إفريقيا تسجل 18 ألف و737 إصابة بين محتملة ومؤكدة بجدري القردة
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
أعلنت وكالة الصحة التابعة للاتحاد الإفريقي، اليوم السبت، أنه تم تسجيل ما مجموعه 18 ألفا و737 إصابة بين محتملة و مؤكدة بجدري القردة منذ بداية سنة 2024 إلى حدود الآن في القارة الإفريقية، بوتيرة 1200 حالة في الأسبوع.
وأكد التعداد الصادر عن المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنه تم تسجيل 3 آلاف و101 حالة مؤكدة و15 ألف و636 حالة محتملة و541 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها في 12 دولة افريقية .
وأشارت الوكالة الإفريقية إلى أنه تم تسجيل عدد أكبر من الحالات منذ بداية سنة 2024 إلى الآن مقارنة بالسنة الفارطة.
ويذكر أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تعد مركز انتشار الوباء، عرفت نسبة الغالبية من الحالات المسجلة تقريبا ب 16 ألف و800 حالة محتملة أو مؤكدة، كما جرى تسجيل أكثر من 500 حالة وفاة منذ بداية العام الحالي.
أما بوروندي المجاورة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، فسجلت 173 حالة (39 حالة مؤكدة و134 محتملة) بزيادة 75 في المائة خلال أسبوع واحد.
ومن جهة أخرى، تم تسجيل أولى حالات جدري القردة خارج إفريقيا هذا الأسبوع، في كل من السويد وباكستان، مما جعل منظمة الصحة العالمية اعتبار هذه الموجة بمثابة طارئة دولية.
وتجدر الإشارة إلى أن إفريقيا تواجه انتشار سلالة جديدة من فيروس جدري القردة تم اكتشافها في جمهورية الكونغو الديمقراطية في شتنبر 2023 أطلق عليها اسم “كلايد إي بي” وهي أكثر فتكا وأكثر قابلية لنقل العدوى من السلالات السابقة.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
هل اليهود أحفاد القردة والخنازير؟!
بدر بن خميس الظفري
في ظل تصاعد الأحداث في فلسطين، ومع استمرار المعركة التي أُطلق عليها "طوفان الأقصى"، يتجدد الجدل حول طبيعة الخطاب الديني المستخدم في توصيف الصراع، ومدى تأثيره على الرواية الإعلامية للقضية الفلسطينية. بينما تحاول المقاومة الفلسطينية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عسكريًا، تجد نفسها أيضًا في مواجهة إعلامية؛ إذ يُستغلّ كل تصريح وكل عبارة في حرب الدعاية المتبادلة.
ومن بين العبارات التي تثير الجدل وتتكرر في بعض الأوساط، يأتي القول بأن اليهود " أحفاد القردة والخنازير"، أو وصفهم بأنهم "إخوان القردة والخنازير"، وهي عبارات تستدعي نقاشًا جادًا حول مدى صحتها دينيًا، ومدى تأثيرها على الرأي العام العالمي في دعم القضية الفلسطينية.
القرآن الكريم تحدث عن مسخ بعض بني إسرائيل إلى قردة وخنازير نتيجة تجاوزهم لأوامر الله، خاصة في قصة اعتدائهم على حرمة السبت، كما في قوله تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَوا۟ مِنكُمْ فِى ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَاسِٔينَ" (البقرة: 65)، وقوله: "فَلَمَّا عَتَوا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنهُ قُلنَا لَهُم كُونُوا۟ قِرَدَةً خَاسِٔينَ" (الأعراف: 166). ومع ذلك، فإن السؤال الأهم ليس حول وقوع المسخ كعقوبة إلهية، فهذه حقيقة لا جدال فيها، بل حول استمرارية هذا النسخ وتأثيره على الأجيال اللاحقة.
وهناك رواية منسوبة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم توضح هذه المسألة بشكل قاطع، يقول فيها: "إن الله لم يهلك قومًا أو يمسخ قومًا فيجعل لهم نسلًا ولا عاقبة، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك". هذا الحديث يحسم الجدل تمامًا، إذ يؤكد أن الممسوخين لم يكن لهم نسل، وبالتالي فإن أي ادعاء بأن اليهود اليوم هم "أحفاد القردة والخنازير" هو قول لا يستند إلى أساس ديني صحيح، بل يتناقض مع الحديث النبوي الصريح.
أما وصف اليهود بأنهم "إخوان القردة والخنازير"، فهو تعبير ورد على لسان السيدة عائشة رضي الله عنها عندما دخل بعض اليهود على النبي ﷺ وقالوا له "السّام عليكم"، أي الدعاء عليه بالموت بدلًا من السلام، ففهمت مقصدهم وردّت بغضب قائلة: "عليك السام والغضب يا إخوان القردة والخنازير". لكن اللافت في هذه الحادثة أن النبي ﷺ لم يُقرّها على هذا التعبير، بل قال لها: "مه يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق"، وبيّن لها أنه اكتفى برد التحية عليهم بنفس طريقتهم دون الدخول في جدل أو سباب. هذا الموقف يعكس بوضوح نهج النبي ﷺ في التعامل حتى مع من أساء إليه، وهو نهج قائم على الحكمة وضبط الانفعالات، وليس على الخطاب العاطفي المتشنج.
