تفاقم التدهور الميداني بدا متوقعاً بعد الغموض الواسع الذي ساد عقب جولة المفاوضات في الدوحة وانتظار ما سيحدث في الجولة التالية المقررة في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل.   وفيما ترددت بقوة أصداء المجزرة الدامية لغارة إسرائيلية على وادي الكفور في النبطية مودية بعشرة ضحايا من التابعية السورية، أفاد المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنّ الأخير أجرى اتصالاً بوزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي الذي كان في تل أبيب أول من أمس، "تم خلاله البحث في التطورات الامنية المستجدة في الجنوب وضرورة تكثيف الجهود لوقف دورة العنف.

وشدد رئيس الحكومة على ضرورة الضغط على العدو الاسرائيلي لوقف استهدافه المباشر للبلدات والقرى الجنوبية ما يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى ودمار شديد. وأبدى خشيته من أن دورة العنف الحالية قد تتسبب بتصعيد لا تحمد عقباه. بدوره، أكد وزير خارجية بريطانيا أنه سيكثف اتصالاته الديبلوماسية لوقف التصعيد ومنع تفلت الأمور على نطاق أوسع". إلى ذلك، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في أرقام مقلقة، إن أكثر من 110 آلاف شخص نزحوا من جنوب لبنان منذ تشرين الأول مع استمرار تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله".   وأوضح المكتب في آخر تحديث له أن 35 في المئة من النازحين أطفال، لافتاً إلى أن التقديرات تشير إلى أن نحو 150 ألف شخص ما زالوا في المناطق الحدودية.   وتابع المكتب: "منذ تشرين الأول 2023، تم الإبلاغ عن 16 هجوماً إسرائيلياً على مراكز الرعاية الصحية، ومقتل 21 مسعفاً بقصف إسرائيلي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. كذلك، تم تسجيل أضرار جسيمة في البنية التحتية للمياه والكهرباء والاتصالات والطرق في جنوب لبنان".   وأكد المكتب أن 23 في المئة من السكان يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي، بعد أن كانت نسبتهم 19 في المئة في آذار 2024، مشدداً على أنه وشركاء الأمم المتحدة يواصلون تكثيف جهود الإغاثة، دعماً للاستجابة التي تقودها الحكومة، لكن هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي.   وأوضح أن الشركاء الإنسانيين يحتاجون إلى 110 ملايين دولار للاستجابة المستمرة لاحتياجات الأشخاص المتضررين من النزاع حتى نهاية العام.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن عدد مقاتلي "حزب الله" الذين قضوا منذ بدء التصعيد في الثامن من تشرين الأول 2023، غداة اندلاع الحرب في غزة، فاق العدد في حربه الأخيرة مع إسرائيل في تموز 2006.   وأدى التصعيد عبر الحدود إلى استشهاد 570 شخصاً على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 118 مدنياً وأكثر من 370 مقاتلاً من "حزب الله".   وفي عداد الضحايا أيضاً العشرات من عناصر تنظيمات حليفة لـ"حزب الله" من ضمنها حركة "حماس"، وفق تعداد لوكالة فرانس برس، استناداً إلى السلطات اللبنانية وبيانات نعي "حزب الله" والمجموعات الأخرى.   ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السلطات الإسرائيلية مقتل 22 عسكرياً و26 مدنياً على الأقل في اسرائيل منذ بدء التصعيد. 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والرحم والمصير المشترك

كتب- محمود مصطفى أبوطالب:

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن المتأمل في صفات رسول الله محمد ﷺ؛ يحار فلا يدري بأيها يبدأ ولا بأيها يختم، ولا ماذا يأخذ من هذا الوابل الصيب من صفات الجمال وصفات الجلال، ولا ماذا يدع... وكيف لا! وقد وصف الله سعة أخلاقه الشريفة بوصف العظم، فقال في كتابه الكريم: "وإنك لعلى خلق عظيم"، كما وصفته أخبر الناس به، زوجه السيدة عائشة أم المؤمنين - حين سئلت عن أخلاقه، فقالت: «كان خلقه القرآن»، مبينا أنها -رضوان الله عليها- قد أدركت الأفق المتعالي لهذا الخلق النبوي، وصعوبة بيانه للناس: عدا وحصرا واستقصاء، فأحالت البيان إلى أخلاق القرآن الكريم، وما بينها وبين أخلاقه -صلوات الله وسلامه عليه- من تطابق وتماثل، وبما يعني أن الخلق القرآني إذا لم تكن له نهاية في حسنه وكماله، فكذلك «الخلق المحمدي» لا نهاية لحسنه وكمالاته، ولا حدود لسعته واستيعابه العالمين بأسرهم.

