جريدة الوطن:
2024-10-02@05:11:53 GMT

الاعتماد على الذات الاقتصادية

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

الاعتماد على الذات الاقتصادية

عديدة هي الأسباب التي تجعل من بعض الحكومات الارتكان إلى العوامل الخارجيَّة لتبرير تعرُّضها للأزمات الاقتصاديَّة والفشل في إيجاد حلول ناجزة لأزماتها، ولتبرير ذلك كانت الأسباب موزَّعة بَيْنَ الأوبئة العالميَّة تارةً أو الحروب تارةً أخرى. المُهمُّ أن يكُونَ هناك سبب خارجي لا يُمكِن محاسبته أو الإشارة إليه.

وعلى سبيل المثال، تسببت جائحة كورونا، كتبرير وبائي، في أزمات اقتصاديَّة شديدة في العديد من بلدان العالَم، وجاء معها العجز الواضح في قدرة الشعوب في الاعتماد على الذَّات ماليًّا، إلَّا أنَّ الأمْرَ طال مداه تأثرًا بالوباء في بعض البلدان حتى أصبحت عملتها مرتبطة بالعديد من المتغيِّرات الماليَّة والاستثماريَّة والتشغيليَّة الخارجيَّة والداخليَّة، وأصبحت لدَيْها مشكلات اجتماعيَّة تتمثل في ارتفاع الأسعار بما يفوق القدرات الماليَّة للأشخاص العاديِّين، وتزداد تأثرًا مع زيادة نسبة الباحثين عن العمل، التي وصلت في بعض الأقطار إلى شِبْه مستحيلة، وتحطَّمت الطُّرق المؤدِّية إليها، رغم حاجة الأفراد للعمل لسدِّ احتياجاتهم الأساسيَّة من الغذاء والتعليم والصحَّة.
ومع تعذُّر النظرة المستقبليَّة للتحسُّن الاقتصادي لتلك الدوَل، تلجأ عادةً إلى أسهل الحلول وهو إمَّا الاستدانة الخارجيَّة بالاقتراض عن طريق المؤسَّسات الدوليَّة، أو الجباية الضريبيَّة من أجْل سدِّ العجز المالي، ويطول الأمد مع هذه المُسكِّنات الوقتيَّة التي لا تصلح للأمد البعيد، خصوصًا أنَّها تؤثِّر في سوق العمل وموارد الدولة، وتثقل كاهل الميزانيَّة بالديون وفوائدها وموعد سدادها، وينتج عن ذلك بعض الاضطرابات المُجتمعيَّة التي يضطر معها النقد الأجنبي وأصحابه من رجال الأعمال إلى فرض الهروب أو اتِّباع التقشف الوظيفي فيكُونُ العجز في العملات الصعبة، وتآكل فرص وظيفيَّة جديدة كان من الممكن أن تجدَ لَها مكانًا في سوق العمل، إلى جانب لجوء بعض أصحاب الأعمال الصغيرة والتي لا تساعدهم الموارد في التعاطي والتماهي مع الجباية الضريبيَّة الجديَّة فيضطرون إلى الاستغناء عن بعض العمالة أو تقليل نشاط المؤسَّسة، أو غلقها نهائيًّا، وهذه التبعات هي الأكثر ضررًا للاقتصاد. كُلُّ هذه النتائج السلبيَّة للاقتصادات تكُونُ نتيجة طبيعيَّة لسوء القرار في اتِّخاذ المواقف الإيجابيَّة للتعامل مع الأزمات العالميَّة، سواء البيئيَّة أو التي تكُونُ نتيجة لتأثُّر التجارة العالميَّة بنشوب الحروب في أماكن مختلفة من المعمورة، لذلك ولتجنُّب هذه النتائج السلبيَّة يتعاظم أمْرُ البحث عن الحلول التي قامت بها بعض البلدان في الوقوف بجديَّة على مُقوِّماتها الحقيقيَّة فاعتمدت عليها بعيدًا عن الاستدانة بالقروض ورهن قرارات الدولة بعوامل خارجيَّة لا يهمُّها إلَّا حماية أموالها، فكانت الحلول ذاتيَّة أكثر مِنها تعاونيَّة، حتى أنَّ حلول الرؤية العلميَّة الصحيَّة لبرامج التعليم التي تتناسب مع سُوق العمل أصبحت غير نافعة؛ بسبب محاولات تخفيف التكدُّس إعمالًا لنصيحة البُعد الاجتماعي وتفضيل الدراسة عن بُعد، فخرج هذا الاقتراح من دائرة الاهتمام مؤقتًا عِند البعض.
إلَّا أنَّ الباحثين والخبراء يرون أنَّ هذا الطريق هو الأفضل اعتمادًا على الخبرات الدوليَّة والتجارب التي جسَّدت نجاحات مباشرة وتصدَّرتها بعض النماذج التي طبَّقتها في السابق، وأدَّى تطبيق خطط الإصلاح الاقتصادي الناجح بتحويل الطبقات المهمَّشة في هذه الدوَل إلى فئات عاملة تنتج وتسوِّق وتربح وتكسب قوتها، وتضيف لاقتصاد بلدانها الكثير من النجاحات، فتغلَّبت بلدان على أزمات الأوبئة بفضل اختصار مرحلة تحويل الأحلام الاقتصاديَّة إلى حقيقة، فإنَّ تلك الصعوبات سرعان ما ذلِّلت أمام برامج تعليميَّة ناجحة مع تطبيق محترف استطاع توظيف الطاقات العاملة. ساعدها في ذلك الاستعانة بالبرامج العلميَّة لدوَل متقدِّمة في الجانب الغربي من الكرة الأرضيَّة، استطاعت وضع برامجها التعليميَّة الصحيحة مع منظومة استثماريَّة تستفيد من كُلِّ موارد الدولة، ووضعها في إطار الصرف الصحيح من أجْل توفير المال اللازم لإقامة مناطق إنتاجيَّة تستطيع توفير متطلَّبات الأسواق المحليَّة لتحقيق الاكتفاء الذَّاتي أوَّلًا من السلع والخدمات، ثم الاتِّجاه بالخطَّة ثانيًا بتصدير الفائض إلى الخارج من أجْل زيادة الدخل القومي للبلاد. كُلُّ هذه التجارب تثبت أنَّ الارتكان إلى الاقتراض، سواء من الدوَل أو من المؤسَّسات الدوليَّة بشروطها ما هو إلاَّ هدم لمُقوِّمات أيِّ دولة تحلم بالنَّجاح عن طريق ذاتها.
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن »

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

"اقتصادية الدولة" تستعرض أهداف ومبررات "القانون المالي"

مسقط- الرؤية

استضافت اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الدولة والمشكّلة لمناقشة مشروع القانون المالي، برئاسة المكرم الدكتور ظافر بن عوض الشنفري وبحضور المكرمين أعضاء اللجنة، عددًا من المسؤولين بوزارة المالية.

وهدفت اللجنة إلى مناقشة المسؤلين بوزارة المالية حول أهداف ومبررات مشروع القانون، وحول موائمة مواده مع القوانين ذات الصلة النافذة في سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • من خارج صندوق القارة الهندية
  • ياسر صبحي نائب وزير المالية بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال: ملتزمون بمسار الانضباط المالي في إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • «الاقتصاد» تُطلق السجل الاقتصادي الوطني «نمو»
  • نائب وزير المالية: ملتزمون بمسار الانضباط المالي فى إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • صبحي: ملتزمون بمسار الانضباط المالي في إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • المالية: ملتزمون بمسار الانضباط المالي فى إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • ياسر صبحي: ملتزمون بمسار الانضباط المالي فى إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • وزارة الاقتصاد تُطلق السجل الاقتصادي الوطني “نمو”
  • "اقتصادية الدولة" تستعرض أهداف ومبررات "القانون المالي"
  • وزير الاقتصاد يُشارك في حوار برلين العالمي لمناقشة السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي العالمي