بات من المعروف أن وسائل التواصل هي أكثر من مجرد منصات رقمية للاتصال بالأهل والأصدقاء، إذ أصبحت قادرة على إحداث تأثيرات نفسية وعقلية عميقة على المستخدمين، وتتزايد هذه التأثيرات وفقاً لمدة الوقت المستهلك في استخدامها.

ومن ضمن تلك التأثيرات ما كشفته أبحاث جديدة أجريت على مستخدمي تطبيق "تيك توك" (TikTok) الذي اتضح أنه يساهم بشكل مباشر في تفاقم مشاكل صورة الجسم والرضا الذاتي لدى الشباب، مما يدفعهم إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين، والسعي إلى معايير جمالية غالبًا ما تكون بعيدة المنال وغير صحية.

ووفقًا لدراسات حديثة فإن النساء يتأثرن بشكل خاص بهذه الظاهرة بعد قضاء بضع دقائق فقط في تصفح فيديوهات التطبيق.

"تيك توك" يهدد الصحة النفسية للنساء

بالنسبة لتطبيق "تيك توك" الذي يسمح للمستخدمين بإنشاء مقاطع فيديو قصيرة، فإنه يضم أكثر من مليار مستخدم تقريباً، ينشرون ويستهلكون ويتداولون المحتوى الضار الذي يهدد الصحة النفسية، بما في ذلك مقاطع الفيديو التي تروج لاضطرابات الأكل والأجسام النحيفة للغاية، مما يجعله يحدد معايير جمالية غير صحية وغير واقعية.

وقد كشفت دراسة أسترالية بهذا الصدد أن اللواتي يقضين الكثير من الوقت على تطبيق "تيك توك" يشعرن بالسوء بشأن مظهرهن، مما يشير إلى أن التعرض الكبير لمقاطع هذه المنصة تحديداً يضر بالصحة العقلية، ويقلل من الرضا عن صورة الجسم، ويزيد من مخاطر اضطرابات الأكل.

وفي دراسة أجرتها جامعة تشارلز ستورت في أستراليا، تم استقصاء تأثير محتوى المنصة على صورة الجسد لدى النساء، من خلال مقارنة آراء 273 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و28 عامًا.

النساء اللواتي يقضين الكثير من الوقت على "تيك توك" يشعرن بالسوء بشأن مظهرهن (بيكسلز)

وفي النتائج التي نشرتها مجلة "بلوس وان" (PLOS ONE) العلمية، تمت مقارنة مقدار استخدام "تيك توك" وما ظهر على المستخدمات من أعراض اضطراب الأكل، ومعاييرهن لصورة الجسم، ومقاييسهن للجمال، ومعدلات خطر الإصابة بفقدان الشهية العصبي، وهي مجموعة من أنماط مشاكل النظام الغذائي النفسي واضطرابات الأكل المتأصلة بالأمراض العقلية المعروفة، وعلى رأسها القلق والاكتئاب.

وبعد مشاهدة ما بين 7 و8 دقائق فقط من المقاطع المجمّعة على المنصة لمحتوى رائج ومتداول يتعلق بالحرمان من الكثير من أصناف الطعام بدعوى الرشاقة، وجماليات النحافة المفرطة، ونصائح لفقدان الوزن، وما يُسمى "روتين الديتوكس" القاسي للجسم، والممارسة الرياضية المفرطة، وحتى التناول المفرط لطعام "Binge Eating" كشفت النتائج أن محتوى "تيك توك" يؤثر سلبًا على صورة الجسم ومعايير الجمال لدى المشاهدين، خاصة الفتيات اليافعات.

ووجد الباحثون أيضاً أن التعرض لأكثر من ساعتين يوميًا لمحتوى "تيك توك" قد يكون مرتبطًا باضطرابات الأكل بشكل مباشر، ولكنهم خلصوا إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لاستكشاف أبعاد هذه المشكلة بوضوح.

المحتوى المعزز للاضطرابات النفسية

على الرغم من محاولات منصة "تيك توك" للحد من انتشار المحتوى الذي يعزز مشاكل الصحة العقلية عبر التحكم في الكلمات المفتاحية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، فإن الواقع لا يزال يتطلب مزيدًا من التنظيم، بحسب الباحثين.