وأوضح شيخ الأزهر خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، والمنعقد بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وتنظمه وزارة الأوقاف بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن المطابقة بين أخلاق القرآن الكريم وأخلاقه ﷺ هي السر في اختصاص نبي الإسلام برسالة تختلف عن الرسالات السابقة، حيث جاءت رسالة خاتمة للرسالات الإلهية، ورسالة عامة تتسع للعالمين جميعا: إنسا وجنا، وزمانا ومكانا؛ بينما جاءت الرسالات السابقة رسالات محدودة بأقوام بعينهم وفي زمان معين ومكان محدد لا تتجاوزه لمكان آخر.

وبين أن أخلاق محمد ﷺ وإن تنوعت عددا ومنزلة وعلو درجة وكمال شأن، حتى وصف بالإنسان الكامل - فإن صفة من صفاته هذه قد انفردت بالذكر في القرآن الكريم، وهي: صفة «الرحمة» التي وصف بها ﷺ في قوله تعالى في أواخر سورة التوبة، في معرض الامتنان الإلهي على المؤمنين، حيث بعث فيهم رسولا منهم، وصفه بأنه حريص على هدايتهم، وأنه «رؤوف رحيم» بهم، ثم ذكرت صفة «الرحمة» مرة ثانية في قوله تعالى في أواخر سورة الأنبياء: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وجاءت بأسلوب القصر الذي يدل على أن هذا الرسول اتحد ذاتا وأفعالا بصفة: «الرحمة» حتى صارت سجية راسخة متمكنة في مشاعره، ومتغلغلة في أطوائه، ومسيطرة على تصرفاته.

وتابع شيخ الأزهر أنه ﷺ قد أكد اتصافه بالرحمة بقوله في سنته الشريفة: «إنما أنا رحمة مهداة»، وطبقه في كل تصرفاته مع البشر ومع جميع الكائنات والمخلوقات، وكان ينزع في كل تصرف من تصرفاته من معين هذه «الرحمة» التي فطره الله عليها، وألان بها قلبه، وكان ذلك من أقوى أسباب دخول المشركين في الإسلام: "فبما رحمة من الله لنت لهم.."، بل إنه كان رحمة للناس حتى في مواطن الحروب والاقتتال والصراعات المسلحة بين الأمم والشعوب.

وأشار إلى أن أول ما يطالعنا من تجليات الرحمة النبوية في مواطن الحروب والاقتتال هو: أن القتال في شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد عدوان على حياتهم أو دينهم أو أرضهم أو عرضهم أو مالهم، أو غير ذلك مما يدخل تحت معنى: «العدوان» بمفهومه الواسع، أما القتال نفسه، أو حرب العدو، أو: الصراع المسلح، فله في شريعة الإسلام خطر وأي خطر، وله قواعد وضوابط وتشريعات شرعها الله تعالى!، وطبقها رسوله ﷺ تطبيقا عمليا وهو يقود بنفسه جيوش المسلمين في معاركهم مع أعدائهم، وأمر أمته بالتقيد بها كلما اضطرتهم ظروفهم وألجأتهم إلى مواجهة عدوهم..

وأوضح شيخ الأزهر أن أول ما يلفت النظر من قواعد الاقتتال لرد العدوان في الشريعة الإسلامية: قاعدة «العدل»، وهي قاعدة كلية بعيدة الغور في شريعة الإسلام، أمر الله بالالتزام بها في معاملة الصديق والعدو على السواء: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، ثم إن قاعدة العدل هذه تستدعي قاعدة ثانية تلازمها ولا تفارقها في أي تطبيق، وهي قاعدة: «المعاملة بالمثل» والتي تعني أول ما تعني حرمة تجاوز حدود العدل إلى حدود الظلم والعدوان على الغير، يتبين ذلك من قوله تعالى: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين".

وتابع أن من قواعد الإسلام العامة في القتال التزام مبدأ «الفضيلة» ومبدأ «الإحسان» الذي كتبه الله على كل شيء سواء تعلق هذا الشيء بالإنسان أو بالحيوان، وقد ترجم أمراء المسلمين وقادة جيوشهم، مبدأ «الفضيلة» هذا إلى لوحة شرف في قوانين الحروب، لا يعرف التاريخ لها نظيرا في غير معارك المسلمين، وها هو الخليفة الأول، أبو بكر "رضي الله عنه" يودع قائد جيشه إلى الشام ويقول له: «أوصيكم بتقوى الله، لا تعصوا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا، ولا تهدموا بيعة- أي: كنيسة أو معبدا.."

