عين ليبيا:
2025-04-28@00:49:53 GMT

كي بنغازي

تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT

في السنة الأخيرة، أصبحت بنغازي مركزاً لمشاريع إعادة إعمار واسعة النطاق بقيادة خليفة حفتر وأبنائه، الذين يعملون على تطوير المدينة بشكل يلفت الأنظار، تشمل هذه الجهود مشاريع إنشائية كبيرة مثل بناء الطرق والجسور والمباني العامة، بهدف إقامة نموذج يمكن أن يلهم باقي مناطق ليبيا، وقد جذبت هذه التطورات انتباه رجال أعمال ليبيين ودبلوماسيين غربيين، على أن هناك بعض التساؤلات حول طبيعة هذه العمليات، حيث نقل الباحث الألماني ولفرام لاشر عن دبلوماسي غربي وصفه هذه التحركات بأنها تتسم بأساليب عمل شبيهة بالمافيا.

في هذا السياق، يشير مقال ولفرام لاشر وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأخير؛ إلى مشهد ضاغط نحو تسريع التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، عبر محاولات التلاعب بمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، سواء من خلال محاولات تغييره بالقوة أو بقرارات صادرة عن جهة غير ذات صفة، ومن جهة أخرى، يُلوّح حفتر بإعادة مغامرته السابقة على طرابلس، هذا التهديد يتزامن مع التناحر المستمر بين المليشيات المسلحة في الغرب، مما يضع ليبيا على حافة مواجهة جديدة قد تعجل بالحل السياسي، لكنها تحمل أيضًا مخاطر تصعيد الصراع إذا لم تُرافق بجهود دبلوماسية جادة، يأتي هذا الضغط قبيل إحاطة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني خوري، خلال هذا الأسبوع.

في ظل هذا الوضع المتأزم والانقسام الواضح بين الشرق والغرب، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المشاريع الطموحة في بنغازي قادرة حقًا على تحقيق الاستقرار، أم أنها مجرد واجهة تخفي وراءها تحديات اقتصادية أعمق قد تزيد من تعقيد المشهد الليبي.
إن الحماس الذي أبداه بعض الدبلوماسيين الغربيين ورجال الأعمال تجاه ما يحدث في بنغازي يعكس رغبة سطحية في رؤية الاستقرار والنمو الاقتصادي، ولكن دون النظر بعمق إلى الآثار السلبية التي قد تنتج عن هذه المشاريع التي تسير بوتيرة سريعة وغير مسبوقة، ما يجعلها تبدو وكأنها تعيد الحياة إلى مدينة بنغازي بعد سنوات من الصراع، لكنها في الواقع قد تؤدي إلى نتائج عكسية إذا استمرت في الاعتماد على مصادر تمويل مشبوهة وغير شفافة، بدلاً من أن تكون هذه المشاريع نذيرًا بمستقبل أفضل، قد تصبح مصدرًا لمزيد من الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية في ليبيا.

في طرابلس، يعاني الاقتصاد من الجمود، حيث المشاريع الإنشائية بالكاد تتحرك، ويواجه المقاولون صعوبات بالغة في الحصول على مستحقاتهم، يعود هذا الوضع إلى الصراع السياسي الداخلي بين حكومة الدبيبة ومحافظ البنك المركزي الصديق الكبير، الذي حظي بدعم مجلس النواب وبعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة وحماية من سفير الولايات المتحدة بليبيا، ريتشارد نورلاند. وفقًا لما أشار إليه ولفرام لاشر، فإن هذا الصراع المستمر على السلطة والنفوذ في طرابلس يعمق الشلل الاقتصادي ويؤدي إلى تفاقم التوترات بين الفصائل المتنافسة، مما يضعف موقف حكومة الدبيبة في مواجهة خصومها ويزيد من تعقيد جهود تحقيق الاستقرار وتحريك الاقتصاد والتنمية في المنطقة.

