أدت الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط إلى تحول سريع في المشهد الدولي، خاصة على مستوى صعود دول الجنوب العالمي ودورها المتزايد الأهمية في النظام الدولي، وهو ما برز قبل أيام خلال اجتماع جدة في السعودية بشأن سبل إنهاء الحرب، بحسب ما نقله موقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy) عن صحيفة "جلوبال تايمز" (Global Times) الصينية.

والسبت والأحد الماضيين، استضافت السعودية اجتماعا شارك فيه أكثر من 40 دولة ومنظمة، بينها الصين فيما غابت عنه روسيا، واتفقوا على إجراء مزيد من المشاورات قبل عقد اجتماع جديد "في أحد بلدان الجنوب العالمي" دون إعلان تاريخ.

وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أنه مع انتهاء المحادثات قال خبراء صينيون الأحد إن "الحل السياسي للنزاع الروسي الأوكراني هو النهج الأنسب والأقل ضررا".

وفي اليوم نفسه، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف الأحد أن اجتماع جدة "انعكاس لجهود الغرب غير المجدية والمحكوم عليها بالفشل لتعبئة المجتمع الدولي، وبصورة أدق بعض دول الجنوب العالمي، دعما لما تُسمى بصيغة (الرئيس الأوكراني فولاديمير) زيلينسكي (بشأن تسوية النزاع)، وهي صيغة محكوم عليها بالفشل".

ويدعو زيلينسكي إلى انسحاب جميع القوات الروسية، وعودة جميع الأراضي الأوكرانية إلى سيطرتها، وسبق وأن أعلنت موسكو وكييف تعليق المفاوضات بينهما بعد 3 جولات مباشرة في مدن غوميل وبريست في بيلاروسيا وإسطنبول في تركيا.

وتبرر روسيا حربها في جارتها أوكرانيا بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.

اقرأ أيضاً

خبراء: قمة السلام الأوكرانية بجدة شكلية وتخدم فقط أجندة بن سلمان والسعودية  

قوة ناشئة

و"حصلت البلدان النامية على مجال للمناورة في لعبة القوى الكبرى، وازداد نفوذها السياسي بسرعة، وحافظ الجنوب العالمي على استقلاله الدبلوماسي والاستراتيجي على خلفية الأزمة الأوكرانية واتخذ مسارا وسطيا لتسريع صعوده كقوة ناشئة في السياسة العالمية"، بحسب الموقع.

وأضاف أنه "بعد اندلاع الحرب، لم تنحاز العديد من دول الجنوب إلى أي طرف أو تخضع لضغوط الولايات المتحدة للانضمام إلى معسكر إدانة ومعاقبة روسيا، ويمثل هذا بداية انفصال الجنوب العالمي عن سيطرة القوى الكبرى، وإعادة تموضع مكانته ودوره الدوليين".

وتتضمن تصورات دول الجنوب، كما أضاف الموقع، حول الأزمة الروسية الأوكرانية النقاط التالية: "أولا، اتخذت دول الجنوب العالمي موقفا محايدا، إذ تعتقد أن الحرب هي صراع ظاهري بين روسيا وأوكرانيا، لكنها في الواقع مواجهة استراتيجية بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى".

وتابع أنه "باعتبارها القوة الأساسية للجنوب العالمي، اتخذت دول (مجموعة) البريكس موقفا مستقلا على أساس تاريخ القضية، وحافظت على موقف محايد ومتوازن بين طرفي الصراع".

و"ثانيا، تلعب دول الجنوب العالمي دور الوسيط، وتعتقد أن قضية أوكرانيا لا يمكن حلها في ساحة المعركة وتدعو إلى حلها بالوسائل السياسية والدبلوماسية، ولذلك تبذل الصين والدول الأفريقية والسعودية والبرازيل وتركيا ودول أخرى جهودا لتعزيز محادثات السلام"، وفقا للموقع.

وأردف: "ثالثا، تدافع تلك الدول بحزم عن مصالحها الخاصة، فالدول النامية ضحايا للصراع بين روسيا وأوكرانيا، والعقوبات أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة والغرب على روسيا تسببت في كارثة اقتصادية خطيرة".

