جريدة الوطن:
2024-11-08@00:37:58 GMT

بكين والسياسة الناعمة

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

بكين والسياسة الناعمة

جاءت زيارة وزير الخارجيَّة الأميركي (أنتوني بلينكن) قَبل فترة إلى بكين، بعد تأجيل طال واستطال، إثْر ما أسمته واشنطن واقعة «منطاد التجسُّس الصيني» الذي دخل أجواءها، قَبل نَحْوِ ستَّة شهور مضت، وتحديدًا في شباط/فبراير 2023، وما استتبعه من تصعيد إعلامي مُتبادل واتِّهامات، بل وتسخين عسكري أميركي في بحر الصين ومضيق تايوان قرب الشواطئ السياديَّة لجمهوريَّة الصين الشَّعبيَّة.


فقَدْ بدأ وزير الخارجيَّة الأميركي، أنتوني بلينكن، محادثات في الصين الشَّعبيَّة، وهي الزيارة الأعلى مستوى لدبلوماسي أميركي منذ نَحْوِ خمس سنوات للصين الشَّعبيَّة. وبجدول أعمال كان زاخمًا بالملفات والعناوين، حيث تُشدِّد بكين على الخطوات التي اتَّخذتها على الصعيد الدبلوماسي لتعزيز موقفها الرافض لمنطق القوَّة الأميركي التي تستعرض حالها في بحر الصين والعلاقات العسكريَّة التسليحيَّة (التحالفيَّة) مع تايوان، وتزويد الأخيرة بالعتاد المُتطوِّر في مواجهة بكين، خصوصًا سلاح الطيران والصواريخ.
وفي الحقيقة، إنَّ المسائل الخلافيَّة بَيْنَ بكين وواشنطن عميقة ومتعدِّدة ولها أكثر من وجْه: اقتصاديَّة، تجارية، عسكريَّة، أمنيَّة، صراعات قوى دوليَّة…إلخ. وتلخّص الصراع الدائر في الخريطة الدوليَّة، بَيْنَ عالَم ينحو نَحْوَ القطبيَّة المُتعدِّدة، وبَيْنَ مَن يدافع عن القطبيَّة الأحاديَّة. ولا ننسى في هذا المقام الصراع الاقتصادي والتجاري بَيْنَ واشنطن وبكين، والحديث المتواتر عن التَّخلِّي الصيني والروسي التَّدريجي عن الدولار، وتوقيع الصين الشَّعبيَّة والسعوديَّة على أربع وثلاثين اتفاقيَّة، بقيمة حوالي ثلاثين مليار دولار، في قِطاعات التكنولوجيا والطاقة المُتجدِّدة والزراعة والعقارات والتعدين والسِّياحة والرعاية الصحيَّة، فضلًا عن صفقة استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار، كذلك الحال مع طهران، حيث تعتمد بكين، وباعتبارها ثاني مُستهلك للطاقة الأحفوريَّة في العالَم على النفط الإيراني والسعودي بشكلٍ أساسي، وعلى الغاز الروسي.
وبالإجمال، ينظر الجانبان الصيني والأميركي إلى الزيارة التي تمَّت لوزير الخارجيَّة الأميركي على أنَّها خطوة، لا يُمكِن اعتبارها قادرة على إحداث أيِّ خرق حقيقي وجدِّي في مسار العلاقات بَيْنَ بكين وموسكو، لكنَّها تُرطب الأجواء نسبيًّا، وقَدْ تمهِّد لزيارات مسؤولين آخرين، تكُونُ ذات أهمِّية أكبر، وتحديدًا لعقد قمَّة طال انتظارها بَيْنَ الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره الصيني الرئيس القوي (شي جين بينج).
أخيرًا، إنَّ عدَّة أطراف دوليَّة مؤثِّرة في جنوب شرق آسيا، وعلى مقربة من الواقع الجيوسياسي في تلك المنطقة، تتوجَّس في شأن ما يجري بشأن الوضع المتوتِّر بشأن مسألة تايوان وبحر الصين الجنوبي، وتسعى لخلق فاعليَّة أكثر نجاعة في بناء قنوات اتِّصال بَيْنَ بكين وواشنطن لنزع فتيل التوتُّرات الحاليَّة في منطقة بحر الصين الجنوبي، التي قَدْ تتصاعد خلال أيِّ أزمة محتملة، ومن جملتها ما يجري بَيْنَ السُّفن البحريَّة الأميركيَّة (العسكريَّة) والطائرات في مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي. فيما الاتِّهامات الأميركيَّة تطول بكين، ومِنها أنَّها باتتْ تمتلك «قاعدة تجسُّس» أنشأتها في كوبا، تقول واشنطن بأنَّ تلك القاعدة تسمح لبكين بالقدرة على مراقبة الاتِّصالات على امتداد جنوب شرق الولايات المُتَّحدة.
إنَّ سياسة بكين تتَّسم بالدبلوماسيَّة الهادئة، التي تتجنَّب عمليَّة «المكابشة» في المواجهة، لكنَّها طويلة النَّفْس، بل وقاسية حتى بنعومتها.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ة الأمیرکی بحر الصین