لم يكن النبي ﷺ سبّابًا أو لعّانًا، بل كان نموذجًا للأخلاق حتى في أصعب المواقف. فقد وصفه الله تعالى بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، كما أنه نهى عن الفحش في القول، قائلاً: "ليس المؤمن بالطعّان، ولا اللعّان، ولا الفاحش، ولا البذيء". ولم يكن منهجه قائمًا على إثارة العداوات من خلال الألفاظ، بل على إدارة الصراع بحكمة وعدل، حتى مع أعدائه، فعندما جاءه رجل يهودي يطالبه بدين عليه بغلظة، فغضب الصحابة، قال النبي ﷺ: "دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا". هذه المواقف ترسم صورة واضحة عن أسلوبه في التعامل، وتؤكد أن الإسلام ليس دين الكراهية العشوائية، بل دين العدل والإنصاف، حتى مع المخالفين.
وفي ظل ما يحدث اليوم من عدوان إسرائيلي على غزة، وفي خضم التغطية الإعلامية العالمية للأحداث، تبرز أهمية إدارة الخطاب الإسلامي بطريقة ذكية ومدروسة، بحيث يخدم القضية الفلسطينية ولا يسيء إليها.
تحاول إسرائيل، التي تدير حربًا إعلامية متوازية مع الحرب العسكرية، تصوير الصراع على أنه حرب دينية بين المسلمين واليهود، مستغلة أي تصريحات أو شعارات غير دقيقة لصالحها في تقديم نفسها كضحية. وعندما تستعملُ مصطلحات مثل "أحفاد القردة والخنازير"، فإن ذلك يمنح الاحتلال فرصة ذهبية لتوجيه الأنظار بعيدًا عن جرائمه ضد الفلسطينيين، والتركيز بدلًا من ذلك على ما يُقدَّم باعتباره "خطاب كراهية دينية". هنا، يفقد الفلسطينيون بعض الدعم الدولي، وتتحول القضية في الإعلام الغربي إلى "مسألة عداء ديني"، بدلًا من كونها قضية شعب يقاوم الاحتلال.
إن المقاومة الفلسطينية، التي تخوض اليوم واحدة من أعنف معاركها ضد الاحتلال، تدرك أن النضال ليس فقط بالسلاح، بل بالكلمة أيضًا، وهذا ما بدا واضحًا في تعاملها مع الأسرى الإسرائيليين الذين وقعوا في قبضتها خلال "طوفان الأقصى". وعلى عكس الصورة النمطية التي يروجها الإعلام الإسرائيلي عن المقاومة، أظهرت تقارير إعلامية ومقاطع مرئيّة أن المقاومة التزمت بحسن معاملة الأسرى الإسرائيليين، وحافظت على حياتهم رغم الظروف الصعبة والقصف المستمر، في مشهد يناقض تمامًا ما تفعله إسرائيل بأسرى الفلسطينيين، الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة في سجون الاحتلال.
هذا السلوك لم يكن مجرد تصرف عفوي، بقدر ما كان رسالة إعلامية قوية للعالم، مفادها أن الفلسطينيين لا يقاتلون بدافع الحقد أو الكراهية العرقية، بل يقاتلون لأجل حريتهم وكرامتهم. هذه المشاهد صنعت حالة من الجدل داخل إسرائيل نفسها، حيث تساءل بعض الإسرائيليين: كيف يعاملنا الفلسطينيون بهذه الرحمة بينما نقتلهم بلا رحمة؟
إن الحرب الحديثة لا تقتصر على الميدان العسكري؛ بل تشمل أيضًا ساحة الإعلام والرأي العام العالمي، والمقاومة التي تدير معركتها بحكمة، لا تكتفي بإطلاق الصواريخ؛ بل تسعى أيضًا إلى إيصال رسائل سياسية وأخلاقية، تؤكد من خلالها أنها تقاتل من أجل الحرية، لا من أجل الانتقام العشوائي. وإذا كانت إسرائيل تعتمد على سلاح الدعاية لتحويل نفسها إلى "ضحية"، فإن أفضل رد عليها ليس الانجرار إلى خطاب قد يُستخدم ضد المقاومة، بل تقديم نموذج أخلاقي، كما فعل النبي ﷺ عندما قال لأهل مكة بعد فتحها: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، رغم أنهم كانوا قد آذوه وأخرجوه من بلده.
إذن، المعركة اليوم ليست فقط معركة صواريخ، بل معركة كلمات وصور ومقاطع فيديو، ومن يديرها بذكاء هو من سيكسبها. القضية الفلسطينية ليست ضد اليهود كديانة؛ بل ضد الاحتلال كمشروع استعماري، وهذا ما يجب أن يكون واضحًا في كل خطاب يصدر عن المقاومة، وكل من يؤيدها.
ومن أراد أن يكون نصيرًا حقيقيًا لفلسطين، فعليه أن يدرك أن الخطاب الإسلامي ليس مجرد شعارات عاطفية؛ بل استراتيجية محسوبة، تمامًا كما أن العمليات العسكرية ليست تحركات عشوائية، بل تخطيط دقيق.
وإذا أدركنا ذلك، فهمنا أن معركة التحرير لا تدور فقط في ميادين القتال؛ بل في ساحات الإعلام والسياسة أيضًا، ومن يفوز في هذه المعركة، هو من يعرف كيف يستخدم سلاح الكلمة بقدر إتقانه لاستخدام البندقية.