ومع ذلك، فإن التحركات التي تجري في بنغازي، والتي تبدو ظاهريًا مشجعة، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة تتعلق بمصادر التمويل التي تعتمد عليها، وفقًا لما ذكره ولفرام لاشر في مقاله، فإن الأموال التي تُستخدم في هذه المشاريع تأتي من مصادر مشبوهة، مثل تهريب الوقود على نطاق واسع، وطباعة العملة المزيفة، وتحويلات مالية غامضة، وزيادة مخيفة في الدين العام، إضافة إلى أصول بقيمة 51 مليار دينار ليبي تم نقلها من الشرق إلى الغرب، مما مكن مصارف الشرق من منح القروض بشكل كارثي، هذه الأنشطة قد تؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات المالية وتفاقم الانقسامات بين المناطق المختلفة في ليبيا، فبدلاً من أن تكون هذه المشاريع بداية لعصر جديد من التنمية المستدامة، قد تصبح نذيرًا لكارثة اقتصادية أكبر على المدى الطويل، بحسب ما يشير إليه ولفرام لاشر.

في المقابل، أشار تقرير الأمين العام غوتيريش إلى أن المنطقة الشرقية، رغم استقرارها النسبي مقارنة بالغرب، تعيش تحت سيطرة حفتر وقواته الذين يحاولون تعزيز نفوذهم واستغلال حالة الفوضى في الغرب كذريعة لتوسيع سيطرتهم، ومع ذلك، يبقى الاستقرار في الشرق هشاً، وسط مخاوف من أن يتم استخدامه كقاعدة لانطلاق عمليات عسكرية جديدة، سواءً لاستهداف الغرب أو لتعزيز موقع حفتر السياسي.

في الواقع، ما يحدث في بنغازي اليوم يمثل تحديًا كبيرًا للمجتمع الدولي والمحلي على حد سواء، من جهة، هناك ضرورة لدعم حركة البناء والتنمية في ليبيا كوسيلة لإعادة إحياء الاقتصاد وتحقيق الاستقرار، ومن جهة أخرى، لا يمكن تجاهل الآثار السلبية التي قد تنتج عن الاعتماد على مصادر تمويل غير شفافة وغير شرعية، هذه المفارقة تطرح سؤالًا ملحًا: هل يمكن تحقيق التنمية الحقيقية في ليبيا دون التضحية بالشفافية والمساءلة؟.

ما تحتاجه ليبيا اليوم هو توازن دقيق بين دعم مشاريع البناء وتحقيق الشفافية في كيفية تمويل هذه المشاريع، إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فقد تجد ليبيا نفسها في مواجهة مستقبل اقتصادي مظلم، حيث يتم بناء المدن على أسس من الفساد والانقسام، من الضروري أن تكون هناك رقابة دولية ومحلية فعالة لضمان أن هذه الجهود تُترجم إلى تنمية حقيقية ومستدامة تخدم جميع الليبيين.

إن مستقبل ليبيا لا يمكن أن يعتمد فقط على عدد المباني الجديدة أو الطرق التي تُشق، بل على كيفية تحقيق هذه الإنجازات ومن أين تأتي الأموال التي تمولها، فبدون إدارة رشيدة وشفافة للأموال العامة، ستظل هذه المشاريع مجرد واجهة جميلة تخفي وراءها مشكلات أعمق قد تقود البلاد إلى هاوية اقتصادية، إن إعادة بناء ليبيا تتطلب أكثر من مجرد الإسمنت والحديد؛ إنها تحتاج إلى بناء الإنسان وبناء دولته على أسس الدستور والقانون، ومؤسسات قائمة على العدالة والشفافية والثقة، وضمان أن تكون التنمية في صالح الجميع.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: هذه المشاریع فی بنغازی فی لیبیا أن تکون التی ت

إقرأ أيضاً:

التسويق الرقمي والتفكير التصميمي لخدمة حاملي المشاريع موضوع دورة تكوينية استفاد منها شباب

« التسويق الرقمي والتفكير التصميمي في خدمة حاملي المشاريع والمقاولين الشباب »… كان هذا موضوع دورة تكوينية اليوم السبت 26 أبريل 2025 نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبتعاون مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بجهة الرباط-سلا-القنيطرة.
وحسب بيان المؤسسة، فقد أطر فعاليات هذه الدورة نخبة من الأساتذة والخبراء المتخصصين، الذين قدموا عروضًا تفاعلية ركزت على تعزيز قدرات الشباب، وتمكينهم من الأدوات اللازمة لإنجاح مشاريعهم الخاصة.
في هذا الإطار، استعرض طارق ألما، رئيس مصلحة الخدمات المقاولاتية والمقاولة الصغيرة جدا بالوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، مختلف آليات المواكبة التي تعتمدها الوكالة لتقوية كفاءات الشباب، وتعزيز فرص اندماجهم في سوق الشغل. كما سلط الضوء على الاستراتيجيات المعتمدة لدعم المقاولات الصغيرة جدًا، وكذا مبادرات إدماج البنيات الاقتصادية غير المهيكلة بهدف تحقيق الاستدامة والتطور. وقد تلا ذلك تدخل السيد محمد الدراوي، رئيس مصلحة تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب بقسم العمل الاجتماعي لعمالة سلا، حيث تطرق بتفصيل إلى البرامج والآليات الموجهة لدعم حاملي المشاريع، سواء من حيث التمويل أو المصاحبة الإدارية وتعزيز القدرات. وأبرز بالمناسبة النتائج الإيجابية التي حققتها منصة مواكبة الشباب بمدينة سلا، والتي مكنت آلاف الشباب من إنجاح مشاريعهم، مذكّرًا بأن هذا الإنجاز « سيكون محط احتفاء بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ».


من جهته، قدّم بدر الزاهر الأزرق، أستاذ باحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عرضًا معمقًا حول أهمية التسويق الرقمي بالنسبة للمقاولات الناشئة، مسلطًا الضوء على الإمكانيات الهائلة التي توفرها الأدوات الرقمية الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، محركات البحث، الإعلانات الموجهة، الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، لاستهداف الأسواق بكفاءة عالية. كما أبرز الاستراتيجيات والتقنيات الكفيلة بتقليص التكاليف وتحقيق أداء تسويقي أكثر فعالية مقارنة بالتسويق التقليدي. وفي سياق مكمل، قدّم كريم بنجلون، دكتور في الاقتصاد والتدبير وخبير في التواصل، مداخلة حول « التفكير التصميمي »، موضحًا ارتباطه الوثيق بالفكر المقاولاتي المعاصر. وأكد أن التفكير التصميمي لم يعد مجرد تقنية لحل المشكلات، بل أصبح منهجية إبداعية تتمحور حول احتياجات الزبون، تجمع بين الإبداع والفعالية لإنتاج حلول أكثر ملاءمة واستدامة.

وحسب المؤسسة فقد شملت هذه الدورة التكوينية محاور مكملة في مجالات حيوية، مثل إحداث المقاولات، دراسات الجدوى، المحاسبة، الإطار القانوني، التمويل، الإدارة الفعالة، والتواصل المهني. وقد استفاد من هذه الدورة حسب المؤسسة، بشكل مباشر أكثر من 800 شاب وشابة من مدينة سلا ومحيطها، إلى جانب أكثر من 100 ألف مستفيد عن بعد عبر المنصات الرقمية، في إطار رؤية شمولية تهدف إلى دمقرطة التكوين وضمان تكافؤ الفرص. كما تم اعتماد مقاربة النوع، حرصًا على إشراك النساء والأشخاص في وضعية إعاقة، إيمانًا بأن التمكين الاقتصادي الشامل لا يتحقق إلا بمشاركة فاعلة ومنصفة لجميع مكونات المجتمع.

كلمات دلالية مؤسسة الفقيه التطواني

مقالات مشابهة

  • التميمي يستقبل القنصل التركي الجديد في بنغازي
  • «الإمارات لريادة الأعمال» يستعرض خطط دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
  • دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض
  • التسويق الرقمي والتفكير التصميمي لخدمة حاملي المشاريع موضوع دورة تكوينية استفاد منها شباب
  • مناقشة احتياجات محافظة المحويت من المشاريع التنموية والخدمية
  • انطلاق أعمال الورشة الطبية المتخصصة في جراحة الأورام بمركز بنغازي
  • حملة لقطع التوصيلات الكهربائية غير الشرعية في بنغازي
  • الخدمات الإلكترونية… بوابة المشاريع الشبابية للتجارة
  • المشاريع المشاركة في هاكاثون الذكاء الاصطناعي تقدم حلولاً لقطاعات استراتيجية
  • بمشاركة فريق أمريكي.. إجراء 24 عملية قلب مفتوح للأطفال في مركز بنغازي