إقرأ أيضاً:

بنك العز الإسلامي يشارك في "منتدى بكين 2024"

 

مسقط- الرؤية

شارك وفد من بنك العز الإسلامي مؤخرًا في منتدى بكين 2024 الذي عقد في العاصمة الصينية تحت عنوان "انسجام الحضارات والازدهار للجميع"، وجمع المنتدى علماء من حول العالم لمناقشة التنمية عبر الحضارات.

ومنتدى بكين هو حدث أكاديمي دولي يقام سنويًا منذ عام 2004، برعاية بلدية بكين وإشراف وزارة التعليم في جمهورية الصين الشعبية. ويشارك في رعاية منتدى بكين جامعة بكين ولجنة التعليم البلدية في بكين ومعهد تشي للدراسات المتقدمة.

وفي حديثه عن الزيارة، قال غالب الخروصي رئيس رأس المال البشري في بنك العز الإسلامي: "في بنك العز الإسلامي نؤمن بأنه من واجبنا الوطني مشاركة معرفتنا وخبراتنا لدعم تطوير قطاع الصيرفة الإسلامية محليًا وعالميًا. ومن الأهمية أن نفهم ما يحدث في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وإلى أين يتجه بعد ذلك. إن العالم مترابط بشكل متزايد، ومستقبلنا الجماعي يعتمد على تسخير قوة الابتكار لدفع التقدم البشري ويجب علينا ضمان أن يخدم الابتكار الخير الأعظم للإنسانية من خلال التعاون بين الثقافات".

يُشار إلى أن بنك العز الإسلامي أطلق أول برنامج للتبادل الثقافي من نوعه في سلطنة عُمان؛ حيث استضاف البنك 8 مُنتسبين من جامعة بكين لبرنامج مدته 12 يومًا عمل لتعزيز التعاون الثنائي وتحديد المسار المستقبلي للتعاون بين البلدين. وقد طور البنك برنامجًا شاملًا اكتسب من خلاله الوفد الصيني معرفة بتاريخ عُمان، وتعرف على الخدمات المصرفية الإسلامية وكيفية عملها، والتقى بعدد من المسؤولين في مؤسسات مختلفة وزار بعض المعالم التاريخية في سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • سياج الصين العظيم أمام السلاسل الأميركية فهل ستتحول بكين من الدفاع للهجوم؟
  • تخطى 100 ألف جنيه.. سعر غير متوقع لإطلالة بلقيس فتحي بعيد ميلادها
  • كيف يمكن أن يؤثر فوز ترامب على أزمة تايوان والصين؟
  • بعد عودة ترامب للبيت الأبيض.. بكين تحث على التعاون مع واشنطن
  • الصين ردًا على ترامب: قضية تايوان الأكثر حساسية في العلاقات مع أمريكا
  • تايوان:سنساعد الشركات على نقل إنتاجها من الصين لتجنب الرسوم الجمركية
  • بكين: نحترم خيار الشعب الأميركي ونهنئ ترامب
  • بنك العز الإسلامي يشارك في "منتدى بكين 2024"
  • مدير «المواجهة والتجوال»: مسئولية وطنية لبناء الجمهورية الجديدة من خلال القوى الناعمة
  • محمد بن مكتوم: دعم الظالعي لرئاسة الاتحاد الآسيوي تعزيز لقوة الإمارات الناعمة