وأوضح أنه "نتيجة لذلك، يواجه العديد من البلدان النامية مخاطر على مستوى الطاقة والأمن الغذائي وتدهور حاد في بيئة التنمية، وقد فاقمت الأزمة من صراع المصالح بين دول الجنوب والولايات المتحدة والغرب، ومن المستحيل عليهم الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، لأن ذلك سيكون ضد مصالحهم الخاصة، لذلك يسعون إلى حل للأمة يختلف عن حل الولايات المتحدة والغرب".

اقرأ أيضاً

تفوق على كوبنهاجن.. انتقاد روسي وإشادة أوكرانية باجتماع جدة

من الغرب إلى الشرق

وبحسب الموقع فإن "الصراع بين روسيا وأوكرانيا ليس مجرد نزاع بين البلدين، ولكنه أيضا صراع أمني بين روسيا والناتو، لذلك دأبت الصين على الدعوة إلى المفاوضات والإنهاء الفوري للصراع ووقف إطلاق النار وحل النزاع الروسي الأوكراني لتخفيف الضغوط على مجتمعات البلدين وكذلك على أوروبا والعالم".

واعتبر أن "صعود الجنوب العالمي يعكس اتجاه التحول من الغرب إلى الشرق في ميزان القوى في عالم اليوم. ولم تعد الدول النامية مهمشة من المجتمع الدولي وتعتمد على القوى الكبرى وتحت رحمة الآخرين، بل برزت كقوة مهمة على الساحة الدولية".

وأفاد بأن "الحجم الاقتصادي لهذه البلدان وديناميتها الدبلوماسية وخطابها الدولي شهدت تغيرات جذرية، ومنحتها قوتها الاقتصادية المتصاعدة ونفوذها السياسي ثقة استراتيجية، ما دفعها إلى إظهار المزيد من الاستقلالية الاستراتيجية".

و"صعود الجنوب العالمي، باعتباره الاتجاه التحولي الأبرز في النظام الدولي بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، سيعزز بناء نظام دولي عادل ومعقول"، كما توقعت "جلوبال تايمز".

اقرأ أيضاً

اجتماع جدة يتوافق على مواصلة التشاور وصولا للسلام في أوكرانيا

المصدر | مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: روسيا أوكرانيا حرب اجتماع جدة الجنوب العالمي اجتماع جدة بین روسیا

إقرأ أيضاً:

تحول ميزان القوى البحثية والمعرفية عالمياً وتأثيراتها

إن الصين ليست الدولة الوحيدة التي نجحت في تحسين قدرتها العلمية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولكن صعود الصين كان دراماتيكياً بشكل خاص. وقد ترك هذا خبراء السياسة والمسؤولين الحكوميين الأميركيين قلقين بشأن الكيفية التي قد تؤدي بها التفوق العلمي للصين إلى تحويل ميزان القوى العالمي. والواقع أن صعود الصين الأخير نتاج سنوات من السياسة الحكومية الرامية إلى أن تكون في صدارة العلوم والتكنولوجيا. لقد اتخذت البلاد خطوات واضحة للوصول إلى ما هي عليه اليوم، والآن يتعين على الولايات المتحدة أن تختار كيفية الاستجابة للصين التنافسية علمياً.

في عام 1977، قدم الزعيم الصيني دينج شياو بينج “التحديثات الأربعة”، وكان أحدها تعزيز قطاع العلوم والتقدم التكنولوجي في الصين. وحتى عام 2000، أنتجت الولايات المتحدة أضعاف عدد الأوراق العلمية التي تنتجها الصين سنوياً. ومع ذلك، على مدى العقود الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، استثمرت الصين أموالاً لتنمية قدرات البحث المحلية، وإرسال الطلاب والباحثين إلى الخارج للدراسة، وتشجيع الشركات الصينية على التحول إلى تصنيع المنتجات عالية التقنية.

