الإعلام التونسي تحت حكم قيس سعيد.. قمع وتضييق واعتقال
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على تزايد الضغوط على الإعلام في تونس مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث تعرض العديد من الصحفيين للاعتقال دون محاكمة واضحة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الصحفيين التونسيين لا يزالون رهن الاحتجاز، من بينهم شذى الحاج مبارك، وسنية الدهماني، ومراد الزغيدي، وبرهان بسيس.
في غرفة ابنتها، في مدينة قليبية الساحلية، شمال شرق تونس، تضع رشيدة حاج مبارك، والدة شذى الحاج مبارك، الصحفية المسجونة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، أغراض ابنتها المفضلة على السرير، الكوب المفضل الذي تستخدمه شذى كل صباح في إفطارها، وشهاداتها كصحفية، ودفتر ملاحظاتها، ونظارات الغوص الخاصة بها... وتقول رشيدة الحاج مبارك ويدها ترتجف والدموع في عينيها " كلما شعرت بالقلق، يجعلني النظر إلى أغراضها أشعر بأنها لا تزال معي".
وبعد ما يقارب سنتين من السجن، ودون أي محاكمة، أصبحت أسرتها عاجزة عن المقاومة بشأن مصير الصحفية. ومنذ اعتقالها، ظلت محتجزة في سجن المسعدين المدني بسوسة، على بعد 170 كيلومترا من قليبية، بتهمة التآمر على أمن الدولة بعد أن كانت رئيسة تحرير موقع إلكتروني مرتبط بشركة اتصالات وإنتاج محتوى رقمي مرتبطة بحزب النهضة الإسلامي، الذي قاد حملة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الرئيس قيس سعيد.
سلسلة اعتقالات وإدانات
لم يكن سجن شذى الحاج مبارك سوى بداية حملة القمع الواسعة التي طالت العديد من الصحفيين، والتي اشتدت في الأشهر الأخيرة، مع اعتقال الكاتبة والمحامية سنية الدهماني، في 11 أيار/مايو الماضي، ثم الصحفيين مراد الزغيدي وبرهان بسيس، كلاهما محكوم عليهما بالسجن لمدة ثمانية أشهر.
وقد تمت محاكمتهم بموجب المرسوم 54، وهو مرسوم أصدره الرئيس قيس سعيد في أيلول/سبتمبر 2022 لمكافحة الجرائم الإلكترونية ونشر الأكاذيب أو المعلومات "غير المؤكدة"، ولكن منذ دخوله حيز التنفيذ قبل سنتين، استُخدم النص بشكل أكبر في إسكات كل الأصوات المعارضة والمنتقدة للسلطة.
وأضافت الصحيفة أن الضغوط لا تتوقف عند هذا الحد؛ حيث يتم إحياء قضايا قديمة لمضايقة الصحفيين، كما في حالة وليد الماجري، رئيس تحرير موقع الكتيبة الإعلامية المستقلة، الذي اكتشف في 24 تموز/يوليو الماضي، صدور حكم غيابي عليه بالسجن لمدة سنة، في قضية حكم مؤرخ في 2023 ويتعلق بقضية إهانة رئيس الدولة تعود إلى سنة 2017. ولديه جلسة استماع في 22 آب/أغسطس الجاري بخصوص هذا الموضوع.
ومن جهتها، استُدعيت سنية الدهماني مرة أخرى أمام القاضي في السابع من آب/أغسطس الجاري، بعد أن انتقدت من داخل السجن ظروف احتجازها، وقد تم تقديم الشكوى من قبل سلطات السجن. وهي متهمة باستخدام شبكات الاتصالات "لإنتاج ونشر معلومات كاذبة" و"نسب حقائق غير حقيقية للآخرين لتقويض الأمن العام".
ترسخ الخوف والرقابة الذاتية
وفي هذا السياق الأكثر توترًا، لا يزال البعض يجرؤون على ممارسة مهنتهم "بشكل طبيعي"، على غرار الصحافيين الذين لم يترددوا في استجواب الرئيس قيس سعيد، يوم 5 آب/أغسطس الجاري، لدى مغادرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث كان يتواجد هناك وقدم ترشحه للانتخابات الرئاسية.
وفي تبادل آراء مرتجل، استفسر هؤلاء الصحفيون عن مصير زملائهم المسجونين بموجب المرسوم 54. ورد رئيس الدولة بصبر: "أنا لا أتدخل في شؤون العدالة، لن أفعل ذلك أبدًا ولن أتدخل أبدًا في شؤون العدالة ولا أفرح أبداً بسجن أي شخص على أساس المرسوم 54. أنا لا أعمل على حبس الصحفيين أو أي شخص آخر، النيابة العامة هي من تتصرف بإرادتها".
العودة إلى أساسيات المهنة
بعض الشخصيات الصحفية، وكذلك بعض المعارضين الإلكترونيين، الذين كانوا يعملون بالفعل ضد الرقابة في عهد بن علي، ينخرطون الآن في وسائل الإعلام المتخصصة لمحاولة "عمل صحافة توضيحية"، كما يدعي ثامر مكي، وهو صحفي منذ سنة 2007 ورئيس تحرير سابق لمؤسسة نواة الإعلامية المستقلة على الإنترنت، الذي كان شاهدًا على تونس ما قبل الثورة وما بعدها.
وأشار المكّي إلى أن "خلاصة القول هي أنه لا يمكنك أن تطلب من الجمهور الدفاع عن حقوق مثل حرية الصحافة، أو حرية التعبير، أو حتى حقوق الإنسان، إذا لم يتم تثقيفهم حول ضرورتها مسبقًا. وهذا هو فشل 13 سنة من المرحلة الانتقالية، لعدم تمكنها من تعزيز أهمية الإنجازات الديمقراطية للمواطنين".