وذكر متحدث باسم المنصة أن "تيك توك" تسعى لتوفير تجربة مشاهدة متنوعة وآمنة للمستخدمين، فما قد يثير قلق أحدهم يعد مناسبًا تمامًا لآخر.

وهذا يطرح سؤالًا طالما أثير حوله الكثير من النقاش: كيف يمكن للمستخدمين الاستمتاع بتجربة غنية وخالية من الأضرار النفسية عند استخدام وسائل التواصل بشكل عام، و"تيك توك" بشكل خاص؟

التصفح المستمر لمحتوى مواقع التواصل يرتبط بزيادة هرمونات التوتر مثل الكورتيزول بالدماغ (بيكسلز)

ويشير خبراء علم النفس إلى أن تحقيق "صحة رقمية" مناسبة ضروري، حيث يمكن أن يؤدي "التعرض المستمر لمحتوى ضار يتمحور حول النحافة واضطرابات الأكل إلى زيادة خطر القلق والخوف والتوتر والاكتئاب بشكل كبير" مما قد يؤثر سلبًا على دورة النوم الطبيعية ويستنزف طاقة المستخدمين.

ومن الناحية الفسيولوجية، يرتبط التصفح المستمر لمواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة المحتوى الضار، بزيادة هرمونات التوتر مثل الكورتيزول في الدماغ، مما يؤدي إلى مشاكل صحية جسدية وعقلية خطيرة، وفقًا لموقع "نيوز ميديكال".

الاستخدام الواعي لمواقع التواصل

إذن، كيف يمكنك التأكد من استهلاك نظام رقمي متوازن؟ ويقترح المتخصصون بشكل أساسي أن تقوم بتحديد "أولوياتك الرقمية".

وهذا يعني أن تقوم بتحديد أولوياتك وقيمك من تصفح مواقع الإنترنت، لا أن تستهلك المقاطع والفيديوهات دون وعي أو انتباه لمحتواها ورسائلها الضمنية، مما قد يوقعك في فخ الاضطرابات النفسية بلا إرادة منك على المدى البعيد.

وقد أكد الخبراء في الدراسة السالف ذكرها أن أهم شيء بالنسبة لمستخدمي "تيك توك" أن يدركوا أن متابعة أو البحث عن أي نوع من المحتوى المتعلق بالطعام أو الجسد أو التمارين الرياضية قد يؤدي إلى التعرض غير المقصود للمثاليات المشوهة للمعايير الجمالية للصحة والجسم، لافتين إلى أن تحديد الوقت المستهلك على المنصة وغيرها من المنصات من شأنه أن يحد من المخاطر نسبياً.

وبشكل أساسي، من المهم عند استخدام مواقع التواصل طرح أسئلة مثل: ما نوع المحتوى الذي يتماشى مع اهتماماتي وأهدافي وقيمي؟ ومن ثم يجب التركيز على استهلاك المحتوى الذي يثري حياتك ويضيف إليها عوضاً عن الانتقاص منها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات صورة الجسم الکثیر من تیک توک إلى أن

إقرأ أيضاً:

روسيا تسيطر على 400 كلم2 من الأراضي الأوكرانية و«مسيَّرات» كييف تصيب منشآت طاقة عدة على أراضيها

اشتعلت النيران في العديد من مواقع الطاقة في روسيا بعد هجوم شنته عشرات المسيرات الأوكرانية فجر أمس، وفقا للسلطات ووسائل الإعلام المحلية.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إنه تم اعتراض وتدمير 70 طائرة أوكرانية من دون طيار خلال الليل فوق ست مناطق روسية منها روستوف وفولغوغراد، جنوب غرب البلاد.

وكثفت كييف هجماتها الجوية على منشآت الطاقة والمنشآت العسكرية الروسية في الأشهر الأخيرة، في حملة وصفت بأنها رد على القصف الروسي المتواصل للمدن ومنشآت الطاقة الأوكرانية، والتقدم الميداني الذي تحرزه القوات الروسية.

ففي منطقة فولغوغراد تسبب «هجوم جوي ضخم بمسيرات في اندلاع حريق في مصفاة نفط» دون تسجيل اصابات بحسب بيان للإدارة الإقليمية نشر على «تلغرام».

وفي منطقة أستراخان، استهدف الهجوم «مواقع البنية التحتية للطاقة» مما أدى إلى نشوب حريق، حسبما قال حاكم المنطقة إيغور بابوشكين على تطبيق «تلغرام».

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحريق اندلع في مصنع كبير لمعالجة الغاز تابع لشركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم في أستراخان.

وكتب المسؤول الأوكراني أندريه كوفالينكو رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة، وهي هيئة اعلام حكومية «مرة أخرى، تستهدف مصفاة فولغوغراد لتكرير النفط»، من دون أن يحدد كيف تم استهدافها.

إلى ذلك، ذكرت وكالات الأنباء الروسية أن انفصاليا أوكرانيا مطلوبا لدى كييف قتل متأثرا بجروح أصيب بها خلال انفجار في مجمع سكني فخم في موسكو أمس.

وقالت وكالة «تاس» للأنباء، نقلا عن مسؤولين صحيين، إن أرمين «سركيسيان توفي في المستشفى بعد عملية اغتيال تعرض لها في موسكو». وأكدت وكالتا «ريا نوفوستي» و«إنترفاكس» أيضا أنه توفي.

وفي المقابل، أعلن الجيش الروسي تقدمه وسيطرته على 430 كيلومترا مربعة داخل الأراضي الأوكرانية في يناير الماضي مقتربا من بوكروفسك التي تعد مركزا لوجستيا لقوات كييف، وفق تحليل أجرته وكالة «فرانس برس» أمس استنادا إلى بيانات المعهد الأميركي لدراسة الحرب.

سياسيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن محادثات بلاده مع كييف وموسكو بشأن النزاع في أوكرانيا تسير «على نحو جيد».

وقال ترامب إثر نزوله من الطائرة في واشنطن بعد عودته من مقر إقامته في مارالاغو في فلوريدا «نحن نتعامل مع أوكرانيا وروسيا. لدينا اجتماعات ومحادثات مقررة مع مختلف الأطراف، بما في ذلك أوكرانيا وروسيا. وأعتقد أن هذه المحادثات تسير في الواقع على نحو جيد».

في موازاة ذلك، تداعى قادة دول الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) للاجتماع في بروكسل أمس لمحاولة تعزيز الإنفاق الدفاعي في مواجهة العدوان الروسي.

وتعد هذه القمة في العاصمة البلجيكية «سابقة ثلاثية»، فهي المرة الأولى التي يجتمع فيها القادة الـ 27 منذ أن أدى ترامب اليمين الدستورية، وهي المرة الأولى التي يخصص فيها اجتماعهم حصريا للدفاع، والمرة الأولى التي ينضم إليهم زعيم بريطاني منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، زادت الدول الأوروبية ميزانياتها العسكرية بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • “يونيسف”: مليون طفل غزي يُعانون من الصدمة النفسية وظروف معيشية خطيرة
  • نسخة جديدة من انفلونزا الطيور تصيب الأبقار في أمريكا
  • الحبس لمدة عام بحق المغنية تيسير العراقية
  • كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى على المجتمع العربي؟
  • في تطور غير مسبوق.. «انفلونزا الطيور» تصيب الأبقار بأمريكا
  • لعنة الهلال تصيب نيمار
  • صحفي بارز يكشف عن ظاهرة خطيرة تستهدف النساء في عدن
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: منذ اليوم الأول للتحرير عملنا في وزارة الأوقاف على تشكيل لجان لإحصاء المساجد والمنشآت التعليمية الشرعية المهدمة جراء القصف الهمجي الذي شنه النظام البائد على المدن والأرياف، حيث لم تسلم أي محافظة من المحافظات
  • روسيا تسيطر على 400 كلم2 من الأراضي الأوكرانية و«مسيَّرات» كييف تصيب منشآت طاقة عدة على أراضيها
  • 8 خطوات لموازنة الهرمونات عند النساء بشكل طبيعي.. احرصي عليها