منذ عام 2000، أرسلت الصين ما يقدر بنحو 5.2 مليون طالب وباحث للدراسة في الخارج. درس أغلبهم العلوم أو الهندسة. وظل العديد من هؤلاء الطلاب حيث درسوا، لكن عدداً متزايداً منهم يعودون إلى الصين للعمل في مختبرات ذات موارد جيدة وشركات عالية التقنية.

بفضل كل هذا الاستثمار والقوى العاملة المتنامية القادرة، زاد الناتج العلمي للصين كما يقاس بعدد الأوراق المنشورة الإجمالية بشكل مطرد على مر السنين. في عام 2017، نشر العلماء الصينيون أوراقاً علمية أكثر من الباحثين الأميركيين لأول مرة.

وفقاً لتقرير نشرته وزارة العلوم والتكنولوجيا اليابانية، تجاوزت الصين الولايات المتحدة كقائدة عالمية في كل من الناتج البحثي العلمي والدراسات “عالية التأثير”. وجد التقرير، الذي نشره المعهد الوطني لسياسة العلوم والتكنولوجيا في اليابان (NISTP – Japan’s National Institute of Science and Technology Policy)، أن الصين تنشر الآن أعلى عدد من الأوراق البحثية العلمية سنوياً، تليها الولايات المتحدة وألمانيا.

 

استندت الأرقام إلى متوسطات سنوية بين عامي 2018 و2020، واستُخلصت من البيانات التي جمعتها شركة التحليلات Clarivate.

وجد تقرير NISTP الياباني أيضاً أن الأبحاث الصينية تشكل 27.2% من أفضل 1% من الأوراق البحثية الأكثر استشهاداً في العالم. يعد عدد الاستشهادات التي تتلقاها ورقة بحثية مقياساً شائع الاستخدام في الأوساط الأكاديمية. كلما زاد عدد مرات الاستشهاد بدراسة في أوراق لاحقة من قبل باحثين آخرين، زاد “تأثير الاستشهاد”.

وشكلت الولايات المتحدة 24.9% من أعلى 1% من الدراسات البحثية الأكثر استشهاداً، بينما احتلت الأبحاث في المملكة المتحدة المرتبة الثالثة بنسبة 5.5%.

ووجد التقرير أن الصين نشرت في المتوسط ​​السنوي 407,181 ورقة علمية، متقدمة على الولايات المتحدة التي نشرت 293,434 مقالة في مجلات وتمثل 23.4% من الناتج البحثي العالمي.

ونُشر التقرير في اليوم الذي وقع فيه الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن على قانون الرقائق والعلوم، وهو التشريع الذي من شأنه أن يجيز 200 مليار دولار لتمويل الأبحاث على مدى 10 سنوات لجعل البحث العلمي الأمريكي أكثر قدرة على المنافسة مع الصين.

وسط توترات متزايدة بين الولايات المتحدة والصين، وقعت الدولتان اتفاقية ثنائية للعلوم والتكنولوجيا في 13 ديسمبر 2024. وقد تم الإعلان عن الحدث باعتباره “تجديداً” لاتفاقية عمرها 45 عاماً لتشجيع التعاون. يضيق الاتفاق المنقح بشكل كبير نطاق الاتفاق الأصلي، ويحد من الموضوعات المسموح بدراستها بشكل مشترك، ويغلق فرص التعاون ويدرج آلية جديدة لحل النزاعات. يتماشى هذا التحول مع القلق العالمي المتزايد بشأن أمن البحوث. تشعر الحكومات بالقلق من حصول المنافسين الدوليين على مزايا عسكرية أو تجارية أو أسرار أمنية من خلال التعاون العلمي عبر الحدود.

كشف الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان والولايات المتحدة عن تدابير جديدة شاملة في غضون أشهر من بعضها البعض لحماية الأبحاث الحساسة من التدخل الخارجي. ولكن هناك مشكلة والتي يمكن أن يؤدي الكثير من الأمن إلى خنق التعاون الدولي الذي يقود التقدم العلمي.

فالكتاب المصدر مؤخراً “الأبحاث العلمية قوة صامتة” سلط الضوء بشكل مكثف على النطاق الجغرافي الشرقي، وقد كررت في عده مناسبات ك مقالات متعددة المواضيع عن الأبحاث العلمية لما تحمله من أهمية قصوى لتطور وتوسع إدراك البشرية. ومن هذا المنطلق، أشجع الجميع على القراءة والكتابة وحفظ المعلومات بشكل مكتوب والتي تكون قابلة للتطوير والبحث من ذوي الخبرة وأهل الاختصاص. ومحاولة استبدال النقد العشوائي بالبناء المعرفي التراكمي.

واليوم، نحن أمام خطوة واحدة من شهر الخير والعطاء، أعظم شهور السنة الكونية. والتي يتطلب فيه إعادة النظر وتقييم حالتك مع مدبر وخالق هذا الكون العظيم. فرصة ذهبية منحها الخالق لنا لبذل المزيد من الطاعات والاعتراف بالأخطاء وتعديلها على وجه السرعة. فنحن أمام شهر عظيم وفرصة ذهبية قد لا تتكرر، مغزى ومعنى الحياة الحقيقي تفتح أبوابها أمامكم.

جذبني كتاب اسمه “الراهب الذي باع سيارته الفيراري” بشكل مبسط يقوم على حوار بين شخصيتين – جوليان مانتل وجون، يروي جوليان على صديقه تجاربه في رحلته الروحانية إلى جبال الهملايا التي بدأها بعد أن باع منزله وسيارته الفيراري. فهي قصة خيالية وصفت من البعض:

كارلوس ديلجادو – نجم دوري البيسبول الأمريكي: كتاب رائع من وجهة نظر روحانية
برايان تراسي – مؤلف كتاب Maximum Achievement: هذه مغامرة ممتعة، وعجيبة وخيالية في عوالم تنمية الذات، والفعالية الشخصية والسعادة الفردية. وهي تشمل كنوز من الحكمة من شأنها إثراء وتحسين حياة كل البشر
فهذه بعض المقولات البشرية تتكلم عن الروحانية والسعادة … الخ، فكيف أن يكون الوقت وعمل الطاعات والادعية ومناجاه الخالق العظيم في هذا الشهر الكريم؟ ومن هنا نهنى الجميع بقدوم شهر رمضان المبارك، ونأمل من الله العلى القدير قبول أعمالنا وحسن خاتمتنا.

رائد محمد ال شهاب

المصادر:

* China now publishes more high-quality science than any other nation, Should the US be worried? Quoted by The Conversation Jan 10 2023
* China overtakes the US in scientific research output, Quoted by Guardian
* Can science be both open & secure? Nations grapple with tightening research security as China’s dominance grows, Quoted by The Conversation, 01 2025
* كتاب: الراهب الذي باع سيارته الفيراري – روبن شارما The Monk Who Sold His Ferrari, Robin S. Sharma

مقالات مشابهة

  • نبيه بري: إعادة الإعمار يجب أن تكون أولوية.. ونسعى للحصول على الدعم الدولي
  • انتقاد فرنسي لأمريكا بسبب قرار لوزير دفاع ترامب لصالح روسيا
  • الدورة التاسعة.. 7 ورش تدريبية في المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب
  • المملكة تستضيف اجتماع اللجنتين التنفيذية والتوجيهية الدولية لمجلس البحوث العالمي استعدادًا لاجتماعه السنوي الـ13 في الرياض مايو القادم
  • المملكة تستضيف اجتماع اللجنتين التنفيذية والتوجيهية الدولية لمجلس البحوث العالمي
  • 7 ورش تدريبية في الدورة التاسعة من المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب
  • منذ بداية الحرب.. 652 مدنيا قتلوا في الهجمات الأوكرانية على روسيا
  • مصر ترفض محاولات تشكيل حكومة سودانية موازية
  • حرب المعادن الأوكرانية مستمرة.. بعد توتر العلاقة بين ترامب وزيلينسكى.. السؤال الذى يشغل العالم لماذا تجعل واشنطن اتفاقية التعدين عنصرًا حاسمًا فى عملية السلام مع روسيا؟
  • تحول ميزان القوى البحثية والمعرفية عالمياً وتأثيراتها