لماذا وُصف القرآن بالهدى والكتاب؟ أسرار يغفل عنها الكثيرون
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
لماذا وصف القرآن بالهدى والكتاب ؟ سؤال كشف إجابته الدكتور محمد عبد الله دراز، العالم الأزهري، من خلال كتاب “النبأ العظيم”، حيث أشار إلى معنى القرآن الكريم في اللغة.
لماذا وُصف القرآن بالهدى والكتاب؟وقال دراز في بيان معنى القرآن في اللغة: القرآن في الأصل مصدر على وزن فُعلان بالضم، كالغفران والشكران والتكلان، تقول: قرأته قرءًا وقراءةً وقرآنًا بمعنى واحد، أي: تلوته تلاوة، وقد جاء استعمال القرآن بهذا المعنى المصدري في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} 1 أي: قراءته.
وتابع: “ثم صار علمًا شخصيًّا لذلك الكتاب الكريم، وهذا هو الاستعمال الأغلب، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، ويسمى -أيضًا- الكتاب، ومنه قوله تعالى: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ}".
وحول سر التسمية بالاسمين جميعًا، قال: رُوعي في تسميته قرآنًا كونه متلوًّا بالألسن، كما روعي في تسميته كتابًا كونه مدونًا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه.
خلال مؤتمر السفراء بأنقرة.. رئيس البرلمان التركي يدين تكرار حوادث حرق القرآن النشرة الدينية.. سورة قصيرة من قرأها 4 مرات فكأنما ختم القرآن كله.. حكم مغادرة العمل قبل المواعيد الرسمية.. عبادة تعادل ثواب صلاة الضحىوبين أن في تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعًا، [أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى]، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلًا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وشدد العالم الأزهري على أنه بهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداءً بنبيها بقي القرآن محفوظًا في حرز حريز، إنجازًا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند، حيث لم يتكفل الله بحفظها، بل وكلها إلى حفظ الناس فقال تعالى: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} أي: بما طلب إليهم حفظه، والسر في هذه التفرقة أن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأبيد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقًا لما بين يديه من الكتب ومهيمنًا عليها، فكان جامعًا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدًا عليها بما شاء الله زيادته، وكان سادًّا مسدها، ولم يكن شيء منها ليسد مسده، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة، وإذا قضى الله أمرًا يسر له أسبابه، وهو الحكيم العليم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرآن
إقرأ أيضاً:
سنن الفطرة وحكم الالتزام بها في الشرع الشريف
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن سنن الفطرة هي ما يتَحقَّق به للإنسانِ نظافة البدن، وحسنُ الهيئة، وجمال الصورة؛ كالختان للرجال، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وغير ذلك مما يحصل به التَّطهُّر والتَّجَمُّل.
والتزام المسلم بهذه السنن دائر بين الوجوب؛ كالختان للذكور، والاستحباب؛ كاستخدام السواك أو ما يقوم مقامه لنظافة الأسنان، وفي ذلك اتباع لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث أن دين الإسلام دين الجمال، والمسلم لا بد أن يكون حَسَن المنظر، جميل الشَّكْل، نظيف البدن كما أمره الله بذلك.
بيان سنن الفطرة والحث على مراعاتها
وقد حرص الإسلام على أن يكون الإنسان جميلًا نظيفًا، فالمولى سبحانه وتعالى كرَّم الإنسان على جميع المخلوقات، فخلقه في أحسن صورة، وأتم هيئة؛ حيث يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الانفطار: 7]، ويقول سبحانه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].
وشأن المسلم أن يكون جميلًا في ظاهره وباطنه، في خَلْقِه وخُلُقه، فجمال الخُلُق هو: أن يلتزم بهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يقتدي به في جميع أقواله وأفعاله؛ فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ».
وجمال الخَلْق هو أن يكون المسلم حَسَن الهيئة، نظيف البدن؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم في "صحيحه".
الأحاديث الواردة في بيان سنن الفطرة
مما ورد من الأحاديث في سنن الفطرة: ما رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
والاستحداد، أي: حَلْق العانة، والمقصود بالختان في الحديث ختان الصبي الذَّكَر. "شرح النووي على صحيح مسلم" (3/ 148، ط. دار إحياء التراث العربي).
وأخرج الإمام مسلم أيضًا في "الصحيح" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» قال زكريا أحد رواة الحديث وهو: زكريا بن أبي زائدة قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
حكم الالتزام بسنن الفطرة في الشرع الشريف
نَصَّ الفقهاء على أنه ينبغي على المسلم أن يلتزم بسُنَن الفطرة، يقول الإمام البابرتي في "العناية شرح الهداية" (1/ 56– 57، ط. دار الفكر): [وقوله عليه الصلاة والسلام: «عشر من الفطرة»، أي: السُّنَّة، قيل خمس منها في الرأس وخمس في الجسد، فالتي في الرأس: الفرق، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب. والتي في الجسد: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، والاستنجاء بالماء].
وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (13/ 279، ط. دار الغرب الإسلامي): [خمس من الفطرة تقليم الأظافر، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، والاختتان ولا خلاف أن هذه ليست واجبة؛ ولأنه قطع جزء من الجسد؛ كقص الظفر وقال (ش): واجب وهو مقتضى قول سحنون؛ لقوله تعالى ﴿أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123]] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (1/ 284، ط. دار الفكر): [وأمَّا الفطرة فبكسر الفاء وأصلها الخلقة، قال الله تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: 30]، ... قلت: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب ...، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الفطرة عشرة» فمعناه: معظمها عشرة؛ كالحج عرفة، فإنها غير منحصرة في العشرة] اهـ.
ويقول أيضًا في "المجموع" (1/ 285): [وأَمَّا ذِكْر الختان في جملتها وهو واجب وباقيها سنة فغير ممتنع، فقد يقرن المختلفان؛ كقول الله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ﴾ [الأنعام: 141]، والأكل مباح والإيتاء واجب ... ونظائره في الكتاب والسنة كثيرة مشهورة].
ويقول الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [والاستحداد: حَلْق العانة، وهو مستحب؛ لأنَّه من الفطرة، ويفحش بتركه، فاستحبت إزالته، وبأي شيء أزاله صاحبه فلا بأس؛ لأن المقصود إزالته].