وأضاف شيخ الأزهر أن صورة القتال في الإسلام لا تكتمل بدون الإلمام بصورة «الأسرى» في الحروب الإسلامية، لافتا إلى أن فقه «الأسير» في الإسلام يدور على أمرين لا ثالث لهما، حددهما القرآن الكريم في قوله تعالى: "فإما منا بعد وإما فداء"، والمن على الأسير هو إطلاق سراحه وتحريره بغير عوض ولا فدية، أما فداؤه فهو تحريره وإطلاق سراحه مقابل فدية يدفعها هو أو تدفع له، مبينا أن الأسير الذي يأسره المسلمون من جيش العدو يحرم على المسلمين قتله، كما تدل الأحكام الفقهية على وجوب إطعام الأسير، ووجوب الإحسان في معاملته، وحمايته من الحر والبرد، وتوفير ما يكفيه من كسوة وملابس، وإزالة كل ما يصيبهم من ضرر، ووجوب «احترام مراكزهم وكرامتهم الشخصية حسب مكانة كل فرد منهم»، مستلهمين في ذلك إلى دعوته ﷺ للرفق بالناس في قوله: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف» وقوله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم».

وأوضح "ما أظنني في حاجة بعد ما سمعناه في شأن الحرب في الإسلام، وهو قليل من كثير - إلى عقد مقارنة أو مناظرة بين الحرب في شريعة الإسلام ونموذجها الإنساني الرفيع، وبين الصورة البشعة للحرب الحديثة في القرن الواحد والعشرين، والتي آل أمرها إلى إبادات جماعية ومجازر همجية وجرائم منكرة، ترتكب ضد شعوب مضطهدة تخلى عالمنا القوي المتحضر عن نصرتها، والوقوف إلى جوارها، وصمت صمت القبور عن آلامها وصرخاتها، ثم راح يشمر عن ساعد الجد ليتصدق على هذه الشعوب البائسة بكلمات عزاء فارغة لا تقول شيئا، أو بمشاعر باردة تذكر بمشاعر القاتل الذي يمشي في جنازة قتيله ويتقبل عزاء الناس فيه، فالمقارنة في هذا المقام مضللة ومزيفة لكل نتيجة تنتجها مقدماتها".

واختتم شيخ الأزهر "حسبنا أن نعلم من جديد أنه لا يصح في حكم العقل أن نقارن بين الخير والشر، ولا بين الحسن والقبح، ولا بين الفضيلة والرذيلة، ولا بين قانون الغاب والأحراش، والدرس الذي يجب أن نذكر به مع تجدد ذكرى المولد النبوي هو تجديد وعي هذه الأمة بذاتها وتاريخها العريق المشرف، وقدراتها المادية والروحية، وطاقاتها الخلاقة، وأن تكون على يقين من أنها تملك دواءها إن أرادت، وأن تكون على ذكر دائم من قوله صلى الله عليه وسلم في شأن أمته: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها.."، وأن تبذل قصارى الجهد للتضامن مع أطفال غزة ونسائها وشبابها وشيوخها، ومع شعوبنا في السودان واليمن وغيرها، وأن نعلم أن ذلك ليس منة يمن بها على هذه الشعوب المعذبة في الأرض، وإنما هو واجب القرابة في الدين، وصلة الدم والرحم والمصير المشترك".

مقالات مشابهة

  • جدل بإسرائيل حول التصعيد ضد حزب الله على وقع تصريحات نتنياهو
  • خوفاً من التصعيد..شركات طيران علّقت رحلاتها إلى لمنطقة
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والرحم والمصير المشترك
  • شيخ الأزهر يطالب بالتضامن مع غزة انطلاقا من صلة الدم والمصير المشترك
  • اليمن يبحث مع بريطانيا جهود خفض التصعيد وتحقيق السلام
  • حزب الله يحذر إسرائيل من اشتعال الوضع على الحدود اللبنانية  
  • قرار بريطانيا بالحظر الجزئي لتسليح إسرائيل: تحليل سياسي وقانوني
  • تقارير إعلامية إسرائيلية: الجيش يسعى لتصعيد متدرج على الجبهة الشمالية
  • المكتب القانوني للدولة ينظم فعالية خطابية بذكرى المولد النبوي الشريف
  • قلق أميركي بسبب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله