لا شك أن الحوار بين طرفين (مثنى أرحمه مذكّر أو مؤنّث) له أهمية كبيرة، ونتيجته تؤدي إلى التسوية بين الطرفين أو الأطراف. والقرآن الكريم يعدّ الحوار من أساليبه الكلامية، فالله يقول: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) [آل عمران: 64] و (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم والإنجيل…) [آل عمران: 65]، وانظر: [آل عمران: 66-68].
والحوارات مع أهل الكتاب تصل إلى الحجاج. قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم…) [آل عمران: 61]، أي فمن جادلك في أمر عيسى بغير حق (الحمصي، ص: 57).
ومن أساليب الحوار في القرآن النزول إلى مستوى الخصم، كما في قوله تعالى: (وإنا وإياكم على هدى أو في ضلال مبين) [سبأ: 24]. فالنبي صلى الله عليه وسلم صادق، ولكنه ينزل إلى مستوى الخصم فلا يدري من على حق ومن على باطل. هكذا تكون الدبلوماسية بديلة عن العنف واللدد في الخصومة، ونتعلم من نبينا صلى الله عليه وسلم كيف يكون الحوار.
وفي مجال المشاكل الزوجية، يكون الجدل هو الوسيلة الفعالة. فقدتجادلت صحابية مع النبي صلى الله عليه وسلم بشأن زوجها الذي ظاهر منها بقوله: “أنتِ علي كظهر أمي”، ولم يجبها النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه انتظر الوحي. فنزل القرآن بقوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله) [المجادلة: 1]. وبين القرآن أن الظهار منكر من القول وزور.
فقضى النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة، وبيَّن كفارة الظهار في ثلاث مراحل: 1- تحرير رقبة، 2- صيام شهرين متتابعين، 3- إطعام ستين مسكينًا. لقد تدرج الحكم من الأصعب إلى المتوسط ثم إلى الأدنى، وهو شاق، فإن صيام شهرين متتابعين أمرٌ شاق. وبذلك يكتمل إيمان المسلم ولا يتعدى حدود الله.
الإعلام كلمة؛ كاميرا الطبيعة: هل فكرنا يومًا أن نذهب لتصوير ما يجري في غابة ما؟ الجواب عند محترفي التصوير التلفزيوني بدهي بنعم. فبرنامج الجغرافيا الطبيعية التلفزيوني يبرز كيف تعيش الحيوانات المفترسة كالأسد والنمر، والحيوانات الوديعة الجميلة كالغزال، الذي شبه الشاعر حبيبته به فقال: “يا غزال يا غزال يا أبو شامة وخال”. وتغنى بهذا الشعر الفنان غازي علي – يرحمه الله -، والتقطت كاميرا أحد المصورين الفهد وهو يلاحق الغزال حتى لحق به وافترسه، بالإضافة إلى لقطات تظهر التمساح والثعبان وأنثاه وهي تلد بيضها، وغيرها من صور الصراع في الغابة، كتلك التي كان تلفزيون الكويت يعرضها. ونتعلم من هذه البرامج كيف تعيش هذه الكائنات في الغابة.
وقد انفرد د. مصطفى محمود بعرض حياة النحل وقياس سرعتها وكلامها الذي لا ينبغي لأحد أن يفهمه إلا النبي سليمان، الذي علمه الله لغة الطير والنحل. ومع ذلك، لم يستطع التعرف على لغتها، فذاك ملك – بضم الميم – لا ينبغي لغيره معرفتها إلا سليمان عليه السلام.
والاقتصاد له دور في إعداد هذه البرامج، حيث تباع البرامج التي تعنى بحياة الكائنات الحيوانية والنباتية بمبالغ جيدة تشكل دخلًا مستمرًا للمعدّ والمخرج والمصور. كما أن تجديد التصوير بأفلام تعرض ما لم تعرضه سابقًا بشكل نمطي يثري بالمعلومات. فعلى سبيل المثال، النبات المتسلق على الأشجار يتغنى به الشعراء، كما في قول الخوري: “أغضاضة باروض إن أنا شاقني فشممت وردك”. والروضة تتكون من النباتات المتسلقة على أغصان الأشجار، فتكون الظلال التي تحجب الشمس ويستمتع الأحباب تحت ظلها وحولهم الورد والفل وغيرهم من النباتات التي تفوح منها رائحة زكية.
وممّن اهتم بلغة الحشرات د. مصطفى محمود، فقد سجل لغة النحل ولكنه لم يفهمها، لأن ذلك لا ينبغي إلا لسليمان عليه السلام – كما أشرنا سابقًا -، ولكنّه رصد سرعة النحل في ذهابه لاختيار الزهور الجيدة بحوالي 70 ميلاً وفي العودة بحوالي 60 ميلاً. وتكون قد اختارت الزهور ذات الرحيق الجيد، ولغتها بالرقص الحلزوني معناها يختلف عن لغتها بالرقص الدائري. والملكة مهمتها وضع البيض حوالي 5000 بيضة سنويًا، واليعسوب (الزوج) مهمته التلقيح. قال تعالى: (إن هم إلا أمثال أمم أمثالكم).
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم آل عمران
إقرأ أيضاً:
هل يجب ترديد أذان الفجر الأول مثل الصلوات المفروضة؟
يعتاد المسلمون على ترديد الآذان عند سماعه خلف المؤذن في كل وقت وفي كل مكان، ولكن عند سماع أذان الفجر الأول يدور السؤال في أذهان المسلمين حول ما إذا كان يجب ترديد آذان الفجر الأول مثل الصلوات المفروضة أم لا.
وحول حكم ترديد آذان الفجر الأول، أوضح الشيخ أحمد مدكور، الداعية الإسلامي، في تصريح خاص لـ«الوطن» أن أصل الفضيلة والثواب فيما فرضه النبي- صلى الله عليه وسلم- على أمته، لذا يجب على المسلمين الاقتداء بكل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا».
وأضاف أحمد مدكور أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أوصانا بأن نتمثل بسنته وبما قاله أو أقره أو فعله لقوله صلى الله عليه وسلم «فمَن رغِب عن سنَّتي فليس منِّي».
حكم ترديد الأذانوأوضح الشيخ أحمد مدكور أن ترديد الأذان سنة مؤكده عن النبي- صلى الله عليه وسلم- وترديده ما بعد ذلك فهو مشروع: «عند ترديد الأذان مع المؤذن أو خلفه يشعر القلب بالطمأنينة والأمان بالقرب من الله سبحانه وتعالى، مستشهدًا بقول النبي- صلى الله عليه وسلم: «إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا».
حكم ترديد أذان الفجر الأولأجاب «مدكور» حول حكم ترديد أذان الفجر الأول بأنه أمر مستحب وكل ما يقارب للسنة فهو قريب للنبي- صلى الله عليه وسلم- وبه تأكيد لاقتضاء المسلم بسنته، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قالَ وكانَ رَجُلًا أعْمَى، لا يُنَادِي حتَّى يُقالَ له أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ».
وهذا يدل على أن النبي- صلى اله عليه وسلم- أقر بلال على عمله، فيعد هذا الأمر على سبيل الاستحباب، فلذلك يجوز ترديد آذن الفجر الأول والثاني لقوله صلى الله عليه وسلم: «ذا سمعتُم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ».