسيوط: استمرار صيانة وتركيب كشافات جديدة لرفع كفاءة الإنارة بمركزي أبوتيج وساحل سليم
  • رحلة الموت من أجل بطارية شحن في غزة
  • ذكريات مع حلمى التوني
  • من ذكريات الطفولة الجميلة
  • كيف تجعل بداية الدراسة ممتعة لطفلك؟.. تجنب هذه الأخطاء الشائعة
  • محمد محي يغني لـ عفاف راضي في حفل "100سنة غنا".. صور
  • الكبير: واثق من عودتي لمنصبي لأن موقفي القانوني سليم