وأضاف ثامر مكي، الذي قرر العودة إلى أساسيات مهنة الإعلام، مع فريق صغير من الصحفيين الشباب: "لا يمكننا أن نمارس الصحافة الاستقصائية إذا كانت الحقيقة لا تهم أحدا".
في الأثناء، استأنف صحفيون آخرون التدوين بنشاط، مثل كريم بن عبد الله، البالغ من العمر 48 سنة، وهو مدون منذ سنة 2001، والذي كان أيضا جزءًا من عالم التدوين التونسي منذ ظهوره في فترة ثورة 2011، عندما كان الوصول إلى المعلومات لا يزال مغلقًا.
وينشر بن عبد الله في مدونته منشورات تحليلية وحقائق باللغة الإنجليزية حول الوضع السياسي في البلاد، "لتوثيق الأخبار الكاذبة ونزع فتيلها"، على حد قوله، مع الاعتراف بأن الجمهور لم يعد كما كان.
ويوضح المدون قائلا: "في عهد بن علي، كان هناك حوالي 354 مدونة وكانت المصدر الوحيد الموثوق للمعلومات في مشهد إعلامي خاضع للسيطرة، لذلك أدرك الأشخاص الذين تابعونا فائدتنا".
ومع انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في 14 أيلول/سبتمبر؛ يتساءل العديد من الصحفيين التونسيين عن مستقبل مهنتهم بعد الانتخابات. ويقول ثامر المكي، "ليس لدينا خيار سوى المقاومة. إنها فترة يجب أن نمر بها ويجب أن ننجو منها، كما نجونا من سياقات أخرى من القمع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تونس الصحفيين قيس سعيد اعتقالات تونس اعتقال صحفيين قيس سعيد صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحاج مبارک قیس سعید
إقرأ أيضاً:
تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.. المشاط تشهد تسليم أحد مقرات الوزارة بوسط القاهرة ليكون مقرًا لاتحاد الصحفيين العرب
شهدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تسليم مقرًا سابقًا للوزارة بوسط القاهرة، ليُصبح مقرًا لاتحاد الصحفيين العرب، وذلك تنفيذًا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
جاء ذلك بحضور كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ومؤيد اللامى، رئيس اتحاد الصحفيين العرب، نقيب الصحفيين العراقيين، وخالد ميرى، الأمين العام للاتحاد، وأعضاء الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب.
وألقت الدكتورة رانيا المشاط، كلمة أكدت فيها أن تسليم أحد مقرات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لاتحاد الصحفيين العرب، ليجاور نقابة الصحفيين المصرية العريقة، يأتي تنفيذَا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتكليفات دولة رئيس مجلس الوزراء، لاستغلال مقر الوزارة الذي تبلغ مساحته ١٥٥٠ مترًا مربعًا.
وأوضحت أن ذلك يؤكد الدور المحوري الذي تقوم به جمهورية مصر العربية في احتضان المؤسسات والمنظمات العربية، تأكيدًا على دورها كشقيقة كبرى، مستضيفة وحاضنة لكثير من المبدعين والأدباء والفنانين والمثقفين العرب على مر التاريخ، فضلًا عن حرص الدولة المصرية على تقديم كافة أوجه الدعم للجهود الرامية لتعزيز العمل العربي المشترك.
وأضافت «المشاط»، أن تلك الخطوة تأتي بعدما قامت الوزارة خلال العام الماضي، بتسليم مقرها الرئيسي بشارع عدلي، للمحكمة العربية للتحكيم، بعد انتقال الحكومة للعاصمة الإدارية الجديدة، ليكون مقرًا مؤقتًا للمحكمة العربية للتحكيم، تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس، ولحين الانتهاء من المقر الدائم للمحكمة بمدينة العدالة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وأكدت أن هاتين الخطوتين تؤكدان الدور الذي تقوم به مصر في تعزيز العمل العربي المُشترك، كما تعكسان الجهود التي تقوم بها الحكومة لتعظيم الاستفادة من مقرات الوزارات بعد الانتقال للعمل من العاصمة الإدارية الجديدة.
من جانبه، وجه مؤيد اللامي، رئيس الاتحاد العام للصحفيين العرب، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، على مبادرته بدعم اتحاد الصحفيين العرب وتخصيص مقر للاتحاد في قلب القاهرة، مؤكدًا أن مصر هي بلد الحضارة والنخب العلمية، والثقافية، والسياسية، وأن الاتحاد سيعمل الفترة المقبلة على تعزيز جهود التطوير، حيث يضم الاتحاد ٢٠ دولة عربية على مستوى الاتحادات والنقابات.
وقال كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام:"نشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي، على دعمه لاتحاد الصحفيين العرب، وحرصه على لقاء الاتحاد أكثر من مرة"، مشيرًا إلي توجيهات السيد لرئيس مع وسائل الإعلام أكد خلاله على ضرورة تضمين قيم التضامن العربي، مشيرًا إلى أننا حريصون على أن يكون الإعلام العربي يوحّد ولا يفرق، مشيداً بحرص الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على التعاون مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
كما وجه خالد ميري، الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على الدعم الكبير الذي تم توجيهه للاتحاد، وهو ما يؤكد حرص مصر علي احتضان كل الأشقاء العرب، مشيرا إلى أنه سيتم تجهيز المقر فوراً وأنه من المنتظر أن يكون هناك افتتاح كبير للمقر بمناسبة مرور ٦٠ عاما على إنشاء الاتحاد.